حتى مع انخفاض العملة الباكستانية والسعي وراء حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي لتجنب التخلف عن السداد، يقول قادة الجيش الباكستاني إن برامج تحديث القوات البحرية الباكستانية بميزانية ضخمة تنافس جارتها الهند لا تزال مستمرة، وهي على المسار الصحيح. فكيف تمضي باكستان في خططها الواعدة لتحديث أسطولها البحري بشكل غير مسبوق؟
البحرية الباكستانية تمضي قدماً في تجديد أسطولها بالكامل
من المتوقع تجديد كامل للأسطول البحري الباكستاني قبل حلول عام 2030، حيث تسير إسلام أباد بشكل واضح نحو ذلك وهي تمضي قدماً في خططها تلك، بالتعاون مع شركائها مثل الصين وتركيا وغيرها. فمن المقرر أن تستقبل باكستان هذا العام 2023 من الصين فرقاطتين جديدتين من النوع 054 A/P، والتي ستكون أكثر السفن السطحية قدرة في الخدمة.
كما تهدف باكستان عبر تطوير أنظمة صواريخ السفن HHQ-16 والأسلحة الأسرع من الصوت المضادة للسفن P-282 / CM-401 إلى مواجهة التهديدات المتزايدة من صواريخ BrahMos الأسرع من الصوت الهندية المضادة للسفن.
وصرح مكتب قائد البحرية الباكستانية لموقع defense news الأمريكي، أن قيادة القوات البحرية تتبع استراتيجية تنموية فعالة لتطوير قدراتها الدفاعية والهجومية، خصيصاً من ناحية التكلفة، وذلك من خلال مزيج من التطوير المحلي بالإضافة إلى الإمداد بمصادر متنوعة خارجية لتلبية احتياجات الأسطول البحري بالتقنية العالية.
بالإضافة إلى ذلك، أطلقت باكستان 3 طرادات من أصل 4، من فئة "بابور" تركية التصميم، حيث ستكون السفن هذه مزودة بعدة أنظمة دفاع جوي وصواريخ مضادة للسفن والهجوم البري، كما يمكنها القيام بمجموعة واسعة من المهام، بما في ذلك الاستطلاع والمراقبة والحرب المضادة للغواصات والحرب سطح – سطح والحرب سطح – جو.
ويتكون برنامج طرادات PN MILGEM الذي بدأ في 11 مارس/آذار 2019 بالتعاون مع تركيا من 4 سفن، حيث سيتم بناء سفينتين في تركيا وسفينتين في باكستان بكراتشي.
6 فرقاطات ستدخل الخدمة وأخرى سيتم تطويرها
في الوقت نفسه، يقوم فريق تصميم السفن التابع للبحرية الباكستانية، بالشراكة مع نظرائه الأتراك، بوضع اللمسات الأخيرة على تطوير فرقاطات من فئة "جناح" Jinnah-class. وسيبدأ بناء الفرقاطات الست المخطط لها بعد اكتمال طرادات PN MILGEM في حوض بناء السفن والأعمال الهندسية في كراتشي المملوك للدولة في باكستان. من المتوقع أن يتم التسليم الأولي لفرقاطات "جناح" في غضون السنوات القليلة المقبلة.
على الرغم من كونه أكبر برنامج للسفن الحربية المحلية على الإطلاق في باكستان، فإن مشاركة الصناعة المحلية تقتصر على بعض الأنظمة الموجودة على متن السفن، ولم يتم إنتاج الصلب محلياً.
وفي الوقت نفسه، من المتوقع أن يؤدي التحديث المستمر للفرقاطة المحلية F-22P أو "ذو الفقار" Zulfiquar-class، إلى تحسين قدرات المراقبة والدفاع الجوي والقدرات المضادة للغواصات والسفن الهجومية، حيث ستحتوي على نظام قتال بحري أصلي.
مع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول فعالية تكنولوجيا الدفاع الجوي لهذه الفرقاطة، حيث تتميز مجموعة الدفاع الجوي الحالية بقاذفة صواريخ أرض – جو من ثماني جولات مع قوس إطلاق نار محدود.
ويقول ريك فيشر، الباحث الأمريكي في مركز التقييم والاستراتيجية الدولي، إنه من الممكن أن تتمكن باكستان من تعديل الفرقاطة "ذو الفقار"، التي تتميز حالياً بنظام الصواريخ المضادة للطائرات FM-90N، بأسلحة صينية. وقال لموقع "ديفنس نيوز" الأمريكي إن "استبدال الصين الأخير لـFM-90 لإحدى فرقاطاتها المبكرة من النوع 054 بقاذفة صواريخ أرض-جو HHQ-10 يشير إلى أن هذا قد يكون أحد الخيارات قيد الدراسة لدى باكستان".
جهود باكستانية لتطوير طائرات ومركبات تحت الماء مسيّرة
في الوقت نفسه، كثفت البحرية الباكستانية من جهودها لشراء وتطوير تقنيات مسيّرة أو غير مأهولة، حيث استحوذت باكستان مؤخراً على الطائرة الصينية CH-4، وهي طائرة من دون طيار قتالية متوسطة الارتفاع وطويلة التحمل، وهناك جهود محلية جارية لتطوير مركبات مسيّرة تحت الماء أو تلك كالتي تعمل بشكل روبوتي مستقل.
وقال رئيس الديناميكيات المتكاملة المتخصصة في الطائرات من دون طيار في كراتشي، راجا خان، لموقع ديفنس نيوز الأمريكي، إن الصناعة المحلية يمكن أن ترقى إلى مستوى التحدي المتمثل في تطوير الطائرات من دون طيار، وغواصات مسيّرة صغيرة تحت الماء.
وأضاف خان: "القدرة على تطوير مركبة بحرية مسيّرة موجودة، لكنها تتطلب دعماً مركّزاً من قبل الحكومة، حيث طورت شركة Integrated Dynamics [مركبة بحرية غير مأهولة] لسبر صدى سطح القناة وتسجيل البيانات منذ بضع سنوات بتمويل وموارد داخلية".
فيما يتعلق بالقوة الجوية، لم تؤكد البحرية الباكستانية ما إذا كانت شركة Paramount Group الجنوب إفريقية تعمل بالفعل على طائرات الدوريات البحرية المستقبلية المسيّرة. وفي عام 2021، اختارت باكستان مجموعة باراماونت لدمج الأنظمة في طائرة Embraer Lineage 1000. في يونيو/حزيران 2022، تم تصوير إحدى الطائرات في جنوب إفريقيا، وتم رصدها وهي تحلق فوق منطقة Wonderboom في العاصمة بريتوريا.
بناء أول قارب هجوم بحري محلياً
علاوة على ذلك، أطلقت شركة Bahria Boat Building Yard الباكستانية أول قارب هجوم بحري 12T في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022 في منشأة كراتشي كجزء من صفقة نقل التكنولوجيا مع شركة بناء السفن البولندية Techno Marine، حيث تمثل الصفقة توسعاً كبيراً في بناء القوارب الهجومية في باكستان.
وقال متحدث باسم Bahria Boat Building Yard لموقع Defense News إن البحرية الباكستانية طلبت 18 قارباً من طراز 12T مكونة من نوعين، حيث يقوم حوض بناء السفن في كراتشي ببناء تلك التي تعمل بمحركات خارجية، وقد استأجرت البحرية الباكستانية شركة "باهريا" لصنع تلك التي تعمل بشكل مسيّر.
وقال المتحدث باسم البحرية الباكستانية إن قوارب 12T صممت "لأغراض المراقبة والشرطة، وهي سريعة للغاية في التعامل، للعمل في مناطق محظورة في الخور، وأيضاً حول مناطق حساسة أخرى مثل القاعدة البحرية الرئيسية في أورمارا وميناء جوادر التجاري".
وتشير "مناطق الخور" إلى الحدود المتنازع عليها مع الهند، حيث تصل الحدود البرية تلك إلى بحر العرب. وأدت المطالبات المتضاربة على الحدود إلى وجود حدود بحرية متنازع عليها في بحر العرب على شكل مثلث كبير، قد تحتوي على موارد طاقة مثل حقول الغاز، تحت سطح البحر.
الغواصات الباكستانية الجديدة ستقلب الكفة لصالح إسلام أباد أمام الهند
في الوقت نفسه، من المقرر أن تسلم الصين لباكستان أول غواصة صينية الصنع من النوع 039B من طراز Hangor II في عام 2024، تليها باقي الغواصات؛ 3 أخرى من الصين و4 منتجة محلياً، كل 6 أشهر.
ولم يتضح ما إذا كانت ألمانيا ستوافق على منح تراخيص تصدير لمحركات الديزل التي ستعمل في هذه الغواصات. ويقول خبراء إن عملاء الغواصات في الصين يفضلون المحركات الألمانية لسمعتها الجيدة، حيث أثبتت جدواها بشكل كبير، لكن رفض ألمانيا منح التصريح اللازم يعني أن "العملاء سيضطرون إلى استخدام محركات الديزل الصينية في غواصات Hangor II".
مع ذلك، يعتقد خبير الغواصات آرون أميك، أن الغواصات الصينية من فئة Hangor II هي "غواصات تقليدية جيدة"، وعلى عكس الغواصات النووية الصينية، فإن هذا الطراز هادئ للغاية. وقال أميك إن شراء باكستان للغواصة Hangor II قرار ذكي، لأنه إضافة قوية ومنخفضة التكلفة لقواتها البحرية.
مشيراً إلى أن "دمج أنظمة السفن والأسلحة الأصلية يجعل هذه الغواصات قوية بشكل فريد. ويجب على الهند أن تقلق من ذلك، وتأخذ في الاعتبار أن هذه الغواصات يمكنها إطلاق صاروخ Babur-3 ذي القدرة النووية حتى 280 ميلاً. لقد أدى الجمع بين الهجوم النووي الخفي وبعيد المدى إلى تغيير الميزة البحرية بشكل واضح لصالح باكستان على حساب الهند"، بحسب وصفه.
من جهته قال المحلل الدفاعي المستقل منصور أحمد إن امتلاك باكستان لغواصات Hangor II سيعمل على مضاعفة "الأسطول الباكستاني الحديث تحت سطح الماء، وسيضمن قدرة أكبر للغواصات الباكستانية في مواجهة القدرات الهندية المتزايدة".
مشاكل باكستان المالية قد تعرقل خطط تطوير أسطولها البحري الواعدة
لكن فدا محمد خان، محلل اقتصاديات الدفاع في المعهد الباكستاني لاقتصاديات التنمية، قال إن المشاكل المالية للحكومة تهدد البرامج البحرية التي لا يزال كثير منها في مراحل التصنيع. ونظراً لذلك، فإن جهود البحرية الباكستانية للتحديث يمكن أن يتم قطعها، أو تمديد مواعيد تسليمها، كما قال خان لموقع Defense News.
واعترف خان بأن تخصيص ميزانية الدفاع قد يتأثر بالحاجة إلى الحفاظ على التكافؤ مع الهند. ومع ذلك، قال إنه يتعين على باكستان أن تركز بشكل أكبر على صادراتها الدفاعية لتوليد أموال إضافية وحماية برامج التنمية. وقال إن هذا سيتطلب من الحكومة تخفيف قبضتها على صناعة الدفاع، والسماح للقطاع الخاص بمزيد من الحرية في المشاركة.
ورفعت باكستان ميزانيتها الدفاعية للعام المالي 2022-2023 بنسبة 2.69٪، وفقاً لوزير المالية مفتاح إسماعيل، عن ميزانية السنة المالية 2021-2022 المعدلة. وتشكل ميزانية السنة المالية 2022-2023 نحو 2.1٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، وتبدأ تلك السنة المالية في 1 يوليو/تموز 2022.
وبحسب معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام، فإن إجمالي الإنفاق العسكري لباكستان لا ينعكس في هذه الأرقام، لأنها حذفت المشتريات في إطار برنامج تطوير القوات المسلحة، والمعاشات التقاعدية والنفقات العسكرية الأخرى، حيث وجد معهد ستوكهولم، أن نفقات باكستان العسكرية لعام 2021-2022 بلغت 11.3 مليار دولار.