جاء الإعلان عن القمة العربية الخماسية في العلمين بشمال مصر، ليثير الاهتمام في المنطقة العربية حول أهداف عقد هذه القمة وهل تؤدي لتشكيل تحالف عربي جديد.
واستقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم الإثنين 22 أغسطس/آب 2022، في مطار العلمين بشمال مصر، بحضور رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (الذي وصل مصر أمس الأحد)، كلاً من العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والبحريني الملك حمد بن عيسى؛ ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي المشاركين بالقمة.
وصرح السفير بسام راضي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، بأن "الرئيس السيسي رحب بضيوف مصر في لقاء أخوي خاص".
وشهد اللقاء الذي يعد بمثابة لقاء أوّلي للقمة، تبادل وجهات النظر بين الزعماء بشأن تعزيز مختلف جوانب العلاقات الثنائية والاستغلال الأمثل لجميع المجالات المتاحة لتعزيز التعاون بينهم.
والقادة الذين يشاركون في هذه القمة سبق أن شاركوا في قمة العقبة العام الماضي، باستثناء ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، كما سبق أن عقد قادة مصر والعراق والأردن عدة قمم، وينظر إلى القمة العربية الخماسية في العلمين بأنها تطور لهذا المسار.
وهذه أول قمة رفيعة المستوى تستضيفها مدينة العلمين الساحلية، بخلاف ما اعتادته مصر من عقد قمم في العاصمة القاهرة ومنتجع شرم الشيخ بسيناء على البحر الأحمر.
تشتهر مدينة العلمين المطلة على ساحل البحر المتوسط بأنها إحدى نقاط الجذب السياحي والاستثماري في مصر حالياً. ولدى دولة الإمارات استثمارات فيها، حسبما ورد في تقرير لشبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وبات يطلق على العلمين "العاصمة الصيفية" للحكومة في مصر، حيث تضم قصوراً ومباني حكومية، وشهدت اجتماعات للحكومة مؤخراً.
وكان الرئيس المصري استقبل، الأحد، رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، حيث عقدا جلسة مباحثات ثنائية تناولت، حسب بيان المتحدث باسم الرئاسة المصرية، تبادل الرؤى ووجهات النظر تجاه القضايا الدولية والأمن الإقليمي والأوضاع الراهنة بالمنطقة العربية.
وأعرب السيسي خلال لقائه القادة بمطار العلمين عن "التقدير والمودة التي تكنّها مصر، قيادةً وشعباً، للأواصر التاريخية الوثيقة التي تجمعها بأشقائها من الدول العربية".
يبدو أنها ستركز على البعد الاقتصادي
ويُنتظر أن تلتئم في وقت لاحق من الإثنين، القمة العربية الخماسية بمدينة العلمين بين قادة الدول الخمس؛ لبحث قضايا المنطقة وتعزيز العلاقات ومواجهة التحديات، وفق إعلام محلي مصري.
ويبدو أن البعد الاقتصادي حاضر بقوة في القمة العربية الخماسية، حيث تناقش القمة عدداً من الملفات، من بينها التحضير للقمة العربية في الجزائر (نوفمبر/تشرين الثاني المقبل)، وبعض الملفات الاقتصادية والتعاون المشترك بين تلك الدول وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وملف الأمن الغذائي والطاقة، حسبما تقرير لموقع بلومبيرغ الشرق.
وتأتي القمة بعد نحو شهر من قمة عربية أمريكية استضافتها السعودية، بمشاركة الدول ذاتها، إلى جانب قادة عرب آخرين.
جذور القمة العربية الخماسية بالعلمين تعود لمشروع الشام الجديد
ويمكن النظر إلى القمة الخماسية على أنها توسيع للقمة الثلاثية التشاورية التي بدأت في عام 2019، ووُصفت بأنها آلية تشاور ثلاثية بين قادة مصر والعراق والأردن، لتشكّل خطوة جديدة في مسار متوسّع تنتهجه آلية تشاور عربية رفيعة المستوى.
في 24 مارس/آذار 2019 احتضنت القاهرة قمة ثلاثية مصرية أردنية عراقية ضمت الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعاهل الأردن الملك عبد الله الثاني، ورئيس وزراء العراق آنذاك عادل عبد المهدي.
وناقشت القمة "أفكاراً لتعزيز التعاون والتنسيق والتكامل فيما بين البلدان الثلاثة لاسيما في قطاع الصناعة والطاقة وإعادة الإعمار والبنية التحتية، في ظل ظروف دقيقة تمر بها الأمة العربية وتحديات غير مسبوقة".
ثم عُقدت القمة الثلاثية الثانية بين مصر والأردن والعراق، في 22 سبتمبر/أيلول 2019، على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وجمعت السيسي والملك عبد الله وعادل عبد المهدي.
وبحثت "نتائج اجتماعات عُقدت على مدار 6 أشهر، وسبل تعزيز التعاون والتنسيق السياسي، مع الاستمرار في إعطاء الأولوية للتعاون في مجالات اقتصادية؛ لمواجهة ما تتعرض له المنطقة من تحديات".
في 21 أغسطس/آب 2020، قال رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، في حوار مع صحيفة "واشنطن بوست"، إنه "سيطرح مشروع بلاد الشام الجديدة وفق النسق الأوروبي، على قادة مصر والأردن"، في أول ظهور لهذا المصطلح دون توافق أو اتفاق عربي بشأنه حتى الآن.
وبعد 4 أيام شارك الكاظمي في قمة ثلاثية عُقدت بعمّان، في 25 أغسطس/آب 2020، بمشاركة الرئيس المصري، وعاهل الأردن، تناولت سبل تعزيز التعاون في مجالات، بينها الطاقة والربط الكهربائي والبنية الأساسية والغذاء، في إطار مواجهة "التحديات التي تهدد الاستقرار في المنطقة".
وتوالت اللقاءات على مستوى وزاري بين الدول الثلاث، أبرزها في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2020، بزيارة مصطفى مدبولي، رئيس وزراء المصري، على رأس وفد كبير، للعراق ولقاء الكاظمي، وتوقيع 15 مذكرة في مجالات بينها النقل والطاقة والكهرباء.
وتحدث مدبولي عن جاهزية مصر لتنفيذ مشروعات في قطاعات، بينها البينة الأساسية والإسكان، تحت إطار مفهوم برنامج "النفط مقابل إعادة الإعمار".
قمة بغداد.. أول زيارة لرئيس مصري للعراق وترحيب أمريكي وإيراني
في 27 يونيو/حزيران 2021، استضافت بغداد قمة ثلاثية جمعت السيسي والملك عبد الله، في أول زيارة يجريها رئيس مصري للعراق منذ غزو العراق للكويت عام 1990، وتناولت "سبل تدشين مرحلة جديدة من التعاون في ظل تحديات غير مسبوقة".
وفي 29 بنداً، جاء البيان الختامي للقمة، وشمل تأكيدات، أبرزها التنسيق الأمني والاستخباراتي، وضرورة السير في تنفيذ المدينة الاقتصادية، ومشروع الربط الكهربائي وربط شبكة نقل الغاز بين العراق ومصر عبر الأردن.
وغداة القمة، اعتبرت الخارجية الأمريكية ما تم "خطوة مهمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية إقليمياً".
وفي 1 أغسطس/آب 2021، أكد المتحدث باسم خارجية إيران، سعيد خطيب زادة، أن "طهران ترحب دائماً بكل ما يساعد على تنمية دور العراق، وتدعم أي مشروع يعزز السلام بالمنطقة"، رداً على سؤال بشأن "رؤية إيران لما يسمى بمشروع الشام الجديد بين العراق والأردن ومصر".
قمة العقبة 2021.. انضمام الإمارات وتدشين مبادرة اقتصادية تشمل البحرين
في 25 مارس/آذار 2021، التقى الرئيس المصري، وملك الأردن، والكاظمي، وحضر القمة لأول مرة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي آنذاك، وبحثوا تعزيز علاقات التعاون بين الدول الأربع في ظل الظروف العالمية.
وبعد نحو شهرين من هذا اللقاء، وفي 29 مايو/أيار 2022، دشنت مصر والإمارات والأردن مبادرة شراكة صناعية بين البلدان الثلاثة، وانضمت البحرين إليها في 25 يوليو/تموز الماضي.
وفي 6 يونيو/حزيران 2022، نقلت وكالة الأنباء العراقية، عن وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أنه تم الاتفاق مع بغداد على الربط الكهربائي وسيبدأ التزويد بداية العام المقبل، دون تفاصيل أكثر آنذاك.
جاء عقد القمة العربية الخماسية في العلمين ليكون مثابة تطوير لهذا المسار عبر انضمام مملكة البحرين للقمة.
وأفادت تقارير إعلامية مصرية بأن العقبة استضافت قمة رباعية في مارس/آذار الماضي، مشيرة إلى "انضمام مملكة البحرين إلى هذه التجمع بمدينة العلمين".