دعوات غربية لإيجاد بديل لمجلس الأمن.. إليك الدول التي تريد أمريكا طردها، ومن ترغب بضمه للكيان الجديد

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/11/08 الساعة 21:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/08 الساعة 21:43 بتوقيت غرينتش
مجلس الأمن الدولي/ GettyImages

يبدو أن الولايات المتحدة تفكر في صياغة نظام عالمي جديد يستبعد كثيراً من القوى التي تعتبرها غير صديقة، مع ترقية حلفائها في النظام العالمي الجديد الذي سيكون بمثابة بديل لمجلس الأمن، فهل يمكنها فعل ذلك حقاً، وهل يكون هذا البديل أكثر فاعلية وأخلاقية من النظام العالمي الحالي؟

ولأول مرة منذ نشأة الأمم المتحدة، يبدو أن الغرب بدأ يكتشف عيوب حق الفيتو في مجلس الأمن الذي طالما استخدمته الدول الغربية ولا سيما الولايات المتحدة لصالحها وبالأكثر لمنع إدانة جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، وذلك بعد أن استخدمته روسيا لعرقلة إدانة غزوها لأوكرانيا.

وكانت الدول الغربية وأوكرانيا قد لجأت للجمعية العامة لبحث القضية الأوكرانية بعد أن منع الفيتو الروسي صدور قرار بشأنها من مجلس الأمن، وبالفعل تمكنت كييف ورعاتها الغربيون من حشد الأصوات الكافية لإدانة الهجوم الروسي على أوكرانيا.

وارتفعت الأصوات داخل مقر الأمم المتحدة مناديةً بحاجة المجلس لإصلاحٍ جاد وعاجل. وتأتي أعلى الأصوات من جهة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن شخصياً، بما في ذلك سفيرته لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد. لكن لم يتضح بعد شكل الإصلاح المقترح، أو ما إذا كانت القوى الكبرى مثل روسيا والصين ستوافق على إجراء أي تعديلات من الأساس.

وبينما أخفقت الأمم المتحدة منذ نشأتها مراراً في منع العدوان، وحماية الشعوب الضعيفة من القوى العظمى المتنمرة، يشعر الغرب هذه المرة بوطأة هذا الفشل، لأن حليفته أوكرانيا هي الضحية، والجاني روسيا غريم الغرب التقليدي.

فحتى قبل الأزمة الأوكرانية، شملت الإخفاقات الأممية خيبة الأمل بسبب عدم إحراز تقدم كبير على صعيد الجهود الدولية لحل أزمة تغير المناخ، بالإضافة إلى الإخفاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى التي حفّزت أشد منتقدي الأمم المتحدة وأثارت النقاشات حول إصلاح مجلس الأمن.

ولكن الغرب يقلل عادة من أن إخفاق الأمم المتحدة الأطول أمداً هو في الصراع العربي الفلسطيني، حيث كانت الأمم المتحدة شريكاً في الظلم منذ قرار تقسيم فلسطين بين شعبها الأصلي والمستوطنين اليهود، وهو القرار الذي لم ينفذ على ظلمه للفلسطينيين، وتبعه إخفاقات أخرى بين قرارات تشرع العدوان أو قرارات منصفة لم تنفذ، مثل قرار الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. 

وقال ريتشارد غوان، مدير شؤون الأمم المتحدة في مجموعة الأزمات الدولية: "أظهرت الأمم المتحدة أنها لا تتمتع بالمساحة السياسية لتحقيق مبادئ ميثاق الأمم المتحدة الأصلي في العديد من المناطق، مثل أفغانستان وشمال غرب سوريا وأوكرانيا. وأصبح دور الأمم المتحدة محصوراً في تقديم الإسعافات الجيوسياسية معظم الوقت الآن".

أمريكا تحاول تقييد حق النقض 

وقبيل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخيرة، طرحت سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد بعض بالونات الاختبار لجهود إصلاح جادة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خلال الأشهر الأخيرة، وذلك في أعقاب الإخفاقات المتعددة السابق ذكرها. 

وتتضمن بعض الإصلاحات التي يجري نقاشها إضافة أعضاء دائمين جدد إلى مجلس الأمن، مثل الهند واليابان، أو تقليص عدد مرات استخدام حق النقض (حق الفيتو) للأعضاء الخمسة الدائمين في المجلس. لكن لم يتضح بعد مدى الزخم الذي ستحظى به هذه المقترحات في مواجهة المعارضة الشديدة من بقية الأعضاء الدائمين والدول الأخرى.

وقدمت دولة ليختنشتاين، في 12 أبريل/نيسان 2022، مشروع قرار بشأن استخدام حق النقض "حق الفيتو" بمجلس الأمن الدولي، أعلنت واشنطن دعمها له، في قرار قال مراقبون إنه يستهدف بالدرجة الأولى روسيا، وفق ما ذكرته وكالة الأناضول.

يدعو القرار إلى عقد اجتماع تلقائي لأعضاء الجمعية العامة (193 دولة) في كل مرة يتم فيها استخدام حق النقض من قبل أي من الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي، دون توضيح الهدف من ذلك الاجتماع.

بالطبع لا تشير الأدبيات الغربية المنتقدة لاستخدام روسيا لحق النقض إلى حقيقة أن الغرب كان أكثر استخداماً لحق الفيتو من روسيا والصين، وأن الولايات المتحدة لطالما استخدمته مراراً لمنع إدانة جرائم إسرائيل وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني وغيره من الشعوب العربية، رغم وضوح أن الممارسات الإسرائيلية تخالف مبادئ القانون الدولي التي يتشدق بها الغرب.

أفكار أمريكية بشأن إيجاد بديل لمجلس الأمن

ويبدو أن مع تعثر جهود إصلاح الأمم المتحدة، تظهر أفكار في الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة تدعو لإيجاد بديل لمجلس الأمن الذي تتمتع فيه روسيا بحق الفيتو، فيما يسعى على ما يبدو للتمهيد لطرد موسكو من النظام العالمي الجديد الذي يريد الغرب تأسيسه.

وفي هذا الإطار، طرح جيمس تروب، الزميل غير المقيم في مركز التعاون الدولي بجامعة نيويورك، في مقال بمجلة Foreign Policy الأمريكية تصوراً لسيناريوهات إيجاد بدائل لمجلس الأمن والأمم المتحدة تكون أكثر فاعلية، كما يقول أو أكثر ملاءمة لمصالح أمريكا، كما يظهر بين سطور مقاله.

وأشار إلى أنه قبل بضعة أسابيع، قام بطرح افتراض على عشرات من علماء السياسة الخارجية والمحللين والدبلوماسيين السابقين، الأمريكيين وغير الأمريكيين. تخيل، كما كتبت، خاتمة رهيبة لحرب أوكرانيا، رغم أنها لم تصل إلى حد الحرب العالمية الثالثة، ولكنه يفترض أن روسيا استخدمت الأسلحة النووية التكتيكية ضد أوكرانيا، فيرد حلف شمال الأطلسي "الناتو" بضربة انتقائية على القواعد الجوية الروسية، يليها هجوم روسي على إحدى دول البلطيق، ثم هجوم جوي غربي مدمر على روسيا.

ويتساءل في أعقاب هذه الكارثة، كيف يمكن، أو ينبغي، إعادة بناء النظام العالمي؟

بديل لمجلس الأمن
سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد والسفيرة البريطانية لدى الأمم المتحدة باربرا وودوارد خلال اجتماع مجلس الأمن لمناقشة الأزمة الروسية الأوكرانية/رويترز، أرشيفية

ويستند هذا السؤال إلى افتراض أن الأنظمة العالمية لا تظهر الوجود لأنها تبدو فكرة جيدة ولكن لأن كارثة تجعل الإطار القائم لا يمكن الدفاع عنه، وبالتالي تؤدي الحروب الكبرى عادة إلى تشكيل أنظمة عالمية جديدة.

فلقد أدت الحروب النابليونية إلى نظام توازن القوى المعروف باسم "الوفاق الأوروبي"، وأدت الحرب العالمية الأولى إلى عصبة الأمم، وأدت الحرب العالمية الثانية إلى الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي وحلف شمال الأطلسي والتحالفات التعاهدية الإقليمية الأخرى.

الافتراض الأخير هو أن النظام الدولي الحالي البالغ من العمر 75 عاماً غير متكافئ بالفعل مع المشكلات التي نواجهها، ولكن إراقة الدماء بشكل فظيع (مثلما قد يحدث في حرب بين روسيا والناتو) والرعب من حدوث ما هو أسوأ من ذلك هو ما سيجبر الدول الكبرى (أو المنتصرة) على معالجة هذا الفشل بإقامة نظام جديد. 

وهذا ما يبدو أنه يحدث جزئياً، حيث لم يعمل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة مطلقاً باعتباره الهيئة الأمنية العليا التي تصورها قائدا بريطانيا وأمريكا في نهاية الحرب العالمية الثانية فرانكلين روزفلت ووينستون تشرشل. 

فرغم أن المادة 1 من ميثاق الأمم المتحدة تنص على حرمة سيادة الدولة، لا يمكن لمجلس الأمن أن يفعل شيئاً لمنع روسيا من الهجوم على جارتها أوكرانيا، بالطبع فإن الكاتب يصور حرب أوكرانيا باعتبارها جريمة غير مسبوقة من قبل روسيا، متجاهلاً غزوات أمريكا المتعددة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

إدارة بايدن ترى أن النظام العالمي الحالي مهدد من قبل روسيا والصين

أصبح التأكيد على فكرة أن الغزو الروسي لأوكرانيا وصعود الصين يهددان النظام الدولي القائم على القواعد مطروحة بشكل كبير في الغرب، (كأن النظام الدولي كان في أحسن أحواله عندما كانت الحروب تدور بعيداً عن أوروبا).

وفي هذا الإطار تؤكد استراتيجية الأمن القومي التي أصدرتها إدارة بايدن مؤخراً، أن النظام القائم على القواعد في حد ذاته مهدد من قوى عظمى ذات "سياسات خارجية تحريفية". هذا اختصار لروسيا والصين، وبدرجة أقل إيران، حسب الكاتب.

ولكنه يعترف بأن العديد من الديمقراطيات خارج الغرب و"المحيطين الهندي والهادئ" لا تشترك في الشعور بالإلحاح بشأن التحديات التي تواجه هذا النظام، على الأقل إذا كانت تأتي من القوى التحريفية.

ويتساءل الكاتب عن الحل لهذه المعضلة، وما يمكن أن يحدث لصياغة نظام عالمي جديد بديل لمجلس الأمن إذا نشبت حرب الناتو وروسيا.

كتبت آن ماري سلوتر، المسؤولة السابقة في وزارة الخارجية في إدارة أوباما والتي تدير الآن مركز أبحاث أمريكا الجديدة، أنها وافقت بالتأكيد في وثيقة استراتيجية بايدن على أن الأزمات العالمية مثل تغير المناخ، أو الأوبئة، أو الأمن الغذائي تشكل تهديداً كبيراً على العالم بالقدر الذي تشكله أيضاً ما يوصف في الغرب بالدول التحريفية، وأن المشكلات العالمية تتطلب مؤسسات عالمية. 

البعض يقترح نظاماً عالمياً على شاكلة الاتحاد الأوروبي، ولكن واشنطن لن تثق به

لذلك، كتبت سلوتر إذا كان بإمكانها "التلويح بعصا سحرية"، فإنها ستبتكر مجلس أمن مؤلفاً من 25 عضواً مع التصويت المرجح بدلاً من حق النقض، ومجلساً اقتصادياً واجتماعياً، ومجلساً عالمياً للمعلومات والمراقبة، يعمل به وزراء حكوميون كبار، مع صلاحية اقتراح المبادرات، مثل المفوضية الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي. ستكون هذه الأمم المتحدة أكثر تمثيلاً وفاعلية من تلك التي لدينا اليوم. 

قد تكون مثل هذه الأمم المتحدة قادرة على وضع وتنفيذ سياسة بشأن القضايا العالمية حيث لا يمكن للأمم المتحدة الحالية فعل ذلك. 

ولكن هل ستثق الولايات المتحدة في مثل هذه الهيئة، خاصة فيما يتعلق بمسائل الأمن القومي في أعقاب صراع يكاد يعتبر بمثابة حرب عالمية ثالثة؟ يبدو من الصعب تصديق ذلك. 

كتب ميشيل دوكلوس، وهو دبلوماسي فرنسي سابق والآن حكيم مقيم في معهد مونتين، وهو مركز أبحاث ليبرالي رائد في فرنسا، أنه يجد السيناريو الذي طرحته معقولاً للغاية. في مثل هذه الحالة، كما يتوقع، سيُلقَى بمجلس الأمن في سلة مهملات التاريخ، بينما سيظهر "ملف مباشر غير رسمي"، ربما يتكون من الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي.

كان البعض الآخر يفكر على نفس المنوال. اقترح كل من ريتشارد هاس وتشارلز كوبشان، الرئيس والزميل الأقدم، على التوالي، في مجلس العلاقات الخارجية، "تضافراً غير رسمي للسلطات" مع عدم وجود سلطات تنفيذية فعلية، ولكن مع أمانة دائمة يمكنها الانخراط في دبلوماسية هادئة و"التشاور المستمر والتفاوض"، مثلما كان في مؤتمر فيينا لعام 1815. 

كل هذه الخطط تأسست على مسألة العضوية. ستشعر القوى الكبرى في العالم النامي بأنها مستبعدة. قد يجري تضمين الآخرين الذين لا ينبغي تضمينهم. 

في عام 2021، اقترح هاس وكوبشان وفاقاً بين الولايات المتحدة واليابان والهند والاتحاد الأوروبي والصين وروسيا. في عام 1945، اعتبر روزفلت جوزيف ستالين شريكاً مناسباً لمجلس الأمن الجديد. بحلول العام التالي، كان من الواضح أنه كان على خطأ. وكذلك اليوم. ألا يمكن أن نقول نفس الشيء غداً إزاء للصين؟ 

يبدو أن دول العالم النامي تراهن على التجمعات الإقليمية

جادل العديد من المستجيبين بأن هذا السيناريو لن يؤدي إلى لحظة خلق جديدة، ولكن إلى تجزئة جديدة. بالنظر إلى الشكوك العميقة في العالم النامي بشأن تأطير الرئيس الأمريكي جو بايدن لـ"الديمقراطيات مقابل الأنظمة الاستبدادية"، يطرح ريتشارد جوان، مدير الأمم المتحدة لمجموعة الأزمات الدولية، أن "القادة الأفارقة والآسيويين وغيرهم من القادة غير الغربيين من المرجح أن يتطلعوا إلى النوادي الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي أو رابطة دول جنوب شرق آسيا، بينما تسعى الدول الغربية إلى تقوية الناتو". يطرح جوان أن أي عمل جديد للتأسيس سيكون خليطاً من كل ذلك، إذ يقول: "سيكون الترتيب الناتج أكثر فوضوية مما نعرفه اليوم". وهكذا قد نشعر بالحنين إلى مجلس الأمن. 

لماذا لا تستطيع أمريكا استبعاد الصين من أي نظام عالمي رغم أنها تريد ذلك؟

هنا هو لب المشكلة. في النظام الأوروبي الأول، نظام ويستفاليا (الذي ظهر في منتصف القرن السابع عشر في أوروبا بعد حرب الثلاثين عاماً)، حيث اتفقت الدول التي تمثل وجهات نظر عالمية غير قابلة للتوفيق -الكاثوليكية والبروتستانتية- على عدم إزعاج أو معارضة النظام الداخلي لبعضها البعض. 

أما اليوم، ومع ذلك، يسعى كل من الغرب والصين إلى تشكيل نظام عالمي يتوافق مع قيمهما الخاصة. يمكن للغرب أن يسعى إلى استبعاد الصين، مثلما سعى الدبلوماسيون الذين اجتمعوا في مؤتمر فيينا لاحتواء الجمهورية الفرنسية. لكن المشكلات العالمية الكبرى لا يمكن حلها بدون الصين. علاوة على ذلك، فإن التأثير الهائل لبكين سيمنع العديد من الدول من الانضمام إلى هيئة أمنية جديدة استُبعِدَت منها، فإذا كان يمكنك العيش بدون روسيا. لا يمكنك العيش بدون الصين. 

هل تخترع واشنطن شرعية دولية جديدة تقتصر عليها وحلفائها؟

يقول الكاتب إن العالم بحاجة إلى منظمة عالمية أكثر فاعلية كوسيلة لصياغة حلول للمشاكل العالمية مع المشاركة الكاملة للعالم النامي. 

لا يمكن إيجاد بديل لمجلس الأمن أو التخلي عنه دون إثارة السخط، خاصة من دول مثل الهند التي كانت تنتظر دورها في العضوية. 

ويقول ربما يجب إضفاء الطابع الديمقراطي على مجلس الأمن كما تقترح سلوتر. لكن القوى العظمى ستستمر في نقل مخاوفها الأمنية إلى مكان آخر.

تتباهى استراتيجية الأمن القومي لبايدن بالهيئات الأمنية التي شكلتها أو عززتها، لا سيما في جوار الصين: AUKUS (أستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة) و Quad (الولايات المتحدة والهند وأستراليا واليابان). 

ولكن هل إذا تدهورت الأمور، وازدادت احتمالات عزلة روسيا ستسعى واشنطن لتجميع هذه الكتل معاً في جسد واحد؟ هل يمكننا أن نتخيل حلف الناتو الذي يتخلى عن حدوده الجغرافية أو نسخة من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تتعامل مع القضايا الأمنية، أي هيئة تجمع الدول التي ترى أمنها مرتبطاً بالنظام الحالي (أو بمعنى أدق الدول التي تتبنى وجهة نظر أمريكا).

يقول الكاتب إن الميثاق الذي يقترحه، يجب أن يشمل جميع الديمقراطيات، وهو افتراض غير دقيق، لأنه قائم على أن الديمقراطية ستأتي بالضرورة بأنظمة صديقة أو تابعة لأمريكا ومعادية للصين وروسيا، وهو أمر لا يحدث بالضرورة خاصة في مناطق مثل أمريكا الجنوبية وإفريقيا، وفي بلدان مثل باكستان أو إندونيسيا أو تركيا أو جنوب إفريقي، التي ترى أن مصالحها ليست متطابقة بالضرورة مع الغرب.

بل إنه يحاول أن يوسع هذا الكيان المفترض بحيث لا يشمل الديمقراطيات فقط، إذ يرى أن ما يسميه بالأنظمة الاستبدادية الليبرالية مثل الإمارات العربية المتحدة أو المغرب ستكون موضع ترحيب به. 

ويجب أن يتمتع هذا النظام من وجهة نظره ببعض القوة الجذابة التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي، بحيث يمكن أن يتوسع إلى الخارج من نواة صغيرة أولية كما حدث للاتحاد الأوروبي. 

ويقول: أي منظمة لا تشمل الصين يجب أن تكون قادرة على ضمان مزايا لأعضائها التي من شأنها أن تعوضهم عن أي عقوبات قد تهدد بها بكين. 

ويرى أن الصين ستكون مؤهلة للعضوية، طالما وافقت على قبول أحكام الهيئات القضائية الدولية، وإصلاح الجوانب التجارية في  اقتصادها المضرة بالآخرين، وتخفيف دعمها للديكتاتوريين الوحشيين في الخارج، حسب وصفه. وكذلك دعمها لروسيا.

ويعترف بصعوبة استبعاد بكين من أي بديل لمجلس الأمن، لأنه على عكس فرنسا عام 1815 أو ألمانيا عام 1919، فإن الصين هي القوة العظمى الصاعدة في العالم، وقريباً، ربما، ستكون أعظم قوة في العالم. 

ولذا يرى أنه من الصعب استبعادها لأنها قوة عظمى لم ترتكب، على عكس روسيا، عملاً عدوانياً مروعاً. 

ومع ذلك، قد يحدث العكس في وقت قريب جداً. إذا غزت الصين تايوان، فقد يؤدي ذلك إلى تشكيل نظام عالمي يضم الكاتب ما يسميه "فريق الليبرالية".

ولكن ما يتجاهله الكاتب أن هذا لن يكون بمثابة نظام عالمي، بل بمثابة توسيع للناتو، لأن ترك الصين وروسيا خارجه، مع عدد كبير من الدول التي قد ترفض الانحياز ضد الصين وموسكو، سيكون أبعد ما يكون عن كونه نظاماً عالمياً بديلاً لمجلس الأمن والأمم المتحدة.

الأهم أن محاولة هذا النظام ادعاء الشرعية الأخلاقية تبدو مثيرة للسخرية، لأنه باستثناء حربي روسيا في سوريا وأوكرانيا، فإن أغلب الحروب العدوانية الخارجة عن الشرعية الدولية خلال العقود الماضية نفذت من قبل أمريكا وحلفائها مثل حرب فيتنام والغزو الأمريكي لغرينادا وبنما وغزو العراق، وسلسلة طويلة من الحروب والهجمات الإسرائيلية ضد العرب، كثير منها كان بالأساس ضد المدنيين.

تحميل المزيد