"بدلات التبريد" تقنية جديدة، تهدف إلى تخفيف تأثيرات الحرارة الشديدة على العمال، بدأت قطر في توزيعها على العمال الذين يشاركون في تشييد منشآت كأس العالم.
ففي دولة تتجاوز فيها درجات الحرارة بانتظام 48 درجة مئوية مع نسبة رطوبة 70% في الصيف، يعد الحفاظ على البرودة أمراً بالغ الأهمية، ولكن المشكلة أن الظروف المناخية القاسية في قطر، جعلت بدلات التبريد المصممة لمناطق أخرى غير مناسبة لطقس الجزيرة العربية الحار وشديد الرطوبة.
ولذلك سعت البلاد إلى تطوير بدلات تبريد مناسبة لمناخها، حسبما ورد في تقرير لمنظمة The Pulitzer Center الأمريكية.
ومع ارتفاع درجات الحرارة العالمية بسبب تغير المناخ، Tسوف يصبح هناك حاجة أكبر إلى بدلات التبريد على مستوى العالم، ويمكن أن تبدأ الملابس المصممة لحماية عمال البناء في مشروعات كأس العالم في قطر في الظهور بمواقع العمل في جميع أنحاء العالم.
بدلات التبريد الخاصة بكاليفورنيا أخفقت مع مناخ الجزيرة العربية
منذ مُنحَت قطر حقوق استضافة كأس العالم في عام 2010، ركزت منظمات حقوق الإنسان ووسائل الإعلام على وضع القوى العاملة المهاجرة الكبيرة في البلاد، التي يبلغ قوامها مليوني شخص.
وبينما العمال في قطر مكلّفون ببناء ناطحات السحاب والطرق والملاعب وخط المترو في أحد أكثر المناخات قسوة على وجه الأرض، لم يكن لديهم سوى القليل من الحماية وعانوا من ظروف الحرارة الشديدة في مواقع البناء لمختلف المشاريع في جميع أنحاء البلاد.
لم تعمل أي من سترات أو بدلات التبريد الجاهزة والمعروفة من قبل في الظروف القطرية، كما يقول محمود قطب، المدير التنفيذي للجنة العليا لرعاية العمال وحقوق العمال.
كانت سترات التبريد المبطنة بأكياس الثلج مرهقة للغاية، ولم تعمل الألياف عالية التقنية ذات الخاصية الشعرية، والمصممة لظروف كاليفورنيا، في الرطوبة العالية في قطر، كما لم تكن المعدات الرياضية عالية الأداء قوية بما يكفي لموقع البناء. يقول قطب: "أدركنا أننا بحاجة إلى اختراع شيء مبتكر يمكن أن يتكيف مع الظروف الصعبة للبناء في قطر".
لذا طلبت الدوحة تصميم بدلات مناسبة لطقسها.. إليك كيف تعمل؟
في عام 2017، طلب المدير التنفيذي للجنة العليا لرعاية العمال وحقوق العمال من شركة ملابس التبريد Techniche في المملكة المتحدة التعاون في حل جديد مصمم خصوصاً لمواقع البناء القطرية.
وبالتعاون مع علماء في جامعة حمد بن خليفة في قطر، طورت شركة Techniche بدلة متعددة المكونات من شأنها السماح للعمال بمزج تكنولوجيا التبريد ومطابقتها وفقاً لاحتياجاتهم.
والمكون الرئيسي في هذه البدلة، التي تحمل اسم StayQool، هو نسيج شبكي برتقالي لامع (لرؤية عالية الدقة) مُدمج به مواد متغيرة الطور تمتص الحرارة وتبقيها بعيداً عن الجسم، وصمّمتها في الأساس وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) لتبريد رواد الفضاء.
ويمكن غمس أساور المعصم والياقات والجيوب المجاورة للفخذ في الماء لتبريد النقاط الاستراتيجية في الجسم حيث يتدفق الدم بالقرب من سطح الجلد.
إنها تقلل الحرارة بمقدار ثمانية درجات
وشمل إنتاج النسخة الرابعة من هذه البدلات- حيث كل تصميم أعلى كفاءة من السابق- توزيع 55 ألف بدلة StayQool على عمال البناء في كأس العالم؛ مما قلل درجة حرارة سطح الجلد بمقدار 6 إلى 8 درجات مئوية، وفقاً لبحث داخلي أجرته شركة Techniche وفريق عمل قطب.
ومع ذلك، يقول جيمس راسل، المدير الإداري لشركة Techniche لأوروبا والشرق الأوسط وأستراليا، إنَّ بدلات التدريب هذه لم تُصمّم لزيادة ساعات العمل بقدر ما هي لإبقاء العمال أكثر راحة في درجات الحرارة المرتفعة.
ولمنع الإجهاد الحراري في بيئات درجات الحرارة المرتفعة، لا يزال العمال بحاجة إلى الراحة بانتظام، والكثير من الترطيب، والبقاء في الظل كلما أمكن ذلك. وبغض النظر عن الملابس التي يرتدونها، يُطلب من العمال في الهواء الطلق في قطر التوقف عن العمل إذا تجاوز مؤشّر الحرارة لجهاز البُصيلة الرّطبة الكرويّة درجة 32.1 درجة مئوية- وهو مؤشر يجمع عوامل الحرارة والرطوبة والإشعاع الشمسي معاً؛ للوصول لتقييم أفضل لتأثيرها على جسم الإنسان.
من جانبه، يقول تميم لوث العبد، مدير مشروع ملعب لوسيل حيث ستُقام المباراة النهائية لكأس العالم، إنَّ بدلات StayQool "ليست علاجات معجزة، لكنها أدوات للراحة. سواء كنت نجاراً أم كهربائياً، قد تبدأ في الشعور بالتعب أثناء عملك نتيجة ارتفاع الحرارة، لكن لا يمكنك دائماً التوقف. وسيسمح لك بالحصول على بدلات التبريد بمواصلة العمل لبضع دقائق أخرى، أو حتى لهذه المسافة الإضافية الصغيرة للوصول إلى مكان ما أنت ذاهب إليه". وأضاف أنه يرتدي بدلته كلما كان في أحد مواقع العمل بالخارج؛ وهي "حقاً تصنع فرقاً".
الهدف النهائي هو بدلات تستطيع منع تعرض العمل للإجهاد الحراري
لكن سيمر بعض الوقت قبل أن تتمكن مواقع البناء خارج كأس العالم من استخدام هذه البدلة.
إذ لا تزال التكنولوجيا قيد التعديل من أجل تحسين الأداء، والهدف النهائي هو تضمين أجهزة استشعار لتتبع معدلات ضربات القلب الفردية ودرجات حرارة الجسم ومستويات الأوكسجين عبر موقع العمل بأكمله بحيث يمكن نقل العمال إلى بر الأمان قبل أن يبدأوا في إظهار علامات الإجهاد الحراري الخارجية – وهي المرحلة التي يكون الضرر قد حدث عندها بالفعل.
وقد طورت قطر بالفعل العديد من النماذج الأولية للعمل وتخطط لطرح النسخة المُعزَّزة بأجهزة الاستشعار لبدلة StayQool في الوقت المناسب لفصل الصيف المقبل.