ظهرت دعوات في الغرب إلى تقديم دبابات غربية حديثة لأوكرانيا، لإعادة الزخم لعملياتها العسكرية ضد الجيش الروسي، بعد دخول الحرب في حالة من الجمود منذ نجاح كييف الأخير في معركة خيرسون، فهل تغير الدبابات الغربية مسار المعركة لصالح كييف مع اقتراب الشتاء، وماذا يمكنها أن تفعل أمام أسطول المدرعات الروسية الذي يعد الأكبر في العالم؟
كانت مسألة توريد دبابات غربية حديثة مطروحة على طاولة النقاش لعدة أشهر من قبل المسؤولين الأمريكيين، حسبما ورد في مقال نشر بصحيفة the Guardian البريطانية كتبه فرانك ليدويدج الضابط البريطاني السابق الذي خدم في البلقان والعراق وأفغانستان، والذي يرى أن تطورات المعارك تحتم هذا الخيار، خاصة في ضوء خطة أمريكا المعلنة لاستغلال أوكرانيا كوكيل لاستنزاف الجيش الروسي لصالح حلف الناتو.
الشتاء سيكون صعباً على الطرفين لكنه مفيد للروس بالأكثر
بعد أن اقتربت أوكرانيا من شبه جزيرة القرم إثر خروج القوات الروسية من مدينة خيرسون الاستراتيجية منتصف هذا الشهر، فيما يعد أكبر نجاحات كييف وآخرها، تحولت جبهات القتال إلى حالة من الثبات النسبي، وسط توقعات بأن يؤدي دخول الشتاء إلى صعوبات للطرفين.
وقال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الأسبوع الماضي، في بروكسل: "أتوقع أن تواصل أوكرانيا بذل كل ما في وسعها خلال الشتاء لاستعادة الأراضي، وتظل فعالة في ساحة المعركة"، مشيراً إلى أن "الشتاء يمثل دائماً تحدياً على صعيد القتال".
وقال كانسيان، الكولونيل السابق في مشاة البحرية الأمريكية، إن روسيا تراهن على أن "التعبئة والطقس سيؤديان إلى استقرار الخطوط الأمامية"، حسبما نقل عنه تقرير لصحيفة الشرق الأوسط السعودية.
وأضاف أن موسكو تعتقد أن بإمكانها بعد ذلك إطالة أمد الحرب؛ على أمل أن يتضاءل الدعم الأوروبي لأوكرانيا مع ارتفاع أسعار الطاقة وانخفاض درجات الحرارة، معتبراً أن هذه الاستراتيجية ستفشل.
كما أن الجمود المتوقع في القتال بسبب شتاء أوكرانيا البارد، سيوفر للروس فرصة لتدريب قوات الاحتياط التي تم استدعاؤها من قبل الرئيس فلاديمير بوتين، فقد شهدت التعبئة في روسيا بعض الإخفاقات منذ أكثر من شهر، لكنها بدأت تؤتي ثمارها بالفعل مع وصول قوات جديدة إلى ساحة المعركة، مما قد يعطي ميزة للروس، وقد يخفض الفجوة العددية التي هي الآن لصالح كييف التي استدعت الاحتياطي منذ بداية الحرب، مما مكنها من حشد نحو مليون جندي مقابل نحو 200 ألف جندي روسي قبل بدء موسكو في إرسال قوات الاحتياط.
هل وصلت الأسلحة التي قدمها الغرب لأوكرانيا إلى ذروة فائدتها؟
وبينما تدفقت المساعدات العسكرية على أوكرانيا بشكل كبير، كانت أغلبها معدات خفيفة مثل آلاف من الصواريخ المحمولة على الكتف المضادة للدبابات والطائرات، إضافة لأنظمة المدفعية والمدفعية الصاروخية مثل نظام هيمارس الأمريكي الذي يعتقد أنه غيّر مسار القتال لصالح أوكرانيا.
ويبدو أن مجال الطائرات المسيرة والمأهولة بالنسبة للبلدين أصبح مغلقاً، فقد تراجع استخدام أوكرانيا للطائرات المسيرة مثل التركية "بيرقدار تي بي 2" الشهيرة بسبب إدخال الروس أنظمة دفاع جوي بكثافة لأوكرانيا، حيث لدى موسكو أكبر نظام دفاع جوي في العالم ورثته عن الاتحاد السوفييتي، لدرجة أن الروس من كثرة الصواريخ المضادة للطائرات لديهم يستخدمونها أحياناً في القصف البري.
وفي المقابل، تدفقت أنظمة دفاعية جوية غربية متعددة على أوكرانيا، وفرت حماية لقواتها من الغارات الجوية الروسية، رغم أنها لم تستطع ردع صواريخ موسكو عن قصف مرافق الطاقة الأوكرانية.
تراجع الحديث عن اتفاق تسوية يؤشر إلى أن أمريكا عادت سيرتها الأولى
ومع تراجع الحديث عن إبرام وقف إطلاق نار أو إطلاق تسوية في ظل إصرار الأوكرانيين على استعادة مزيد من الأراضي، يبدو أن احتمال استمرار القتال يتزايد، وهو قد يدفع رعاة كييف الغربيين إلى تزويدها بمزيد من الأسلحة رغم التبرم الشعبي من تكلفة الحرب في الولايات المتحدة تحديداً والذي عبر عنه الجمهوريون خلال انتخابات التجديد النصفي للكونغرس مؤخراً.
ويعني احتمال استمرار الحرب، في ظل التدفق المتوقع لجنود الاحتياط الروس، أن الغرب بات أكثر دعماً لطموح أوكرانيا المتزايد إلى تحرير أراضيها، وأنه قد عاد لهدفه الأول الذي عبّر عنه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، في أبريل/نيسان 2022، بقوله إنه يريد "رؤية روسيا ضعيفة إلى الحد الذي لا يمكنها فيه القيام بأشياء مثل غزو أوكرانيا أو استهداف دولة أوروبية شرقية أخرى".
وهذا يعني أن الغرب يرى في الجيش الأوكراني وكيلاً له في المهمة التي لم يحققها خلال الحرب الباردة، أي استنزاف القوات المسلحة الروسية، وهو ما قد يحتاج إلى مزيد من الأسلحة وضمنها أسلحة جديدة تناسب التطورات في الجبهة.
لماذا تبدو أوكرانيا في حاجة للدبابات؟
العنصر الجديد في مجال الأسلحة الذي تفتقده كييف وقد يقدمه الغرب، قد يكون الدبابات والطائرات، ولكن بما أن هناك تفوقاً جوياً روسياً كاسحاً، وأن الطائرات أغلى ثمناً وأصعب في التدريب، وقد تشجع أوكرانيا على ضرب أهداف في العمق الروسي تصعّد الحرب، فإن تزويد كييف بالدبابات قد يكون الخيار الأسهل والأقل تكلفة ومخاطرة.
وتتزايد حاجة أوكرانيا للدبابات مع تحصن الروس في مواقعهم واستناد دفاعاتهم في جبهة جنوب البلاد الأكثر أهمية للطرفين (لقربها من القرم وبعدها عن المجهود الحربي الرئيسي للبلدين) إلى نهر دنيبرو بعد انسحابهم من خيرسون آخر معاقلهم بالضفة الغربية للنهر، مما يزيد الصعوبات على القوات الأوكرانية لعبور النهر ومهاجمة الروس بأساليبهم السابقة التي تعتمد على المدفعية والأسلحة المحمولة على الكتف.
كما بات الأوكرانيون يحتاجون أكثر للدبابات للقتال في السهوب المفتوحة المغطاة بالحشائش في جنوب وشرق البلاد عكس المناطق المغطاة في الغابات بشمال وشمال شرقي البلاد والتي توفر غطاءً لجنود المشاة.
ويقول فرانك ليدويدج في مقاله بصحيفة the Guardian البريطانية، إنه بعد انتصار خيرسون، ووقوف الجيش الأوكراني على أبواب القرم، فإن الأوكرانيين يفتقرون إلى الأدوات- الدبابات والصواريخ والطائرات- لاستعادة أراضيهم وفرض هزيمة استراتيجية على الروس، حسب تعبيره.
وأضاف أنه إذا كان الغرب، خاصةً الولايات المتحدة، جاداً بشأن المساعدة في حماية أوكرانيا، فيجب اتخاذ قرارات بشأن زيادة المساعدة العسكرية الآن. إذا كان لأوكرانيا أن تكون قادرة على تأمين مستقبلها بعد النصر- بافتراض أن هذا هو ما يريده الغرب حقاً- فإن الجيش الأوكراني بحاجة إلى البدء في الانتقال إلى المعدات المتوافقة مع معايير الناتو، ومنها الدبابات والطائرات المقاتلة وأنظمة دفاع جوي أكثر تطوراً، حسب تعبيره.
ويرى أنه دون تغيير تدريجي في إمدادات الأسلحة، فمن غير المرجح أن يتمكن الأوكرانيون من هزيمة روسيا، كما يخطط الغرب، وبالفعل فإن الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان الأمريكية، يعتقد أنه لن يكون هناك نصر لأي طرف في أي وقت قريب، وقد يؤدي ذلك إلى وضع مشابه للحرب العالمية الأولى، حيث تحصن الحلفاء (الفرنسيون والبريطانيون) وأعداؤهم الألمان في الخنادق لسنوات، مما أدى إلى خسائر بشرية كبيرة دون تغيير يذكر في الجبهة، وأدى ذلك إلى تمرد عسكري فرنسي شهير.
في سبتمبر/أيلول 2022، أوضح وزير الدفاع الأوكراني، الجنرال فاليري زالوجني، كيف ينوي تحقيق النصر لبلاده، بدءاً من جمع ما بين 10 و20 لواء (أي ما يصل إلى 100 ألف جندي)، ستكون هذه القوات قادرة على الاحتفاظ بالأرض التي لديها الآن، ولكن ما لم يتم تدريبهم وتجهيزهم بشكل صحيح، فمن غير المرجح أن يكونوا قادرين على القيام بعمل هجومي مستمر لاستكمال تحرير بلدهم، مشيراً إلى ثلاثة أشكال إضافية من أنظمة الأسلحة، معظمها أمريكية ستكون حيوية لتحقيق هذا الهدف: الدروع الثقيلة، والصواريخ بعيدة المدى، وأنظمة الدفاع الجوي.
كييف ما زالت تعتمد بشكل كبير على الأسلحة الموروثة من الاتحاد السوفييتي أو المأسورة من الروس
ولا تزال القوات المسلحة الأوكرانية تعتمد إلى حد كبير على المعدات الروسية أو السوفييتية السابقة.
وإضافة إلى المعدات التي ورثتها كييف عن الاتحاد السوفييتي أو تلك التي تنتجها بالمصانع السوفييتية القائمة على أراضيها، فإن جزءاً كبيراً من الأسلحة التي قدمها حلف الناتو جاءت، عبر تبرع (أو تخلّص) أعضاء الناتو الشرقيين الذين كانوا ينتمون لحلف وارسو السابق، من مخزون أسلحتهم السوفييتي السابق غير المرغوب فيه، من خلال تقديمه إلى كييف.
والمفارقة الثانية أنه حالياً، أكثر من نصف أسطول الدبابات الأوكراني يتكون من مركبات روسية تم الاستيلاء عليها.
"دبابة ليوبارد الألمانية الشهيرة محرمة عليكم".. لماذا لا تستطيع أوروبا تقديم مدرعات لكييف؟
وطلبت أوكرانيا مراراً مدرعات أكثر وأفضل؛ لدعم حملاتها لاستعادة أراضيها المحتلة.
المشكلة أن الدول الأوروبية، وضمنها القوى الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا، تمتلك عدداً قليلاً من الدبابات، حتى إن دولاً شرق أوسطية متوسطة مثل إسرائيل أو تركيا أو مصر أو حتى سوريا، قد تمتلك كل منها على حدة، دبابات أكثر عدداً من مجمل الدول الأوروبية (بدون روسيا).
والسبب في ذلك أن العقيدة العسكرية الغربية كانت تعتمد على مواجهة الكثرة العددية للمدرعات الروسية بعدد أقل ولكن أكفأ من الدبابات، إضافة للطائرات النفاثة والمروحية الهجومية التي كانت مكلفة بالتصدي لجحافل المدرعات الروسية التي كان يتوقع أن تجتاح أوروبا في حال وقوع حرب عالمية ثالثة (كانت وجهة النظر السائدة أن الناتو لن يستطيع التصدي لهجوم بري سوفييتي وأنه سيضطر إلى اللجوء للأسلحة النووية).
كما أن ألمانيا، البلد المشهور بدباباته القوية منذ الحرب العالمية الثانية، تخلصت بعد نهاية الحرب الباردة من أعداد كبيرة من دباباتها الشهيرة ليوبارد 1 و2، التي طورت بناءً على ميراث الدبابات الألماني الشهير خلال فترة النازية وكانت تهدف إلى التصدي لأي هجوم سوفييتي.
ولكن المسؤولين الألمان اعتقدوا أن إنهيار الاتحاد السوفييتي يعني أن عهد الحروب قد ولَّى وأنهم سيربطون الروس بسلام دائم عبر استيراد الغاز منهم.
ولذا قلصت ألمانيا قدرات إنتاج الدبابات وباعت العديد من دباباتها لدول أخرى في أوروبا ونالت تركيا بعضاً منها.
هل تمتلك أمريكا مخزوناً من الدبابات يكفي لتزويد أوكرانيا؟
ولذا يبقى مخزون الدبابات الكبير في الناتو الوحيد تقريباً لدى الولايات المتحدة التي تمتلك نحو 2500 دبابة عاملة ونحو 3500 دبابة مخزنة في الاحتياط مقارنة بنحو 22 ألفاً لدى روسيا قبل الحرب الأوكرانية، و9 آلاف لدى الصين ونحو 6 آلاف تملكها الهند ونحو أربعة آلاف (تقل أو تزيد) لدى تركيا ومصر وإسرائيل كل على حدة، ونحو 1900 لدى أوكرانيا قبل الحرب، ونحو 3750 لدى نظام الأسد قبل اندلاع الثورة السورية.
يظهر هذا ضآلة أساطيل الدبابات الغربية مقارنة بروسيا والصين وحتى دول الشرق الأوسط.
ولكن الشيطان يكمن في التفاصيل، فأساطيل الدبابات الكبيرة لدى روسيا والصين والهند ومصر وإسرائيل وتركيا وسوريا تضم أعداداً كبيرة من دبابات من أجيال قديمة أحالتها الدول الغربية للتقاعد.
كما أن الدبابات الروسية عادةً أصغر وأخف وأقل في التدريع وفي مدى المدفعية وأجهزة الرصد، لأن العقيدة العسكرية السوفييتية كانت تقوم على إنتاج أعداد كبيرة من الدبابات الرخيصة حتى لو أقل في التدريع والقوة من نظيراتها الغربية، اعتماداً على أن الكثرة السوفييتية سوف تغلب التكنولوجيا الغربية، كما أن موسكو لم تبدأ بعدُ تصنيع دباباتها الجديدة "تي 14 – أرماتا" التي يعتقد أنها عالجت هذه العيوب، وتضاهي أحدث الدبابات الغربية.
أما الصين فتقليدياً تسير على نهج المدرسة السوفييتية رغم أنها تحاول الخروج من عباءتها.
في المقابل، فإن كل أسطول الدبابات الأمريكية يتشكل من الدبابات الأمريكية الشهيرة تقريباً أبرامز إم 1 إيه 2 بأجيالها المتعددة التي تماثل إلى حد كبيرٍ الدبابة الألمانية الشهيرة ليوبارد 2، وإن كانت أكثر استهلاكية في الوقود، مع تميزها باستخدام قذائف ودروع اليورانيوم المنضب الأكثر فعالية التي لا تستخدمها ألمانيا لأسباب أخلاقية.
إليك نتيجة المعركة بين أقوى الدبابات الروسية وأبرامز الأمريكية والتي جرت بأرض عربية
تم اختبار الدبابة الأمريكية M1 Abrams أمام الدبابات الروسية، في حرب الخليج الثانية التي نشبت بعد غزو العراق للكويت في عهد صدام حسين عام 1991، وغزو العراق 2003-2010، حيث دمرت الأبرامز عشرات الدبابات السوفييتية الصنع التي كان يستخدمها العراق دون خسارة تُذكر لحقت بها من قبل الدبابات العراقية.
وشكلت حرب الخليج الثانية 1991، صدمة كبيرة للصين تحديداً بعد الهزيمة المذلة التي لحقت بالدبابات السوفييتية التي كان يشغلها العراق آنذاك، لأن الصينيين كانوا يقلدون الدبابات الروسية (التي كانت أكثر تقدماً من دباباتهم)، وأدخلوا الصينيون بعد ذلك تغييرات جذرية على تصميم الدبابات لديهم أدت إلى ظهور أفضل دباباتهم "تايب 99" عبر الاستفادة من التصميمات الغربية.
وتجدر الإشارة إلى أن الدبابة الأحدث التي كان يشغلها العراق في حرب 1991 هي الدبابة السوفييتية "تي 72″، مازالت الدبابة الرئيسية للجيش الروسي حتى الآن، حيث كان لديه منها نحو 10 آلاف دبابة تشكل أقل قليلاً من نصف أسطوله قبل حرب أوكرانيا.
الروس قدموا دبابة جديدة، فهل تتفوق على نظيرتها الأمريكية؟
أما الدبابة العاملة الأحدث لدى الروس فهي الدبابة تي 90 (كانت موسكو تمتلك منها نحو 700 دبابة قبل الحرب)، فهي مجرد تطوير كبير لـ"تي 72″.
ويعتقد أن موسكو لم تتوسع في إنتاجها، لأن بها بقايا العيوب الجذرية التي تتسم بها تصميمات الدبابات الروسية الكبيرة وأهمها الحجم والوزن الصغير الذي يقلل التدريع، إضافة لمشكلة تخزين الذخائر في برج الدبابة غير المحمي جيداً، مما يجعلها قابلة للتدمير عند تعرضها لهجوم صاروخي موجه لمخزن الذخيرة، حيث يطير برج الدبابة عادةً متسبباً في مقتل طاقمها غالباً، وذلك عكس الدبابات الغربية والإسرائيلية التي يتم تخزين الذخائر في منطقة محمية بالجزء الخلفي من الدبابة.
وفضل عدم التوسع في إنتاج الدبابة "تي 90" انتظاراً لدخول دباباتهم الجديدة "أرماتا"، ولكنه يعتقد أنها لم تدخل حيز التصنيع الواسع بسبب مشكلات مالية وقد يكون العقوبات الغربية التي فرضت بعد غزوة أوكرانيا وتحظر تصدير معدات متقدمة سبباً إضافية يؤخر إنتاجها.
وتجدر الإشارة إلى أن باقي أسطول الدبابات الروسية الضخم أقدم من الـ"تي 72 و"تي 90″.
هل يؤثر تقديم أمريكا دبابات لأوكرانيا على استعداد جيشها؟
يرى الضابط البريطاني السابق فرانك ليدويدج أنه من بين نحو 3000 دبابة مخزنة لدى الولايات المتحدة، سيحتاج الأوكرانيون إلى أقل بكثير من 1000 لتجهيز كتائبهم الجديدة. تنطبق الاعتبارات نفسها على تقديم ما يصل إلى 2000 ناقلة جند مدرعة من طراز برادلي للجيش الأوكراني؛ لحماية مشاته في المعارك
ويرى أن تقديم هذه الدبابات لأوكرانيا لن يمثل مشكلة للجيش الأمريكي، لأن أغلبها مخزنة وبالتالي لن تؤثر بشكل خطير على استعداده العسكري، بل قد تعالج مشكلة لوجستية لديه.
لماذا لم تقدم أمريكا مدرعات لكييف حتى الآن؟
ويُعتقد على نطاق واسع، أن امتناع واشنطن عن تزويد أوكرانيا بالدبابات حتى الآن، كما طلبت الأخيرة مراراً، سببه عدم رغبة البنتاغون في التصعيد، وقلقه من حدوث رد فعل روسي عنيف.
كما أن القادة العسكريين الأمريكيين منذ ما قبل الحرب يميلون إلى فكرة تزويد كييف بأسلحة غير تقليدية، لأنها أرخص ولأنهم كانوا يرون أنه لا فرصة للدبابات والطائرات مع أوكرانيا في مواجهة تفوق سلاحي المدرعات والطائرات الروسيين.
وبدا أن الأمريكيين يفضلون جعل أوكرانيا ساحة اختبار لنمط غير تقليدي من الحرب، يشبه حرب عصابات لكن يخوضها جيش نظامي، عبر استهداف جوانب وخلفية العدو، من خلال كمائن تنصب بواسطة الصواريخ المحمولة على الكتف.
ولكن مع تحول أوكرانيا للهجوم بعد فشل هجوم الربيع الروسي على العاصمة كييف، تراجعت أهمية هذا النمط من القتال، وهنا ظهرت أهمية المدفعية الثقيلة ونظام المدفعية الصاروخية هيمارس، ولكن مع تحصن القوات الروسية في مواقع محمية بشكل أفضل بعد انسحاباتها الأخيرة، فإن المدفعية قلت فعاليتها، ومن هنا قد يأتي دور الدبابات.
هل ينصب الروس فخاً للدبابات الأمريكية؟
سيكون منح دبابات غربية الصنع لأوكرانيا اختباراً قد يحل لغز الخسارة الكبيرة في المدرعات الروسية بالحرب الأوكرانية، وهل يعود للعيوب المعروفة في الدبابات الروسية أم لأن الدبابات برمتها- غربية أو شرقية- أصبحت سلاحاً عفى عليه الزمن.
كما قد يسمح توظيف أوكرانيا للدبابات في هجوم واسع، للقوات الجوية الروسية باستخدام أسطولها من المقاتلات وطائرات الدعم الأرضي سوخوي 25 والمروحيات الهجومية لمحاولة اصطياد الدبابات، خاصة إذا لم يتمكن الأوكرانيون من توفير الحماية الجوية لها في ضوء ضعف القوات الجوية الأوكرانية، وصعوبة ملاحقة أنظمة الدفاع الجوي المتنقلة براً لحركة كتائب الدبابات السريعة.
ولكن الاختبار الأصعب الذي سيطلقه منح دبابات غربية لأوكرانيا هو اختبار صبر الروس، فمن شأن تدفق أسراب من الدبابات الغربية على كييف، واحتمالات أن يعيد ذلك زخم الهجوم الأوكراني ليقترب من الحدود الروسية أو شبه جزيرة القرم التي ضمتها موسكو عام 2014، أن يؤدي إلى انتقام روسي عنيف سواء بتوسيع القصف الجوي والصاروخي على البنى التحتية والأهداف المدنية أو استهداف خطوط الإمداد الموجودة في غرب أوكرانيا والقادمة من دول الناتو الشرقية، بل قد تعود موسكو للتلويح بالأسلحة النووية التكتيكية.
في أقل السيناريوهات خطورة، فإن تقديم دبابات غربية لأوكرانيا سيعني إطالة أمد الحرب وتفاقم خسائر الطرفين، وتعميق جراح الاقتصاد العالمي.