كان عام 2022 فارقاً في تاريخ الحروب والأسلحة، حيث شهد انقلاباً في المفاهيم والأدوات العسكرية ظهر جلياً في الصراع الأوكراني الذي قلب مفاهيم الحروب الراسخة منذ قرن من الزمن، ولكن هذا الانقلاب قد يتحول لثورة عسكرية سوف تغير شكل الجيوش تماماً وتضع التقليدية منها بمأزق في السنوات المقبلة، وذلك عبر أسلحة جديدة تُطورها الدول الكبرى وستبدو كأنها قادمة من عالم الخيال العلمي.
وأظهرت حرب أوكرانيا، التي تعد بمثابة حرب عالمية تخوضها أمريكا ضد روسيا بواسطة كييف، أهمية بعض الأسلحة الجديدة التي كانت قد دخلت بصورة محدودة في معارك خلال السنوات الأخيرة، ولكنها لم تخض من قبلُ حرباً واسعة النطاق بين جيشين حديثين مثل روسيا وأوكرانيا.
كما بينت الأهميةَ الكبيرة لبعض الأسلحة القديمة مثل الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للدروع وللطائرات والمدفعية الثقيلة.
أبرز الأسلحة التي غيَّرت مسار المعارك في عام 2022
الصواريخ المضادة للدبابات المحمولة على الكتف تهزم أكبر أسطول مدرعات في العالم
الصدمة الكبرى في حرب أوكرانيا، تلقتها الدبابات وهي السلاح الأكثر أهمية في الحروب منذ قرن، ولكنها تحولت في المعارك بأوكرانيا لأكفان للجنود.
إذ أثارت هذه الحرب جدلاً غير مسبوق حول مستقبل الدبابات، وسط تساؤلات منها: هل السبب فيما يُقال عن تعرض الجيش الروسي لخسائر كبيرة في المدرعات يرجع إلى مشكلة خاصة به، أم أنه نتيجة قصور عام في قدرات الدبابات عموماً، أمام الجيل الجديد من الأسلحة المضادة؟
ويُعتقد أن الصواريخ المضادة للدبابات، المحمولة على الكتف، بشكل خاص كانت مسؤولة عن قدر كبير من خسائر المدرعات الروسية في الحرب.
ورغم أن هذه الصواريخ ليست جديدة، إذ كانت النجمة الأولى لحرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، بعدما استخدمها جنود المشاة المصريون بكثافة فور عبورهم قناة السويس ضد المدرعات الإسرائيلية قبل وصول الدبابات المصرية، فإن حرب أوكرانيا شهدت تصاعداً مذهلاً لاستخدامها.
وجاء ذلك بفضل تقديم دول الناتو آلافاً من هذه الصواريخ لأوكرانيا، خاصةً صواريخ جافلين الأمريكية، وكذلك من الواضح أن هناك عاملاً إضافياً هو التطور الذي طرأ على هذا النوع من الصواريخ خلال السنوات الماضية، مع العيوب الجذرية في الدبابات الروسية، وتكتيكات الجيش الأوكراني في بداية الحرب، خاصة في معركة كييف بالربيع والتي تشبه حروب العصابات عبر مهاجمة مجموعات من الجنود المترجلين لطوابير الدبابات الروسية الطويلة من الأجناب، وقد أدى ذلك إلى تكبد أسطول الدبابات الروسي الأكبر في العالم خسائر فادحة، حسب التقديرات الغربية والأوكرانية والتي لم ينفها الروس إلى حد كبير.
الصواريخ المحمولة على أكتاف الجنود تجبر السوخوي على الابتعاد
بينما لعبت الصواريخ المضادة للطائرات المتوسطة المدى والبعيدة المدى دوراً في منع روسيا من فرض هيمنتها الجوية، فإن الصواريخ المضادة للطائرات، المحمولة على الكتف، كانت حامية المشاة من بطش الطائرات الروسية، خاصة السوخوي 25 التي توصف بالدبابة الطائرة.
وزود الغرب، أوكرانيا منذ ما قبل اندلاع الحرب، بآلاف الصواريخ المضادة للطائرات، المحمولة على الكتف وعلى رأسها صواريخ ستينغر الشهيرة، التي سبق أن أرقت مضاجع الطيارين الروس عندما قدمتها أمريكا للمجاهدين الأفغان في الثمانينيات خلال تصديهم للغزو السوفييتي لبلادهم.
في الأغلب لم تسقط هذه الصواريخ كثيراً من الطائرات الروسية خلال حرب أوكرانيا، ولكنها جعلت تحليق الطائرات الروسية على ارتفاع منخفض لتدمير المدرعات الأوكرانية ودعم الجيش الروسي على الأرض درباً من دروب الجحيم، خاصة بالنسبة للطائرات المروحية وطائرات الدعم الأرضي النفاثة الأبطأ من سرعة الصوت، مما اضطرها إلى الارتفاع بعيداً عن خطر هذه الصواريخ ذات المدى والارتفاع القصيرين لتصبح في مرمى الصواريخ المتوسطة والبعيدة المدى.
أدى هذا الوضع إلى قصور كبير في أداء الطيران الروسي رغم تفوقه العددي والنوعي الساحق على نظيره الأوكراني، ومنعه من فرض الهيمنة الجوية على سماء المعركة، وكان ذلك السبب الرئيسي وراء تعثر الجيش الروسي على الأرض، خاصة في مواجهة سيل الأسلحة الذي تدفق على كييف من الغرب وحشد الأوكرانيين لنحو مليون جندي من خلال استدعاء الاحتياطي، وأتاح كل ذلك لهم دفع الجيش الروسي العظيم إلى التراجع سواء عن هجومه على العاصمة كييف في الربيع أو بعد ذلك في خاركيف بالشمال الشرقي لأوكرانيا وبعدها خيرسون في الجنوب الشرقي، الأمر الذي شكَّل واحدة من أكبر المفاجآت العسكرية في العصر الحديث.
الطائرات المسيرة.. هل أصبحت أكثر أهمية من المقاتلات؟
رفع الصراع في أوكرانيا الطائرات المسيرة إلى مرتبة الأسياد الجدد للحروب، حسب وصف تقرير لموقع Popular Mechanics الأمريكي.
واستُخدمت الطائرات المسيرة، على نطاق واسع من قبل عدد من الجيوش بالسنوات الماضية، في الحروب ولكن أغلبها حروب منخفضة الكثافة بين جيوش نظامية مع ميليشيات، أو بين جيشين ضعيفين مثل جيشي أرمينيا وأذربيجان حيث استخدمت الأخيرة البيرقدار التركية لتدمير الدروع الأرمينية وأنظمة الدفاع الجوي، وهو نفس ما فعله الجيش التركي في معركته ضد جيش النظام السوري في حرب إدلب 2019 في ظل عدم قدرته على إدخال المقاتلات بسبب السيطرة الجوية الروسية على سماء سوريا.
وكان يعتقد أن الطائرات المسيرة صالحة فقط في الحروب منخفضة الكثافة، وليس الحروب ضد الجيوش الحديثة التي تتوافر لديها أنظمة دفاعية قوية.
ولكن حرب أوكرانيا يبدو أنها قدمت دليلاً على أن الطائرات المسيرة يمكن استخدامها في الحروب الحديثة، بل ضد جيش قوي جداً كالجيش الروسي المشهور بدفاعاته الجوية ومقاتلاته القوية.
فلم يسبق في تاريخ الحروب أن شهدنا استخدام الطائرات بدون طيار بهذا الشكل المُكثَّف الذي تُستخدَم به في أوكرانيا؛ إذ يعتمد الروس على الطائرات المسيرة الإيرانية والروسية، والأوكرانيون يعتمدون على التركية والأمريكية، لقصف أهداف العدو أو تحديد مواقعه وتوجيه ضربات مدفعيتهم الفتَّاكة.
بينما المفارقة في حرب أوكرانيا أن الطائرات النفاثة العادية تراجعت أهميتها، خاصةً طائرات الدعم الأرضي الأقل سرعة من الصوت وكذلك المروحيات.
ورغم أن القوات الجوية الروسية احتفظت بمعظم مقاتلاتها سليمة، فإنه مع استمرار الحرب، تبيَّن أن الروس يفضلون الزج بالطائرات المسيرة الإيرانية الرخيصة، بدلاً من تعريض مقاتلاتهم وقاذفاتهم المأهولة الباهظة الثمن للخطر، بما يحمله ذلك من تضييع للأموال والأنفس، وهذه النقطة تفوق الطائرات المسيرة الأساسية، على الطائرات المأهولة، إضافة إلى أنها قابلية للاكتشاف من قبل الرادارات.
فرغم أن المقاتلات المأهولة ما زالت متفوقة في السرعة والحمولة والمناورة بشكل كبير، فإنها أصول ثمينة يصعب استبدالها، وسقوطها يعني خسارة بشرية فادحة خاصة أن تدريب الطيارين يحتاج لسنوات، مما جعلها تؤدي دوراً أقل رغم أنها أسرع وتحمل حمولة أكبر من المسيرات، ولذا رأينا الاستخدام الواسع وغير المسبوق في التاريخ للطائرات المسيرة، من قبل الطرفين الأوكراني والروسي في الحرب.
وحققت طائرات بيرقدار التركية نجاحاً كبيراً لصالح الأوكرانيين، خاصة في الشهور الأولى للحرب عندما دمرت طوابير المدرعات الروسية الضخمة، لدرجة أن الأوكرانيين ألفوا لها أغنية، وقامت مبادرات شعبية في دول أوروبية الشرقية بجمع تبرعات لشراء طائرات بيرقدار لصالح الجيش الأوكراني.
ولجأ الروس الذين يعدون متأخرين نسبياً في مجال الطائرات المسيرة، لإيران للحصول على أعداد كبيرة من المسيرات التي قد لا تكون بنفس دقة المسيرات التركية، ولكنها رخيصة، وبالتالي تمثلاً بديلاً لموسكو عن استخدام الصواريخ الباهظة التكلفة.
لكن بعد أشهر من القتال، استُنزِفَت أساطيل الطائرات دون طيار لدى كلا الجانبين، وهما الآن يتسابقان لتصنيع أو شراء ذلك النوع من الطائرات دون طيار المتقدمة والمقاوِمة للتشويش الذي يمكن أن يوفر ميزة حاسمة، كما يقول تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.
وأفادت تقارير بأن أداء البيرقدار قد تراجع أمام تعزيز روسيا أنظمتها الدفاعية الجوية، ولكن قد يرجع ذلك أيضاً إلى تقليل الأوكرانيين استخدامها، لأن تركيا الوسيط الوحيد في النزاع حالياً، توقفت عن تزويد كييف بها ويعتقد أنها تكتفي بتقديم الطائرات التي دُفع ثمنها عبر تبرعات أوروبية شعبية.
ويتوقع أن تعمد العديد من الدول إلى تطوير طائرات مسيرة أكثر قدرة على مراوغة الرادارات والأنظمة الدفاعية وأطول في المدى والحمولة.
قذائف المدفعية والصواريخ الموجهة يبدو أنه ليس هناك ما يوقفها
المدفعية سلاح قديم يعود إلى أكثر من خمسة قرون، ففي الأغلب، هو اختراع له جذور إما مغولية انتقلت لأوروبا الشرقية أو عربية من الأندلس أو المغرب، ولكن العثمانيين والإسبان أول من استخدمه بكفاءة وعلى نطاق واسع.
وأثبتت حرب أوكرانيا أن المدفعية المسيَّرة ذاتياً مازالت السلاح الأمضى، خاصة في الحروب التي لا تشهد حركات واسعة للجيوش، وشكل هذا ميزة لكييف، لأن جزءاً كبيراً من المدفعية الروسية مجرور بسيارات ولذلك هي بطيئة الحركة، ويمكن استهدافها، بينما أوكرانيا اعتمدت على مدد غربي كبير من المدفعية الذاتية الحركة.
وإضافة إلى ذلك تعتبر المصادر الغربية أن نجم الصراع الأوكراني هو نظام المدفعية الصاروخي عالي الحركة الذي قدمته الولايات المتحدة لكييف والمعروف باسم (HIMARS) والموجه بالليزر.
يتكون هيمارس من نظام إطلاق صواريخ قابل لإعادة التحميل ومركّب على هيكل شاحنة متوسط الحجم. يمكنه الانتقال بسرعة إلى موقع إطلاق، وإطلاق ستة صواريخ GMLRS دقيقة التوجيه بمدى يصل إلى 43 ميلاً أو أكثر، ثم التراجع لتجنب نيران العدو المضادة للبطارية.
تستخدم أوكرانيا حالياً نظام هيمارس لضرب أهداف عالية القيمة خلف خطوط الروس؛ لحرمان قوات الخطوط الأمامية من الإمدادات والدعم المدفعي.
لا تمتلك المدفعية التقليدية مدى لتدمير هذا التظام، ولا توجد حالياً أسلحة، على الأقل في الجانب الروسي، يمكنها إسقاط صواريخ GMLRS، حسب موقع Popular Mechanics.
الرادار المضاد للبطاريات جندي يجهله الإعلام
الرادارات المضادة للمدفعية (الرادارات المضادة للبطاريات) سلاح غير مشهور إعلامياً، لكنه كان فارقاً في حرب أوكرانيا، وهي رادارات تكتشف أصوات ومسارات مقذوفات المدفعية وتقوم بناء على ذلك بحسابات لتحديد المدفع الذي يطلقها، مما يسمح بقصفها سواء بالمدفعية أو الطائرات أو غيرها من الأسلحة لإسكاتها أو تدميرها تماماً.
ولعبت هذه الرادارات التي زود بها الغرب كييف بأعداد مؤثرة، دوراً كبيراً في تحييد وتدمير جزء كبير من سلاح المدفعية الروسي الذي يعد الأكبر في العالم، خاصةً مدافع الهاوتزر المجرورة البطيئة الحركة لأنها تحتاج لأن يتم ربطها بسيارة لتحريكها، ولذا أصبحت خطراً على مطلقيها.
الأسلحة الجديدة التي قد تغير شكل حروب المستقبل وتُحيل الأنظمة التقليدية للتقاعد
الصواريخ فرط الصوتية سلاح يصعب وقفه ولكنه باهظ التكلفة
تعرف الأسلحة فرط الصوتية بأنها صواريخ أو مركبات انزلاقية، سرعتها تفوق سرعة الصوت عدة مرات، غالباً خمسة أضعاف سرعة الصوت أو أكثر، وكثير من هذه الصواريخ أو المركبات يمكنها حمل رؤوس نووية وذات قدرات مناورة عالية.
وسببت هذه الصواريخ حالة من القلق لأمريكا، لأنها ليست لديها هذه التقنية، بينما قطعت الصين وروسيا شوطاً كبيراً في تطويرها ويُعتقد أنهما أدخلتاها الخدمة ولو جزئياً، بل إن كوريا الشمالية تقول إنها اختبرت صواريخ فرط صوتية.
وتعني السرعة العالية وقدرات المناورة أن الدفاعات الأمريكية الحالية لا تستطيع وقفها؛ الأمر الذي دفع البنتاغون إلى تعزيز جهوده لتطوير نظام الدفاع ضد الصواريخ فرط الصوتية، حيث يطور بالفعل نظاماً مضاداً لها بجانب تطوير صواريخ فرط صوتية أمريكية.
وقالت روسيا إنها استخدمت بعض صواريخ فرط الصوتية مثل كينجال الذي يطلق من الطائرات، وإسكندر الذي يطلق من عربات إطلاق ضد أوكرانيا.
وبينما كينجال صاروخ دقيق نسبياً لكن رأسه المتفجر غير كبير، لأنه يُحمل على المقاتلات ميغ 31، ولكن صاروخ إسكندر الذي يوصف بفرط صوتي هناك شكوك حول دقته لأنه مطور من تصميم قديم.
وهذا يعني أن موسكو لم تستخدم المجموعة الأكثر هيبة من صواريخها فرط الصوتية التي مازالت في الأغلب قيد التطوير.
ورغم أن الدفاعات الجوية الأوكرانية يصعب عليها في الأغلب التصدي للصواريخ فرط الصوتية الروسية، فإن الحرب أظهرت مشكلة هذه الصواريخ الأساسية وأنها باهظة التكلفة بشدة وتعتمد في تصنيعها على موارد نادرة، وبالتالي فإنه يجب استخدامها بطريقة مرشدة ضد أهداف عالية القيمة ومحمية جيداً مثل القواعد العسكرية المهمة أو القطع البحرية الكبيرة أو تحميلها برؤوس نووية لكي تكون فارقة في المعارك.
طوربيد مجنح يصطاد الغواصات الصينية من على مسافات بعيدة
طوربيدات بأجنحة تحلّق عالياً في السماء قبل أن تخترق سطح المياه لتصطاد غواصة في أعماق المحيط، هذا ما اختبرته أمريكا مؤخراً فيما يعرف بنظام HAAWC.
ونظام HAAWC، هو مجموعة أدوات المظلات الموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لإسقاط طوربيدات من ارتفاعات عالية يتم إطلاقها من الطائرة الأمريكية الشهيرة، P-8 Poseidon، من مدى بعيد، وهذا يعني أن الطائرة يمكنها مهاجمة الغواصات دون الاقتراب من دفاعات العدو الجوية.
ومنحت البحرية الأمريكية هذا العام عقداً لشركة Boeing؛ للإنتاج الكامل لهذا السلاح، وذلك للتصدي للتوسع في أسطول الغواصات الصينية بالمحيطين الهادئ والهندي.
سباق الطائرات فرط صوتية يندلع بين بكين وواشنطن
صدمة أصابت الأمريكيين بعد التقارير عن تطوير الصين لطائرة فرط صوتية تفوق سرعتها سرعة الصوت خمس مرات، ورغم أن التقارير تركز على أن هذه الطائرة يمكنها نقل الركاب إلى أي مكان بالعالم في غضون ساعة، فإنه يمكن بسهولةٍ تحويلها للمجال العسكري.
ومما يزيد من قلق الأمريكيين، التقارير عن توصل الصين إلى اختراع مزيج وقود يُمكنه تشغيل رحلات الطائرات فرط الصوتية بشكل اقتصادي، فيما قد يكون أهم تطور في مجال الوقود منذ اكتشاف النفط.
أمريكا بدورها تحاول الرد على الصين، ففي يوليو/تموز الماضي، أعلنت القوات الجوية الأمريكية عن عقد بقيمة 60 مليون دولار مع شركة تدعى هيرميوس، تطلب منها تصميم وتطوير نموذج أولي، تفوق سرعته سرعة الصوت عدة مرات بحيث إنه في غضون ثلاث سنوات يمكن أن تسافر بسرعات 5 ماخ.
المقاتلات المسيرة الأسرع من الصوت، هل تكون بديلاً للطائرات المأهولة؟
بعد بضع سنوات، قد نكتشف أن يوم 12 ديسمبر/كانون الأول 2022، يوم فارق في تاريخ الطيران العسكري، ففي هذا اليوم أُعلن عن تحلَيق أول مقاتلة مسيرة تركية والتي تدعى "بيرقدار قيزيل إلما" في السماء حيث اجتازت المقاتلة ذات القدرات الشبحية اختبار التحليق بنجاح.
وعكس الطائرات المسيرة المنتشرة حالياً، فإن المقاتلة المسيرة التركية "بيرقدار قزل إلما" تستطيع إجراء مناورات خاطفة، وتنفيذ مهام القتال جو/جو، مثلها مثل المقاتلات التقليدية، مع قدرتها على حمل صواريخ متعددة للقيام بمهام القتال الجوي ضد المقاتلات المأهولة وعمليات القصف الأرضي.
وفقاً لما يعرف عن المشروع فإنها تستخدم محركاً أوكرانيّاً، قد يجعلها تطير بسرعة قريبة من سرعة الصوت، وإن هناك خططاً لتزويدها بمحرك أوكراني يجرى تطويره سيجعلها تحلّق بأسرع من سرعة الصوت، إضافة إلى تطوير نسخة منها تدفع بمحركين وأخرى تنطلق من السفن.
في الوقت الحالي، أحرزت دول قليلة أخرى نجاحات في اختبارات تطوير مقاتلات مسيرة على رأسها الصين وأستراليا (عبر فرع شركة بوينغ الأمريكية لديها)، وهناك مشروعات أمريكية وصينية يحيط بها الغموض يُعتقد أنها تستهدف تطوير مقاتلات مسيرة ذات سرعات عالية، منها الطائرة المسيرة الصينية الغامضة Dark Sword.
ورغم كل العيوب المحتمَلة للمقاتلات المسيرة مثل البطء وغياب مرونة وسرعة رد الفعل البشري، في ظل غياب طيار يقودها بشكل مباشر، فإن الميزات المقابلة لا تعوَّض، بدءاً من التخلص الوزن والمساحة التي يحتلها الطيار، وقدرة المقاتلة المسيَّرة على القيام بمناورات حادة لا يمكن تنفيذها إذا كانت تحمل إنساناً.
إلى جانب أنها تتيح لمُوجهيها خيارات أكثر مخاطرة؛ لأنهم لا يخشون من فقدان أرواح بشرية إذا سقطت الطائرة، فضلاً عن أنها أقل تكلفة من الطائرات المأهولة، كما أنه بالنسبة للمقاتلة التركية تحديداً فإن هناك خططاً لأن تتعاون أو أن يتم تسييرها من الطائرات البشرية.
وتكتسب المقاتلة التركية المسيرة "بيرقدار قيزيل إلما" أهمية خاصة في هذا المجال، لأن تركيا من أنجح الدول في تصنيع واستخدام الطائرات المسيرة، وتزداد أهمية المقاتلة المسيرة بالنسبة لها في ظل إخراج الولايات المتحدة لها من برنامج المقاتلة الشبحية الشهيرة إف 35 (مازالت تشارك في تصنيعها)، وحاجة البلاد لإمكانات ووقت لتطوير مقاتلتها الشبحية المأهولة الخاصة، في ظل توسع اليونان منافستها الإقليمية والعديد من دول المنطقة، في شراء المقاتلات الحديثة.
ويقال إن شركة بيرقدار تراهن على أن العصر القادم هو عصر الطائرات المسيرة وليس المأهولة، كما بدأ يظهر في حرب أوكرانيا.
ويقول موقع the Aviationist إنه "بعد السمعة الجيدة في الميدان والمكتسبة بفضل نجاحات TB2، فإن تطوير أول مقاتلة مسيرة شبحية قادرة على المناورة يعزز مكانة تركيا كقوة صاعدة للطائرات بدون طيار على الساحة الدولية".
أسلحة الليزر.. حلم مُخرجي أفلام الخيال العالمي يقترب من التحقق
خيبت أشعة الليزر آمال مُحبي أفلام الخيال، فلم تتحول في الواقع حتى الآن لسلاح قاتل سريع، مثلما تصورها مخرجو الأفلام الأمريكية.
ولكن هذا الوضع يبدو أنه يقترب من التغيير، وقد يكون الليزر هو السلاح الذي سيغير تماماً في المستقبل القريب شكل الحروب، وقد يحدث ذلك حتى في عام 2023، حيث يقوم الجيش الأمريكي بمساعٍ محمومة لتطوير أسلحة ليزر جرى تسليم بعضها لتجريبها في الميدان بالفعل.
وميزة الليزر أنه يتم تشغيله بواسطة مولد ديزل، وبالتالي يعتمد على ذخيرة غير محدودة تقريباً، لا تنفد إلا بنفاد مصدر الطاقة، ويمكنه استهداف وتدمير تهديدات متعددة بسرعة كبيرة جداً، ولذا قد يكون فعالاً بشكل استثنائي ضد الأهداف الجوية السريعة مثل المقاتلات والصواريخ الفرط صوتية أو الصغيرة مثل قذائف المدفعية والطائرات المسيرة.
وتلقت البحرية الأمريكية أول ليزر عالي الطاقة مع نظام مراقبة وإبهار بصري مدمج والذي يعرف باسم "هيليوس"، في الربع الثالث من عام 2022 من الشركة المصنعة Lockheed Martin. وقال متحدث باسم الشركة إن النظام- الذي يمكنه تفجير أكثر من 60 كيلوواط من الطاقة الموجهة إلى أهداف تصل إلى خمسة أميال- يتم تثبيته حالياً على مدمرة من طراز Flight IIA Arleigh Burke تخضع للتحديثات.
كما كشفت الشركة ذاتها مؤخراً، أنها سلمت ليزراً بقوة 300 كيلووات إلى وزارة الدفاع الأمريكية؛ لاستخدامه في عمليات الليزر عالية الطاقة للجيش في المستقبل، وهو أعلى ليزر طاقة في العالم حتى الآن.
بل إن هناك تقارير تفيد بأن سفينة حربية تابعة للبحرية الأمريكية استخدمت مؤخراً أفضل ما يمكن وصفه ببندقية ليزر لصدِّ زورق دورية إيراني قام بمضايقة مجموعة من سفن البحرية الأمريكية أثناء عبورها مضيق هرمز، وما تم استخدامه هو أشعة الليزر غير الفتاكة لتهدئة الموقف، حسبما أعلن الجيش الأمريكي.
كما قالت وزارة الدفاع الأمريكية في 13 أبريل/نيسان 2022، إن البحرية الأمريكية أجرت اختباراً تاريخياً لنظام سلاح الليزر الجديد ضد طائرة بدون طيار.
وسقطت الطائرة بعد أن اندلع وهج برتقالي ناري على جسمها بسبب تأثير شعاع الليزر.
فهل تقول وداعاً للصواريخ؟
واختبرت إسرائيل بنجاحٍ نظام "شعاع الحديد"، يستخدم الليزر لإسقاط الطائرات بدون طيار والصواريخ وقذائف الهاون بتكلفة 3.50 دولار لكل طلقة.
وتطور شركة لوكهيد مارتن الأمريكية ورافاييل الإسرائيلية نظام أسلحة الليزر، حسب تقرير لوكالة Reuters، ومن المتوقع أن يكون أولَ نظام تشغيلي على الإطلاق للدفاع الجوي الأرضي ضد التهديدات الجوية.
وطالب الجيش الأمريكي الشركات في بلاده بتسريع تطوير أسلحة الليزر عالية القدرة؛ للتصدي للصواريخ الصينية والروسية البالستية العابرة للقارات، ويبدو أنه يأمل أن تكون فعالة ضد الصواريخ فرط صوتية تحديداً.
ويستعد الجيش الأمريكي لإطلاق نسخة من مركبة المشاة القتالية من طراز Stryker مزودة بسلاح ليزر دفاع جوي أسقط قذائف الهاون بالفعل في أثناء اختبار تجريبي.
ويقول تقرير لموقع Popular Mechanics إن اكتساب الجيش الأمريكي القدرة على إسقاط صواريخ المدفعية القادمة وقذائف الهاوتزر الكبيرة "مجرد مسألة وقت".