معركة منتظرة منذ نصف قرن، وقد يتوقف عليها مستقبل الطيران الحربي الحديث، هكذا يمكن بلا مبالغة وصف المعركة المنتظرة بين المقاتلة الروسية الشهيرة سوخوي 35 والإف 16 الأمريكية التي يتوقع أن تدور في سماء أوكرانيا بعد قرار أمريكا فتح الباب أمام تزويد كييف بطائرات إف 16 الأمريكية.
وما فهم من القرار الأمريكي أن إدارة بايدن فتحت الباب لحلفائها الأوروبيين لتزويد أوكرانيا بطائرات إف 16 التي تمتلكها وسط توقعات بأن تكون هولندا وبولندا أول المبادرين، ولكن يعتقد أن أمريكا قد تقدم لأوكرانيا طائرات إف 16 من ترسانتها لأن واشنطن هي عضو الناتو التي تمتلك أعداداً كبيرة من الإف 16 إضافة لتركيا.
معركة القرن.. لماذا تكتسب هذه المعركة أهمية خاصة في عالم الطيران العسكري؟
أهمية هذه المعركة من أنها أول معركة تدور في ظروف متكافئة أو شبه متكافئة بين طائرات روسية وغربية من الجيل الرابع.
يمكن وصف هذه المعركة بأنها معركة القرن، فهي معركة تأخرت نحو نصف قرن منذ ظهور الجيل الرابع من المقاتلات الحربية في بداية سبعينيات القرن الماضي، كما أن نتائج المعركة قد تمتد آثارها لسنوات طويلة في القرن الحالي، حيث كانت كل من المدرسة الروسية والمدرسة الغربية التي تقودها أمريكا تدعيان التفوق في السماء دون أن يتم اختبار ذلك عملياً.
فلعقود دارت معارك بين مقاتلات سوفييتية الصنع وأخرى أمريكية أو غربية الصنع في سماوات الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية وفيتنام ولكن بين أجيال قديمة من الطائرات.
ولكن منذ ظهور طائرات الجيل الرابع المسيطرة على الأجواء، نادراً ما دارت معارك بين طائرات الجيل الرابع السوفييتية مثل سوخوي 27 و30 و35 أو ميغ 29 وبين طائرات غربية مثل الأمريكيتين الإف 15 والإف 16 والفرنسيتين ميراج 2000 ورافال وكذلك الأوروبية يورو فايتر تايفون.
وقعت معارك جوية بين إسرائيل وسلاح الطيران السوري في السبعينيات والثمانينيات حسمت لصالح إسرائيل فيما يمكن تسميته بمذابح أكثر منها معارك، لأنها دارت بين طائرات إف 15 و16 الأمريكية من الجيل الرابع وبين ميغ 21 و23 السوفييتية من الجيل الثالث.
والمعارك الوحيدة بين طائرات جيل رابع غربية وسوفييتية كانت خلال حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) عام 1992، بين الطائرات الأمريكية وبين طائرات ميغ 29 السوفييتية المملوكة للعراق، ولكن عدد الطائرات المملوكة للعراق من هذا الطراز كان قليلاً، كما أنه من المعروف أن طائرات الجيل الرابع تتطلب تدريباً ودعماً لوجستياً مكثفاً، إضافة للدعم من أنظمة الاستطلاع والتوجيه المحمولة، كما أن التحالف الدولي بقيادة أمريكا آنذاك كان يتمتع بتفوق عددي وتدريبي هائل، وسيطرة جوية لم تتح الفرصة لاختبار قدرات الميغ 29 التي كانت قد سلمت للعراقيين قبل فترة قليلة من المعارك.
مقارنة بين مواصفات الطائرتين
المواصفة | إف 16 بلوك 50 و52 | سوخوي 35 |
الطول | 15.6 متر | 21.9 متر |
الوزن فارغة | 19 طناً | 8.53 طن |
الوزن بأقصى حمولة | 19.187 طن | 34.5 طن |
السرعة القصوى | 2.05 ماخ | 2.25 ماخ |
المحرك | واحد بقوة 76.31 كيلو نيوتن، و131 مع الحارق اللاحق | اثنان بقوة 86.3 كيلو نيوتن لكل محرك، و137.3 مع الحارق اللاحق |
المدى البعيد مع خزانات خارجية يتم إسقاطها | 4.217 كيلومتراً | نحو 4440 كيلومتراً |
حمولة الأسلحة | 7.7 طن | 8 أطنان |
بداية دخول الخدمة | 1978 | 2014 |
عدد الوحدات المنتجة | 4.604 وحدة حتى عام 2018 | نحو 167 وحدة |
يلاحظ أن سوخوي 35 تعادل نحو ضعف وزن الإف 16 وأقل قليلاً من ضعف حجمها، ومداها وسرعتها أكبر، ولكن حمولة الأسلحة متقاربة وهي ميزة تتمتع بها الطائرات الغربية وهي أن نسبة حمولة الأسلحة أو الحمولة المفيدة مقارنة بوزن الطائرة عادة تكون كبيرة.
طائرتان مختلفتان ولكنهما تقاربتا مع مرور الزمن
جذور طائرات إف 16 وسوخوي 30 و35 مختلفة تماماً.
نشأت الإف 16 كبرنامج أمريكي ضمن مقاربة لإنتاج طائرتين الأولى طائرة كبيرة بمحركين ورادار كبير ذات قدرات قتال جوي عالية لتحقيق الهيمنة الجوية، ولكنها طائرة مكلفة وباهظة تنتج بأعداد قليلة وتمخض هذا المشروع عن الإف 15.
أما الطائرة الثانية فهي مقاتلة بمحرك واحد متعددة المهام، ليست ذات مدى كبير أو رادار ضخم أو قدرات قتال جوي عالية، بل ميزتها في مرونتها والقدرة على إنتاج أعداد كبيرة منها، وهي الطائرة الإف 16.
ولكن سرعان ما أثبتت الإف 16 كفاءتها بشكل فاق التوقعات، وتحولت تدريجياً لطائرة متوسطة ناجحة تمثل أكثر مقاتلات الجيل الرابع إنتاجاً، ومن أنجح الطائرات في تاريخ أمريكا، التي لديها منها أكثر من ألف طائرة، وأنتج منها نسخاً متطورة مثل النسخة الإماراتية الأطول مدى وبقدرات قصف عالية.
وكان النظير الروسي للإف 16 هو ميغ 29 (رغم أنها أكبر قليلاً)، التي لم تحقق ذات النجاح.
أما السوخوي 35، فتعود جذورها لسوخوي 27 التي أنتجت كمقاتلة قتال جوي بعيدة نظيرة للأمريكية الشهيرة إف 15، ويفترض أنها مثلها ستركز على دور الهيمنة الجوية مع إنتاجها بأعداد قليلة مقابل إنتاج أعداد كبير من الميغ 29.
ولكن كفاءة سوخوي 27 ومشتقاتها ومشكلات الميغ 29، المتعددة، وقلة الموارد الروسية دفعت موسكو للتركيز على إنتاج وتطوير السوخوي بدلاً من الميغ 29، وتحويلها من طائرة قتال جوي صاف لمقاتلة متعددة المهام.
لتصبح طائرات سوخوي 27 و30 و35 ونسختها القاذفة سوخوي 34 (عائلة فلانكر حسب تسمية الناتو)، هي طائرات روسيا الرئيسية وعماد قوتها الجوية، ودرة تاجها العسكري والتي تروج أن نسختها الأحدث سوخوي 35 تضاهي إن لم تتفوق على الطائرة الأمريكية إف 35 من الجيل الخامس.
ويعتقد أن التوسع في استخدام سوخوي 35 والنسخ سوخوي 30 المحدثة لتصبح أقرب للسوخوي 35 مع تطوير التكتيكات والأسلحة جعل القوات الجوية الروسية أكثر فاعلية في سماء أوكرانيا، في الآونة الأخيرة، وقد يكون ذلك سبب القرار الغربي بمنح أوكرانيا طائرات إف 16 لمواجهة تزايد فاعلية المقاتلات الروسية.
والآن اقترب وقت اختبار ادعاءات الطرفين عبر المواجهة بين الأسطورة الروسية سوخوي 35 أمام الطائرة الأصغر والأكثر انتشاراً، وأيقونة الكفاءة الأمريكية الإف 16.
الإف 16 طائرة يصعب رؤيتها ولكن يجب اتقاء شرها أما السوخوي فهي ملكة المناورات
طائرات F-16 هي طائرات قتالية متعددة الأدوار، ومتوفرة بنماذج ذات مقعدين أو بمقعدين. منذ بدء إنتاجها في عام 1979، تمت ترقية الطائرة F-16 وتحسينها ، مما يعني أن لديها بعض قدرات الجيل الخامس بما في ذلك الرادار المتقدم.
الإف 16 صغيرة نسبياً، من الصعب جداً رؤية طائرة F-16 لأنها أصغر من معظم الطائرات، خاصةً عندما تستهدف بشكل مباشرة، حسبما نقلت مجلة Newsweek الأمريكية عن المقدم المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية دان هامبتون.
الإف 16 يمكن أن تحمل ستة صواريخ جو-جو.
سوخوي 35 هي مقاتلة متعددة المهام، وهي ذات محركين وبمقعد واحد، وقد وصفتها مؤسسة RAND Corporation الأمريكية بأنها "المقاتلة القاذفة الروسية الثقيلة المميزة".
شركة الطائرات المتحدة (UAC)، وهي شركة طيران ودفاع مملوكة إلى حد كبير للحكومة الروسية، تروج لطائرة Su-35 باعتبارها طائرة متطورة من الجيل الرابع مع "تكنولوجيا مقاتلة من الجيل الخامس"، حيث يعتقد أنها تضم بعضاً من عناصر مقاتلة الجيل الخامس الروسية Su-57 Felon المتقدمة، حسب الشركة الروسية المصنعة لها.
السوخوي 35 جزء من عائلة فلانكر الروسية، حسب تسمية الناتو والتي بدأت بالطائرة الشهيرة سوخوي 27 التي أبهرت الغرب عندما عرضت لأول مرة في معرض باريس عام 1987، بمناورة الكوبرا الشهيرة التي تنقلب فيها الطائرة على عقبيها، بمقدار 120 درجة لتفاجئ خصومها وهي مناورة يفترض أن تباغت الخصوم رغم أنها لم تختبر عملياً بعد.
وعائلة فلانكر تمثل أهم صادرات روسيا العسكرية، واشترت الهند وجمعت محلياً، 260 نسخة من (Sukhoi Su-30)، كما اشترت الصين أعداداً كبيرة من طائرات سوخوي 27 وسوخوي 30 و35 الروسية، إضافة لإنتاجها نسخاً محلية منها.
ويعد تعلق الدولتين الآسيويتين الكبيرتين والصاعدتين بهذه العائلة دليلاً على نجاحها.
وسوخوي 35 هي النسخة الأكثر تطوراً من عائلة فلانكر الشهيرة التي تشمل أيضاً قاذفة مقاتلة هي سوخوي 34.
وسوخوي 35 موجودة لدى الصين وروسيا فقط، وأبرمت مصر اتفاقاً لشرائها لكنه يعتقد أنه أوقف بسبب ضغوط أمريكية، فيما أفادت تقارير غربية وإيرانية روسية أن طهران سوف تشتري نحو 24 طائرة منها.
قالت شركة UAC الروسية إن أول رحلة لـ Su-35 تمت في عام 2008، وهي مصممة لمهاجمة الأهداف الأرضية والسطحية من مسافات كبيرة، في أي ظروف جوية.
بينما يمكن أن تصل طائرة F-16 إلى 2 Mach، أو ضعف سرعة الصوت، تقول المصادر الروسية إن Su-35 لديها سرعة قصوى تبلغ 2.25 Mach.
الرادار ميزة السوخوي وعيبها الكبير
سوخوي 35 لديها بحكم حجمها الكبير رادار ضخم وله مدى بعيد، ولكن مشكلته أنه من طراز "بيسا"، الأقل تطوراً من الرادار النشط الماسح إلكترونياً (AESA) الموجودة في العديد من الطائرات الصينية والغربية بما فيها الأجيال الجديدة من الطائرة F-16.
ولم تتمكن روسيا بعد من إدخال أي رادار أيسا ( AESA) للعمل في طائراتها بعد، رغم أن الصين تلميذتها النجيبة قد فعلت ذلك وهذه نقطة ضعف كبيرة في الطائرات الروسية.
الرادارات من طراز AESA، أكثر دقة من رادارات بيسا والأخيرة أسهل في كشفها من قبل الرادارات المعادية، وبالتالي تعرض الطائرات التي تحملها للاستهداف.
طائرة خردة.. أمريكيون يقللون من قيمة السوخوي 35 أمام الإف 16
والسوخوي 35 طائرة "كبيرة جداً"، وهذا يسهل كشفها حسب المقدم المتقاعد من القوات الجوية الأمريكية دان هامبتون الذي يقول إن Su-35 هي "آلة روسية نموذجية وتبدو جيدة". "لكن في الأعماق، ليست طائرة جيدة حقاً".
ويضيف: "يبدو جيداً في العروض الجوية". "لكن رأيي الشخصي أنها ستكون مجرد خردة، إذا واجهت الطائرة الأمريكية الأصغر F-16 Fighting Falcon".
من غير المعروف بالضبط عدد طائرات سوخوي 35 التي خسرتها روسيا منذ بداية الحرب، وعلى الرغم من أن منفذ Oryx الهولندي مفتوح المصدر قد أكد بصرياً فقدان طائرتين من طراز سوخوي 35، لكن الإجمالي الحقيقي قد يكون أعلى، حسب مجلة Newsweek.
وفي أغسطس/آب 2022، قال مسؤول أوكراني إن 24 طائرة من طراز Su-35 قد تم التخلص منها حتى ذلك التاريخ، على الرغم من أنه لا يمكن التحقق من ذلك بشكل مستقل، ويبدو تقديراً مبالغاً فيه تماماً.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قال تقرير صادر عن معهد Royal United Services، وهو مركز أبحاث في لندن، إن إطلاق Su-35 لصواريخ بعيدة المدى كان "فعالًا للغاية وقاتلاً ضد الطائرات الأوكرانية بالقرب من الخطوط الأمامية طوال الحرب".
وقال المركز في تقرير منفصل في مارس/آذار 2022 إن القوات الجوية الروسية حصلت على حوالي 350 طائرة حديثة، بما في ذلك مقاتلات Su-35، في السنوات العشر السابقة التي سبقت بدء الحرب.
يعتقد أن القوات الجوية الروسية لديها ما بين 110 إلى 128 مقاتلة سوخوي 35، مع غض الطرف عن الخسائر التي هي مجهولة حتى لحد كبير، وإن كان المؤكد هو سقوط طائرتين منها، كما سبق الإشارة.
كيف سيكون شكل المواجهة بين سوخوي 35 وإف 16؟
ستتوقف نتيجة المواجهة بين سوخوي 35 وإف 16 إلى حد كبير على فئة الإف 16 التي ستقدم لأوكرانيا، هل تكون من النسخ القديمة أم المتقدمة.
ومن المحتمل أن تتلقى أوكرانيا الطائرة F-16A / B الهولندية أو F-16C / D البولندية الأحدث، وفقاً للمصادر المفتوحة، يُقال إن متغير F-16A لديه نسبة دفع إلى وزن في مكان ما بين 0.99 إلى 1.02، بينما يُقال إن متغير F-16C يحتوي على نسبة دفع إلى وزن بين 0.91 إلى 1.06.
مقارنةً بذلك، يُقال إن سوخوي 35 لديها نسبة دفع إلى وزن يبلغ حوالي 1.30، حسبما ورد في تقرير لموقع EurAsian Times الهندي.
يسمح بنسبة دفع إلى وزن المتفوق للطائرة بالتسارع بسرعة. في حين أن F-16 لديها تحميل جناح أقل بكثير من سوخوي 35، يتيح تحميل الجناح الأقل للطائرة القيام بدوران ضيق دون فقدان السرعة.
لذلك، في الاشتباك القتالي ذي المدى المرئي (WVR) بين مقاتلات سوخوي 35 وإف 16، سيعود الأمر إلى الكفاءة الفردية للطيارين المعنيين لتحديد النتيجة. في هذا السياق، سيكون نظام العرض المثبت على خوذة مفيداً للطيارين.
بالنسبة إلى القتال القريب، تستخدم سوخوي 35 صواريخ R-73 و R-74 الموجهة بالأشعة تحت الحمراء، وكلاهما يمكن التحكم فيهما من مشهد مثبت على خوذة (HMS). ستعتمد طائرات إف 16 على AIM-9X Sidewinders الموجه بالأشعة تحت الحمراء.
من المعروف أن طائرات سوخوي 35 وإف 16 على السواء تمتلكان أنظمة تحذير من الاقتراب الصاروخي لاكتشاف الصواريخ الموجهة بالأشعة تحت الحمراء، والتي يمكنها التعامل معها عبر مشاعل الإلهاء (مشاعل تبعد الصواريخ الباحثة عن الحرارة).
ولكن هناك حالات موثقة جيداً لصواريخ AIM-9، بما في ذلك أحدث نسخة 9X، التي فشلت في مواجهة مشاعل الأشعة تحت الحمراء الروسية، حسب الموقع الهندي.
ومع ذلك، وبالنظر إلى نطاقات الكشف ذات الصلة وتسليح الطائرتين، فمن المرجح أن يكون الاشتباك وراء النطاق المرئي (BVR)، هو الأكثر شيوعاً، حسب الموقع الهندي.
كيف ستكون معركة سوخوي 35 وإف 16 في القتال البعيد؟
طائرة إف 16 سي بلوك F-16C 50/52 بتكوين نموذجي يضم خزاني وقود وصاروخين AIM-9X وصاروخين AIM-120 سيكون لها مقطع عرضي للرادار (RCS) أقرب إلى 3 أمتار مربعة، حسبما قال العقيد كونستانتينوس من سلاح الجو اليوناني.
يمكن الكشف عن طائرة F-16C مع بصمة راداريةً تبلغ 2.5 متر مربع بواسطة رادار Irbis-E متعدد الأوضاع الممسوح ضوئياً إلكترونياً (PESA) الموجود على الطائرة سوخوي 35 من على مدى 191 كيلومتراً في وضع البحث عن الحجم و350 كيلومتراً في وضع البحث بمساعدة الرادار المحمول جواً.
من ناحية أخرى، بافتراض أن Su-35 لديها مقطع عرضي يبلغ 3 أمتار مربعة، يمكن حتى لأحدث طراز Viper من F-16 اكتشاف Su-35 من حوالي 115 كيلومتراً فقط، باستخدام الرادار ( AESA).
وهنا يلاحظ أنه رغم سوخوي 35 أكبر بكثير من الإف 16، ولكنها خضعت لإعادة تصميم لتقليل بصمتها الرادارية قليلاً، هذا لا يجعلها شبحية على الإطلاق، ولكن أفضل من سوخوي 27 كثيراً.
من الواضح أن سوخوي 35 لديها ميزة في الكشف عن الرادار، وهو شرط أساسي للنجاح في قتال ما بعد مستوى الرؤية البصرية، حسب EurAsian Times.
بالنسبة إلى اشتباكات بعد مستوى الرؤية البصرية، ستعتمد F-16 على صواريخ AIM-120 AMRAAM التي يتراوح مداها بين 50-160 كيلومتراً، في حين أن سوخوي 35 يمكن أن تعتمد على صواريخ R-77-1 مع نطاق محدد رسمياً من أكثر من 190 كيلومتراً.
كانت الطائرة الروسية Su-35، المسلحة بصاروخ R-77-1 جو-جو (AAM) فعالة للغاية وقاتلة ضد الطائرات الأوكرانية طوال الحرب، وفقاً لدراسة عن الحرب الجوية الروسية في أوكرانيا أجراها المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI) ومقره لندن.
ويعترف الطيارون المقاتلون الأوكرانيون الذين استشهد بهم الخبراء في RUSI بأن Su-35 الروسية تفوقت تماماً على مقاتلات القوات الجوية الأوكرانية.
ينبع الاختلاف في التكنولوجيا بين طائرات القوتين الجويتين بشكل أساسي من الصاروخ R-77-1 إلى جانب الأداء الممتاز لرادارات Irbis-E الموجودة على متن المقاتلات الروسية.
في هذا السياق، قد يلعب سقف التحليق للطائرتين دوراً مهماً، يبلغ سقف الخدمة للطائرة F-16 حوالي 15 كيلومتراً، بينما يتجاوز سقف فلانكر ذلك بنحو ثلاثة كيلومترات.
علاوة على ذلك، يمكن للطائرة Su-35 أيضاً استخدام صاروخها بعيد المدى R-37M، والذي يثير قلقاً خاصاً للطيارين الأوكرانيين، وفقاً لوسائل الإعلام الأمريكية، التي استشهدت بطيار أوكراني يقود مقاتلة سوفييتية الصنع من طراز MiG-29 وصفه بأنه خطير.
والصاروخ الروسي R-37M هو صاروخ جو-جو بعيد المدى قادر على إصابة أهداف جوية عالية السرعة من مسافة تزيد عن 300 كيلومتر.
قدرة السوخوي على المناورة توفر لها ميزة كبيرة
بالإضافة إلى ذلك، فإن سوخوي 35، نظراً لقدرتها على الدوران، فإن رادار Irbis-E الموجود على متنها، يوفر لها نظرة أوسع بكثير تبلغ 120 درجة من خط الوسط للطائرة بدلاً من 60 درجة المعتادة، والتي يمكن أن تكون مفيدة للغاية من الناحية التكتيكية لتجنب اكتشاف مقاتل العدو.
يعتقد أنه يمكن لسوخوي 35، المناورة بمقدار 90 درجة (عمودياً) ليكون لها سرعة شعاعية تقترب من الصفر ضد طائرة العدو (أي تستطيع أن تتوقف في الجو لوهلة).
ومع ذلك، فإن المشكلة هي أنه أثناء إجراء هذه المناورة، ستفقد الطائرة المقاتلة صورة الرادار الخاصة بها للعدو الذي تحاول الهروب منه.
والأسوأ من ذلك هو أن أي صاروخ موجه بالرادار يتم إطلاقه من المقاتلة لن يكون قادراً على تلقي تحديثات منتصف المسار. ستقل فرص قدرة تلك الصواريخ، خاصة إذا تم إطلاقها في البداية من مدى بعيد.
هذا هو المكان الذي تظهر فيه أهمية قدرة رادار سوخوي 35 من طراز Irbis-E على الدوران، فهو يوفر مجال رؤية أكبر بكثير ويتيح إمكانية اكتشاف أقل للطائرة سوخوي 35، نظراً لتعزيز الوعي بالموقف للطيار مع استمرار الإرسال.
لذلك، يمكن لطيار Su-35 تتبع الصواريخ التي تم إطلاقها بالفعل في اتجاه F-16 مع رادارها الذي ينظر إلى الجانب وتحديثها وفقاً لذلك، ومع ذلك، فحتى مناورة الإشعاع هذه لها حدودها.
عندما سئل عن قدرة Su-35 على أداء مناورة الشعاع، أوضح العقيد زيكيديس أن "هذا التكتيك قد لا يكون قابلاً للتطبيق عندما تكون هناك طائرات معادية متعددة في الجو".
أداء طائرات إف -16 سيكون مختلفاً إذا دُعمت برادارات الناتو المحمولة جواً
ولكن إف 16 الأوكرانية قد تُحدث فرقاً إذا تلقت مساعدة خارجية.
فسوف تتضاءل ميزة سوخوي 35 في قتال ما وراء مدى الرؤية، إذا كانت طائرات إف 16 المقدمة لأوكرانيا مزودة بشبكة ربط البيانات التكتيكية Link 16 التابعة لحلف الناتو والتي تمكن جميع الطائرات والأنظمة الدفاعية الجوية في ساحة المعركة من مشاركة الصورة ذاتها.
في هذه الحالة، يمكن لحلف الناتو استخدام رادار أواكس المحمول جواً بالقرب من المجال الجوي الأوكراني لتوفير معلومات تتبع لطائرات إف -16 وتوجيه صواريخ AMRAAM التي تطلقها في منتصف الرحلة نحو أهدافها.
وفي الوقت الحالي يعتقد أن طائرات الاستطلاع والرادارات المحمولة جواً التابعة للناتو والتي تحلّق بمحاذاة حدود أوكرانيا، تقدم دعماً فارقاً للقوات الجوية والدفاعات الأوكرانية في مواجهة الطائرات والصواريخ الروسية.
ومع ذلك، يمكن سد فجوة القدرات هذه بالنسبة لطائرات سوخوي 35، على الأقل إلى حد ما، بواسطة مقاتلات ميغ 31 بي أم الروسية الشهيرة ذات السرعة الهائلة، وفقاً لدراسة أجريت في عام 2020 من قبل خبير في معهد رويال يونايتد للخدمات (RUSI) ومقره لندن.
كتب البروفيسور جاستن برونك، زميل أبحاث أول في مجال القوة الجوية والتكنولوجيا في فريق العلوم العسكرية في RUSI: "يبدو أن أحدث طراز MiG-31BM قد تمت ترقيته باستخدام روابط بيانات محسّنة بشكل كبير؛ للسماح له بلعب دور قوي في المجال الجوي".
وتم تقديم 24 طائرة مقاتلة من طراز MiG-31BM للقوات الجوية الروسية.
بمساعدة روابط البيانات هذه، يمكن للطائرة MiG-31BM نقل صورة الرادار الخاصة بها إلى الطائرات من طراز سوخوي 35، والطائرات الروسية الأخرى دون أن تقوم الأخيرة بتشغيل الرادارات الخاصة بها، وبالتالي تمكينها من القيام بهجمات وراداراتها صامتة بحيث يصعب كشفها.
وفقاً للمصادر الروسية، فإن نطاق الكشف عن رادار Zaslon-AM المحدث الموجود على متن ميغ 31 ضد هدفٍ بصمته الرادارية حجمها 3 م² مثل الـ(F-16)، يصل إلى 240 كيلومتراً.
ومع ذلك، من المهم أيضاً ملاحظة أنه من المعروف أن روابط البيانات وأنظمة المهام الخاصة بطائرة MiG-31BM بها مشكلات تتعلق بالموثوقية، حسب الموقع الهندي.
لماذا قد يؤدي إدخال الـ"إف 16″ لتوريط الناتو في الصراع؟
على صعيد آخر، حذّر الخبراء من أن منصات أواكس التابعة لحلف الناتو والتي تدعم طائرات F-16 الأوكرانية يمكن أن تجعل الناتو يتورط في الصراع.
وسبق أن حذر نائب رئيس مجلس الأمن الروسي والرئيس السابق دميتري ميدفيديف، العام الماضي، من أن "أفراد الناتو الذين يشاركون بنشاط في الصراع سيصبحون هدفاً مشروعاً للقوات المسلحة الروسية".
ولكن عندما سئل عن مدى احتمالية أن يقرر الجيش الروسي استهداف طائرات الناتو من طراز أواكس التي تدعم طائرات إف 16، قال العقيد اليوناني زيكيديس: "لا، هذا من شأنه أن يستدعي حرباً بين الناتو وروسيا. لا أعتقد أن روسيا ترغب في أن يهاجمها الناتو بأسره".
قد تحاول روسيا إبقاء نظام أواكس التابع لحلف الناتو بعيداً باستخدام مقاتلات ذات صواريخ بعيدة المدى وأنظمة مضادة للطائرات.
ومع ذلك، فإنهم لن يطلقوا النار على أحد أصول الناتو إلا إذا دخلت مثل هذه الأصول إلى الأراضي الروسية، وتم تحذيرها بشكل واضح، واستمرت في التحليق داخل المجال الجوي الروسي. بشكل عام، ستحاول روسيا تجنب التصعيد بكل الوسائل، حسب زيكيديس.
قد يكون الوضع الأكثر إشكالية هو إذا دخلت طائرات الناتو الأجواء الأوكرانية.
وقام كابتن احتياطي روسي يدعي فاسيلي دانديكين بتقييم قدرات طائرات F-16، وهو يعتقد أن طائرة إف 16 يمكن أن تشكل تحدياً كبيراً لطائرات سوخوي 35 وميغ 31 الروسية.
إذ يقول إن إف 16 مقاتلة من الجيل الرابع، وستكون خصماً قوياً للغاية ضد Su-35 وSu-35SM وMiG-31، ولكنه استدرك قائلاً إن ميغ 31 وسوخوي 35 مجهزتان جيداً للتعامل مع إف 16 إذا التقتا معها بالفعل في سماء أوكرانيا.
من الواضح أن مصير المعركة بين سوخوي 35 وإف 16 سيتوقف على أشياء عديدة، منها عدد الطائرات التي ستحصل عليها أوكرانيا، حيث تمتلك روسيا نحو 100 طائرة سوخوي 35 ونحو 140 طائرة سوخوي 30 الأقل قليلاً في الإمكانيات، وهذا يعني أن أوكرانيا تحتاج على الأقل إلى أكثر من مئة طائرة إف 16؛ على اعتبار أن موسكو لن توظف كل أسطول السوخوي ضد كييف، إضافة إلى أن ميزة المسافة في صالح الأوكرانيين، لأن المعركة تدور في سماء بلادهم، وستلقى طائراتهم مساندة من دفاعاتهم الجوية.
كما أن مقدار تدخّل الناتو بالتوجيه سيكون فارقاً، ولكن الدخول القوي لطائرات الناتو في المعركة من بعيد (وهو الأمر المرجح)، يزيد من التهديد باحتمال توسع الصراع، بما قد يحمله من تحول معركة القرن الجوية التي ينتظرها هواة الطيران لمحرقة نووية، إذا أسقطت روسيا طائرة تابعة للناتو.