جاء تعيين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، للمصرفي حسن عبد الله قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي في وقت حرج، حيث تمر البلاد بأزمة مالية واقتصادية حادة، ألقت بظلالها على الجنيه المصري، وتجعل من شخصية وتاريخ المحافظ الجديد مسألة محورية في معالجة هذه الأزمة.
وبعد استقالة المحافظ السابق، طارق عامر، المثيرة للجدل أمس، بعد سنوات طويلة كان فيها الملك المتوج للقطاع المصرفي المصري، صدر قرار من الرئيس السيسي اليوم بتعيين حسن عبد الله خلفاً له كقائم بأعمال، وذلك بعد تعيينه مستشاراً بالبنك المركزي.
وتنص المادة 216 من الدستور المصري حول آلية تعيين رؤساء الهيئات المستقلة، مثل محافظ البنك المركزي، على صدور قرار من رئيس الجمهورية بالتعيين لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بعد موافقة البرلمان بأغلبية أعضائه.
ولكن اللافت أنه عُين قائماً بأعمال محافظ البنك المركزي وليس محافظاً، وقد يعني أنه سيتم الانتظار لفترة؛ لمراقبة أدائه قبل تعيينه محافظاً دائماً. وبالتالي فلا يستدعي القرار انعقاد مجلس النواب؛ نظراً لكون المحافظ الجديد قائماً بالأعمال، وفقاً لوسائل إعلام مصرية.
من هو حسن عبد الله القائم بأعمال محافظ البنك المركزي المصري؟
برز اسم حسن عبد الله في القطاع المصرفي منذ توليه رئاسة البنك العربي الإفريقي الدولي، حيث تولى عام 2002 منصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للبنك، والرئيس التنفيذي للبنك العربي الإفريقي الدولي، وشغل منصب مستشار محافظ البنك المركزي قبل اختياره على رأس الشركة المتحدة.
ولكن ألقي الضوء على شخصيته بشكل كبير بعد تعيينه رئيس مجلس إدارة المجموعة المتحدة للخدمات الإعلامية، وهي مجموعة يُنظر إليها على أنها واجهة للأجهزة الأمنية، وتسيطر على قطاع كبير من العمل الإعلامي والفني المصري، وهو مؤشر على قربه من القيادة السياسية للبلاد، إضافة لعلاقته بدول الخليج خلال فترة رئاسته للبنك العربي الإفريقي الدولي وخبرته بالعمل في الأسواق المالية الدولية خلال وجوده في الولايات المتحدة.
ورغم خبرته المصرفية الكبيرة، فإنه ليس لديه خبرة في إدارة العمل الفني والإعلامي، ووُجهت له بعض الانتقادات خلال فترة إدارته للمتحدة، علماً بأن الشركات المحسوبة على الأجهزة الأمنية العاملة في القطاع الإعلامي سجلت نفقات وخسائر كبيرة، قبل توليه المنصب، وبعده، وسط حديث عن توسعها بشكل كبير، وتنفيذها للأعمال الفنية بناءً على توجهات سياسية أكثر منها فنية.
وليست هذه هي المرة الأولى التي ينضم فيها حسن عبد الله، الرئيس التنفيذي للبنك العربي الإفريقي الدولي، للبنك المركزي، فقد كان أحد أعضاء مجلس إدارة البنك، مطلع الألفية الثالثة، تحت رئاسة الدكتور فاروق العقدة، وكان أحد المشاركين في رسم السياسة النقدية للبنك المركزي، حسبما نقلت صحيفة المال المصرية عن مصدر بالبنك المركزي.
تاريخ حسن عبد الله يتمحور حول واحد من أقوى البنوك المصرية
حسن عبد الله من مواليد 1960، حصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية عام 1982، ثم بدأ في العام نفسه عمله بالبنك العربي الإفريقي الدولي، أول بنك متعدد الجنسيات بمصر، وتنقّل في التخصصات بين العمليات المصرفية، وغرفة التداول، وأسواق العملات والمال، والعقود الآجلة.
شغل حسن عبد الله منصب الرئيس التنفيذي للبنك العربي الأفريقي الدولي لمدة تقارب من 16 عاماً قبل خروجه من المنصب عام 2018 بعد تولية مناصب عدة في هذا البنك.
في عام 1988 انتقل عبد الله إلى فرع البنك بمدينة نيويورك؛ ليدير محفظة الخزانة وسياسات التحوط، واستمر لمدة عام قبل أن يعود مجدداً للقاهرة.
عام 1994 تمت ترقيته لمنصب مساعد المدير العام، ثم في 1999 تولّى منصب مدير عام البنك، حتى 2002 حينما صدر قرار بتعيينه نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب (الرئيس التنفيذي).
خلال هذه الفترة كان القطاع المصرفي بالكامل يعاني صعوبات مالية كبيرة تتمثل في الديون المتعثرة وضعف البنية التحتية، لذلك فقد بدأت خطة الإصلاح المصرفي عام 2003.
كانت من أهم خطوات حسن عبد الله في البنك العربي الإفريقي دوره في عملية دمج بنك مصر أمريكا الدولي بالبنك العربي الإفريقي، بعد الاستحواذ على كامل أسهم الأول، في صفقة بلغت قيمتها نحو 240 مليون جنيه، وتم الإعلان عنها في مايو/أيار 2005 لتكون التجربة الأولى من نوعها بين بنوك القطاع الخاص بمصر.
وأسهم الدمج في تدعيم حجم البنك العربي الإفريقي وانتشاره بالسوق المصرفية المحلية، وبعد عملية الاستحواذ بـ10 سنوات، نجح عبد الله في قيادة البنك للاستحواذ على محفظة بنك نوفاسكوشيا الكندي في مصر عام 2015.
يشار إلى أن البنك العربي الإفريقي تتوزع ملكيته بين البنك المركزي والهيئة العامة للاستثمار بالكويت بحصة 49.37% لكل منهما، وأعلن البنك المركزي، في وقت سابق، عزمه طرح حصة تبلغ نحو 40% بواقع 20% من حصة كل مساهم بالبورصة المصرية، في إطار برنامج الطروحات الحكومية.
وبصفة عامة يعتبر البنك العربي الإفريقي واحداً من أهم البنوك المصرية، وينظر له باعتباره بنك الصفقات الكبيرة.
شغل حسن عبد الله عضوية هيئة التدريس في "الجامعة الأمريكية في القاهرة"، وعضوية المجلس الاستشاري الاستراتيجي في كلية إدارة الأعمال في "الجامعة الأمريكية في القاهرة".
كما شغل عبد الله عضوية مجالس إدارات عدد من الجهات، منها معهد التمويل الدولي والمجلس الاستشاري للأسواق الناشئة EMAC، والبنك المركزي المصري، والبورصة المصرية، وشركات غبور أوتو، وكوكاكولا، وإنديفور مصر، والشركة المصرية للاتصالات، وأوراسكوم للإنشاءات، وعضو مجلس إدارة المجلس الوطني للتنافسية.
وقال بعض المعارضين المصريين إن أحد أسباب استقالة عامر أو إقالته هو خلافاته مع حسن عبد الله، حيث كان عامر قد أصر على عزل عبد الله من منصبه في البنك العربي الإفريقي الدولي لدرجة أنه أقنع الشركاء الكويتيين المساهمين في البنك بذلك بعد أن كانوا متمسكين به.
وسوف تكون أمام عبد الله مهمة شاقة في ظل ازدياد الفجوة الدولارية في البلاد، بعد هروب الأموال الساخنة جراء الأزمة الأوكرانية، وتراكم الديون على مصر، التي تحتاج لعشرات المليارات من الدولارات لسداد هذه الديون وتمويل الصادرات، خاصة بعد تضاعف الديون الخارجية بمعدل ثلاث مرات خلال السنوات الماضية لتصل إلى أكثر من 150 مليار دولار، وذلك في وقت لم تزل المعاناة من عملية تعويم الجنيه المصري عام 2016 بناء على طلب صندوق آنذاك ماثلة في الأذهان.
وعالج محافظ البنك المركزي السابق طارق عامر الأزمة بفرض قيود على الاستيراد، أغضبت المستوردين وأصحاب المصانع لأنها أدت لنقص في المواد الخام ومستلزمات الإنتاج.
وفي الوقت ذاته تخوض مصر مفاوضات صعبة مع صندوق النقد، وسط تقارير عن اشتراط الصندوق تعويم الجنيه، وبالتالي تخفيض قيمته بشكل كبير، قد يصل إلى 22 أو 23 جنيهاً للدولار، وهو من شأنه زيادة الضغوط التضخمية في البلاد.