عرضت القوات الجوية لجمهورية إيران الإسلامية (IRIAF) قاعدتها الجوية الجديدة تحت الأرض، والتي أطلقت عليها اسم "عقاب 44" أو (Eagle 44)، في 7 فبراير/شباط 2023، لتكون منشأة عسكرية متعددة الأغراض على عمق "مئات الأمتار" تحت الأرض، كما تقول تطهران، ولتأكيد هيمنتها أمام خصومها في المجال الجوي للشرق الأوسط.
ما هي قاعدة إيجل 44 الجوية الجديدة في إيران؟
تقول طهران إن قاعدة "إيجل 44" قادرة على استقبال وتشغيل أنواع مختلفة من الطائرات المقاتلة والقاذفات، وكذلك الطائرات بدون طيار (UAVs)، كما نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية إرنا، عن مصدر حكومي.
وحضر مراسم إزاحة الستار عن القاعدة السرية الجديدة رئيس أركان القوات المسلحة، اللواء الركن محمد باقري، وقائد الجيش اللواء أبر الرحيم موسوي، وعدد من كبار القادة الإيرانيين.
وبحسب مصادر حكومية، فإن القاعدة التي تم بناؤها تحت الأرض، دون الكشف عن مكانها، تم تشييدها تحت الجبال لحمايتها من أي أخطار أو هجمات معادية، وهي مجهزة بمرافق مختلفة. ويقال إنها تشمل مراكز الإنذار والقيادة، وحظائر الطائرات، ومواقع للصيانة، ومرافق الملاحة، وخزانات الوقود، وغيرها من الذخائر والصواريخ.
وذكرت وكالة "إرنا" أن القاعدة مصممة لمواجهة قنابل خارقة للتحصينات، تمتلكها الولايات المتحدة. ووصف التقرير القاعدة بأنها "واحدة من أهم قواعد القوات الجوية للجيش الإيراني"، مشيراً إلى أنها "مبنية على عمق مئات الأمتار، وفيها مقاتلات مجهزة بصواريخ كروز بعيدة المدى".
قاعدة سرّية مصممة للحروب المفاجئة
يُعتقد أن القاعدة الجوية هي واحدة من عدة قواعد جوية تحت الأرض من هذا النوع، تم تشييدها في جميع أنحاء البلاد في الماضي لتلبية احتياجات القوات الجوية.
وبحسب IRNA فإن "مرافق القاعدة الجوية هذه، المنتشرة في مواقع غير معلنة، مصممة لتسهيل العمليات الجوية المفاجئة من مواقع غير متوقعة في أوقات غير متوقعة".
وقال رئيس الأركان العامة في إيران، اللواء محمد باقري، للتلفزيون الرسمي الإيراني، إن "أي هجوم على إيران من أعدائنا، بما في ذلك إسرائيل، سيلقى رد فعل من قواعدنا الجوية الكثيرة، بما فيها عقاب 44".
وأظهرت الصور المنشورة عن القاعدة الجوية الجديدة اللواء باقري، والقائد العام للجيش اللواء عبد الرحيم موسوي، إضافة إلى عدد من المسؤولين العسكريين، وهم يتجولون في القاعدة ذات السقف الإسمنتي المقوس.
وفي آخر مايو/أيار 2022، قدم الجيش الإيراني تفاصيل عن قاعدة أخرى تحت الأرض مخصصة حصرياً للطائرات المسيّرة، في الوقت الذي تسعى فيه الدولة لحماية مقدراتها العسكرية من ضربات جوية محتملة من عدوها اللدود إسرائيل.
لماذا تكشف طهران عن قاعدتها الجوية السرية الآن؟
يأتي هذا العرض لقدرات القوات الجوية الإيرانية في أعقاب صفقة البلاد مع روسيا لشراء طائراتها المقاتلة Su-35، بحلول مارس/آذار 2023، كجزء من أمر عسكري يتضمن أنظمة دفاع وصواريخ وطائرات هليكوبتر، وتشير طهران إلى أن القاعدة العسكرية الجديدة مصممة لاستقبال هذا النوع من المقاتلات.
من جهته، يقول موقع Airforce Technology الأمريكي، إن كشف طهران عن هذه القاعدة السرية والحصينة يأتي كنوع من استعراض القوة، حيث يبدو أن بناء مثل هذه القاعدة الجوية إجراء دفاعي للغاية. ويبدو أن وضع القاعدة الجوية بغطائها الخرساني الجبلي، مصمم لحمايتها من أي هجمات جوية وعنيفة من قبل الأعداء.
وهذا أمر منطقي بحسب الموقع العسكري الأمريكي، لأن الكشف عن "إيجل 44" يأتي بعد أقل من أسبوعين من "أكبر مناورة عسكرية أمريكية إسرائيلية في التاريخ"، والتي تدعى "جونيبر أوك".
في هذا التمرين، نفذت القوات الأمريكية والإسرائيلية ضربات بعيدة المدى، وأجرت محاكاة لضرب حصون الدفاع الجوي للعدو، وهجمات إلكترونية، واعتراضات جوية مضادة وهجومية، وعمليات جوية في المجال البحري.
وتم في مناورة "جونيبر أوك" استخدام مركبات جوية غير مأهولة متكاملة، وقاذفات استراتيجية، وطائرات مقاتلة ونيران دقيقة. وقال البنتاغون إن هذه القوات أسقطت أكثر من 180 ألف رطل من الذخيرة الحية خلال أربعة أيام تمت فيها المناورة.
وفقاً لمحلل موقع GlobalData Defense الأمريكي، توشار مانجور، "يبدو أن إيران تتوقع شيئاً مشابهاً لحرب الأيام الستة في المستقبل القريب. لذلك هي بحاجة إلى هذا النوع من القواعد العسكرية، التي يمكن أن تعمل أيضاً كمرفق تخزين أسلحة استراتيجي سريع الاستجابة، حيث يتم تخزين كل من الرؤوس الحربية ومنصات التسليم في الموقع نفسه".
ويرى المحلل الأمريكي أن العديد من المهمات التي تمت في مناورة "جونيبر أوك" كانت تحاكي نزاعاً كبيراً، يشمل إسرائيل، وإيران ووكلاءها. وقد يدفع هذا صناع القرار الإيرانيين إلى استنتاج أنهم قد يواجهون أيضاً القوات الأمريكية في حالة حدوث مثل هذا الصراع.
ما أهمية "زمن الاستجابة" الذي قد توفره هذه القاعدة لإيران؟
تعمل طهران على تحويل مثل هذه القاعدة الجوية لمخزن متنوع لتجميع موارد سلاح الجو الإيراني، لتسهيل الرد السريع على هجمات العدو. ويعد هذا ضرورياً إذا كان سلاح الجو يأمل في حماية أسطول طائرات سوخوي Su-35، الذي سيتم تشغيله قريباً من الهجمات المفاجئة.
وتسير الميزة الدفاعية للقاعدة الجوية جنباً إلى جنب مع القدرات الهجومية لأسطولهم الجديد من مقاتلات Su-35، وفقاً للخبير العسكري توشار مانجور.
مضيفاً أنه "بالنظر إلى تقادم أسطول الطائرات الإيرانية مثل F-4 Phantom II وF-5 Tiger II وF-14 Tomcat وSu-24 وMiG-29، سيتم تعيين الدور الهجومي لطائرات سوخوي 35. وتتميز Su-35 بمدى قتالي كبير، وأسلحة جو جو، وجو-أرض متطورة، وقدرة كبيرة على التحمل، وقدرة حمولة لضرب أهداف بعيدة المدى، والتي تتجاوز قدرة الأسطول الإيراني الحالي.
وكانت القوات الجوية لجمهورية إيران، في يوم من الأيام، أحد أكبر وأقوى القوات الجوية في العالم، لكنها لم تعد اليوم سوى مجرد "ظل باهت" لما كانت عليه في السابق، كما يقول تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
فقد أدَّت الحرب وعقود من العقوبات التعجيزية بالقوة الجوية، التي كانت موضع فخر إيران يوماً، إلى تقليصها، لتصبح تشكيلةً من طائرات حربية من دول مختلفة، تقادم بها الزمن وباتت مشكوكاً في كفاءتها.
ويعني اضمحلال القوة الجوية الإيرانية، الذي استمر لفترة طويلة، أن البلاد غدت قادرة بالكاد على تأمين مجالها الجوي فحسب، أي ليس بإمكانها الصمود أمام منافسيها الإقليميين، وليس الولايات المتحدة فحسب، لكن مع دخول أسطول جديد من طائرات السوخوي SU-35 للخدمة متعددة المهام، وبناء قواعد عسكرية بقدرات كبيرة في أعماق الأرض، سيجعل المعادلة مختلفة بشكل كبير بعد الآن.