سلاح الطيران هو دُرّة تاج الجيوش، وتطوير المقاتلات المتقدمة يكلف أموالاً طائلة، وهناك 3 دول فقط بنت مقاتلات الجيل الخامس، فمن سيكون له السبق في إنتاج طائرات الجيل السادس؟
تمثل السيطرة على الأجواء في أي حرب أو صراع مسلح نقطة فاصلة في تحديد النتيجة النهائية للمواجهة، وبالتالي تُعتبر الطائرات الحربية المتطورة والقادرة على تأدية مجموعة معقدة ومتنوعة من المهام القتالية عنصراً حاسماً في الحروب.
ويتم تصنيف المقاتلات كأجيال، على أساس مجموعة متداخلة من العوامل، أبرزها السرعة والتسليح والرصد والتتبع ودقة الاستهداف ووزن الطائرة، وفي هذا السياق، تعتبر طائرات الجيل الخامس هي الأكثر فتكاً وفعالية في ساحة المعارك، لكنها أيضاً الأكثر تكلفة بصورة لافتة.
الصين وروسيا وأمريكا.. روّاد مقاتلات الجيل الخامس
في الوقت الحالي، الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا هي الدول الثلاث التي طورت وأنتجت مقاتلات الجيل الخامس. لكن تلك المقاتلات موجودة لدى كثير من جيوش العالم، التي تسعى لشرائها والاستفادة من قدراتها القتالية.
ونشر موقع Business Insider الأمريكي تقريراً حول قصة مقاتلات الجيل السادس المستقبلية بعنوان "جيوش العالم بدأت العمل على إنتاج مقاتلات الجيل السادس الأكثر تقدماً"، فما هي مقاتلات الجيل السادس تحديداً؟
والسؤال هنا يتعلق بكون مقاتلات الجيل الخامس شديدة التطور وباهظة الثمن في حد ذاتها؛ لدرجة أن تصميمها وبناءها اقتصرا على ثلاث دول فقط هي الولايات المتحدة، وروسيا، والصين.
وربما لا تزال تقنيات مقاتلات الجيل الخامس محتفظةً بريادتها على صعيد التخفي، والطواف الفائق، والمناورات الفائقة، والتوصيل البيني. لكن القوى العظمى بدأت تتطلع إلى الأمام بالفعل كما هو المعتاد منها، لتتسابق فيما بينها على التفكير في تقنية الجيل السادس من المقاتلات.
وتتواجد مقاتلات الجيل السادس حالياً في صورة مفهومٍ فقط؛ حيث تعمل عدة دول على إنتاج هذه الطائرات، ومن بينها بعض الدول التي لم يسبق لها إنتاج مقاتلة من الجيل الخامس. وتضم قائمة الدول المهتمة بالمشروع حالياً كلاً من الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، واليابان، والمملكة المتحدة، وفرنسا.
ولم تقترب أي دولة حتى الآن من إطلاق مقاتلة الجيل السادس، بينما تشير التوقعات إلى أن الظهور الأول للجيل الجديد من المقاتلات لن يأتي قبل حلول ثلاثينيات القرن الحالي.
مقاتلة الجيل السادس: تصميم طائرة للمستقبل
لا تزال مقاتلات الجيل السادس فكرةً في مهدها، لكن هناك بعض السمات المميزة التي تشكل أساساً لتكوين مقاتلة الجيل السادس. ويمكن القول تحديداً إن كافة قدرات مقاتلات الجيل الخامس الخاصة بالنجاة في بيئات النزاع، وتحقيق التفوق الجوي، والهجوم الأرضي، وغيرها من القدرات يجب تحسينها بما يتناسب مع المستقبل.
ولا شك أن التركيز على المعارك الجوية المباشرة أصبح مصدر اهتمام هامشي بالنسبة لمصنعي الطائرات، بعد أن هيمنت تلك المعارك على الحروب الجوية في القرن الـ20. ويتجه الاهتمام الآن إلى مجالات الهجوم الأرضي، والحروب السيبرانية، وحتى حروب الفضاء التي تتزايد أهميتها. ولا تزال المعارك الصاروخية خارج مدى الرؤية البصرية تحظى بالأهمية أيضاً.
وستتضمن مقاتلات الجيل المقبل على الأرجح قدرات التشغيل بقيادة طيار أو دون طيار. وكما هو الحال مع مقاتلات إف-35 من الجيل الخامس، ستحتاج مقاتلات الجيل السادس للاندماج مع مجموعة متنوعة من المقاتلات، والطائرات المسيرة، والجنود، وأجهزة الاستشعار داخل شبكةٍ مشبعة بالبيانات تهدف إلى منح مقاتلي الحروب صورةً شاملة عن ساحة المعركة.
وسيجري تضمين مختلف عناصر التصميم لتحقيق الأداء المتوقع من مقاتلات الجيل السادس. وسيعتمد أساس تقنية الجيل السادس على "عقول" الطائرة التي تتمثل في المنصات الرقمية المتطورة ذات قدرات التواصل، والذكاء الاصطناعي على متن الطائرة، ودمج البيانات، ومعدات الاتصال المتقدمة.
وستضم المقاتلات كذلك مزايا لمساعدة الطيار على التكامل مع الآلة بكل سلاسة. حيث ستضم المقاتلات الجديدة لوحة معلومات من الجيل التالي، بالإضافة إلى "قمرة قيادة افتراضية" تظهر داخل خوذة الطيار لتمنحه رؤية بزاوية 360 درجة.
ويجب أن تتمتع مقاتلات الجيل السادس بتقنية التخفي الشبحية المتطورة، على غرار سابقتها، خاصةً مع ازدياد تطور أنظمة الدفاع الجوي. وتوقع من المقاتلات الجديدة أن تحتوي على محركات الدورة المتغيرة التي تستطيع العمل بكفاءة وسط مختلف الظروف، بدايةً بالتحليق الاقتصادي في استهلاك الوقود، وصولاً إلى التحليق بأعلى قوة دفع وقدرة أداء ممكنة.
ويتوقع البعض أن تضم مقاتلات الجيل السادس أسلحة بالطاقة الموجهة؛ مثل نظام أسلحة القتال القريب بالليزر.
وسننتظر لنرى ما إذا كانت الدول التي تعمل على تطوير مقاتلات الجيل السادس ستنجح في تقديم هذا العدد من التقنيات الجديدة معاً أم لا. ومن الواضح أن القيود المالية ستلعب دوراً رئيسياً.
هل سيكون لأمريكا السبق في مقاتلات المستقبل؟
ويجري حالياً تطوير عدة مفاهيم لمقاتلات الجيل السادس؛ إذ تمتلك اليابان برنامج إف-إكس، الذي يعتبر أول برنامج محلي على الإطلاق لإنتاج الطائرات الشبحية. بينما تحالفت عدة دول في أوروبا من أجل بناء مقاتلة الجيل السادس الأولى للقارة. حيث تتعاون المملكة المتحدة، والسويد، وإيطاليا، وفرنسا، وألمانيا، وإسبانيا معاً في برنامج نظام القتال الجوي المستقبلي. ولا نعلم إن كانت هذه الدول الست التي تمثل قوى أوروبا الكبرى ستنجح في تنسيق مثل هذا المشروع الطموح فيما بينها. فيما تعمل روسيا صاحبة التاريخ الطويل والمذهل في إنجازات الطيران على عدة مشروعات، من بينها المقاتلة الاعتراضية ميكويان ميج-41 التي ستحل محل مقاتلات ميج-31.
أما الهند التي تسعى حالياً لمضاهاة التشكيلات العسكرية الصينية المذهلة فلا تزال تعمل على نموذج الجيل الخامس الخاص بها حالياً، لكنها تتطلع للمستقبل أيضاً وبدأت تخطط لتطوير تقنية الجيل السادس. ولا عجب في أن الصين بدأت أبحاثها لإنتاج مقاتلة الجيل السادس وتدعيم جيشها دائم التوسع، بعد نجاحها في إنتاج مقاتلة الجيل الخامس تشنغدو جيه-20.
تظل الولايات المتحدة رائدة العالم في مجال تقنيات الطيران؛ لهذا من المتوقع أن تكون الدولة الأولى التي تنشر مقاتلات الجيل السادس في السماء. وتعمل حالياً شركات بوينغ، ولوكهيد مارتن، ونورثروب غرومان على مشروعات مخصصة للجيل السادس.
ومن المعروف أن جهود الولايات المتحدة لتطوير تقنيات الجيل الخامس، في صورة المقاتلة إف-22 والمقاتلة إف-35، قد عانت من التأجيلات وتجاوز التكاليف. وتعرضت تلك البرامج للانتقاد عادةً، لكنها كانت على المستوى المطلوب لدفع تقنيات الطيران إلى الأمام. ومن المحتمل أن تواجه تقنية الجيل السادس عقبات مماثلة.
الخلاصة هنا هي أن كثيراً من الدول يسعى للحاق بسباق السيطرة على السماء من خلال تطوير مقاتلاتها الخاصة، انعكاساً للوضع المضطرب فيما يخص النظام العالمي الحالي الذي يبدو أن أحداً لم يعد يرغب في استمراره. لكن المؤكد أن الدول صاحبة السبق في إنتاج الطائرات العسكرية لا تزال فرصتها أكبر في المحافظة على تفوقها من خلال بناء طائرات الجيل السادس المرعبة من حيث التصميم حتى الآن.