"أن تكون أسرع معناه فرصة أكبر للقتل والنجاة"، يبدو هذا بديهياً لأي طيار مقاتل يحلّق في السماء، ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، فكثير من أسرع المقاتلات في العالم، لم تعد في الخدمة، وبدائلها أبطأ كثيراً، ولكن تظل هذه الأجسام المحلّقة بسرعة خاطفة في السماء، أساطير لا تُنسى في عالم الطيران.
في هذا التقرير نرصد أسرع 6 طائرات في العالم، وأيهما أكثر نجاحاً، ولماذا أخفق بعضها.
تجدر الإشارة إلى أن التقرير يركز على أسرع طائرات مقاتلة في التاريخ، وليس أسرع طائرات بصفة عامة، لأن كثيراً من الطائرات التجريبية وطائرات الاستطلاع والتجسس قد تكون أكثر سرعة.
ما الفارق بين المقاتلة والاعتراضية وأيهما أسرع؟
منذ بداية صناعة الطيران الحربي، كانت السرعة مرادفة للقوة، وبعد الحرب العالمية الثانية واختراع المحرك النفاث، جرى سباق بين القوى العظمى لاسيما الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، حول بناء أسرع المقاتلات في العالم، وتبادل البلدان تحطيم الأرقام القياسية.
هذا التقرير يركز على أسرع المقاتلات في العالم، سواء تلك التي ما زالت في الخدمة أو خرجت منها، مع ملاحظة أن كل أعضاء القائمة ينتمون لمرحلة الحرب الباردة، حيث إن أياً من الطائرات المقاتلة المنتجة مؤخراً، لم تدخل في القائمة.
فعلى سبيل المثال، خرجت طائرة البحرية الأمريكية إف 14 الشهيرة من الخدمة لدى الولايات المتحدة، (ما زالت تعمل لدى إيران)، والطائرة التي حلت محلها أبطأ كثيراً وأقل في المدى.
ويرجع ذلك إلى أنه خلال الحرب الباردة كانت هناك قناعة بأن السرعة هي العامل الحاسم في القتال الجوي، ولكن تدريجياً تبين أن هذا ليس صحيحاً بالضرورة.
فالمقاتلة الأمريكية الشهيرة فانتوم إف 4 كانت أسرع من المقاتلة السوفييتية الأقدم ميغ 21 وأطول في المدى وأقوى في الرادار، ولكن الميغ 21 حققت مفاجأة في الأداء أمام الفانتوم في حرب فيتنام بفضل مرونتها وقدرتها على المناورة القريبة، إضافة إلى رخصها وسهولة صيانتها.
كما أن أغلب المقاتلات التي تفخر بعضويتها في نادي أسرع المقاتلات في العالم، لا تستطيع التحليق بهذه السرعات الفائقة لفترات طويلة، بل بعضها مثل ميغ 25 السوفييتية الشهيرة، تتحطم محركاتها إذا وصلت لسرعتها القصوى البالغة 3.2 ماخ (سرعة الصوت).
جعل هذا صناع الطائرات يركزون على عوامل أخرى أكثر أهمية في القتال الجوي، مثل الرادارات والقدرة على المناورة ثم أخيراً ظهرت السمة الأهم التي تميز طائرات الجيل الخامس مثل إف 22 وإف 35 الأمريكيتين وسوخوي 57 الروسية وj-20 الصينية ألا وهي الشبحية (أي تراجع قدرة الرادرات وأجهزة الرصد الأخرى على ملاحظة الطائرة)، والميزة الثانية هي القدرة على الطواف الخارق (الطيران أسرع من الصوت بدون استخدام الحارق الخلفي، وهو الأمر الذي يوفر وقوداً يتيح الطيران بسرعة عالية لفترة كبيرة، ولا يقلل المدى).
تنقلنا هذه الملاحظات السابقة، لملاحظة هامة تتسم بها أسرع المقاتلات في العالم، وأن كثيراً منها مقاتلات اعتراضية، فالمقاتلات نوعان مقاتلات قادرة على الاشتباك الجوي القريب أو التلاحمي الذي يطلق عليه بالإنجليزية (Dog Fighting) أي قتال الكلاب، وهو نوع من القتال السرعة فيه ليست مسألة مهمة.
أما النوع الثاني، فهي المقاتلات الاعتراضية، وهي مقاتلات مهمتها ملاحقة وإسقاط القاذفات وطائرات الاستطلاع والتجسس التي تحلق على مسافات بعيدة وبعضها بسرعة عالية، ولذلك فهي تحتاج للسرعة والمدى الكبيرين وسقف التحليق العالي للقيام بمهمتها.
الطائرات المقاتلة الحديثة تمزج بين النوعين فيما يعرف باسم المقاتلات المتعددة الأدوار أو المهام، مع ميل إلى التركيز على النوع الأول المعني بالقتال التلاحمي، ولذلك تخلت الأجيال الجديدة من المقاتلات عن السرعة الفائقة خاصة مع تراجع الحاجة إليها في ظل تطور أدوات الرصد والصواريخ السريعة بعيدة المدى.
ولكن ما زال هناك عدد من المقاتلات متعددة الأدوار التي تعود جذورها للحرب الباردة والتي تتسم بسرعة فائقة تتفوق على الأجيال الأحدث، كما أنه ما زالت هناك مقاتلة اعتراضية تعمل على نطاق واسع وهي المقاتلة الروسية الشهيرة ميغ 31 (الميغ 25 تعمل بشكل محدود لدى بعض الدول).
إليك قائمة أسرع المقاتلات في العالم
أسرع مقاتلة في التاريخ جذورها تعود لطائرة استطلاع
لأن القائمة تُعنى بالمقاتلات فلقد تم استبعاد SR-71 Blackbird، لأنها طائرة استطلاع استراتيجية أمريكية، رغم أنها تعد أسرع طائرة دخلت الخدمة العسكرية بسرعة تبلغ 3.3 ماخ.
كانت SR-71 طائرة سرية تدار من قبل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) للتجسس على الاتحاد السوفييتي، ولكن كان هناك نوع مختلف من SR-71 Blackbird يسمى YF-12، وهذه الطائرة هي التي تحتل المركز الأول في قائمة أسرع المقاتلات في العالم.
كان يمكن تزويد هذه الطائرة YF-12 بصواريخ هيوز AIM-47 Falcon جو-جو. كانت الفكرة هي بناء مقاتلة للدفاع عن الأراضي الأمريكية كبديل للمقاتلة الاعتراضية الأقدم F-106 Delta Dart، حسبما ورد في تقرير لموقع Simple Flying .
تم تطوير YF-12، وتصنيعها بواسطة شركة لوكهيد الأمريكية للفضاء خلال أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، وبالتحديد في أغسطس/آب 1963. وقد كشف الرئيس الأمريكي ليندون جونسون، عنها في 24 فبراير/شباط 1964، وكانت هذه الطائرة تطير بسرعة قصوى تصل إلى 3.35 ماخ.
ومع ذلك، فإن حرب فيتنام في الستينيات، والمعلومات الاستخباراتية التي توافرت للأمريكيين، أظهرت عدم الحاجة إلى مقاتلة اعتراضية بسرعة (3330 كم/ساعة).
أبقيت YF-12 في مرحلة النموذج الأولي. ومع ذلك، فإنها سجلت ارتفاعاً قياسياً بلغ (24462.60 متراً)، وهي قادرة على الصعود إلى أي ارتفاع يمكن لقاذفة سوفييتيةٍ الوصول إليه.
بعد إحالتها إلى التقاعد من قبل القوات الجوية الأمريكية، عملت كطائرة بحثية لوكالة ناسا لبعض الوقت، حيث استخدمتها لتطوير العديد من التحسينات الهامة في التحكم في الطائرات الأسرع من الصوت في المستقبل.
الآن عدد قليل من طائرات YF-12 في متاحف مثل المتحف الوطني للقوات الجوية الأمريكية.
ثاني أسرع مقاتلة هي السوفييتية ميغ 25 التي تألقت في أيدي دولة عربية
تعد ميغ 25 واحدة من أيقونات الحرب الباردة، حيث أحدث ظهورها دوياً كبيراً وقلقاً لدى الغرب، طار أول نموذج أولي في عام 1964 ودخلت الطائرة الخدمة في عام 1970.
وتعتبر ميغ 25 Foxbat ثاني أسرع طائرة مقاتلة في العالم، ويمكن اعتبارها الأولى في قائمة أسرع المقاتلات في العالم والتاريخ باعتبار أن الطائرة الأمريكية YF-12 لم تدخل الخدمة الفعلية.
خلال الحرب الباردة، تم تكليف قوات الدفاع الجوي السوفييتية (PVO) -يجب عدم الخلط بينها وبين القوات الجوية السوفييتية (VVS)- بمهمة الدفاع الجوي الاستراتيجي عن المجال الجوي للاتحاد السوفييتي. هذا لا يعني فقط التعامل مع الانتهاكات الحدودية العرضية، ولكن الأهم من ذلك، الدفاع عن هذا المجال الجوي الشاسع ضد طائرات الاستطلاع الأمريكية والقاذفات الاستراتيجية التي تحمل قنابل نووية.
في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، كشفت التحليقات المرتفعة للغاية فوق الأراضي السوفييتية بواسطة طائرة التجسس الأمريكية لوكهيد يو -2 عن الحاجة إلى طائرة اعتراضية على ارتفاع أعلى مما كان متاحاً في ذلك الوقت.
ولذا تم بناء الطائرة المقاتلة ميغ 25، لاعتراض طائرات التجسس وكذلك القاذفات الأمريكية وضمنها تلك التي كانت تخطط لها أمريكا أن تطير بسرعة 3 ماخ (لم تخرج للنور)، وكذلك للتصدي لطائرة الاستطلاع الأمريكية فائقة السرعة، SR-71 Blackbird.
لم تكن الطائرة ميغ 25 Foxbat أسرع من SR-71 Blackbird ولكنها كانت أطول عمراً، حيث كانت سرعتها نحو 3000 كم/ساعة أي 2.83، وكانت تستطيع الوصول لسرعة 3.2 ماخ، ولكن ذلك كان يؤدي لتدمير المحركات الخاصة بها.
تميزت MiG-25 برادار قوي بمقاييس ذلك العصر، ومزودة بأربعة صواريخ جو-جو، وكانت قادرة نظرياً على الوصول لارتفاع يبلغ 27 كم، عندما شوهدت أجنحتها الكبيرة لأول مرة في التصوير الاستطلاعي، اعتُقد أنها مقاتلة هائلة ولديها قدرة مناورة عالية للغاية، رغم أن مهمتها كانت أن تكون طائرة اعتراضية بالأساس وأن تتفوق في السرعة لا المناورة.
أدى الانطباع الذي خلقته ميغ 25، كمقاتلة سريعة وقادرة إلى جانب صواريخ أرض/جو السوفييتية، إلى إنهاء خدمة القاذفة الأمريكية B-58 Hustler التي تطير بضعف سرعة الصوت ووقف مشروع القاذفة XB-70 Valkyrie التي تطير بثلاثة أضعاف سرعة الصوت.
وسببت هذه المقاتلة رعباً حقيقياً في الغرب، دفع الأمريكيين إلى تطوير المقاتلة الشهيرة إف 15.
لكن طياراً سوفييتياً يدعى فيكتور بيلينكو، انشق وهرب بطائرة Foxbat إلى اليابان في 6 سبتمبر/أيلول 1976، بعد وقت طويل من رحلات F-15 Eagle الأولى.
تبين من فحص الأمريكيين واليابانيين للمقاتلة MiG-25 أن قدراتها أقل مما تكهن الغرب، لدرجة أن أمريكا أوقفت مشروع تطوير صاروخ مخصص لها يدعى AIM- 97 Seekbat.
ووجد أن ميغ 25 مبنية بشكل رديء من الفولاذ المقاوم للصدأ ولحام منخفض الجودة، إضافة إلى رادار غير فعال بالقدر الذي توقعه الأمريكيون، وفقاً لموقع موقع Simple Flying.
انتهى إنتاج سلسلة MiG-25 في عام 1984 بعد بناء 1186 وحدة منها.
ميغ 25 هي طائرة اعتراضية بالأساس؛ أي تقوم بمهام اعتراض القاذفات وطائرات الاستطلاع التي تطير على ارتفاع شاهق وليس المقاتلات المعادية، ولذا فإن سرعتها عالية للغاية، ولكن يُفترض أن قدرتها على المناورة العالية ليست كذلك إلا أن هناك مؤشرات على أنه على الرغم من أن مهمتها ليست مواجهة المقاتلات المعادية، فإنها أبلت بلاء حسناً في هذا المضمار.
شاركت هذه الطائرة بشكل محدود في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973 وما قبلها، حيث يُعتقد أن طيارين سوفييت قادوها فوق سيناء لتنفيذ عمليات استطلاع، وفشل الإسرائيليون في إسقاطها، كما يُعتقد أن طياراً مصرياً وصل بها لسرعة 3.2 ماخ، خلال محاولته التملص من طيارين إسرائيليين.
ولكن الطائرة شهدت استخداماً واسع النطاق من قبل العراق، خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث دخلت في مواجهة قوية ضد الإف 14 الأمريكية الشهيرة، يعتقد أن الأخيرة تفوقت عليها تفوقاً محدوداً، ولكن أداءها أمام إف 14 كان أفضل من المقاتلات السوفييتية الأخرى.
كما نفذت ميغ 25، عدداً من أبرز عمليات الإسقاط العراقية القليلة لطائرات أمريكا خلال حرب عام 1991.
فلقد أسقطت طائرةً من طراز F / A-18 تابعة للبحرية الأمريكية في الليلة الأولى من الحرب، وورد أن ذلك تم على يد الملازم العراقي زهير داود من السرب 84 من القوة الجوية العراقية.
وبعد ذلك، أفلتت طائرة ميغ 25 عراقية، من ثماني طائرات من طراز F-15 أمريكية، أطلقت عليها عدداً كبيراً من الصواريخ من مسافة بعيدة، ثم أطلقت المقاتلة العراقية ثلاثة صواريخ على طائرات حرب إلكترونية أمريكية من طراز EF-111A Raven، مما أجبرها على إجهاض مهمتها وترك الطائرات المهاجمة دون دعم التشويش الإلكتروني.
وفي واقعة أخرى، اقتربت طائرتا ميغ 25 من زوج من طائرات إف 15، وأطلقتا صواريخ بعيدة المدى تفادتها الطائرتان الأمريكيتان، ثم انضمت طائرتان أخريان من طراز F-15 إلى المطاردة، وتم إطلاق ما مجموعه 10 صواريخ جو-جو على طائرات ميغ 25، لم تتمكن أي منها الوصول إلى ميغ 25.
يعتقد أن طائرة MiG-25 دمرت طائرة أمريكية من طراز F-15C في معركة سامراء الجوية، وذلك في 30 يناير/كانون الثاني 1991.
وإذا تأكد ذلك فسوف تكون على الأرجح أول وآخر هزيمة جوية للـ"إف 15″ حتى اليوم.
وكانت أول عملية إسقاط مقاتلة مأهولة لطائرة مسيرة على يد ميغ 25 عراقية في منتصف التسعينيات، حيث أسقطت مسيرة أمريكية حاولت استهدافها.
في الوقت الحاضر، لا يوجد سوى عدد قليل من هذه المقاتلات التي كانت مهيبة ذات يوم في الخدمة، بشكل محدود مع القوات الجوية الجزائرية والليبية والسورية، ومن غير الواضح ما إذا كانت الطائرات في حالة صالحة للطيران على الإطلاق.
ميغ 31 أسرع مقاتلة عاملة في العالم، تثبت جدواها أخيراً في حرب أوكرانيا
تعد ميغ 31 التي يطلق عليها حلف الناتو "Foxhound" أسرع مقاتلة عاملة في العالم، باعتبار أن ميغ 25 أصبحت خارج الخدمة الفعلية على الأرجح.
لمعالجة أوجه القصور في المقاتلة الشهيرة ميغ 25 مثل قصر المدى، والرادار، وافتقارها إلى القدرة على المناورة بسرعات عالية وصعوبة الطيران على ارتفاعات منخفضة، وغيرها من نقاط الضعف، طور السوفييت الطائرة الشهيرة ميغ 31، وهي إحدى المقاتلات الاعتراضية القليلة التي ما زالت تعمل حول العالم.
بينما لا تستطيع ميغ 31 الوصول لسرعة 3.2 ماخ التي تحققها ميغ 25 (مع المخاطرة بتدمير محركاتها)، فإنها تستطيع الوصول للسرعة الأساسية لميغ 25، البالغة 2.8 ماخ ولكن مع قطعها مسافة أكبر بشكل لافت.
وهي طائرة ذات مقعدين مع رادار قوي يمكن أن ينظر إلى الأسفل ويُسقط الطائرات السريعة وصواريخ كروز التي تحلّق أسفل الطائرة، ولكن لم يتم تصميم MiG-31 للقتال المباشر أو الالتفاف السريع.
إضافة إلى سرعتها الهائلة، فإنها إحدى مميزات ميغ 31 هي الرادار، حيث كانت أول مقاتلة تشغيلية في العالم مع رادار سلبي ممسوح إلكترونياً (PESA)، وهي تتسم بمدى طويل؛ لكي تكون مؤهلة لرصد وإسقاط القاذفات وطائرات الاستطلاع والأواكس من على مدى بعيد، كما يقول الروس إنها قادرة على إسقاط الصواريخ، وبعض نسخها قادرة على إسقاط الأقمار الصناعية.
ويوفر مداها وسرعتها قدرة على حماية المجال الجوي الشاسع لروسيا.
كما أنها تعد أكبر مقاتلة عاملة في العالم، وهذا يسمح لها بحمل الصاروخ الفرط صوتي الشهير "كينجال" الذي يعد من أمضى أسلحة روسيا في حرب أوكرانيا، مما حوّلها لمقاتلة قاذفة، ولكن تظل تقصف من بعيد دون الاقتراب من أرض المعركة والطائرات والصواريخ المعادية.
وتتوقع وزارة الدفاع الروسية أن تظل MiG-31 في الخدمة حتى عام 2030 أو بعد ذلك.
رابع أسرع مقاتلة في العالم هي الـ"إف 15″ صاحبة الرقم القياسي في القتل
صممت هذه المقاتلة الأسطورية لمواجهة الطائرة السوفييتية MiG-25 Foxbat.
كانت إف 15 أبطأ بشكل واضح من الميغ 25، حيث كانت سرعتها 2.5 (2,655 كلم/ساعة)، مقابل سرعة واقعية 2.8 ماخ للميغ كما سبق الإشارة، ولكنها تفوقت عليها في كل شيء لاحق؛ بدءاً من المدى والقدرة على المناورة وصولاً إلى قدرة حمل صواريخ لا تبارى إلى اليوم بين المقاتلات حتى تلك الأكثر حداثة.
بدأت كمقاتلة هيمنة جوية صافية، ليس لديها قدرات للقصف تحت اسم إف 15 Eagle، ثم طورت نسخة هجومية بقدرات قصف تقارب القاذفات، تصل إلى 10.5 وهي المقاتلة القاذفة إف 15، أي Strike Eagle .
شكَّل خروج الـ"إف 15″ للنور أزمة للاتحاد السوفييتي وحلفائه، لأنها كانت طائرة جيل رابع قادرة. في وقت لم يكن الاتحاد السوفييتي قد أدخل هذا الجيل للخدمة، بل كانت طائراته الرئيسية من الجيل الثالث، مثل ميغ 21 العتيقة، وميغ 23 المخيبة للآمال، أدى ذلك إلى تسبب الـ"إف 15″ في مذابح حقيقية ضد الطائرات السوفييتية الصنع التي كانت تستخدمها سوريا في حروبها في النصف الثاني من السبعينيات.
لم يكن هناك فارق كبير بين أداء فانتوم إف 4 الأمريكية وميغ 21، خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، ولكن في فترات لاحقة ظهر فارق صادم في الأداء بين الـ"إف 15″ وميغ 23 في المعارك التي دارت في سماء لبنان والجولان، جعل ذلك إف 15 أكثر مقاتلة حديثة صاحبة انتصارات جوية، حيث أسقطت أكثر من مئة طائرة، أغلبها طائرات سورية سقطت على أيدي الطيارين الإسرائيليين.
حلقت الـ"إف 15″ لأول مرة عام 1972، ودخلت الخدمة عام 1976، واليوم بعد مرور نحو نصف قرن على تقديمها، ومع وجود الـ"إف 22″ والـ"إف 35″ الشبحيتين، قررت أمريكا إنتاج نسخة محدثة منها هي F-15EX Eagle II، التي تأتي بإلكترونيات جديدة، وسعة ذخائر أكبر.
الخامس هي الروسية سوخوي 27 الطائرة التي أبهرت الغرب في عقر داره
"الوقوع في غرام العدو"، تبدو هذه العلاقة بين أعداد كبيرة من الطيارين والمحللين وهواة الشؤون العسكرية في الغرب ومقاتلات سوخوي 27 الروسية، وشقيقاتها الأحدث، خاصة سوخوي 35.
وتمثل سوخوي 27 التي يسميها حلف الناتو فلانكر، رداً سوفييتياً على الـ"إف 15″، وهو رد متأخر لكنه يستحق الانتظار.
طارت سوخوي 27 لأول مرة في 20 مايو/أيار 1977.
وأصبحت عائلة فلانكر الروسية من أشهر عائلات المقاتلات في العالم وتكاد تكون الأشهر في تاريخ الطائرات الروسية الأسرع من الصوت بعد مقاتلة الحرب الباردة السوفييتية الأسطورية ميغ 21، الطائرة الأسرع من الصوت الأكثر إنتاجاً في التاريخ.
بدأت العائلة بالمقاتلة الشهيرة سوخوي 27 كمقاتلة بمقعد واحد بعيدة المدى مهمتها تحقيق الهيمنة الجوية، عبر إسقاط طائرات العدو، وجمعت الطائرة بين السرعة العالية والمناورة، والرادار الكبير.
وبينما جاءت سرعتها، البالغة 2.35 ماخ، أقل من الـ"إف 15″، إلا أنه يعتقد أنها تتفوق على غريمتها الأمريكية هذه في قدراتها الفائقة على المناورة.
إذ اكتسبت سوخوي 27 شهرة كبيرة في الغرب، بقدرتها الاستثنائية على المناورة التي تفوق منافساتها الغربيات، ومنها مناورة الكوبرا الشهيرة التي أدتها بمعرض باريس في واقعة شهيرة عام 1989، حيث أبهرت الطائرة متابعيها الغربيين عندما انقلبت على عقبيها ليدور أنفها دورة شبه كاملة ويرتفع لأعلى كأنها تقف في السماء، وهي مناورة كان يُنظر إليها على أنها مستحيلة، ويُفترض نظرياً أنها تعطيها أفضلية في أي قتال جوي قريب رغم أن هذه المناورة لم تختبر عملياً بعد.
أدى نجاح هذه الطائرة ومرونتها إلى أنه خرج من سلالتها سلسلة من أشهر المقاتلات الروسية التي تعتمد عليها موسكو، ويبدو أنها لا تستطيع أن تجد لها بديلاً حتى اليوم مثل المقاتلة متعددة الأدوار سوخوي 30 والمقاتلة العاملة من حاملات الطائرات سوخوي 33 والقاذفة المقاتلة سوخوي 34، وأخيراً سوخوي 35 المقاتلة متعددة الأدوار الشهيرة التي تعد الأحدث والأشهر من هذه العائلة والتي يقول الروس إنها أفضل من إف 35 الأمريكية الشبحية، ويعتمدون عليها بشكل أساسي في حرب أوكرانيا.
ولكن مع زيادة المعدات والذخائر والمدى، أصبح أعضاء عائلة فلانكر أبطأ في الأغلب من والدتهم الشهيرة سوخوي 27، وحتى سوخوي 35 أبطأ منها بسرعة تبلغ 2.25 ماخ.
كما ألهمت Su-27 الصين التي بدأت بتجميعها بترخيص من روسيا، ثم صنعت نسخاً غير مرخصة مع إدخال تطويرات كبيرة عليها، وتمثل ذلك في سلسلة طائرات J 11 وJ 15، وJ 16.
الـ"إف 14″ سادس أسرع مقاتلة في العالم.. طائرة توم كروز والإيرانيين المفضلة
الأخيرة في قائمة أسرع المقاتلات في العالم هي طائرة البحرية الأمريكية إف 14، التي تعمدت واشنطن تدمير كل قطعة منها بعد تقاعدها؛ حتى لا تصل إلى الإيرانيين، لأنها ما زالت عماد قوّتهم الجوية بعد نحو نصف قرن من شراء شاه إيران (حاكم البلاد السابق) لها من أمريكا.
اشتهرت هذه الطائرة عبر سلسلة أفلام Top Gun الشهيرة التي قدمها الممثل الأمريكي توم كروز، ورغم أن الطائرة تؤدي على الشاشة مناورة الكوبرا التي لا تستطيع القيام بها في الواقع، فإنها لا تظل فقط واحدة من أسرع طائرات العالم بل أنجحها.
والدليل على نجاحها لم يأت من الأمريكيين بل من الإيرانيين.
تبلغ سرعة هذه الطائرة 2485 كم/ساعة، أي 2.34، وكانت مقاتلة كبيرة، إذ تعد أثقل مقاتلة انطلقت من حاملات الطائرات.
تم تصميم وبناء F-14 Tomcat لتكون مقاتلة اعتراضية تحمي حاملات الطائرات الأمريكية، عبر ملاحقة القاذفات السوفييتية الأسرع من الصوت وصواريخ كروز ذات المدى الكبير، اعتماداً على صاروخ ثقيل لم تكن مقاتلة أخرى تستطيع حمله، وهو صاروخ الـ"جو-جو" بعيد المدى AIM-54 Phoenix.
كان الهدف أن تحلق بعيداً عن حاملة الطائرات التي انطلقت منها لإسقاط القاذفات السوفيتية قبل أن تحاول إطلاق صواريخ كروز نحو الحاملة.
إحدى نقاط قوة الإف 14 الأساسية أن أنفها الكبير سمح بإدخال الرادار القوي AN / AWG-9 و APG-71.
كانت طائرة F-14 Tomcat أيضاً مقاتلة هجومية جيدة قادرة على توجيه ذخيرة دقيقة نحو الهدف خلال خدمتها في البحرية الأمريكية حتى أواخر التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين.
بعد اندلاع الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، ثم الحرب العراقية الإيرانية عام 1980، منعت الولايات المتحدة توريد قطع الغيار لإيران، كما أصبح من شبه المستحيل على النظام الجديد الحصول على أسلحة من الغرب الذي أصبح في حالة عداء معه، أو الاتحاد السوفييتي الذي كان حليفاً للعراق الذي يحكمه حزب البعث القومي الاشتراكي.
وهكذا اعتمد الإيرانيون على أنفسهم في تشغيل وصيانة الـ"إف 14″ وفي صنع بعض قطع غيارها لاحقاً، واستخدموا الطائرة بكثافة في مواجهة القوات الجوية العراقية التي كانت تتزود بكثافة بالطائرات من الاتحاد السوفييتي وفرنسا.
وبفضل مداها الطويل ورادارها القوي وصاروخ فينيكس طويل المدى الذي تحمله، كانت الطائرة تحلّق لساعات طويلة للتصدي للطائرات العراقية، حيث مثلت مشكلة للمقاتلات السوفيتية الصنع من طرازي ميغ 21 و23، وكانت المقاتلةَ الوحيدة التي تمثل شبه ند لها هي ميغ 25.
واحتاج العراقيون لشراء طائرات ميراج إف1 من فرنسا وتطوير تكتيكاتهم، ليحاولوا التعامل مع الـ"إف 14″، وظل الطيارون العراقيون خلال حرب الخليج الثانية التي خاضوها ضد الأمريكيين عام 1991، يحرصون على الابتعاد عن رادار إف 14 القوي.
وما زالت الطائرة التي حلقت لأول مرة عام 1970، ورغم تقادمها ومشكلة قطع الغيار، المقاتلة الرئيسية لدى الإيرانيين.
تمت إحالة إف 14 في البحرية الأمريكية إلى التقاعد بالأساس، بسبب تكلفة صيانتها واستهلاك وقودها العالي، ولكن الطائرة، التي حلت محلها، وهي الإف 18، لم تضاهيها على الإطلاق في السرعة ولا المدى، والقدرة على حمل الصواريخ الثقيلة طويلة المدى.