شهد اليمن، على مدار الأيام الثلاثة الماضية، تنفيذ واحدة من أكبر عمليات تبادل الأسرى بين الحكومة اليمنية والحوثيين منذ اندلاع النزاع بينهما قبل نحو تسع سنوات.
هذه الخطوة جاءت عقب صفقة بين الطرفين في ختام مشاورات بسويسرا في 20 مارس/آذار الماضي، للإفراج عن 887 أسيراً ومختطفاً من الجانبين، تضمنت لأول مرة شخصيات بارزة موالية للحكومة بينهم قيادات عسكرية وأبناء مسؤولين وصحفيين، قضى بعضهم أكثر من 8 أعوام في سجون "الحوثي".
وأبرز المطلق سراحهم، وزير الدفاع اليمني الأسبق محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس السابق ناصر منصور هادي، وأربعة صحفيين ينتمون لحزب "التجمع اليمني للإصلاح" أكبر حزب إسلامي باليمن.
ويعاني اليمن حرباً بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، بإسناد من قوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح الذي قتل في 2017 بمواجهات مع مسلحي الجماعة إثر انتهاء التحالف بينهما.
وتصاعد النزاع منذ مارس 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
ومنذ مشاورات جرت في السويد عام 2018، قدم طرفا الصراع في اليمن قوائم بأكثر من 15 ألف أسير ومعتقل ومختطف، لكن لا يتوفر إحصاء رسمي دقيق للأعداد بعد هذا التاريخ.
وزير دفاع سابق
يعد محمود الصبيحي المولود عام 1948 أحد أبرز الشخصيات التي أفرج عنها ضمن صفقة تبادل الأسرى الأخيرة، والتحق الصبيحي مبكراً بالسلك العسكري، وتخرج في الكلية العسكرية بعدن في 1976 ثم أصبح قائداً للكلية ذاتها في الفترة من 1988 إلى 1990.
ذاع صيت الصبيحي منتصف 2014 عندما قاد حملات عسكرية ناجحة للجيش اليمني ضد مسلحي تنظيم "القاعدة"، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2014 أصدر الرئيس اليمني آنذاك عبد ربه منصور هادي قراراً بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، ذهبت حقيبة الدفاع فيها للواء الصبيحي.
وعقب اجتياحهم لصنعاء في ديسمبر/كانون الأول 2014، وضع الحوثيون عدداً من وزراء الحكومة بينهم الصبيحي تحت الإقامة الجبرية، قبل أن يتمكن من الفرار إلى عدن (جنوب) مطلع مارس/آذار من العام التالي.
ومنتصف ذلك الشهر بدأ الصبيحي ترتيب صفوف وحدات عسكرية موالية للحكومة لحماية محافظتي عدن ولحج جنوبي البلاد لوقف تقدم الحوثيين، لكن الجماعة أعلنت في 26 من الشهر ذاته تمكنها من اعتقاله الصبيحي في مدينة الحوطة عاصمة لحج، عقب سيطرتها على قاعدة العند أكبر قاعدة عسكرية للجيش اليمني بالمحافظة.
شقيق الرئيس السابق
وشملت صفقة تبادل الأسرى الإفراج عن اللواء ناصر منصور هادي، وهو شقيق الرئيس اليمني السابق عبد ربه منصور هادي، وعمل لسنوات وكيلاً لجهاز الأمن السياسي (المخابرات) في محافظات عدن، وأبين (جنوب)، ولحج.
واعتقل هادي، أثناء قيادته معارك التصدي للحوثيين في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن أواخر مارس 2015.
كما أفرج الحوثيون في صفقة التبادل على "عفاش" نجل عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، وشقيقه العقيد محمد محمد عبد الله صالح، اللذين تم اعتقالهما بصنعاء في ديسمبر/كانون الأول 2017.
4 صحفيين
في أواخر 2015 اعتقل الحوثيون 8 صحفيين من مقر عملهم في أحد فنادق العاصمة صنعاء (شمال) الخاضعة لسيطرتهم.
هؤلاء الصحفيون هم: عبد الخالق عمران، أكرم الوليدي، حارث حميد، توفيق المنصوري، هشام طرموم، هشام اليوسفي، هيثم الشهاب، عصام بلغيث، حسن عناب.
وعلى مدار أعوام طالبت منظمات محلية ودولية الحوثيين بإطلاق سراح الصحفيين والكف عن الزج بقضيتهم في الصراع السياسي بالبلاد، وسط اتهامات للجماعة بتعذيب بعضهم.
وفي 9 ديسمبر 2019، بدأت محكمة جزائية تابعة للحوثيين في العاصمة اليمنية صنعاء بمحاكمة الصحفيين الثمانية، بعد إدانتهم بالتخابر مع التحالف العربي.
وفي 11 أبريل/نيسان 2019 قضت المحكمة ذاتها بإعدام الصحفيين: عبد الخالق عمران، توفيق المنصوري، حارث حميد، وأكرم الوليدي، فيما قضت بمعاقبة بقية الصحافيين: هشام طرموم، هشام اليوسفي، هيثم راوح الشهاب، عصام بلغيث، حسن عناب بالسجن، مكتفية بالمدة التي قضوها في سجون الحوثيين.
ولاقى الحكم حينها إدانات محلية ودولية واسعة، وسط مطالبات بإلغائه، وإطلاقهم دون شروط.
وخلص اتفاق جنيف في 20 مارس/آذار الجاري، إلى الاتفاق على إطلاق سراح الصحفيين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام، ضمن صفقة التبادل التي جرى تنفيذها الجمعة واستمرت 3 أيام.
وتقود السعودية منذ 2015 تحالفاً عسكرياً يدعم الحكومة اليمنية، في حين تدعم إيران الحوثيين الذين دخلوا العاصمة في 2014. وأدت الحرب إلى مقتل مئات الآلاف بشكل مباشر وغير مباشر واعتماد معظم السكان على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
كما أتت لتتوج محاولات حثيثة للبناء على التقارب السعودي الإيراني.
بحسب مصادر حكومية يمنية، وافق أعضاء مجلس الرئاسة اليمني مؤخّراً على تصوّر سعودي بشأن حلّ النزاع بعد مباحثات سعودية-حوثية برعاية عُمانية استمرت لشهرين في مسقط.
ويقضي التصوّر السعودي وفقاً للمصادر نفسها، بالموافقة على هدنة لمدة ستة أشهر في مرحلة أولى لبناء الثقة، ثم فترة تفاوض لمدة ثلاثة أشهر حول إدارة المرحلة الانتقالية التي ستستمرّ سنتين، يتمّ خلالها التفاوض حول الحلّ النهائي بين كلّ الأطراف.
وتتضمّن المرحلة الأولى إجراءات لبناء الثقة وأهمها دفع رواتب الموظفين الحكوميين في كلّ المناطق وبينها مناطق سيطرة الحوثيين، وفتح الطرق المغلقة والمطار، وكانت أطراف النزاع توصّلت العام الماضي لهدنة في 2 أبريل/نيسان بوساطة من الأمم المتحدة انتهت مفاعيلها في أكتوبر/تشرين الأول.
وقُتل في النزاع مئات الآلاف من الأشخاص لأسباب مباشرة وغير مباشرة، فيما نزح 4.5 مليون شخص داخلياً، وأصبح أكثر من ثلثي سكان اليمن يعيشون تحت خط الفقر، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة.