تنشط قاعدة عسكرية في أعماق غرب الصين على نحوٍ غير معتاد بمجرد أن تمر فوقها الأقمار الصناعية الأجنبية -في مؤشرٍ على أن بكين ربما تستخدم أسلحة الليزر لفحص تلك الأقمار الصناعية إلكترونياً. إذ يُعتقد أن موقع اختبار كورلا الشرقية في مقاطعة سنجان يحتوي على سلاحَي ليزر صينيين على الأقل.
ويقول تقرير، لمجلة Popular Mechanics الأمريكية، إن الحكومة الأمريكية تؤمن بأن الصين تتدرّب من أجل سلبها أفضليتها الضخمة في تقنية الأقمار الصناعية، عن طريق إتلاف أو اختطاف الأقمار الصناعية العسكرية في زمن الحرب.
كيف يمكن استخدام أسلحة الليزر ضد الأقمار الصناعية؟
أفاد موقع Army Technology البريطاني بأن موقع اختبار كورلا الشرقية يستضيف سلاحَي ليزر، وأن السلاحين ينشطان أكثر من غيرهما في فترة "الظهيرة الشمسية" -أو لحظة تعامد الشمس على المنطقة الواقعة جنوب أسلحة الليزر في موقع الاختبار.
وتُعَدُّ فترة الظهيرة الشمسية مثاليةً للتجسس ولأقمار التصوير الأخرى، التي تسلك المدار المتزامن مع الشمس، وهو المسار المداري الذي يمتد من الشمال إلى الجنوب فوق القطبين الشمالي والجنوبي. ويستطيع قمر التجسس في المدار المتزامن مع الشمس أن يُصوّر المنطقة نفسها في فترة الظهيرة الشمسية يومياً، مع تسليط أكبر قدرٍ من ضوء الشمس على المنطقة الأرضية التي يجري تصويرها. وليس هذا مفيداً لتحقيق أقصى وضوح للصورة فحسب، بل لمراقبة التغييرات اليومية أيضاً.
يُذكر أن أسلحة الليزر مصممة كأسلحة مضادة للأقمار الصناعية. وقد درس الجيش الصيني الحملات العسكرية الغربية الأخيرة، وخاصةً الأمريكية، ليستنتج أن الأقمار العسكرية توفر أفضليةً كبيرة عند خوض المعارك الحديثة.
حيث تستطيع أقمار التجسس اختراق أعماق الصين، بينما تُتيح أقمار نظام التموضع العالمي GPS للقوات الغربية أن تتنقل على بعد آلاف الأميال عن الوطن بكل سهولة. في ما تسمح أقمار الاتصالات العسكرية للقوات الجوية، والبرية، والبحرية العاملة في أبعد أركان الأرض أن تظل على اتصال بالبنتاغون وغيره من مقرات القيادة في الوقت الفعلي. ولا شك أن إضعاف أو تدمير هذه الأقمار سيعيق قدرة القوات الأجنبية على العمل في الباحة الخلفية للصين، أو تايوان على وجه التحديد.
أسلحة مضادة فضائية صينية
يقول تقرير حديث لمؤسسة Secure World Foundation إن الصين تسعى لبناء أسلحة (مضادة فضائية) بالطاقة الموجهة المضادة للأقمار الصناعية منذ الستينيات. ونص التقرير على وجود ثلاثة منشآت ليزر مضادة للأقمار الصناعية بطول البلاد، ومنها المنشأة الموجودة في كورلا.
وتقول التقارير إن أسلحة الليزر الأرضية هي جزء من قوات الدعم الاستراتيجي في جيش التحرير الشعبي، وهو فرع الجيش الصيني المسؤول عن الوظائف الاستراتيجية غير النووية مثل الفضاء العسكري، والفضاء السيبراني، والحرب الإلكترونية، وحرب المعلومات، والحرب النفسية. ولا شك أنه أمر منطقي لأن تحييد أو اختطاف قمر اصطناعي للعدو ستكون له تداعيات استراتيجية في زمن الحرب.
وتحدّث التقرير عن سلسلة من الوقائع في عام 2006، عندما "أعمت" أسلحة الليزر الأرضية الصينية الأقمار الصناعية الأمريكية. لكن تم التراجع عن ذلك الادعاء لاحقاً، وقيل إن أسلحة الليزر أسقطت أشعتها على الأقمار فحسب.
وفي ذلك الوقت، صرح مدير مكتب الاستطلاع الوطني بأن طلقات الليزر "لم تُلحق ضرراً مادياً بقدرة الأقمار الصناعية الأمريكية على جمع المعلومات". لكن طلقات الليزر كانت مؤشراً -في الوقت ذاته- على نيةٍ لاستهداف الأقمار الصناعية الأمريكية في زمن الحرب.
وقد تكون الأنشطة في كورلا هي ما أشار إليه المجتمع الاستخباراتي الأمريكي، وذلك في الوثائق التي سربها أحد عناصر الحرس الجوي الوطني على Discord.
التفوق في الفضاء
وبحسب صحيفة Financial Times البريطانية، ذكرت الوثائق أن الصين تبني قدراتها "لفرض السيطرة على قمرٍ صناعي وسلبه فاعليته في دعم الاتصالات أو الأسلحة، وأنظمة الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع". ولا شك أن الاستيلاء على القمر الصناعي لن يكون إجراء حرب يستدعي الرد عسكرياً، لكنه سيجعل القمر الصناعي في حكم المُدمر فعلياً.
في النهاية، تهدف الصين بتطويرها لأسلحة مضادة للأقمار الصناعية -مثل الليزر- إلى سلب الجيش الأمريكي قدرته على خوض المعارك بعيدة المدى. ويجب أن يضمن البنتاغون قدرة كوكبته الضخمة من الأقمار العسكرية على مقاومة الاهتمام السلبي بأنشطتها، بدايةً من العبث بالإشارات، ووصولاً إلى تدمير القمر الصناعي -وما بينهما. إذ إن ثقة بكين في قدرتها على التفوق على واشنطن في الفضاء قد تغريها لاستغلال تلك القدرة من أجل تحقيق المكاسب على الأرض، كما تقول المجلة الأمريكية.