نجحت الليرة التركية حتى الآن في تخطي اختبار عسير، حيث حقق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدفه بتخفيض سعر الفائدة ببلاده إلى ما تحت الـ10%، ولم تشهد الليرة بعد القرار تراجعات تذكر، رغم انتقادات المؤسسات المالية العالمية لهذا التوجه، وفي وقت يشهد العالم أزمة أدت لتراجع مجموعة من أقوى عملات العالم خلال الأشهر الماضية.
وخالفت تركيا كل نصائح المؤسسات المالية الدولية وآخرها صندوق النقد الدولي، الذي أشاد وفد منه زار تركيا مطلع الشهر الحالي بتعافي اقتصاد البلاد من آثار جائحة كورونا، ولكنه نصح أنقرة برفع سعر الفائدة.
ولكن بعد أسابيع من زيارة الوفد، خفضت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي التركي (MPC) في 24 نوفمبر/تشرين الثاني سعر عملتهاا بمقدار 150 نقطة أساس أخرى ليصل سعر الفائدة إلى 9% أي أقل من 10% كما تعهد الرئيس التركي.
وقال بيان للبنك المركزي التركي إن معدل الفائدة أصبح الآن مناسباً ودورة خفض سعر الفائدة التي بدأت في أغسطس/آب الماضي، والتي أدت إلى خفض إجمالي بمقدار 500 نقطة أساس أصبحت في نهايتها.
وبذلك سارت تركيا عكس التيار العالمي، حيث أطلق محافظو البنوك المركزية في العالم العنان لسياسات رفع الفائدة الأشد منذ عقود، والتي انضمت إليها مؤخراً اقتصادات ناشئة قوية مثل إندونيسيا والبرازيل.
أزمات تضرب العالم بينما الاقتصاد التركي ينمو والتضخم مرشح للتراجع
وبينما تتعرض العديد من الأسواق الناشئة والدول المتقدمة لخطر أزمات ديون وعملات بشكل غير مسبوق منذ سنوات (آخرها إيطاليا)، فإن الاقتصاد التركي يحقق نمواً لافتاً رغم أنه يعاني مثل غيره من ارتفاع أسعار الطاقة والحبوب، علماً بأن أنقرة مستورد كبير للغاز والنفط.
أما أكبر مشكلات الاقتصاد التركي، فهي تسارع التضخم السنوي للشهر السابع عشر على التوالي في أكتوبر/تشرين الأول 2022 وهو أعلى معدل خلال عقدين من حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.
إلا أن هناك مؤشرات قوية أن التضخم وصل في تركيا لذروته وأنه يتجه للتراجع، حيث يعتقد الاقتصاديون أن الأسعار قد تنخفض في الأشهر المتبقية من العام، حسبما ورد في تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
وأظهرت بيانات رسمية صدرت مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2022، أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 85.5% على أساس سنوي خلال الشهر الماضي ، أقل قليلاً من متوسط التوقعات في استطلاع أجرته بلومبيرغ، وبلغ معدل التضخم الشهري 3.54%.
وبينما تركز تقارير المؤسسات الدولية على معدل التضخم الكبير في تركيا، لا يتم التركيز غالباً على أن البلاد رفعت الحد الأدنى للأجور مرتين (وهو ما يعني واقعياً رفع كل الأجور)، خلال ستة أشهر، وكانت المرة الأولى بمعدل 50% في نهاية العام الماضي، والثانية والأخيرة، في يوليو/تموز 2022، حيث تم رفع الحد الأدنى للأجور بنسبة 30%، من 254 دولاراً إلى 328 دولاراً شهرياً.
كما تتجاهل الانتقادات لسياسة خفض الفائدة، أن سلسلة من الاقتصادات الناشئة من الأرجنتين لباكستان مروراً بمصر، تواجه أزمات مالية حادة مرشحة للتفاقم وأن رفع أسعار الفائدة في هذه الدول، لم يؤد لتغيير يذكر سوى رفع تكاليف الاقتراض وبالتالي تزايد عبء الدين.
فالأسواق الدولية لم تستجب كثيراً لقرار مصر على سبيل المثال رفع سعر الفائدة بعد التعويم الأخير للجنيه، حيث تعاني القاهرة من صعوبة في إيجاد زبائن لأوراقها المالية لمعالجة الاختلالات في ميزان المدفوعات الخاصة بها والتي جاءت بشكل أساسي بسبب ارتفاع الديون جراء سنوات من رفع سعر الفائدة منذ عام 2016 (كما نصح صندوق النقد والمؤسسات الدولية)، الأمر الذي جعل القاهرة هدفاً مفضلاً لمستثمري الأموال الساخنة الذين سرعان ما هربوا منها بعد اندلاع الأزمة الأوكرانية تاركين القاهرة تجاهد لإيجاد مصادر للدولارات لسداد الديون السابقة.
لماذا يصر الرئيس التركي على خفض الفائدة؟ فتش عن النمو
عادة يفترض أن تخفيض سعر الفائدة يؤدي إلى تقليل الإقبال على السندات وغيرها من الأوراق المالية للدولة المعنية، وبالتالي يحمل مخاطر بأن يجعل العملة معرضة للانخفاض، خاصة إذا كانت الأوضاع الاقتصادية والسياسية غير مستقرة.
ولكن المشكلة أن سعر الفائدة المرتفع يقلل من الاستثمارات في البلاد؛ لأنه يشجع الناس على وضع أموالهم في البنوك، ويصعب عملية الاقتراض اللازمة للاستثمار، كما أنه يؤدي لزيادة أعباء الديون على الحكومة والشركات نتيجة ارتفاع الفائدة، وتجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد التركي لديه معدل ديون مقبول، وأقل حتى من نسب كثير من الدول الأوروبية.
وتزداد مخاطر رفع الفائدة في حالة الاقتصاد التركي، على وجه الخصوص، لأنه اقتصاد يقوم على كتلة كبيرة من الشركات الخاصة النشطة في المجالات الصناعية والزراعية والخدمية، والتي تعتمد على السياحة والتصدير بشكل كبير، وبالتالي قد تعاني من نقص السيولة التي تتوافر لها من القروض مع رفع سعر الفائدة الذي سيترتب عليه أعباء كبيرة على هذه الشركات، ويقلل من قدرتها على التوسع في الإنتاج، بل قد تواجه مشكلة في سداد الديون، إضافة لخطر تزايد البطالة وشبح الركود، الذي سينتج عنه رفع نسبة القروض لحجم الناتج المحلي، وبالتالي سيؤدي لتراجع أكبر في وقت لاحق لسعر العملة.
وفي الأصل، كان لدى تركيا واحد من أعلى أسعار الفائدة على مستوى العالم، ولم يؤد ذلك إلى إنهاء مشكلة تراجع الليرة التركية، ورأى أردوغان أن محاولة إرضاء المضاربين برفع أسعار الفائدة تضر بالاقتصاد دون جدوى.
ومن وجهة نظر أردوغان فإن تقوية العملة يأتي من تعزيز الصادرات؛ وهو ما يتم من خلال تعزيز النشاط الاقتصادي، وأن بعض الانخفاض في سعر العملة رغم تأثيراته السلبية على المواطنين، ولكنه يخفض من أسعار المنتجات المحلية وبالتالي يزيد تنافسية الصادرات، ويقلل الواردات، الأمر الذي يؤدي إلى علاج السبب الأساسي للمشكلة وهو العجز في الميزان التجاري.
هل نجح رهان أردوغان رغم مخالفته لصندوق النقد؟ إليك أبرز المؤشرات الاقتصادية
وبالفعل شهدت تركيا انتعاشة في الصادرات والسياحة وتراجعاً في الواردات، (باستثناء الطاقة التي ارتفعت فاتورة استيرادها بشكل كبير بسبب زيادة أسعار النفط والغاز جراء الأزمة الأوكرانية).
وعلى الرغم من استمرار التضخم في الارتفاع هذا العام إلى مستويات لم تشهدها البلاد منذ أكثر من عقدين، إلا أن الناتج المحلي الإجمالي التركي ارتفع بنسبة 7.6% سنوياًٍ في الربع الثاني من هذا العام، وفقاً للأرقام الرسمية، بزيادة طفيفة عن الأشهر الثلاثة السابقة، ومن متوسط. 7.4% وفقاً لتوقعات 18 اقتصادياً تحدثوا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية.
وساهم قطاع السياحة في دفع عجلة النمو بشكل كبير، حيث ارتفع عدد الوافدين الأجانب والإنفاق بأكثر من 100% هذا العام، مدفوعاً بإنهاء إغلاقات الجائحة وانخفاض الأسعار في البلاد جراء تراجع الليرة التركية وتدفق السياحة خاصة الروسية بعد القيود المفروضة عليها في أوروبا.
وقال وزير التجارة التركي محمد موش، إن الصادرات ساهمت بنسبة 3.87 نقطة في نمو اقتصاد البلاد في الربع الثاني من العام الجاري، مضيفاً أن مساهمة صافي الصادرات من السلع والخدمات في النمو بلغت 2.7 نقطة.
وفقاً لتقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية، فلقد أعطت الأموال الرخيصة (القروض المنخفضة الفائدة) دفعة إضافية للاقتصاد التركي، الذي يبلغ إجمالي الناتج المحلي فيه 800 مليار دولار سنوياً، وقد توسع بمعدل يزيد عن 6% كل ربع سنة منذ ذلك الحين. خاصة مع تخفيف عمليات الإغلاق المتعلقة بفيروس كورونا في عام 2020.
وتقدم البنوك التركية أرخص القروض في العالم، لكنها متاحة لأنشطة مختارة مرتبطة بالتصدير والتصنيع والسياحة، أي الأنشطة الأكثر جلباً للعملات الأجنبية، وذلك لأن صانعي السياسة يريدون الحفاظ على نمو اقتصادي قوي وتعزيز الصادرات دون تأجيج التضخم، ولذا توجه السلطات المالية والنقدية المقرضين التجاريين إلى إعطاء الأولوية للمصدرين والشركات الصغيرة التي تمثل ما يقرب من ثلاثة أرباع سوق العمل، حسب Bloomberg.
وقال نيك ستادميلر، مدير الأسواق الناشئة في Medley Global Advisors في نيويورك: "تعلم أردوغان من تجارب عامي 2018 و2020″، عندما عزز الانفجار في القروض الواردات والتضخم وأدى في النهاية إلى ضعف العملة.
والنتيجة، ارتفع الدعم لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان في الفترة من شهر يوليو/تموز 2022 إلى أكتوبر/تشرين الأول 2022 وفقاً لاستطلاعات رأي نشرتها وكالة Bloomberg.
وقال وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي في تصريحات إعلامية: "لن نتخلى عن النمو"، مضيفاً أنه "عندما لا نتخلى عن النمو، فإن محاربة التضخم تستغرق وقتاً".
لماذا استوعبت الليرة التركية الخفض الأخير للفائدة؟
في مواجهة المفاضلة بين النمو والتضخم قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة العام المقبل، دافع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن نموذج اقتصادي يعطي الأولوية للصادرات والإنتاج والتوظيف على حساب استقرار الأسعار والعملة، وقد قوبل هذا النموذج بانتقادات من قبل المؤسسات المالية العالمية وهي الممثلة بشكل كبير لمصالح مستثمري الأموال الساخنة المستفيدين من ارتفاع الفوائد في أسواق الدول الناشئة مثل تركيا، وهي المؤسسات التي كانت قد أشادت بالسياسات المالية المصرية منذ التعويم في عام 2016، والآن تخفض نظرتها لمستقبل القاهرة المالي.
في المقابل، يبدو أن هناك مؤشرات على أن الرهان على التصدير والنمو سيؤدي لتراجع التضخم في نهاية المطاف قد بدأ يؤتي أكله.
وقال جيم كاكماكلي، أستاذ الاقتصاد المساعد في جامعة كوج بإسطنبول أنه بينما كان التضخم الشهري بنهاية عام 2021 مكوناً من رقمين، إلا أنه في خانة الآحاد هذا العام، مما دفع تقديرات التضخم في نهاية العام إلى الانخفاض إلى حوالي 70%.
وقالت وكالة بلومبيرغ للاقتصاد إنه من المرجح أن يتباطأ التضخم في الأشهر المقبلة بسبب التأثيرات الأساسية.
ويتوقع البنك المركزي التركي أن ينخفض التضخم بشكل حاد في ديسمبر/كانون الثاني 2022 بسبب التأثير الأساسي بفضل رقم التضخم المرتفع (14% على أساس شهري) المبلغ عنه في ديسمبر/كانون الأول 2021.
وفقدت الليرة التركية حوالي 28% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام – علاوة على تعرضها لخسائر أكبر في عام 2021، ولكنها لم تسجل أي تراجعات كبيرة في الأشهر الماضية رغم المضي قدماً في خفض سعر الفائدة، بينما ترتفع أسعار الفائدة على أغلب العملات في العالم بما فيها الدولار، كما تعاني عملات قوية مثل اليورو والين الياباني من خسائر كبيرة.
إليك أدوات أنقرة البديلة للحفاظ على العملة رغم خفض الفائدة
بدلاً من معدلات الفائدة المرتفعة، اعتمد البنك المركزي التركي على سلسلة من الإجراءات التي تستهدف القطاع المصرفي لإدارة نمو القروض بشكل دقيق ودفع استخدام الليرة التركية على نطاق أوسع.
واحد من أكثر البرامج فاعلية للحفاظ على قيمة الليرة التركية هي الضمانات التي تقدمها الحكومة والبنك المركزي للمودعين بالليرة للحفاظ على قيمة مدخراتهم في حالة انخفاض قيمة العملة المحلية.
فهناك برنامج يموله البنك المركزي للحفاظ على قيمة الإيداعات لمن حول أمواله من الدولار والعملات الأجنبية إلى الليرة، وآخر تموله وزارة المالية لضمان قيمة إيداعات المواطنين بالليرة التركية، في المصارف بلغت تكلفة البرنامجين نحو 8 مليارات دولار.
فتش عن السياسة الخارجية الجديدة.. الوساطة الصعبة بين روسيا وأوكرانيا
كما أن تركيا نجحت في أن تستفيد سياسياً واقتصادياً من الأزمة الأوكرانية رغم أنها كانت مرشحة لتكون من أكبر الخاسرين نظراً لعلاقتها الاقتصادية الوثيقة مع روسيا وأوكرانيا على السواء.
وأصبحت أنقرة الوسيط الوحيد بين روسيا وأوكرانيا، حيث ساهمت في إبرام اتفاق تصدير حبوب البحر الأسود الذي أنقذ العالم من أزمة غذائية، إضافة لتوسطها في صفقات لتبادل الأسرى، واستضافتها لاجتماع نادر بين قائدي الاستخبارات الروسية والأمريكية.
مكن دور الوساطة أنقرة من الحفاظ على علاقتها الاقتصادية مع روسيا، خاصة مع عدم انضمامها للعقوبات الغربية، بل تحولت تركيا إلى ملاذ للأوليغاركية الروسية المطرودة من الغرب وكذلك السياحة الروسية، بل إن شركة روس آتوم المتخصصة في بناء المفاعلات النووية حولت مليارات الدولار لتركيا للبدء في بناء البرنامج النووي التركي بنظام البناء والتشغيل (BOT) من خلال بناء المفاعلات بتركيا وتحصيل الإيرادات مباشرة من المستهلكين، حيث يعد هذا أول برنامج نووي في العالم يبنى بهذه الطريقة.
ونجحت تركيا في تأدية دور الوساطة الصعب بالنظر إلى علاقتها الوثيقة مع أوكرانيا، حيث بين البلدين شراكة قوية في مجال التصنيع العسكري ظهرت واضحة في تزويد أنقرة لكييف بطائرات بيرقدار المسيرة، وكون تركيا دولة متشاطئة على البحر الأسود وتتحكم في مخارجه عبر مضيقي البوسفور والدردنيل، إضافة لنظرة أوكرانيا لتركيا كحليف قادر على التوازن مع روسيا بالنظر للتنافس التاريخي بين البلدين.
وفي الوقت ذاته، فإن موسكو لديها تاريخ طويل من الشراكة وتنظيم المنافسة مع تركيا في الساحات التي تتعارض أو تتقاطع مصالح البلدين فيها مثل ليبيا وسوريا والقوقاز، حيث أبرمتا تسويات صعبة بينما كان حلفاؤهما يتحاربون على الأرض، مما يعني أن هناك رصيداً من الفهم المتبادل والقدرة على التواصل بشأن المسائل الأمنية والعسكرية بين أنقرة وموسكو اللذين يمكن وصفهما بالشريكين اللدودين، وازدادت أهمية تركيا بالنسبة لروسيا بعدما أصبحت تقريباً منفذها الرئيسي للعالم في ظل الحصار الغربي.
وأدى دور الوساطة التركي الذي لا بديل له حالياً لتغاضي الغرب، عن العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين تركيا وروسيا، حتى الآن، باستثناء مطالبة الولايات المتحدة للمصارف التركية بالتوقف عن التعامل بنظام مير للدفع الروسي الذي مكن السياح الروس من الإنفاق بيسير في البلاد.
كما هدأت التوترات التركية الغربية بشكل كبير، في ظل دور أنقرة في الأزمة، وكذلك تحسن العلاقات التركية بدول الخليج وهو أمر كان له أثر إيجابي بلا شك على الاقتصاد التركي، ونظرة الأسواق المالية له، وقلل المضاربات السلبية على العملة التركية على الأرجح.
تركيا تبرم اتفاقات مالية مع دول عربية وآسيوية
إضافة لذلك انخرطت أنقرة في مصالحة واسعة مع عدد من الدول العربية منها السعودية والإمارات، إضافة لتعزيز تحالفها التقليدي مع قطر، وشجع ذلك الدول الثلاث على عقد اتفاقيات مالية مع تركيا.
لدى أنقرة بالفعل صفقات مقايضة عملات بقيمة 28 مليار دولار مع الإمارات العربية المتحدة والصين وقطر وكوريا الجنوبية، ويقدر المصرفيون أن حوالي 23-24 مليار دولار موجودة بالفعل في احتياطيات البنك المركزي التركي.
ولكن الآن بدلاً من صفقات مقايضة العملات، يفضل البنك المركزي التركي مؤخراً حسابات الإيداع، والتي تتضمن دخول الدولار أو اليورو إلى النظام المصرفي بدلاً من العملات المحلية.
وفي هذا الإطار، ذكرت بلومبيرغ أنه من المقرر أن تودع المملكة العربية السعودية 5 مليارات دولار في البنك المركزي التركي، كما أكد متحدث باسم وزارة المالية السعودية أن المملكة في المرحلة "الأخيرة" من المناقشات لتقديم الدعم لتركيا.
وزار الرئيس التركي السعودية في أبريل/نيسان 2022، وأعقبتها زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتركيا في يونيو/حزيران 2022.
كما دخلت تركيا وقطر في المرحلة النهائية لمحادثات لتمويل يصل إلى 10 مليارات دولار من قطر، بما في ذلك ما يصل إلى 3 مليارات دولار بحلول نهاية هذا العام، حسبما نقلت وكالة Reuters عن اثنين من كبار المسؤولين الأتراك ومصدر آخر.
وقال أحد المسؤولين إن إجمالي التمويل قد يتخذ شكل مقايضة عملات أو سندات دولية أو أي طريقة أخرى، وإن الزعيمين التركي والقطري ناقشا هذه المسألة.
وسبق أن أبرم البنك المركزي التركي بالفعل صفقة مقايضة مع البنك المركزي القطري كانت قيمتها في الأصل 5 مليارات دولار، لكنها تضاعفت ثلاث مرات في عام 2020 إلى 15 مليار دولار.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، وقع مصرف الإمارات المركزي والبنك المركزي التركي، اتفاقية ثنائية لمبادلة العملات بين الدرهم الإماراتي والليرة التركية، بقيمة 18 مليار درهم و64 مليار ليرة تركية، وذلك بعد زيارة الشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات لتركيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 (كان ولياً لعهد أبوظبي آنذاك)، وأعقب ذلك زيارة لأردوغان إلى الإمارات في فبراير/شباط 2022.
وكان أردوغان قد صرّح للصحفيين، في وقتٍ سابق، أن الاحتياطيات الرسمية لتركيا ستقفز على الأرجح إلى 130 مليار دولار قريباً، ارتفاعاً من ذروة 2022 البالغة 117.5 مليار دولار التي شهدتها هذه الاحتياطيات خلال الأسبوع الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني.
وقال الرئيس التركي إن التضخم سينخفض مطلع العام المقبل، قبل الانتخابات المقررة في يونيو/حزيران 2023، حيث يسعى إلى فترة رئاسية جديدة. ولقد وعد الأتراك بأن الحكومة ستعالج عبء تكاليف المعيشة المرتفعة.