أزمة سياسة إضافية تهدد لبنان مع اقتراب نهاية ولاية الرئيس الحالي ميشال عون الشهر القادم، في ظل عدم الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للبنان، والجدل حول إمكانية تولي حكومة نجيب ميقاتي سلطات الرئيس رغم أنها حكومة تصريف أعمال، ومخاوف من محاولة عون تغييرها أو البقاء في الرئاسة بعد نهاية مدته.
وفي الأول من سبتمبر/أيلول الجاري بدأت المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من قبل أعضاء مجلس النواب اللبناني، وتنتهي يوم 31 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، أي إن الرئيس يفترض أن يغادر قصر الرئاسة في ذلك الوقت، حيث إن الدستور اللبناني لا يوجد به شيء يجعل الرئيس يستمر في منصبه مثل الحكومات التي تبقى بعد استقالتها لتصريف الأعمال لحين تشكيل حكومة جديدة.
ووجه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، أمس الثلاثاء، دعوة لعقد جلسة نيابية غداً الخميس لانتخاب رئيس للجمهورية.
وقد أربكت هذه الدعوة الكتل النيابية، لأنها جاءت دون الإعلان عن التوافق التقليدي لعقد الجلسة وانتخاب الرئيس.
وتدوم مدة ولاية الرئيس 6 سنوات غير قابلة للتجديد، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا بعد مرور 6 سنوات على انتهاء ولايته الأولى، علماً أن هذه القاعدة تمّ اختراقها في حالتين، في عهد الرئيسين الأسبقين إلياس الهراوي (1989-1998) والعماد إميل لحود (1998-2007).
انتخاب رئيس جديد للبنان دوماً مسألة صعبة
وبحسب الدستور، يُنتخب الرئيس بالاقتراع السرّي بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، في حين تكفي الغالبية المطلقة (النصف+1) لانتخابه في دورات الاقتراع التي تلي ذلك.
وفي تصريحٍ سابق، ربط بري الدعوة لهذه الجلسة بإقرار المجلس النيابي إصلاحات تمثل شروطاً مسبقة لبرنامج إنقاذ مقدّم من صندوق النقد الدولي.
وتقليدياً مسألة انتخاب رئيس للبلاد شديدة الصعوبة لأنها تحتاج لتوافقات كبيرة، بما في ذلك ضوء أخضر من القوى الإقليمية والدولية عادة، وبينما يحتاج انتخاب الرئيس لأغلبية النصف+1، فإن عقد الجلسة يستلزم الوصول لنصاب الثلثين، وهو ما مكن قوى لبنانية عادة من تعطيل انتخاب الرئيس مثلما حدث بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، حيث امتنعت كتلة 8 آذار بقيادة حزب الله والتيار العوني عن توفير النصاب اللازم لعقد الجلسة، ما خلق فراغاً رئاسياً لمدة تزيد عن العامين، قبل أن يوافق زعيم تيار المستقبل، سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية عام 2016 على انتخاب عون المدعوم أصلاً من حزب الله.
ولكن الأمر أعقد كثيراً هذه المرة
غير أن الأمر أكثر تعقيداً بشكل كبير هذه المرة..
فأولاً: مجلس النواب متشرذم بشكل غير مسبوق منذ عقود، بين كتلة 8 آذار التي تضم حزب الله وحركة أمل والتيار العوني وحلفائهما، والتي خسرت الأغلبية في الانتخابات الأخيرة، وكتلة بقايا 14 آذار التي يعد حزب القوات اللبنانية أكبر مكوناتها، بينما يغيب تقريباً تيار المستقبل الممثل للطائفة السنية عن البرلمان بعد مقاطعته للانتخابات.
ويزيد الأمر تعقيداً ظهور كتلة ثالثة مستقلة توصف بالتغييرية تضم أعضاءً من المجتمع المدني الذين يعتبرون أنفسهم معارضين للطبقة الحاكمة التقليدية التي تضم 14 و8 آذار.
أي إنه لا توجد أية كتلة تمتلك الأغلبية اللازمة لانتخاب رئيس البلاد.
والحكومة التي يفترض أن تتولي صلاحيات الرئيس هي حكومة تصريف أعمال
ويزداد التعقيد أنه في حال عدم انتخاب رئيس جديد للبنان، فإن الدستور ينقل صلاحياته إلى الحكومة، ولكن الحكومة الحالية هي حكومة مستقيلة، وبالتالي هي حكومة تصريف أعمال، ولذا يرى البعض خاصة من مؤيدي الرئيس عون أنه ليس من سلطاتها تولي صلاحيات الرئيس.
وفي مارس/آذار 202، أعلن رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استقالة الحكومة، وذلك بسبب خلاف حاد داخل مجلس الوزراء على استحقاق الانتخابات النيابية وتعيينات أمنية، داعياً إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطني.
وسبق أن أعرب وزير الإعلام اللبناني زياد المكاري، عن تفاؤله بسرعة إنجاز الخطوات الخاصة بتعويم الحكومة الحالية ونيلها الثقة بعد إجراء تعديلات على تركيبتها، قبل نهاية المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، خلفاً للرئيس الحالي، باعتبار أن الحكومة تنتقل لها صلاحيات رئيس الجمهورية حال تعثر مجلس النواب في انتخاب رئيس جديد ضمن المهلة الدستورية (مدتها شهران قبل انتهاء ولاية الرئيس).
ولكن من الواضح أن فرص نيل الحكومة الثقة ستتراجع بشكل كبير.
وفي ظل حرب الصلاحيات نشرت صحيفة الشرق الأوسط السعودية دراسة دستورية خاصة أعدها أمين عام مجلس الوزراء اللبناني القاضي محمود مكية حول الوضع القانوني، في حال لم يتمكن البرلمان اللبناني من انتخاب خلف للرئيس ميشال عون، أشارت إلى أن الفقه والاجتهادين اللبناني والفرنسي استقروا على اعتبار أنَّ صلاحيات رئيس الجمهورية، تُمارس من قِبل مجلس الوزراء كهيئة جماعية، وباستطاعة المجلس المنوط به صلاحيات رئيس الجمهورية مؤقتاً أن يُمارس من دون أي قيد كلَّ الصلاحيات التي يُمارسها دستورياً رئيس الجمهورية.
ورداً على الحجة بأنَّ حكومة ميقاتي مستقيلة وبالتالي لا تستطيع ممارسة صلاحيات الرئيس، بالوكالة، يقول مكية إنَّه تحاشياً للوقوع في فراغ الحُكم، وحرصاً على سلامة الدولة يحق للحكومة المُستقيلة أن تتولى صلاحيات الرئاسة بالوكالة إلى أن يتمكن المجلس من اختيار رئيس جديد، وذلك بشرط واحد، وهو أن تكون مُضطرة لذلك، حفظاً للمصلحة العامة.
هل يصر عون على البقاء في القصر الرئاسي كما فعل من قبل؟
وقد تصل الأزمة إلى ذروتها إذا امتنع عون عن مغادرة القصر الرئاسي واعتبر نفسه قائماً بأعمال رئيس، وهو ليس له سابقة في التاريخ اللبناني، ولكن عون نفسه قام بأمر مشابه.
فلقد سبق لعون، خلال فترة نهاية الحرب عام 1989، أن تولى رئاسة الحكومة التي هي حكر للطائفة السنية بالمخالفة للدستور والميثاق اللبنانيين.
ففي آخر يوم من ولاية الرئيس الأسبق أمين الجميل كلف الأخير عون، الذي كان قائداً للجيش، بتشكيل حكومة عسكرية انتقالية تتولى مسؤوليات رئيس الجمهورية، بعدما عجز المجلس النيابي عن انتخاب خليفة للجميل، فيما كانت حكومة رئيس الوزراء السني سليم الحص قد استقالت، ولكنها عادت عن استقالتها بعد تعيين عون، ما جعل في لبنان حكومتين من دون رئيس جمهورية، علماً بأن الدستور اللبناني ينص بشكل واضح على أن منصب رئيس الحكومة حكر للطائفة السنية.
وآنذاك أصر عون على أنه حاكم البلاد الشرعي اعتماداً على قوة الجيش الذي كان يقوده، حيث حكم بالفعل كثيراً من المناطق المسيحية، ولم يعترف باتفاق الطائف الذي أبرم بدفع سوري سعودي، والذي أدى لانتخاب رئيس جمهورية جديد، رينيه معوض.
ولم يخرج عون من قصر الرئاسة إلا بعد قصف الجيش السوري له، حيث فر للسفارة الفرنسية قبل أن يذهب للمنفى في باريس، وتعرض تياره لاضطهاد النظام السوري لسنوات، قبل أن يعود عون للبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري عام 2005، واندلاع ما عرف بثورة الأرز التي ساهمت في إنهاء وجود الجيش السوري بالبلاد، ثم تحالف عون بعد ذلك مع حزب الله.
وألمح عون العام الماضي إلى هذا السيناريو، عندما قال إنه إذا قرر مجلس النواب بقاءه فسيبقى نافياً إمكانية حصول فراغ في المنصب.
هل يسحب عون رئاسة الحكومة من الطائفة السنية ويمنحها لصهره؟
ومع أن عون توقف عن التلويح بالبقاء، ولكنه استبدل ذلك بتسريبات عن سحب التكليف بتشكيل الحكومة من رئيس الوزراء المكلف نجيب ميقاتي، وتعيين حكومة جديدة بدلاً منها، (لتصبح حكومة بديلة قائمة بالأعمال، وبالتالي تتولى السلطة وتضمن سيطرته على الرئاسة).
وأشارت مصادر إلى انكباب مستشارين قانونيين على استخراج اجتهادات بدعوى حكم الضرورة تبرر لرئيس الجمهورية القيام بخطوتين كبيرتين قبيل مغادرته الرئاسة، تتمثل الأولى في سحب تكليف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة، والثانية تعيين جبران باسيل رئيساً لحكومة انتقالية، ووضع الجميع أمام أمر واقع.
وهو أمر رد عليه وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري الذي ينتمي لتيار المردة المسيحي الحليف لحزب الله بالقول إن هذا الأمر ليس من صلاحيات رئيس الجمهورية، نظراً لأن التكليف بترؤس وتأليف الحكومة يتم من خلال استشارات نيابية ملزمة بين رئيس البلاد وأعضاء مجلس النواب، ومن ثم لا يتم سحب التكليف إلا بمعرفة البرلمان.
وقال عون في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "أغادر القصر إذا كان يوماً طبيعياً، ولكن إذا شعرت بوقوع مؤامرة لن أقف مكتوف اليدين"، مضيفاً: "لا يمكن لحكومة تصريف الأعمال تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية. إذا يحصل ذلك لا يخالف الدستور فحسب، بل يعرّضنا لأزمة وطنية حقيقية قابلة للاشتعال. وصولنا إلى هذا اليوم يعني أن على مفتعلي المشكلة تحمّل المسؤولية كاملة. أتمسّك بوجهة نظري هذه، وأصرّ على حكومة مكتملة المواصفات الدستورية".
وأضافت المصادر أن هذا السيناريو يزيد من احتمالاته رفض باسيل تسمية رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، ثم محاولاته أن يفرض عليه الاحتفاظ بحصته الوزارية في الحكومة الجديدة، وتعطيل التشكيلة الحكومية التي قدمها ميقاتي للرئيس عون، وتكبيله بالشروط لمنع التشكيل، لكي يضمن لفريقه الثلث المعطل داخل حكومة إدارة الشغور الرئاسي.
الرئاسة تمثل ورقة عون وباسيل الأخيرة بعد هزيمة تيارهما بالانتخابات
ويقدم عون نفسه تقليدياً باعتباره أقوى زعيم مسيحي (كان صاحب أكبر كتلة مسيحية لسنوات قبل أن يتفوق عليه حزب الكتائب بالانتخابات الأخيرة)، وبالتالي يعتبر أن رئاسة الجمهورية من حقه، وأن أي مساس بما يعتبره حقوقه، هو مساس بحقوق المسيحيين التقليدية.
ومن المرجح أن عون يريد أن يكون خليفته في المنصب هو زوج ابنته جبران باسيل، الذي جعله بالفعل خليفته في رئاسة التيار الوطني الحر (التيار العوني)، متخطياً شخصيات في التيار أكثر شعبية.
ولكن باسيل ينظر له على أنه شخصية غير محبوبة، حتى في أوساط التيار، حيث سبق أن رسب في الانتخابات النيابية في دائرته في البترون، كما يعتقد أن توليه رئاسة التيار العوني جاء بضغط من عون الذي زكاه كرئيس للتيار على شخصيات أكثر شعبية مثل ابن أخته آلان عون، وميشال روكاز زوج ابنة الرئيس الأخرى، والقائد العسكري الذي يعتقد أنه كان يحظى باحترام كبير.
وكان عون يعتمد في جهوده لتعزيز نفوذه على حقيقة أنه صاحب أكبر كتلة برلمانية مسيحية، وهو أمر لم يعد موجوداً، إلى جانب دعم حليفه حزب الله.
ولكن الحزب لا يُعرف هل يدعم ترشح باسيل للرئاسة، خاصة أن الأخير علاقته سيئة بحلفاء الحزب الآخرين وفي مقدمتهم حركة أمل الشيعية (التي لم تنتخب عون)، وتيار المردة ثاني أكبر قوة مسيحية في 8 آذار، والذي ينظر زعيمه سليمان فرنجية (حفيد الرئيس سليمان فرنجية) لنفسه على أنه أحق بالرئاسة.
كما أن حزب الله لديه قلق ذاتي من باسيل، سواء لشعبيته المتدهورة وتوسعه في تحقيق مكاسب سياسية على حساب الجميع، والأهم أن الحزب قد يكون لديه شكوك في أن باسيل قد يتخلى عن تحالفه معه لإرضاء الأمريكيين.
والأهم من كل ذلك أن الظروف التي كانت متاحة لتحقيق التوافق على انتخاب الرئيس وتوفير نصاب الثلثين للجلسة، لم تعد موجودة في ظل التشرذم الشديد للكتل النيابية، وغياب أي توافق لتيار عون مع تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية، الذي كان سبباً لانتخاب عون رئيساً للبلاد عام 2016.
وفي ظل تراجع شعبية التيار العوني الذي ظهر واضحاً في الانتخابات الأخيرة، فإن الرئاسة بمثابة آخر ورقة مهمة في يد باسيل وعون، وخروج الأخير من القصر دون مكاسب قد يجعله أضعف، الأمر الذي يزيد من احتمالات أنه لن يقبل بالخروج السلس.
ولكن المشكلة أن تشكيل عون لحكومة تابعة له برئاسة باسيل أو غيره، ليس فقط سيمثل أزمة سياسية، وقد يكون مخالفاً للدستور، ولكن سيمثل تعدياً على حقوق ميثاقية ودستورية للطائفة السنية.
وعادة فإن الاعتداء في لبنان على ما يوصف بحقوق الطوائف أكثر مدعاة للقلق والحساسية من حقوق الدولة نفسها.
فأية محاولة لتنصيب باسيل رئيساً للحكومة لن تعتبر تعدياً على سلطة ميقاتي، بل ستكون تعدياً خطيراً على الطائفة السنية، الأمر الذي قد يثير ردود فعل كبيرة.
هل يتم انتخاب قائد الجيش رئيساً للبلاد كما جرى من قبل؟
في ظل هذه الخلافات وصعوبة الاتفاق بين القوى السياسية على مرشح، قد يصعد احتمال التوافق على شخصيةٍ من داخل مؤسسات الدولة، كقائد الجيش العماد جوزيف عون باعتباره خياراً توافقياً للقوى السياسية التي يتشكل منها البرلمان، مثلما حدث مع الرئيس السابق ميشال سليمان الذي كان قائداً للجيش عشية انتخابه.
وقادة الجيش يُعدّون من المرشحين الدائمين لرئاسة الجمهورية في لبنان، ولكن يعتقد أن حزب الله قد يكون متوجساً من هذا الخيار، لأنه سبق أن أيد وصول سليمان للرئاسة باعتباره محايداً، خاصة أن الأخير كان قائداً للجيش خلال هجمات حزب الله وحركة أمل على السنة والدروز فيما يعرف بأحداث 7 مارس/آذار 2008، ولم يتدخل الجيش لمنعها أو حماية أهل بيروت.
ولكن بعد توليه السلطة نظر حزب الله لسياسة سليمان على أنها أقرب لقوى 14 آذار، وأنها تراعي المصالح السعودية والأمريكية، ولذا أصر الحزب على انتخاب عون باعتباره حليفه في الانتخابات التالية.
وما قد يزيد من توجس حزب الله من ترشيح قائد الجيش الحالي جوزيف عون أنه يُدرَج في خانة المقرّبين من الولايات المتحدة، حيث تعد واشنطن الداعم الأكبر للجيش اللبناني.
أم يكون سليمان فرنجية هو الرئيس؟
يبدو أن الحزب لا يثق في باسيل، خليفة عون المحتمل، ولا في قائد الجيش جوزيف عون.
وقد يفضل الحزب سليمان فرنجية الزعيم المسيحي الذي يتمتع بصداقة شخصية وعائلة قديمة الجذور مع رئيس النظام الرئيس السوري بشار الأسد وعائلته، كما أن فرنجية حليف قوي لحزب الله، وتحسنت علاقته بزعيم تيار المستقبل سعد الحريري.
ولكن فرنجية ينظر له عربياً ودولياً ولبنانياً أنه أقرب أكثر مما ينبغي لسوريا وحزب الله، كما أنه من حيث الوزن السياسي أقل من عون وكذلك من سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية (بين الطرفين خصومة مريرة تعود للحرب الأهلية، حيث يتهم جعجع باغتيال والد فرنجية).
إضافة إلى ترشيح حزب الله لفرنجية قد يفجر خلافاً أكبر مع باسيل وعون، والتيار العوني ما زال أكبر حليف مسيحي لحزب الله، حتى لو لم يكن الأقرب.
حديث عن شخصية مالية
"كما يمكن الاتفاق على شخصية من خارج النادي السياسي لها اهتمامات مالية واقتصادية قادرة على وضع خطة بالتعاون مع القوى الداخلية والخارجية، لتأتي إلى رئاسة الجمهورية"، حسبما قال الصحفي والمحلل السياسي منير الربيع لقناة "الجزيرة".
وتقليدياً فإن التوافق على رئيس لبنان عملية معقدة تتطلب موافقة معظم القوى الرئيسية في البلاد، إضافة لداعميهم الدوليين والإقليميين، ولكن في الانتخابات الحالية تتداخل تعقيدات طموحات عون وباسيل (والعداء الشعبي لهما حتى من تيارهما) مع مخاوف حزب الله من رئيس يناهض سلاحه، في ظل رغبات معلنة للولايات المتحدة والسعودية في فتح هذا الملف.
كل ذلك يأتي في وسط أزمة مالية هي الأسوأ عالمياً منذ قرن ونصف، حسب البنك الدولي، وهي تضيف تعقيدات جديدة، لأن الرئيس الجديد يجب أن يكون مقبولاً؛ من القوى الغربية والعربية التي ستنقذ لبنان مالياً، ومقبولاً من المجتمع المدني الناشط ضد الطبقة والسياسية والمصارف، وقادراً في الوقت ذاته على التعامل مع المصارف لحل الأزمة!
ومنذ صعود نفوذ حزب الله السياسي، يصعب أن يتم اختيار رئيس دون موافقته، وبينما يعتقد أن فرنسا، قد تتفاوض مع الحزب على مرشح للرئاسة قد يكون مقبولاً من تيار المستقبل أيضاً، فإنه يعتقد أن السعودية والولايات المتحدة قد تجاوزتا مرحلة القبول لرئيس حليف لحزب الله أو يراعي شروطه، وأن الرياض تحديداً ترى أن قبول شروط الحزب عزز قوته.
وصوت السعودية في انتخابات الرئاسة اللبنانية مهم للغاية، سواء لتأثيرها على الطائفة السنية وعلى حزب القوات اللبنانية، أم لدورها المهم في إنقاذ الاقتصاد اللبناني.