لماذا أخفق العلماء في صنع خدم من الروبوتات؟ إليك مهام منزلية يصعب عليهم أداؤها حتى اليوم

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/13 الساعة 21:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/13 الساعة 21:25 بتوقيت غرينتش
روبوت صيني مدمج مع Amazon Alexa/رويترز

"روبوت يكنس ويطبخ وينظف البيت"، إنه حلم تتمنى كل امرأة أن تراه قريباً، ولكن ماذا يقول العلماء؟ هل يتوقعون أن نرى الروبوتات المنزلية تتولى أعباء البيوت قريباً؟  

يزداد الاهتمام بتطوير وتسويق الروبوتات المنزلية القادرة على تأدية مختلف المهام المنزلية المتنوعة، بالتزامن مع التقدم الذي شهدته مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الروبوتية.

حيث تبني شركة Tesla روبوت الإنسان الآلي حالياً وفقاً لرئيس الشركة التنفيذي إيلون ماسك، والذي يُمكن استخدامه لطهي الوجبات ومساعدة كبار السن. كما استحوذت Amazon مؤخراً على شركة iRobot، مُصنعة المكانس الكهربائية الروبوتية البارزة، وتستثمر الشركة على نطاقٍ واسع في هذه التقنية من خلال برنامج Amazon Robotics الهادف إلى تقديم التقنيات الروبوتية للسوق الاستهلاكية. 

وفي مايو/أيار عام 2022، أعلنت شركة Dyson المعروفة بمكانسها الكهربائية القوية أنها تخطط لبناء أكبر مركز روبوتات في المملكة المتحدة، ليتخصص في تطوير الروبوتات المنزلية القادرة على تنفيذ المهام المنزلية اليومية داخل المساحات السكنية.

ورغم الاهتمام المتزايد، لكن المستهلكين المحتملين لهذه الروبوتات المنزلية قد يضطرون للانتظار طويلاً قبل أن تصل للأسواق. وربما تُستخدم أجهزة مثل منظم الحرارة الذكي وأنظمة الأمان الذكية في المنازل اليوم على نطاقٍ واسع، لكن الروبوتات المنزلية المخصصة للاستخدام التجاري لا تزال فكرةً في مهدها، حسبما ورد في تقرير بموقع The Daily Beast الأمريكي.

لماذا يصعب الاعتماد على الروبوتات المنزلية؟

يقول كاتب التقرير: "أعرف تمام المعرفة أن بناء الروبوتات المنزلية أصعب بكثير من بناء الأجهزة الرقمية الذكية أو الروبوتات الصناعية، وذلك بصفتي باحثاً في علم الروبوتات".

إذ يكمن أحد وجوه الاختلاف الرئيسية بين الأجهزة الرقمية ونظيرتها الروبوتية في أن الروبوتات المنزلية عليها التعامل مع الأغراض من خلال التلامس المادي، حتى تتمكن من تنفيذ مهامها. حيث سيتعيّن على الروبوت حمل الأطباق، وتحريك الكراسي، والتقاط الملابس المتسخة لوضعها في الغسالة. وتحتاج هذه العمليات لروبوت قادر على التعامل مع الأغراض القابلة للكسر، والطرية، والثقيلة أحياناً، وذات الأشكال غير المنتظمة دائماً.

وتؤدي خوارزميات التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي المتطورة عملها بشكلٍ جيد وسط بيئات المحاكاة. لكن الاتصال بالأغراض في العالم الواقعي يتسبب في تعثرها. ويحدث هذا نظراً لصعوبة نمذجة الاتصال المادي، وصعوبة التحكم فيه. وربما يسهل على البشر تنفيذ مثل هذه المهام، لكن لا تزال هناك عقبات تقنية كبيرة أمام الروبوتات المنزلية من أجل بلوغ مستوى قريب من البشر في التعامل مع الأغراض.

إنها لا تستطيع محاكاة البشر في التحكم والشعور

وتواجه الروبوتات صعوبة في اثنين من جوانب المناورة بالأغراض، وهما التحكم والشعور. حيث يجري تجهيز العديد من أجهزة روبوت "المناور" للالتقاط والوضع بمقبض بسيط أو أدوات متخصصة، وتختص هذه الأدوات بتأدية مهام بعينها مثل الإمساك بجزءٍ معين وحمله. 

بينما تواجه هذه الروبوتات صعوبةً في المناورة بالأغراض ذات الأشكال غير المنتظمة أو المصنوعة من مواد مرنة عادةً، لأنها لا تتمتع بالقوة الكافية أو رد الفعل اللمسي الذي يتمتع به البشر فطرياً. ولا يزال بناء ذراع روبوت متعددة الأغراض بأصابع مرنة يمثل تحدياً تقنياً ومكلفاً.

..وتحتاج إلى أن تكون ثابتة

تجدر الإشارة كذلك إلى أن روبوت المناور التقليدي يحتاج إلى منصة ثابتة لتأدية مهامه بدقة، لكن دقته تنخفض بشدة عند استخدامه على منصات متحركة، وخاصةً مع اختلاف الأسطح. ويمثل تنسيق حركة ومناورة الروبوتات المتحركة مشكلةً عامة يواجهها مجتمع علم الروبوتات، ويجب حلها أولاً قبل وصول الروبوتات المنزلية واسعة القدرات إلى الأسواق.

يجري عادةً تنظيم البيئة أو تسلسل المهام بصرامةٍ شديدة داخل خط التجميع الصناعي أو المستودع. مما يسمح للمهندسين ببرمجة حركات الروبوت مسبقاً، أو استخدام وسائل بسيطة مثل رموز الاستجابة السريعة لتحديد مواقع الأغراض والوجهات المستهدفة. لكن الأغراض المنزلية ليست منظمة، ويجري وضعها بشكلٍ عشوائي في المعتاد.

ولا تستطيع التعامل مع طبيعة البيوت الفوضوية

يتعين على الروبوتات المنزلية التعامل مع الكثير من الاحتمالات غير المؤكدة داخل أماكن عملها. إذ يجب أن يبدأ الروبوت بتحديد موقع الغرض المستهدف ورصده وسط العديد من الأغراض الأخرى. كما سيحتاج في كثير من الأحيان لإزالة أو تجنب العقبات الأخرى داخل مكان العمل، حتى يتمكن من الوصول إلى الغرض وتأدية المهمة المطلوبة. ويتطلب هذا أن يتمتع الروبوت بنظام إدراك ممتاز، ومهارات تنقل فعالة، وقدرات مناورة دقيقة وقوية.

ويعلم مستخدمو المكانس الكهربائية الروبوتية مثلاً أن عليهم إزالة كافة قطع الأثاث الصغيرة والعوائق الأخرى كالأسلاك من أرضية الغرفة، لأن أفضل أنواع المكانس الروبوتية لن تتمكن من إزالة تلك الأشياء بنفسها. والأصعب من ذلك أن على الروبوت العمل في وجود عوائق متحركة، مثل البشر والحيوانات الأليفة التي تمشي على مسافةٍ قريبة.

الروبوتات المنزلية
الروبوتات تواجه صعوبة في أداء المهام المنزلية/رويترز

وتبدو هذه المهام المنزلية بسيطةً بالنسبة للبشر، لكن العديد منها يعتبر شديد التعقيد بالنسبة للروبوتات. وتُعتبر الروبوتات الصناعية مثاليةً في تأدية العمليات التكرارية، لأنه بالإمكان برمجة حركة الروبوت مسبقاً. لكن المهام المنزلية عادةً ما تكون فريدةً من نوعها وتختلف بحسب الموقف، وربما تكون مليئةً بالمفاجآت التي تحتاج لروبوت قادر على اتخاذ القرارات وتغيير مساره من أجل تأدية المهام طوال الوقت.

ولنأخذ الطهي أو غسيل الأطباق على سبيل المثال. حيث يتعين على المرء في غضون بضع دقائق من الطهي أن يمسك بمقلاة الخضار، وملعقة، ومقبض الفرن، ومقبض الثلاجة، وبيضة، وزجاجة زيت الطهي.

الروبوتات ذات المظهر البشري ما زالت قيد التجارب، والبديل قد يكون الروبوتات المتخصصة

ولا شك أننا شهدنا خلال السنوات الأخيرة تطوراً كبيراً في استخدام التعلم الآلي لتدريب الروبوتات على اتخاذ قرارات ذكية أثناء التقاط ووضع الأغراض المختلفة، أي إمساك الأغراض ونقلها من مكان لآخر. لكن تدريب الروبوتات على إتقان استخدام جميع أدوات المطبخ والأجهزة المنزلية المختلفة سيمثل صعوبةً كبيرة، حتى بالنسبة لأفضل خوارزميات التعلم.

ناهيك عن أن بيوت الناس تحتوي عادةً على سلالم، وممرات ضيقة، وأرفف عالية. وتتسبب هذه المساحات التي يصعب الوصول إليها في تقييد استخدام الروبوتات المتحركة المعاصرة، التي تميل للحركة باستخدام العجلات أو أربع أرجل. أما روبوتات الإنسآلة بشرية الشكل، فستكون متوافقةً أكثر مع البيئات التي يبنيها البشر وينظمونها بأنفسهم. لكن هذه الروبوتات لم تُستخدم بشكلٍ اعتمادي خارج إعدادات المختبر حتى الآن.

وتكمن إحدى حلول مشكلة تعقيد المهام في بناء روبوتات متخصصة، مثل المكانس الكهربائية الروبوتية أو روبوتات المطابخ. ومن المرجح تطوير العديد من هذه الأجهزة في المستقبل القريب. لكنني مقتنع بأن إنتاج الروبوت المنزلي متعدد الأغراض لا يزال حلماً بعيد المنال.

تحميل المزيد