تفيد تقارير باحتمال انضمام نائب رئيس الوزراء التركي الأسبق محمد شيمشك لحكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجديدة، وهو واحد من أبرز الشخصيات الاقتصادية في حزب العدالة الحاكم، وحاصل على لقب أفضل أفضل وزير مالية باقتصادات أوروبا الناشئة.
وسبق أن تولى محمد شيمشك منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية بين عامَي 2015 و2018، كذلك منصبي وزير المالية ووزير الاقتصاد، ويوصف بأنه مهندس السياسات المالية والاقتصادية الناجحة لتركيا، وحاصل على عدة جوائز وتكريمات دولية.
عودة الحرس القديم.. من هو شيمشك؟
وذكرت صحيفة Sabah التركية أن أردوغان يخطط لإعادة الحرس القديم من أجل إدارة الاقتصاد التركي؛ إذ قال أحد أكبر المعلقين السياسيين في الصحيفة إن الوزيرين السابقين جودت يلماز ولطفي إيلفان سيشاركان في الإدارة المالية الجديدة، تحت قيادة وزير المالية السابق محمد شيمشك (56 عاماً)، الذي يقال إن أردوغان يسعى لتكليفه بالإشراف على السياسة الاقتصادية.
ونقلت وكالة رويترز "Reuters"عن أربعة مسؤولين أتراك كبار أن من شبه المؤكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيضم وزير الاقتصاد السابق محمد شيمشك إلى حكومته الجديدة؛ إما كوزير للمالية أو نائب رئيس مسؤول عن الاقتصاد.
إن الدور الرئيسي لشيمسك، الذي يحظى بتقدير كبير في الأسواق المالية كمدير تقليدي، يمكن أن يشير إلى خروج عن سياسة غير تقليدية استمرت لسنوات مدعومة بأسعار فائدة منخفضة، وهو ما يقول منتقدون إنه سبب للتضخم وصاحبه سيطرة الدولة الشديدة على الأسواق، رغم أن هناك مؤشرات على تراجع للتضخم مؤخراً.
قال مسؤولون إن أردوغان من المقرر أن يعلن حكومته الجديدة بحلول الجمعة أو السبت، مضيفين أنه من شبه المؤكد أن تشمل المتحدث باسمه إبراهيم كالين ورئيس المخابرات هاكان فيدان.
وقال المسؤولون الأربعة الذين تحدثوا لرويترز إنه لم يتم اتخاذ قرارات نهائية، وإن أردوغان قد يغيِّر رأيه في نهاية المطاف.
أردوغان يريد تعيين شيمشك نائباً للرئيس، ولكن الأخير يفضل تولي الملف الاقتصادي
وقال المسؤولون إن أردوغان كان يفكر في تعيين شيمشك نائباً للرئيس، لكن شيمشك فضَّل تولي دور مسؤول مباشرة عن السياسة الاقتصادية، وبالتالي يمكن أن يتولى منصب وزير الخزانة والمالية.
وتسارعت التكهنات بشأن دور محتمل لشيمشك بعد أن أجرى محادثات مع الرئيس يوم الإثنين الماضي. وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير مطلع على الموضوع، إن أردوغان وشيمشك تحدثا لمدة ساعتين ونصف يوم الإثنين.
"لقد كان اجتماعاً جيداً.. يتم العمل على بضع نقاط فقط". وقال: "سيتم الانتهاء منها في وقت قصير"، حسب المصدر.
كما نقلت صحيفة "ديلي صباح" التركية عن مصادر إعلامية أن الرئيس التركي التقى شيمشك يوم الإثنين، في حين رد المتحدث باسم الرئاسة إبراهيم قالن على أسئلة بشأن تعيين الوزير السابق شيمشك في الحكومة الجديدة قائلاً إن شيمشك "أعرب عن دعمه غير المباشر لهذه العملية، وسيواصل المضي قدماً".
وأضاف قالين، لقناة AHaber TV التركية الإثنين 29 مايو/أيار أن شيمشك "سيواصل المساهمة في السياسات الاقتصادية" سواءً أصبح جزءاً من الحكومة الجديدة أم لا.
شارك في حملة أردوغان الانتخابية، ولكنه يريد صلاحيات واسعة
من ناحيته، قال شيمشك، الذي شارك في حملة أردوغان الانتخابية مطلع الشهر، إنه لا يسعى للعودة إلى "ممارسة السياسة بشكلٍ نشط"، ولكن ذلك قبل أن يلتقيه أردوغان.
وبعد فوز أردوغان في جولة الإعادة الرئاسية الأحد الماضي هنأه شيمشك -في تغريدة عبر حسابه على تويتر- قائلاً: "أهنئ رئيسنا رجب طيب أردوغان الذي أعيد انتخابه بدعم قوي من شعبنا في مسيرته السياسية التي استمرت ربع قرن، وأتمنى التوفيق لرئيسنا في خدمته لأمتنا، وأتمنى أن يحمل العصر الجديد كل التفاؤل لبلدنا والعالم".
ونقلت وسائل إعلام تركية عن الصحفي عبد القادر سلفي، الأربعاء، أن أردوغان اجتمع بشيمشك، لمناقشة إمكانية إدارته الملف الاقتصادي في الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الأخير شدد على أهمية منحه صلاحيات واسعة في اختيار فريقه والقرارات التي سيتخذها خلال عامين حتى يتمكن من ضمان إيصال الاقتصاد إلى "بر الأمان".
وقال المسؤول نفسه إن الوزير السابق جودت يلماز قد يتولى أيضاً منصب وزير الخزانة والمالية إذا أصبح سيمسك نائباً للرئيس. وقال المسؤول إن وزير الخزانة السابق لطفي إيلفان كان من المتوقع أيضاً أن يتولى وزارة الاقتصاد.
أردوغان أكد أن أولوية الحكومة الجديدة -المتوقع أن يعلن عنها يوم الجمعة المقبل- ستكون حل مشكلة التضخم في البلاد، والاستمرار في معالجة آثار زلزال السادس من فبراير/شباط الماضي المدمر.
وقال الرئيس التركي، في خطاب النصر الذي ألقاه من المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة أمام حشد من أنصاره: "سنخصص كل ما نملك لخدمة الشعب التركي، وتضميد آثار الزلزال"، مؤكداً عزمه خفض نسبة التضخم "كما تم تخفيض نسبة الفائدة".
كما أكد أن تركيا لا بد أن تمتلك اقتصاداً إنتاجياً، وعبر عن فخره بعدم لجوء حكومته إلى طلب قروض من صندوق النقد الدولي، بعد أن سددت آخر ديونها عام 2013.
الخلاف الأبرز بين أردوغان وشيمشك يتعلق بنسبة الفائدة، إذ يتمسك الرئيس بضرورة خفضها، فيما يرى وزير المالية السابق حاجة مُلحَّة لرفعها عندما تقتضي الضرورة، حسبما نقلت وسائل إعلام تركية عن الصحفي عبد القادر سلفي.
يُذكر أن السلطات التي يطلبها شيمشك تدور في أغلبها حول السياسة النقدية، التي أصبحت تتماشى مع رؤية أردوغان منذ تولي محافظ البنك المركزي الجديد منصبه في مارس/آذار 2021. بينما قالت المصادر إن الفجوة قد تكون أكبر من أن تُسَدّ.
من ناحيتها، اعتبرت وكالة بلومبيرغ الأمريكية أن عودة شيمشك المحتملة، بالإضافة إلى تشكيل فريق يحظى بمصداقية دولية، ستكون "خطوة مشجعة للاستثمار الأجنبي قد تلقى صدى إيجابياً واسعاً".
ورجَّح أستاذ الإدارة المالية في أكاديمية باشاك شهير بمدينة إسطنبول التركية فراس شعبو أن محمد شيمشك سيقبل العودة لتولي الحقيبة الاقتصادية إذا تحققت الحرية الكاملة لأسواق المال، مؤكداً أن الهدف هو محاولة طمأنة المستثمرين والشركات الأجنبية.
من هو محمد شيمشك؟
شغل محمد شيمشك منصب نائب رئيس وزراء جمهورية تركيا من 2015 إلى 2018، حيث كان مسؤولاً عن إدارة سياسات الاقتصاد الكلي.
شغل قبل ذلك منصب وزير المالية خلال الفترة من (2009-2015)، وهو أحد أطول وزراء المالية خدمة في تركيا، كما كان ووزيراً للاقتصاد بين عامي (2007-2009).
وانتخب لعضوية البرلمان في الأعوام 2007 و2011 و2015 ممثلاً عن حزب العدالة والتنمية وصاغ شيمشك سياسة الحزب المالية التي ساعدت تركيا على التعافي بقوة من الأزمة المالية العالمية. كما أجرى إصلاحات بعيدة المدى، حيث أسس مجلس التدقيق الضريبي، وتبسيط اللوائح الضريبية، وتعزيز حقوق دافعي الضرائب، وتقليص اقتصاد الظل.
عمل شيمشك في مؤسسة Merrill Lynch في لندن لمدة سبع سنوات كخبير اقتصادي واستراتيجي ثم بعد ذلك كرئيس لاستراتيجية الدخل الثابت والبحوث الاقتصادية الكلية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
من عام 1998 إلى عام 2000، كان كبير الاقتصاديين ومحللاً مصرفياً في دويتشه بندر للأوراق المالية في إسطنبول.
في وقت سابق من حياته المهنية، عمل في وول ستريت لصالح UBS Securities في نيويورك (1997) وككبير الاقتصاديين في السفارة الأمريكية في أنقرة (1993-1997).
وحصل شيمشك على درجة الدكتوراه في الاقتصاد من جامعة أنقرة وعمل مساعد باحث في قسم الاقتصاد الدولي والتنمية الاقتصادية بالجامعة، كما درس في إنجلترا بعد حصوله على منحة حكومية تركية. وهو حاصل على درجة الماجستير في العلوم المالية والاستثمارات من جامعة إكستر، كما أنه عضو في المجلس الاستشاري للندوة الاقتصادية العالمية (GES).
وُلد شيمشك في عام 1967، في قرية صغيرة في باتمان في جنوب شرق تركيا. متزوج وله توأم ولد. يجيد اللغة التركية والإنجليزية والكردية بطلاقة.
تم ترشيحه كواحد من أقوى 500 شخص على هذا الكوكب من قبل فورين بوليسي في عام 2013، وحصل على جائزة "وزير المالية للعام للاقتصادات الناشئة بأوروبا 2013" من قِبل مجلة Emerging Markets.