عادت قضية حقل الغاز الطبيعي "غزة مارين" إلى الواجهة مجدداً وهو الذي تعثر لنحو 23 عاماً، حيث تعمل السلطة الفلسطينية وإسرائيل ومصر حالياً، بوساطة ومساعدة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، للدفع نحو تطوير حقل "غزة مارين" قبالة ساحل قطاع غزة. فما قصة هذه المحادثات، وما دول أزمة الطاقة الأوروبية فيها، وكيف ستستفيد إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية من هذا الاتفاق إن كتب له النجاح؟
ما قصة حقل "غزة مارين" للغاز الطبيعي؟
تقول وكالة رويترز إنه بينما تنتج مصر وإسرائيل الغاز في شرق البحر المتوسط منذ سنوات، ظل حقل غزة البحري، الذي يقع على بُعد حوالي 30 كيلومتراً قبالة ساحل غزة، غير مطوَّر بسبب الاحتلال الإسرائيلي والعوامل الاقتصادية.
في الماضي، تم تكليف شركة "بريتش غاز" بالتنقيب عن الغاز قبالة شواطئ غزة في عام 1999، وبعد عام واحد أعلنت الشركة اكتشاف حقل مارين غزة 2، لكن مجموعة BG أنهت العقد في عام 2016 بسبب العقبات الإسرائيلية المتكررة.
بعد ذلك، كان المشروع في يد شركة النفط العملاقة شل (SHELL)، التي تخلت عن حصتها في عام 2018. عن مجموعة أجنبية جديدة لتتولى مسؤولية المشروع الذي تبلغ تكلفته 1.1 مليار دولار لاستخراج ما يقدر بنحو 28 مليار متر مكعب (989 مليار قدم مكعب) من الغاز الطبيعي، وستحتفظ الشركات الفلسطينية بما لا يقل عن 55٪ من الأسهم، بحسب قرار مجلس الوزراء في ذلك الوقت.
وفي عام 2021 بدأت الشركة المصرية القابضة للغاز الطبيعي (إيجاس) التحدث مع صندوق الاستثمار الفلسطيني (PIF) وشركة المقاولين الموحدة للنفط والغاز (CCC)، وهو تحالف من الشركات المرخصة، لتطوير الحقل.
ويقول مسؤولون مصريون وفلسطينيون الآن إن مصر تهدف إلى الاستحواذ على عقود تطوير حقل الغاز الطبيعي البحري في غزة، فيما سيكون دفعة للاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني من ضائقة مالية.
لمن ستذهب أرباح حقل غزة للغاز الطبيعي بحسب الاتفاق الجديد؟
بحسب قناة كان العبرية، اتفقت مصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول 2022، على تطوير حقل الغاز الفلسطيني قبالة سواحل غزة، حيث ستعود أرباح حقل الغاز للسلطة الفلسطينية وإسرائيل، مع توسط مصر بين الطرفين في محاولة لتحسين الوضع المالي للسلطة الفلسطينية.
في الوقت نفسه، قال مسؤول كبير في القاهرة لصحيفة "جلوبس" العبرية في 20 أكتوبر/تشرين الأول، إنه كجزء من كون مصر مركزاً إقليمياً لإنتاج الغاز، ووسيطاً جيداً بين "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية وحماس، فإنهم يرون أن تطوير حقل مارين أمر إيجابي؛ حيث ستقلل مثل هذه الخطوة من الاعتماد على الديزل الذي يتم شراؤه من الخارج، وستوفر آلاف مصادر العمل لسكان غزة، الذين سيتم نقل الغاز إليهم بعد إسالته في مصر.
وذكرت التقارير العربية أن مسؤولي منظمة التحرير الفلسطينية وجهاز المخابرات المصرية – الهيئة التي تدير الاتصالات مؤخراً، أن "إسرائيل" استجابت لجهود مصر الأخيرة، للسماح بإنتاج الغاز من حقل مارين.
ومع ذلك كانت الحكومة الحالية في إسرائيل ستسعد بالترويج لهذه الخطوة، لكن في هذه المرحلة تفضل تل أبيب أن تبقيها "متواضعة" بسبب الانتخابات، بحسب صحيفة "جلوبس".
إسرائيل تخشى على حقول الغاز التي في يدها من صواريخ حماس
يقول مسؤول إسرائيلي رفيع للصحيفة إن "تطوير حقل مارين قد يهدئ من دوافع المنظمات الفلسطينية، وعلى رأسها حماس، لاستئناف إطلاق الصواريخ بشكل عام، وتهديد منشآت الغاز الإسرائيلية بشكل خاص".
و"تطوير مارين، على غرار الاتفاق مع لبنان، يخلق معادلة جديدة سيكون لدى حماس فيها الكثير لتخسره إذا جددت إطلاق النار"، كما يقول المسؤول الذي أشار إلى أنه خلال التصعيد في آب/أغسطس، تم إيقاف دخول عمال من قطاع غزة، الأمر الذي شكل ضغطاً على قيادة حماس.
وأضاف أن "حقل غاز فلسطيني سيزيد من أدوات الضغط على حماس عدة مرات"، حسب تعبيره. ووفقاً للتقديرات الإسرائيلية فإن التحرك العملي في مارين سيحدث فقط في عام 2024، إن تم الاتفاق من جميع الأطراف على ذلك.
وتقول صحيفة Globes إن قضية تطوير حقل مارين لها جانب مهم آخر، وهو السلطة الفلسطينية، فإسرائيل والولايات المتحدة غير مستعدين للسماح لحماس بالوصول المباشر إلى المشاريع الدولية الكبيرة في القطاع، ويفترض أن تكون السلطة الفلسطينية هي الجهة التي تدير منح امتيازات الحفر والإنتاج في مارين، على افتراض أن كميات الغاز وظروف التضاريس تسمح بهذه.
لا تنوي حماس التخلي عن أي دور مهم في العملية، وفي الشهر الماضي نظمت مظاهرة في ميناء غزة طالب فيها المتحدثون من ممثلي حماس والفصائل الأخرى بالسماح لسكان غزة بالاستفادة من مواردهم الغازية، ومنع إسرائيل من سرقة "الكنز الفلسطيني".
ما علاقة أزمة الطاقة الأوروبية في حقل "غزة مارين"؟
يقول مسؤول في السلطة الفلسطينية الاتصالات؛ حيث تجري الهيئة مفاوضات مع عدة شركات عالمية، منها شركة إنرجيان التي تنتج الغاز من حقل غاز كاريش، وشركة توتال الفرنسية التي من المفترض أن تقوم بأعمال الحفر في حقل غاز قانا.
وأضاف المسؤول لصحيفة Globes أن "القضية أثيرت في كل زيارة يقوم بها كبار المسؤولين من أوروبا إلى المنطقة، بما في ذلك زيارة رئيسة مفوضية الاتحاد الأوروبي، أورسولا فون دير لاين، في يونيو/حزيران الماضي".
وبحسبه، في إطار التفاهمات التي تم التوصل إليها، ستشرف مصر وإسرائيل على الإنتاج، حيث سيتم استخدام جزء منه كمحطة توليد الكهرباء في قطاع غزة، الذي سيتم تحويلها إلى التشغيل بالغاز، مشيراً إلى أنه سيتم تصدير جزء كبير من الغاز إلى منشآت التسييل في مصر ومن هناك إلى أوروبا، حيث تعاني القارة من أزمة في الطاقة بسبب الخلافات مع روسيا والحرب في أوكرانيا. وبالتالي من المهم لأوروبا إنجاز هذا الاتفاق بين إسرائيل ومصر والفلسطينيين.
ومن أجل دفع عملية الإنتاج إلى الأمام، سيكون الاتفاق بين جميع الأطراف ضرورياً لضمان وضعه القانوني ووضعه الأمني، وفي أجواء الشرق الأوسط المتفجر، سيكون من الصعب للغاية التوصل إلى مثل هذا الاتفاق في الوقت الحالي، بحسب صحيفة جلوبس الإسرائيلية.