بعد 10 أشهر من اندلاعها، تبدو تداعيات حرب أوكرانيا على العالم هائلة، إذ غيرت حياة كل البشر تقريباً بطريقة قد تكون غير مسبوقة منذ الحرب العالمية الثانية.
فقد غيرت حرب أوكرانيا العالم بشكل قد يؤدي لجعله مختلفاً عما قبل الحرب، وقد يستمر هذا التغيير لعقود، بل بعض التغييرات قد تجعله مختلفاً للأبد.
تقرير لصحيفة The Times البريطانية يذكر 16 مجالاً تغير في العالم بشكل جذري بسبب حرب أوكرانيا.
أبرز تداعيات حرب أوكرانيا على العالم
1- إضعاف روسيا وجيشها الذي لا يُقهر
التغير في مكانة روسيا يعد من أبرز أبرز تداعيات حرب أوكرانيا على العالم.
عشية الغزو الروسي ضد أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، بدا فلاديمير بوتين في قمة عنفوانه، حيث كان يقود قوة عظمى لديها أسلحة نووية وجيش لا يقهر يصنف الثاني على مستوى العالم، ولديه أكبر أسطول دبابات في العالم وثاني أقوى أسطول طائرات، إضافة لصواريخ متنوعة بينها ترسانة من الصواريخ الفرط صوتية التي لا تمتلك الولايات المتحدة لها نظيراً.
وكان ينظر للجيش الروسي على أنه قادر على اختراق الجبهة الشرقية للناتو التي تضم دولاً متوسطة التقدم وضعيفة عسكرياً وقليلة السكان، وإذا لم يتدخل الأمريكيون البعيدون فإنه لا جيش سيوقف تقدم الجيش الروسي حتى حدود ألمانيا وحتى هذه الدولة الأوروبية الكبرى التي كانت تعتمد على موسكو في الطاقة، كان ينظر لها أن غير قادرة على وقفه وحده.
والآن تراجع الجيش الروسي في بضع معارك أمام أوكرانيا الدولة المتوسطة السكان التي يتغلغل فيها الفساد، وكان يعتقد أن نحو نصف سكانها وخاصة من المتحدثين بالروسية قد يكونون موالين لموسكو والنصف الآخر الكاره لها سوف يستسلم لها أو يفر للغرب، بعد أن تسحق موسكو جيشها المهلهل الذي يمتلك أقل من ربع أسطول روسيا من الطائرات والدبابات، وكلها أسلحة قديمة ورثتها كييف عن الاتحاد السوفييتي، بينما كان نصيب روسيا الجزء الأكبر والأكثر تقدماً من الترسانة السوفييتية.
ولكن ثبت أن هذا غير صحيح، فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين محاصر في حرب سارت على نحو خاطئ بصورة كارثية، بدون وجود استراتيجية خروج.
يقول مارك غاليوتي، الذي ألف أكثر من 20 كتاباً عن روسيا وأوكرانيا والاتحاد السوفييتي: "الحرب الروسية ضد أوكرانيا، التي تتعاظم صعوبة تبريرها، تقوض الشرعية الشعبية لبوتين، وكذلك مكانته لدى نخبة براغماتية بلا رحمة تتساءل إذا كان لا يزال الحاكم الذي يحتاجون إليه". ويوضح غاليوتي: "لكن المفارقة أن هذا أيضاً يجعله أشد خطورة؛ لأن القمع لا بد له أن يحل محل السلطة الحقيقية". ومع ذلك، لم تمض كل الأمور على نحو خاطئ بالنسبة لزعيم الكرملين. صحيحٌ أنه منبوذ لدى الغرب، لكنه وجد مكانة جديدة غير متوقعة في العالم النامي، بوصفه "محارباً مناهضاً للكولونيالية"، وذلك حسبما يعتقد غاليوتي، الذي يقول: "الدول التي لديها تجارب مع الإمبريالية الغربية تتأثر بادعاءات بوتين بأنه يتصدى للولايات المتحدة المغرورة، التي تستخدم أوكرانيا في حرب بالوكالة".
والأهم بالنسبة للغرب أنه يتم استنزاف ترسانة الأسلحة الهائلة التي ورثها الجيش الروسي الضخم عن الاتحاد السوفييتي، وكان يظن أنه تم تحديثها وأصبحت نظيراً لأسلحة الغرب أو أفضل.
2- المحرقة النووية أصبحت أقرب إلينا من أي وقت مضى
لأول مرة منذ أزمة الصواريخ الكوبية خلال الستينيات، تدور أحاديث تنذر بالخطر في الأشهر الأخيرة حول احتمالية نشوب حرب نووية. ولكن هذه المرة، لا تتعلق التكهنات بسيناريو يوم القيامة الذي تتبادل فيه واشنطن وموسكو صواريخ باليستية عابرة للقارات مزودة برؤوس نووية، بل يتعلق بملابسات موقف يمكن أن يأمر فيه بوتين بضربة محدودة باستخدام سلاح نووي تكتيكي، ربما يحدث إذا حاولت أوكرانيا استرداد شبه جزيرة القرم، التي يعدها الرئيس الروسي أراضي روسية منذ الاستيلاء عليها في عام 2014، وينظر لها الروس حتى المعارضين على أنها أرض مقدسة.
ويقول أندرو موناغان، الزميل المساعد الأقدم لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة: "بالتأكيد لسنا بعد في الموقف الذي ربما تُستخدم فيه هذه الأسلحة. ولكن أحد الأمور الأكثر درامية التي وجدناها على مدى العام، هي مدى قربنا المحتمل من نشوب حرب نووية". ويُعتقد أن الخوف من مثل هذا التصعيد جعل الناتو يستبعد محاولة فرض حظر جوي فوق أوكرانيا، وهو ما كان من الممكن أن يؤدي إلى اشتباكات بين الطائرات الروسية والغربية.
3- تايوان شبيهة أوكرانيا الآسيوية قد تندلع بها الأزمة القادمة
سلطت الحرب ضوءاً على المخاوف -ولا سيما مخاوف الولايات المتحدة- المتعلقة بما تعتزم الصين فعله تجاه تايوان. فهل زادت الحرب أم قللت من احتمالية استخدام الرئيس الصيني شي جين بينغ القوة للاستيلاء على ما تنظر إلي بكين على أنه "إقليم متمرد"؟
المقاومة الشرسة التي أظهرها الأوكرانيون سوف تجعل بلا شك الزعيم الصيني يتوقف من أجل التفكير قبل شن أي غزو محتمل ضد الجزيرة.
لكن هناك فائدة واحدة بالنسبة لشي، وتتمثل في أن القطيعة بين روسيا والغرب جعلت بوتين أكثر اعتماداً على الصين، وهو ما يؤكد على مدى تغير موازين القوى خلال العقود الزمنية.
4- نهاية الرخاء العالمي جراء ارتفاع الأسعار
لسنوات ساد العالم رخاء نادر في تاريخ البشر، بفضل وفرة المواد الخام المستخرجة من أراضي الدول النامية والتكنولوجيا الغربية المصنعة بأيد آسيوية ولا سيما صينية، خالقة أكبر طبقة وسطى في تاريخ البشرية.
ولكن تسببت حرب أوكرانيا في رفع مستويات التضخم في كثير من بلاد العالم إلى أعلى درجاتها منذ عقود، مما أدى إلى ارتفاع أسعار جميع السلع. يقول ديفيد سميث، المحرر الاقتصادي في صحيفة The Sunday Times البريطانية: "ارتفعت تكاليف الطاقة المنزلية بـ 88% خلال الأشهر الـ12 الماضية، وما لا يقل عن نصف معدل التضخم الحالي في المملكة المتحدة البالغ حوالي 11% يُعزى إلى تكاليف الطاقة المرتفعة والزيادات المرتبطة بها في أسعار الغذاء والسلع الأخرى".
5- 14 مليون أوكراني تركوا ديارهم مخلفين أكبر أزمة لاجئين بأوروبا منذ الحرب العالمية
غادر حوالي 14 مليون أوكراني منازلهم في "أسرع وأكبر نزوح مشهود منذ عقود لم تشهد أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية"، وذلك وفقاً لما قاله فيليبو غراندي، مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئي.
في الشهر الماضي. فر أكثر من 7.8 مليون أوكراني من بلادهم إلى الدول الأوروبية. وحذرت منظمة الصحة العالمية من احتمالية نزوح مليونين إلى ثلاثة ملايين من الأوكرانيين خلال الأشهر القادمة، نظراً إلى أن روسيا تحاول استخدام الشتاء سلاحاً لها عن طريق شن هجمات ضد البنية التحتية لمنشآت الطاقة الأوكرانية من أجل إخضاعها.
6- الروس يفرون من بلادهم بطريقة لم يعرفونها خلال الثورة البلشفية
غادر الروس بلادهم أيضاً: فعلى مدى الأشهر العشر الماضية، يُعتقد أن من فروا من البلاد يفوق عددهم أعداد الفارين من روسيا في أعقاب الثورة البلشفية عام 1917، وغالبية هؤلاء غادروا إلى الدول المجاورة، مثل جورجيا وكازاخستان وأرمينيا وتركيا.
غادر عشرات الآلاف بعد وقت قصيرة من اندلاع الحرب، عندما حظر بوتين أي تشكيك في الحكمة وراء ما أصر على وصفها بـ"العملية العسكرية الخاصة". تضاءل هذا الخروج الأولي أمام العدد الكبير الذي يُقدر بـ700 ألف رجل في سن التجنيد ممن فروا من البلاد لتجنب التجنيد الذي أعقب تعبئة "جزئية" أعلن عنها بوتين في 21 سبتمبر/أيلول. وتواجه روسيا تهديداً بالتعرض لموجة مدمرة من هجرة العقول، فأغلب هؤلاء من الشباب الذين يكونون في كثير من الأحيان حاصلين على درجات علمية عالية.
7- شبح المجاعة في إفريقيا يظهر
طالما كانت منطقة البحر الأسود توصف بسلة غذاء العالم خاصة بعد التطور في الزراعة التجارية إثر انهيار الاتحاد السوفييتي، حيث كانت روسيا وأوكرانيا مصدرين رئيسيين للحبوب.
في العام الماضي، يُقدَّر أن أوكرانيا أمدت 400 مليون شخص حول العالم بالغذاء. ولكنها عجزت في الشهور الأولى من الحرب على تصدير الحبوب عن طريق مسارات الشحن الرئيسية الخاصة بها عبر البحر الأسود. فاقم هذا الأمر من المجاعة التي بدأت فعلياً تصيب إثيوبيا وكينيا والصومال، وهي بلاد تحصل عادة على 90% من قمحها من أوكرانيا وروسيا.
صحيح أن اتفاقية أُبرمت بوساطة تركية أممية في شهر يوليو/تموز تسمح لأوكرانيا بمواصلة التصدير (عُلقت هذه الاتفاقية لاحقاً لكنها استُؤنفت في الشهر الماضي) خففت من سوء الوضع قليلاً، لكن شرق إفريقيا، جنباً إلى جنبٍ مع غالبية مناطق العالم النامي، تأثرت بشدة من الارتفاعات الحادة في أسعار الغذاء والأسمدة والوقود نتيجة الصراع.
8- أوروبا تفقد مصدر الدفء واقتصاد روسيا بات معزولاً
ساعد ارتفاع أسعار الطاقة منذ الغزو في تمويل آلة الحرب الروسية، لكن الإيرادات سوف تنخفض، لأن الاتحاد الأوروبي فرض حداً أقصى على سعر برميل النفط الروسي يبلغ 60 دولاراً للبرميل. وفي المجمل، تعني العقوبات أن اقتصاد البلاد يُتوقع أن ينكمش بنسبة 4.5% هذا العام. يفك الاقتصاد الروسي الارتباط بينه وبين الغرب، مما يعني عكس مسار ثلاثة عقود زمنية من الاندماج الاقتصادي الذي أعقب انهيار الشيوعية.
وفي الوقت ذاته عانت أوروبا من أزمة طاقة غير مسبوقة جراء الحرب بعد توقف إمدادات الغاز الروسي الرخيص، الأمر الذي عرض القارة الثرية للبرد بشكل لم يعرفه سكانها منذ عقود.
وأغلقت غالبية الشركات الأمريكية والأوروبية شركاتها الفرعية في روسيا، أو باعتها. ويستهدف حظر الاستيراد إيقاف إمدادات التكنولوجيا الغربية المستخدمة في أنظمة التسليح، وفي الوقت ذاته تجرد الخطوط الروسية الجوية طائراتها من قطع الغيار التي لم يعودوا قادرين على شرائها من الخارج. لكن إمدادات أشباه الموصلات لا تزال تصل إلى روسيا بفضل شبكات التهريب أو استيراد هونغ كونغ أو المراكز التجارية الأخرى التي لم تفرض عقوبات ضد روسيا.
9- الحرب عززت من وحدة الناتو عكس ما توقع بوتين
قبل سنوات قليلة، كان بعض الأطراف يشككون في جدوى منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بمن فيهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
لكن لم يعد هذا هو الحال الآن. أمدت الحرب هذا التحالف المستمر منذ 73 عاماً بالشعور بالهدف الذي افتقده بعد نهاية الحرب الباردة.
وتم تعزيز قوات الناتو المتمركزة في بولندا ودول البلطيق والبلاد الأخرى الواقعة على طول الجبهة الشرقية. كذلك طلبت السويد وفنلندا الانضمام إلى التحالف.
10- نافذة لرؤية مستقبل الحروب وأثبتت أهمية بعض الأسلحة العتيقة مع التكنولوجيا الجديدة
تعد المعارك في أوكرانيا بمثابة سيناريو لشكل الحروب في المستقبل، فلقد كشفت هذه الحرب عن العديد من الأسلحة الجديدة التي قد تصبح عماد الجيوش الحديثة، بل إن الدروس التي تقدمها، للقادة العسكريين في العديد من الدول، دفعتهم إلى التفكير في تطوير أسلحة لم تُعرف من قبل في ساحات المعارك.
ومن الأسلحة الحديثة التي أظهرت فعالية غير متوقعة في الحرب، الطائرات المسيرة، والتي كان يعتقد أنها فعالة فقط في الحروب منخفضة الكثافة مثل المعارك في سوريا وليبيا والقوقاز، وليس الحروب ضد الجيوش الحديثة التي يتوافر لديها أنظمة دفاعية قوية.
ولكن حرب أوكرانيا يبدو أنها قدمت دليلاً على أن الطائرات المسيرة يمكن استخدامها في الحروب الحديثة، بل ضد جيش قوي جداً كالجيش الروسي المشهور بدفاعاته الجوية ومقاتلاته القوية.
فلم يسبق في تاريخ الحروب أن شهدنا استخدام الطائرات بدون طيار بهذا الشكل المُكثَّف الذي تُستخدَم به في أوكرانيا؛ إذ يعتمد الروس والأوكرانيون، على حد سواء، على الطائرات غير المأهولة لتحديد مواقع العدو وتوجيه ضربات مدفعيتهم الفتَّاكة.
كما ظهرت أقمار ستارلنك الصناعية المملوكة لإيلون ماسك والتي مكنت أوكرانيا من الحفاظ على خدمات الإنترنت، رغم القصف الروسي.
إذ تقدم الحرب في أوكرانيا لمحة عن نوعية الصراع الذي ينبغي لنا أن تتأهب الدول لشنه في المستقبل، وذلك وفقاً لمايكل كلارك، الأستاذ الزائر بقسم دراسات الحرب في جامعة كينجز كوليدج لندن.
يقول كلارك: "يفعل الأوكرانيون بالفعل ما يعرف البريطانيون أن عليهم تعلم القيام به في المستقبل. إننا ندرب الجنود الأوكرانيون بصفة منتظمة. ولكن قريباً جداً سوف يكونون هم من يدربوننا".
على النقيض من ذلك، يقاتل الروس بدرجة كبيرة مثل جيش يعود إلى أواخر القرن العشرين.
لكن السير لورانس فريدمان، الأستاذ الفخري لدى جامعة كينجز كوليدج لندن، يرى أنها "حرب ذات طراز قديم تماماً في طرق عدة"، حيث يؤدي القصف المدفعي دوراً مهماً، بجانب استخدام طفيف لأدوات الحرب السيبرانية. ويوضح فريدمان أنه اندهش من المدى الكبير لانعدام كفاءة الجيش الروسي. ويضيف: "لقد فشل أيضاً في استغلال قوته الجوية، التي أفترض أنها كانت ستحمل أهمية كبيرة لنجاحه".
11 – كشفت عن عقم بعض الأسلحة الرئيسية التي تعتمد عليها الجيوش
أثبتت حرب أوكرانيا أن هناك 4 أسلحة كانت تعتبر القوة الضاربة والأساسية للجيوش الحديثة وأُنفق عليها مئات المليارات، تبين أنه قد عفا عليها الزمن وأصبحت مهددة بالانقراض بعد أن تراجعت كفاءتها وفوائدها.
وأول هذه الأسلحة التي عفا عليها الزمن هي الخنادق والتي تحولت من ملاذ جنود المشاة المساكين إلى مقابر جماعية لهم، بفعل الطائرات المسيرة التي تلقي القنابل اليدوية مباشرة على الخنادق من خلال فتحاتها العلوية.
مسمار آخر في نعش الخنادق هو استخدام فتيل القرب من المدافع من العيار الصغير، والذي يمكن ضبطه إلكترونياً للانفجار فوق خنادق القتال، مما يؤدي إلى إغراق العدو الذي يحتمي بالداخل بالشظايا.
أما السلاح الثاني الذي عفا عليه الزمن، فهو مدافع الهاوتزر المجرورة، حيث أصبحت خطراً على مطلقيها، بسبب بطء حركتها، مما جعلها هدفاً سهلاً بفضل الرادارات المضادة للمدفعية التي تحدد موقعها، مما يسهل إصابتها قبل أن تتحرك.
والسلاح الثالث هو طائرات الدعم الجوي القريب، وهي التي توفر دعماً فعالاً للقوات الصديقة ضد الخصوم بفضل طيرانها ببطء وعلى ارتفاعات منخفضة.
وتشمل طائرات الدعم الجوي القريب المروحيات الهجومية والطائرات ذات الأجنحة الثابتة النفاثة أو العاملة بمحركات مراوح الدفع الجانبية، وجميعها تطير بأقل من سرعة الصوت.
ولطالما كانت هذه الطائرات بمثابة صديقة الجنود، ومن أشهر نماذجها الطائرة الأمريكية إيه 10 Thunderbolt II التي تستخدم مدفع عيار 30 ملم مثبتاً على بطن الطائرة السفلي.
وتمتلك روسيا أيضاً الطائرة الشهيرة سوخوي 25 التي توصف بالدبابة الطائرة وهي إحدى الطائرات القليلة في العالم التي ما زالت مدرعة، واستخدمها كل من الاتحاد السوفييتي وروسيا في أغلب حروبهما؛ بدءاً من الغزو السوفييتي لأفغانستان مروراً بحروب جورجيا والشيشان وسوريا.
ولكن يبدو أن طائرات الهجوم الأرضي قد عفا عليها الزمن، خاصة إذا استخدمت في خط المواجهة ضد عدو لديه دفاعات جوية حديثة.
إذ تسببت الدفاعات الجوية لطرفي الحرب (وكثير منها سوفييتي الأصل وقديم) في خسائر فادحة في الطائرات المأهولة وغير المأهولة.
وكانت توريد الغرب لآلاف من أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات المحمولة على الكتف مثل ستينغر الأمريكية إحدى المفاجآت الحرب التي ساهمت في تحييد التفوق الجوي الروسي الساحق.
ويمكن لأنظمة الدفاع الجوي بأنواعها أن تتسبب في خسائر فادحة لطائرات الدعم الجوي القريب،أكبر مما تلحقه بالطائرات النفاثة الأسرع من الصوت.
أما الصدمة الكبرى في حرب أوكرانيا فعانت منها الدبابات وهي السلاح الأكثر أهمية في الحروب منذ قرن، ولكنها تحولت في المعارك بأوكرانيا لأكفان للجنود.
فبفضل حرب أوكرانيا، تقف الدبابات على حافة الانقراض، حسب وصف موقع Popular Mechanics.
إذ أثارت هذه الحرب جدلاً غير مسبوق حول مستقبل الدبابات، وسط تساؤلات حول: هل السبب فيما يُقال عن تعرض الجيش الروسي لخسائر كبيرة في المدرعات يرجع إلى مشكلة خاصة به، أم هو نتيجة قصور عام في قدرات الدبابات عموماً، أمام الجيل الجديد من الأسلحة المضادة.
فالجيش الروسي يمتلك دبابات كثيرة، ودباباته أحدث وأكثر بكثير من الدبابات الأوكرانية، إذ تعد روسيا أكبر دولة في العالم من حيث عدد الدبابات، حيث لديها قبل حرب أوكرانيا نحو 12950 دبابة من بين حوالي 73 ألف دبابة لدى كل دول العالم، بحسب ما نقل تقرير لمجلة Forbes الأمريكية عن نيكولاس دروموند، المستشار العسكري والمعلق البريطاني.
ويعتقد أن الصواريخ المحمولة على الأكتاف بشكل خاص كانت مسؤولة عن قدر كبير من خسائر المدرعات في الحرب.
12- عودة الروح للعسكرية الألمانية لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية
كشفت حرب أوكرانيا عن المدى المحرج لاعتماد نمو ألمانيا في السنوات الأخيرة على الغاز والنفط الرخيصين اللذين تستوردهما من روسيا، مما جعل البلاد رهينة لموسكو التي توقعت أن يكون موقف برلين ضعيفاً، كما حدث في أزمة القرم عام 2014، وفي الوقت ذاته فإن قدرات ألمانيا العسكرية بدت أقل من التحدي الذي شكلته الحرب الأكبر في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
ولكن في غضون أيام من الغزو الروسي، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتز عن إصلاحات رئيسية في سياسة الطاقة والدفاع، ووصفها باللحظة الفاصلة. أحد عناصر هذه الإصلاحات تمثل بتعهده بإنفاق 100 مليار يورو (106 مليارات دولار) لتحول الجيش.
وأصبحت ألمانيا من أهم الداعمين لأوكرانيا بالسلاح، بعد أن كانت تكتفي بإرسال خوذ ومعدات طبية.
13- أثرياء الحرب أغلبهم من صناع الأسلحة الأمريكيين
ليست ألمانيا وحدها هي التي تسعى لإعادة تسليح جيشها: فحتى البلاد البعيدة تماماً عن الصراع، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، تزيد هي الأخرى الإنفاق الدفاعي. تحقق هذه الخطوة لمصنعي الأسلحة في الولايات المتحدة وأوروبا أرباحاً غير مسبوقة منذ عقود، بعد أن منحتهم الحرب في أوكرانيا مسرحاً لعرض منتجاتهم.
يقول كلارك: "يعرض الروس أسلحتهم للبيع في جميع أنحاء العالم، وبقية العالم يمكنه أن يرى أنها ليست جيدة للغاية وأن الأسلحة الغربية أفضل بكثير".
ارتفعت أسعار أسهم شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، التي تصنع الطائرات المقاتلة إف-35 وأيضاً منظومة الصواريخ هيمارس ذات التأثير الفتاك التي تستخدمها القوات الأوكرانية، بمقدار الربع منذ بداية الغزو. وارتفعت كذلك أسعار أسهم شركة بي إيه إي سيستمز البريطانية بحوالي 40%.
14- عززت هوية أوكرانيا بعدما كان ينظر لها أنها روسيا الصغيرة!
في الأغلب فإن أي شخص على غير دراية بهذه المنطقة لم يكن ليميز بين أوكرانيا وروسيا قبل الحرب، بل كان يُنظر لأوكرانيا أحياناً بأنها روسيا الصغيرة أو دولة مارقة عن موسكو خاصة، خاصة أن المسمى الروسي التاريخي لمناطق واسعة من جنوب وشرق أوكرانيا هو "روسيا الصغيرة" أو "نوفوروسيا"، كما يؤكد القوميون الروس في تبريرهم للحرب.
وكان المسؤولون الروس وبعض المسؤولين الغربيين يظنون أن كثيراً من الأوكرانيين سوف يتقبلون فكرة العودة لقبضة روسيا الحديدية.
ولكن الآن، لم يعد أحد يخلط بين البلدين. فلقد سلط الصراع تركيزاً على تاريخهم المتشابك والممتد منذ عقود، بما في ذلك مجاعة هولودومور بين عامي 1932 و1933، التي تسببت في مقتل مليون أوكراني.
وتشير الصحف الغربية الآن إلى المدن بأسمائها الأوكرانية وليست الروسية: مثل كتابة كييف بهذه الطريقة: Kyiv، بدلاً من الطريقة الروسية: Kiev، وكتابة خاركيف بدلاً من خاركوف، وكتابة أوديسا بحرف s واحد فقط: Odesa، وفقاً للطريقة الأوكرانية.
أما داخل أوكرانيا، فقد أبرزت الحرب بشدة الفخر الوطني وأجبرت ملايين الأوكرانيين الذين تجمعهم روابط عائلية أو ثقافية بروسيا، على إعادة تقييم نظرتهم إلى جارتهم العملاقة التي تجمعهم بها الجذور السلافية والعقيدة الأرثوذكسية.
15- هددت بنشوب حرب باردة في صقيع القطب الشمالي
تلقت العلاقات بين روسيا وجيرانها في المنطقة القطبية الشمالية صفعة قوية، لتنتهي معها ثلاثة عقود من التعاون بدأت في عام 1996 مع تأسيس مجلس القطب الشمالي المكون من ثمانية أعضاء.
عُلقت أنشطة المجلس في مارس/آذار عندما أوقف أعضاؤه السبع أعمالهم مع روسيا، التي كانت تتولى رئاسته المتناوبة. يمكن أن يعرقل هذا العمل الحماية البيئية والتنمية المستدامة في المنطقة شديدة الحساسية، ويمكن أيضاً أن يحمل أثراً سلبياً على شعب الإسكيمو والسكان الأصليين الآخرين الذين يعيشون في هذه المنطقة.
16- جعلت الرحلات الجوية أطول وأكثر تكلفة
تضطر الخطوط الجوية الأوروبية التي تطير إلى آسيا وتأتي منها إلى اتخاذ منعطفات مكلفة؛ والسبب أنها غير مسموح لها بالطيران عبر المجال الجوي الروسي. فُرض هذا الحظر بعد أن حُظرت الطائرات الروسية من تقديم خدماتها في بريطانيا ودول أوروبية أخرى.
يقول مايك أرنوت، المعلق المتخصص في قطاع الطيران: "قبل الحرب، كانت الرحلة من لندن إلى طوكيو تستغرق 12 ساعة، والآن صارت تستغرق 14 ساعة، نظراً إلى أن الخطوط الجوية تتجه جنوباً إلى إسطنبول مروراً بكازاخستان وتمضي فوق الصين وصولاً إلى طوكيو. ترتفع التكلفة الإضافية وكمية الوقود المحترق ارتفاعاً هائلاً، ويدفع الركاب مقابل هذه الرحلات أسعاراً أعلى".