قفز اسم "كتيبة أحمد" إلى صدارة الحرب في أوكرانيا بعد إعلان وزارة الدفاع في روسيا عن توقيع عقد مع القوات الشيشانية الخاصة التي تحارب مع موسكو في أوكرانيا في أعقاب رفض فاغنر، فما قصة تلك الكتيبة الشيشانية؟
منذ بدأ الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، لعبت القوات الخاصة غير الخاضعة لسيطرة الجيش الروسي، وبخاصة مجموعات فاغنر والقوات الخاصة الشيشانية، دوراً رئيسياً فيما يصفها الكرملين بأنها "عملية عسكرية خاصة" بينما يصفها الغرب بأنها "غزو عدواني غير مبرر".
والأمر نفسه ينطبق على أوكرانيا أيضاً، إذ كان الرئيس فولوديمير زيلينسكي قد أعلن عن تشكيل "فيلق دولي" للدفاع عن أوكرانيا، وذلك بعد أيام ثلاثة من بدء الهجوم الروسي، حين قال إن أوكرانيا ستنشئ فيلقاً "دولياً" أجنبياً للمتطوعين من الخارج، معتبراً أنه "سيكون الدليلَ الرئيسي على دعمكم لبلدنا"، في حديث وجهه إلى مواطني دول العالم الحريصين على "القيم الديمقراطية"، بحسب تعبيره.
ما هدف "توقيع" روسيا مع القوات الخاصة؟
أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الإثنين 12 يونيو/حزيران، أنها وقعت عقداً مع مجموعة القوات الخاصة الشيشانية، المعروفة باسم "كتيبة أحمد"، وذلك بعد صدور أمر ينص على أنه يجب على جميع أعضاء ما تسمى "بوحدات المتطوعين" أن يوقعوا عقوداً بحلول الأول من يوليو/تموز 2023 بهدف إخضاعهم لسيطرة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وذلك في وقت تحاول فيه موسكو إحكام سيطرتها على الجيوش الخاصة التي تحارب بجوار الجيش الرسمي في أوكرانيا.
وبموجب التوقيع مع وزارة الدفاع الروسية، سيحصل المقاتلون المتطوعون على جميع المزايا والضمانات التي تحصل عليها القوات النظامية بما في ذلك تقديم الدعم لهم ولعائلاتهم إذا أُصيبوا أو قتلوا أثناء العمليات العسكرية في أوكرانيا، أو في أي مكان آخر بطبيعة الحال.
وفي الوقت الذي وافقت فيه "كتيبة أحمد" الشيشانية التابعة للرئيس الشيشاني رمضان قديروف على التوقيع مع وزارة الدفاع الروسية والانضواء تحت لواء الجيش الروسي رسمياً، أعلن يفغيني بريغوجين، قائد مجموعات فاغنر، التوقيع نفسه، بل أكد على أن أياً من مقاتلي فاغنر لن يوافق على أن "يخضع لوزارة الدفاع".
ويعكس رفض بريغوجين توقيع فاغنر مع وزارة الدفاع الروسية مدى التوتر بينه وبين قيادات الجيش الروسي والذي تحول إلى هجمات علنية وعنيفة من جانب الرجل الذي يصفه الغرب بأنه "طباخ بوتين"، على وزير الدفاع شويغو، الذي وصفه بريغوجين بأنه "لا يمكنه إدارة التشكيلات العسكرية جيداً"، في تبريره لرفض التوقيع مع وزارة الدفاع.
واشتهر بريغوجين بتصريحاته العنيفة التي ينتقد فيها قيادات الجيش الروسي علناً، بل كان قد هدد بسحب قواته من مدينة باخموت بسبب الخسائر الفادحة وعدم كفاية إمدادات الذخيرة، وذلك قبل أن تستولي قواته على المدينة الاستراتيجية في الشرق الأوكراني.
وسبق ذلك قيام "طباخ" الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بنشر مقطع فيديو وقف فيه أمام جثث العشرات ممن زعم أنهم مقاتلون من مجموعته قُتلوا في الحرب، وأخذ يهاجم القيادة العسكرية الروسية بسيلٍ من الشتائم، واتهم قادة الجيش الروسي بالمسؤولية عن مقتلهم؛ لأنهم لم يرسلوا لهم الدعم والإمدادات اللازمة من موسكو.
بريغوجين قال في مقطع الفيديو، الذي نُشر على تطبيق تليغرام: "نحن ينقصنا 70% من احتياجاتنا من الذخيرة!"، ثم سلّط كشافاً صغيراً على الجثث الموضوعة في الهواء الطلق بالقرب من الجبهات الأمامية للقتال على ما يبدو، وادعى أن هؤلاء القتلى إنما هم ضحايا يوم واحد فقط من القتال.
وبالتالي فإن قرار التوقيع مع وزارة الدفاع يبدو انتصاراً للجنرالات في الجيش الروسي في المواجهة المفتوحة مع زعيم فاغنر، والسؤال الآن ماذا قد يحدث في حالة إصرار بريغوجين على رفض التوقيع حتى الموعد النهائي في الأول من يوليو/تموز المقبل؟
ما قصة "كتيبة أحمد" الشيشانية؟
السؤال الآخر المرتبط بقصة فاغنر بطبيعة الحال هي إذا ما كانت القوات الخاصة الشيشانية، المعروفة بكتيبة أحمد، ستكون البديل لمقاتلي فاغنر في الخطوط الأمامية للحرب المستعرة في أوكرانيا، التي تشن قواتها المدعومة من الغرب هجوماً مضاداً في الوقت الحالي؟
وتتبع قوات "كتيبة أحمد" لحليف آخر من حلفاء الرئيس بوتين، وهو الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، وكانت تلك القوات الخاصة قد تشكلت في يونيو/حزيران من العام الماضي، حين أعلن قديروف عن عزمه تشكيل 4 كتائب عسكرية شيشانية خاصة، وهي 4 كتائب (أحمد شمال وأحمد جنوب وأحمد شرق وأحمد غرب)، وهذه الكتائب تضم أكثر من 10 آلاف من المقاتلين الشيشان حصراً.
ومنح الرئيس الشيشاني الكتائب الأربع اسم والده أحمد، في رمزية خاصة ومحفزة للجنود الشيشان، خصوصاً أن أحمد قديروف يعتبر زعيماً وطنياً في الشيشان. و"كتيبة أحمد" الخاصة هي القوات الوحيدة من خارج روسيا وأوكرانيا التي تشارك في الحرب مباشرة، إضافة إلى "الفيلق الأجنبي" الذي يقاتل في صفوف أوكرانيا، بينما تكتفي بقية الدول بتقديم الدعم اللوجستي، خاصة الدول الأوروبية الداعمة لأوكرانيا.
ويصف الإعلام الأوكراني "كتيبة أحمد"، التي يترأسها الجنرال "علاء الدينوف" بأنها "قوات مرعبة" كونها مسلحة بأحدث وأقوى الأسلحة الروسية، كما تمتلك دبابات ومركبات روسية، وتحمل جميع مركبات "كتيبة أحمد" شعار حرف "Z" بالإنجليزية، وهو شعار دعم القوات الروسية في أوكرانيا، بحسب تقرير لأحد المواقع الشيشانية.
ولتلك القوات الشيشانية طقوسها وتقاليدها الخاصة، التي تمارسها قبل القيام بأي عملية عسكرية، حيث يكبرون ويقيمون صلاة "الفتح" كما يطلقون عليها قبل "تحرير المنطقة من النازيين الأوكرانيين"، بحسب وصف رمضان قديروف، كما أن "التكبير" أمر أساسي أثناء تنفيذ "كتيبة أحمد" لمهامها القتالية.
ولا تعتبر مسألة حلول القوات الشيشانية الخاصة محل ميليشيات فاغنر الروسية في ساحة الحرب بأوكرانيا سراً أو تخمينات، حيث كان بريغوجين نفسه قد أعلن، يوم 7 مايو/أيار الماضي، عن استعداده لتسليم المواقع التي تسيطر عليها فاغنر في مدينة أرتيوموفسك في شرق أوكرانيا إلى قوات "كتيبة أحمد" الشيشانية، بعد أن قال قديروف إن قواته مستعدة لأخذ مكان قوات فاغنر في تلك المدينة الأوكرانية الواقعة تحت السيطرة الروسية.
وخلال يونيو/حزيران الجاري، أعلن الرئيس الشيشاني عن استعداد قوات "كتيبة أحمد" لشن هجوم جديد في دونيتسك، وأضاف عبر قناته في تليغرام: "تم تعيين فوج تحت قيادتي، وفوجين آخرين، استعداداً لأعمال هجومية نشطة"، مؤكداً على كفاءة تلك القوات وقدرتها على أداء أي مهمة تكلف بها.
أما الجنرال الدينوف فقد أكد أنه "إذا تم نقلنا إلى اتجاه دونيتسك، فأنا أضمن أن القوات الخاصة (أحمد) ستفعل كل شيء من أجل تحرير جمهورية دونيتسك الشعبية".