ما هي مهام الملك تشارلز الثالث تحديداً، ومتى يتم تنصيبه رسمياً؟

توفيت الملكة إليزابيث الثانية وجلس نجلها الأكبر تشارلز الثالث على عرش التاج البريطاني، فما هي مهامه تحديداً؟ ومتى يتم تنصيبه رسمياً؟ وماذا يعني ذلك للعائلة الملكية الأقدم في التاريخ؟

كانت الملكة إليزابيث الثانية قد فارقت الحياة عن عمر 96 عاماً، وأعلن قصر باكنغهام وفاة الملكة إليزابيث الثانية مساء الخميس 8 سبتمبر/أيلول، بعد أن كان الأطباء قد أبدوا قلقهم بشأن صحتها صباح اليوم نفسه وأوصوا ببقائها تحت الملاحظة.

تربعت إليزابيث الثانية على عرش التاج البريطاني منذ عام 1952،وكانت تحكم أيضاً 32 دولة، ضمن دول الكومنولث التي تشكلت مع نهاية الاستعمار البريطاني الممتد لتلك الدول، ثم تقلص العدد إلى 15 دولة، من بينها كندا وأستراليا ونيوزيلندا.

وبعد 70 عاماً قضتها إليزابيث الثانية على العرش في المملكة المتحدة،أصبح نجلها الأكبر وولي العهد الأمير تشارلز، تلقائياً، ملكاً للمملكة المتحدة،ليتولى مسؤولية قيادة العائلة الملكية الأقدم، حيث يمتد حكم الأسرة لأكثر منألف عام، ويصبح الملك تشارلز الثالث حاكماً لتلك الدول خلفاً لوالدته.

ما مهام الملك تشارلز الثالث؟

الملك هو رئيس دولة المملكة المتحدة، التي تضم إنجلترا واسكتلندا وويلز وأيرلندا، إضافة إلى 14 دولة تعرف باسم دول الكومنولث وهي أستراليا وكندا، ونيوزيلاندا، وأنتيجوا، والبهاما، وباربودا، وبيليز، وجرينادا، وجامايكا، وبابوا غينيا الجديدة، وسان كيتس ونيفيس، وسان لوسيا، وسان فينسينت، وجزر سليمان وتوفالا، وجرينادين، وتنضوي جميعها تحت التاج البريطاني.

 لكن على الرغم من ذلك، فإن صلاحيات الملك رمزية وشكلية، ويفترض أن يبقى على الحياد سياسياً في جميع الأحوال. ويتلقى الملك رسائل يومية من الحكومة في صندوق جلدي أحمر، مثل الإحاطات قبل الاجتماعات المهمة، أو الوثائق التي تحتاج إلى توقيعه، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

وجرت العادة على أن يلتقي رئيس الوزراء البريطاني بالجالس على العرش يوم الأربعاء من كل أسبوع في قصر باكنغهام، لإطلاعه على الأمور الحكومية. لكن هذه الاجتماعات خاصة تماماً ولا يوجد سجل رسمي لما يقال فيها.

وفيما يتعلق بالبرلمان، هناك عدد من المهام التي يتولاها الملك، مثل تعيين الحكومة، إذ يتم استدعاء زعيم الحزب الذي يفوز في الانتخابات العامة إلى قصر باكنغهام، حيث يدعى أو تدعى رسمياً لتشكيل حكومة. وهذا كان آخر ما قامت به الملكة إليزابيث الثانية قبل يوم من وفاتها، حيث التقت ليز تراس، رئيسة الوزراء الجديدة. كما يقوم الملك أيضاً بإصدار مرسوم حل الحكومة رسمياً قبل إجراء انتخابات عامة.

ويبدأ الفصل البرلماني بخطاب يلقيه الملك، يحدد من خلاله خطط الحكومة وهو جالس على العرش في مجلس اللوردات. وأيضاً عند تمرير أي تشريع من خلال البرلمان، يجب أن يوافق عليه الملك رسمياً ليصبح قانوناً، علماً بأن آخر مرة رفض الملك التصديق على قانون صادر عن البرلمان يرجع تاريخها إلى عام 1708.

بالإضافة إلى ذلك، يستضيف الملك رؤساء دول زائرين، ويلتقي السفراء الأجانب والمفوضين الساميين المقيمين في المملكة المتحدة. وعادة ما يقود حدث الذكرى السنوية للحرب العالمية في نوفمبر/تشرين الثاني الذي يقام عند النصب التذكاري في لندن.

وما إن أصبح تشارلز الثالث ملكاً حتى بات تلقائياً رئيساً للكومنولث، وهي هيئة تضم 56 دولة مستقلة ويبلغ عدد سكانها 2.4 مليار شخص. وفي 14 من هذه البلدان، بالإضافة إلى المملكة المتحدة، بات رأساً للدولة.

ما التغيير الذي حدث بوفاة الملكة؟

يحدد ترتيب الولاية على العرش، الشخص الذي من المفترض أن تناط به المهام عندما يموت الشخص الحالي أو يتنازل عن العرش، ويكون الأول في الترتيب أي- وريث العرش – هو الابن الأكبر للملك.

من هذا المنطلق وباعتباره الطفل البكر للملكة إليزابيث، أصبح تشارلز ملكاً بعد وفاة والدته، وأصبحت زوجته كاميلا الملكة القرينة. كانت قواعد ولاية العرش الملكية قد تم تعديلها في عام 2013 لضمان عدم إعطاء الأبناء الذكور الأسبقية على أخواتهم الأكبر سناً.

وفي هذا السياق، كانت علاقة التاج البريطاني بالشعب والحكومة قد شهدت تغييرات كبيرة خلال العهد الممتد للملكة إليزابيث الثانية. وكان اعتراف الملكة بضرورة إدخال إصلاحات على تلك العلاقة من الأمور التي أضافت إلى رصيدها على الساحة البريطانية، حيث لم تبد حساسية تجاه الأمر إلا في مناسبة أو اثنتين.

كانت إليزابيث قد ولدت في عصر متغير وفي بلاط ملكي يعود للقرن التاسع عشر، أكثر منه للقرن العشرين. ورغم التغيرات الكبيرة الناجمة عن الحرب العالمية الثانية، إلا أن المجتمع البريطاني ظل على نطاق واسع يقر بالطبقية والثروة، وظلت القواعد المتحكمة في السلوك الملكي وعلاقات التاج بالعالم الخارجي صارمة وتبدو غير قابلة للتغير.

وعندما جلست على العرش وهي شابة صغيرة، كان التوجه الذكوري يسيطر على معظم أنحاء العالم. وتحدث ونستون تشرشل حينئذ عن عصر إليزابيث الجديد، وبدت الملكية ومستقبلها في مأمن وظلت الانتقادات الموجهة لها محصورة بجماعات صغيرة سواء كانوا جمهوريين أم سواهم.

لكن في عام 1957 اندلع جدل حاد حول دور العرش، وكان اللورد ألترينشام، أحد أقطاب حزب المحافظين، هو من فتح الباب لذلك الجدل، من خلال مقال كتبه وجاء فيه "إن الملكة غير مؤهلة لأداء الدور المطلوب منها وتتحدث كطالبة في مدرسة"، مضيفاً أنه على المؤسسة الملكية أداء مهمة مستحيلة وهي أن تكون عادية وغير عادية في آن واحد.

ورغم أن دعوة ألترينشام لم تلقَ آذاناً مصغية أمام موجة التعاطف مع الملكية، إلا أنها أثارت تساؤلات حول جمود المؤسسة الملكية، فردت الملكة إليزابيث على هذه الانتقادات على جبهتين، الأولى تمثلت في ممارسة العائلة المالكة دوراً أكبر في الحياة البريطانية العامة فظهر أفراد العائلة أكثر تفاعلاً وحيوية.

وأما الجبهة الثانية فتمثلت في دور الملكة كرئيس للكومنولث في وقت أخذت تحصل فيه المزيد من المستعمرات السابقة على استقلالها. وبذلت الملكة جهداً كبيراً في تشجيع الحوار والتعاون بين أعضاء الكومنولث الأغنى والدول الأقل نمواً في الرابطة.

وسار هذا الانفتاح من العائلة الملكية على الشعب والرأي العام يداً بيد مع تغيرات في الوضع المالي للعائلة، إذ بدأ البرلمان يدقق في المبالغ المدفوعة للمؤسسة الملكية، وبدأت الملكة بدفع الضرائب عن دخلها من الاستثمار وفرضت تخفيضات على نفقاتها.

ما ترتيب العائلة الملكية ومتى يتم التتويج؟

الآن أصبح وريث الملك تشارلز الثالث وولي عهده هو نجله الأكبر الأمير ويليام، حيث منحه الملك لقب أمير ويلز، كما أنه ورث لقب والده السابق "دوق كورنوال".

ويأتي ابن الأمير ويليام الأكبر، الأمير جورج، في المرتبة الثانية في ترتيب ولاية العرش، تليه شقيقته الأميرة شارلوت في المرتبة الثالثة.

وبخصوص التتويج، أي المراسم الرسمية لتنصيب الملك الجديد، فهذا عادة ما يتم بعد فترة حداد على الملك الذي يسبقه، أي الملكة إليزابيث الثانية، التي أصبحت ملكة يوم 6 فبراير/شباط عام 1952 بعد وفاة والدها الملك جورج السادس، لكن لم يتم تتويجها حتى 2 يونيو/حزيران عام 1953. وحتى الآن من غير المعروف متى سيتم تتويج الملك تشارلز الثالث.

كان تتويج الملكة إليزابيث هو الأول الذي يبث عبر الهواء مباشرة على شاشة التلفزيون، وقد شاهده أكثر من 20 مليون شخص.

وعلى مدار القرون التسع الماضية، كان يقام حفل التتويج في كنيسة وستمنستر Westminster Abbey، وكان الملك وليام الفاتح أول ملك يتوج هناك، وسيكون تشارلز الثالث هو الملك الأربعين. والتتويج هو طقس ديني أنجليكاني يقوم به رئيس أساقفة كانتربري.

يُمسح الملك بـ"الزيت المقدس"، ويتقلد رموز المليكة: الصولجان والكرة السلطانية (وهي تمثيل لسلطة الملك، وترمز إلى العالم المسيحي بصليبه معلقاً على كرة أرضية، وتمثل خطوط الجواهر التي تقسمها إلى ثلاثة أقسام، القارات الثلاث التي كانت معروفة في العصور الوسطى). في ذروة الاحتفال، يضع رئيس الأساقفة تاج القديس إدوارد على رأس تشارلز – وهو تاج من الذهب الخالص، يعود تاريخه إلى عام 1661.

ويعد تاج القديس إدوارد أبرز قطعة بين مجوهرات التاج البريطاني والتي يُحتفط بها في برج لندن، ولا يرتديه الملك إلا في لحظة التتويج. وعلى عكس حفلات الزفاف الملكية، فإن التتويج هو مناسبة رسمية- تدفع الحكومة تكاليفها، وبطبيعة الحال تقرر قائمة المدعوين إليها.

من هم أعضاء العائلة المالكة؟

الأمير وليام هو الابن الأكبر للملك تشارلز وزوجته الأولى ديانا أميرة ويلز الراحلة. بعد وفاة الملكة، أصبح ويليام أمير ويلز ودوق كورنوال واحتفظ بلقب دوق كامبريدج. وهو متزوج من أميرة ويلز ودوقة كورنوال وكامبريدج (كاثرين). ولديهما ثلاثة أطفال: الأمير جورج والأميرة شارلوت والأمير لويس.

الأميرة آن الطفلة الثانية للملكة إليزابيث وابنتها الوحيدة، وهي متزوجة من الأدميرال تيموثي لورانس، ولديها طفلان من زوجها الأول، الكابتن مارك فيليبس هما: بيتر فيليبس وزارا تيندال.

الأمير إدوارد إيرل ويسيكس أصغر أبناء الملكة، وهو متزوج من كونتيسة ويسيكس (صوفي ريس جونز)، ولديهم طفلان: لويز وجيمس مونتباتن وندسور.

الأمير أندرو دوق يورك، الابن الثاني للملكة، لديه ابنتان من زوجته السابقة دوقة يورك (سارة فيرغسون) هما: الأميرة بياتريس والأميرة يوجيني. تنحى الأمير أندرو عن منصبه وعن "مهامه الملكية" في عام 2019 بعد مقابلة مثيرة للجدل مع برنامج نيوزنايت Newsnight حول مزاعم اعتداء جنسي على فرجينيا جوفري. في فبراير/شباط 2022، دفع مبلغاً لم يكشف عن مقداره لتسوية قضية الاعتداء الجنسي المدني التي رفعتها السيدة جيفري ضده في الولايات المتحدة.

الأمير هاري دوق ساسكس هو شقيق ويليام الأصغر، وهو متزوج من دوقة ساسكس (ميغان ماركل)، ولديهما طفلان: أرشي وليليبت. في عام 2020، أعلنا أنهما سيتخليان عن مناصبهما ومهامهما الملكية.

ومن المتوقع أن ينتقل الملك تشارلز والملكة القرينة كاميلا، إلى قصر باكنغهام، وكانا يعيشان سابقاً في كلارنس هاوس في لندن وفي هايغروف في غلوسيسترشاير.

انتقل أمير وأميرة ويلز مؤخراً من قصر كنسينغتون في غرب لندن للعيش في منزل أديلايد الريفي في قلعة وندسور الملكية. ويعيش الأمير هاري وميغان ماركل في ولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة.