بالتهديد تارة وأخرى بالترغيب!.. إسرائيل تضغط على لبنان لترسيم الحدود البحرية لكن لحزب الله رأي آخر

عربي بوست
تم النشر: 2022/07/25 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/25 الساعة 09:16 بتوقيت غرينتش
ملف ترسيم الحدود

تستخدم إسرائيل سياسة "العصا والجزرة" مع لبنان، في محاولة لدفع المفاوضات غير المباشرة بين البلدين، لترسيم الحدود البحرية بينهما.

ويلوّح مسؤولون إسرائيليون، تارة بالعواقب العسكرية على لبنان، وتارة أخرى بالفوائد التي ستعود عليه حال التوصل إلى اتفاق.

ومساء الثلاثاء 19 يوليو/تموز، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد إلى إتمام المفاوضات مع لبنان، "في أسرع وقت ممكن".

وجاء تصريح لابيد، بعد تحليقه بواسطة طائرة، فوق منصة الغاز التي تسميها إسرائيل "كاريش" والتي تعتبر أنها تقع في حدودها المائية، فيما يقول لبنان إنها في المنطقة المتنازع عليها بين البلدين.

وقال لابيد في التصريح: "تكمن في مخزونات الغاز الخاصة بإسرائيل إمكانات من شأنها أن تساهم في حل أزمة الطاقة العالمية، حيث يمكن للبنان أن يستفيد من تطوير المخزونات الموجودة في مياهه الاقتصادية، من خلال المفاوضات التي ينبغي إتمامها في أسرع وقت ممكن".

مدينة الناقورة الحدودية استضافت مفاوضات إسرائيلية لبنانية بشأن ترسيم الحدود البحرية/ رويترز

ولكن قبل ذلك بساعات، كان لابيد ووزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، خلال جولة على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية، يطلقان التهديدات ضد لبنان.

وقال لابيد: "دولة إسرائيل جاهزة ومستعدة للتحرك في مواجهة أي تهديد، ومع أننا غير معنيين بالتصعيد إلا أن كل من سيحاول المس بسيادتنا أو بمواطني إسرائيل سيكتشف بشكل سريع جداً أنه قد ارتكب خطأ فادحاً".

أما غانتس فقال: "تعرف الدولة اللبنانية ويعرف قادتها جيداً، أنه إذا ما اختاروا مسار النار، فهم سيتعرضون للحروق ولأذى كبير".

قرب استخراج الغاز من حقل كاريش

ويبدو أن الضغط الإسرائيلي يأتي مدفوعاً من اقتراب موعد بدء ضخ الغاز من منصة كاريش.

وكانت وزارة الطاقة الإسرائيلية قد توقّعت في تصريح مكتوب حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه بدء ضخ الغاز من منصة كاريش، في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.

وقالت: "إن بدء إنتاج الغاز الطبيعي من منصة كاريش، والمتوقع في سبتمبر/أيلول، سيعزز بشكل كبير إمدادات إسرائيل وأمن الطاقة، ويزيد المنافسة، ويقلل الأسعار في السوق المحلية، ويتيح زيادة صادرات الغاز الطبيعي الإسرائيلي، حيث يواجه العالم أزمة طاقة غير مسبوقة".

وأضافت: "تقع منصة كاريش للغاز الطبيعي في المياه الاقتصادية الإسرائيلية، على بعد حوالي 80 كيلومتراً غرب شواطئ البلاد. ومن المتوقع أن تتصل المنصة بخزان غاز كاريش في سبتمبر/أيلول المقبل، وأن توفر نحو نصف الطلب على الغاز الطبيعي في الاقتصاد الإسرائيلي".

وأطلق حزب الله الذي يعتبر أن منصة كاريش تقع في منطقة متنازع عليها، طائرات مُسيّرة باتجاه المنصة، وهو ما اعتبرته إسرائيل تهديداً استراتيجياً.

صورة لسفينة بحرية تابعة للأمم المتحدة قبالة الساحل اللبناني في بلدة الناقورة، التي تجي فيها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية/ رويترز
صورة لسفينة بحرية تابعة للأمم المتحدة قبالة الساحل اللبناني في بلدة الناقورة، التي تجي فيها مفاوضات ترسيم الحدود البحرية/ رويترز

كما حذّر زعيم حزب الله، حسن نصر الله، منتصف الشهر الجاري، من "اندلاع حرب" إذا "لم يحصل لبنان على حقه في الغاز".

وتتوسط الولايات المتحدة الأمريكية في المفاوضات غير المباشرة بين البلدين، لترسيم الحدود البحرية بينهما.

ومنتصف الشهر الجاري، قال نيد برايس، المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، في تصريح مكتوب، إن بلاده لا تزال "ملتزمة بتسهيل المفاوضات بين لبنان وإسرائيل للتوصّل إلى قرار بشأن ترسيم الحدود البحرية، علماً أنه من غير الممكن تحقيق التقدّم نحو أي حلّ إلا من خلال المفاوضات بين الطرفين المعنيين".

وأضاف برايس: "ترحّب الإدارة الأمريكية بروح التشاور والصراحة لدى الطرفين للتوصّل إلى قرار نهائي، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل، وللمنطقة بأسرها، ولا تزال تعتقد أن هذا الحلّ ممكن".

ويواصل الوسيط الأمريكي، آموس هوكستين، التحرك بين الطرفين، ولكن الحراك تتخلله تهديدات إسرائيلية ولبنانية متبادلة.

وشهدت الأسابيع الأخيرة توترات بين إسرائيل ومنظمة حزب الله، التي قال الجيش الإسرائيلي إنه أسقط أكثر من طائرة صغيرة بدون طيار أطلقتها المنظمة، باتجاه منصة الغاز وأيضاً الأراضي الإسرائيلية.

شاكيد: رسائل إسرائيلية للبنان

يقول روني شاكيد، الباحث في الجامعة العبرية، إن الموقف الإسرائيلي "كان واضحاً بأن إسرائيل تعتبر إطلاق حزب الله طائرات بدون طيار باتجاه الأراضي الإسرائيلية بمثابة تهديد استراتيجي لن تتساهل معه، وعليه فقد ذهب رئيس الوزراء لابيد إلى الحدود الإسرائيلية-اللبنانية وأيضاً فوق منصة الغاز ليوجّه رسالته".

وأضاف شاكيد في حوار مع وكالة الأناضول: "الرسالة الإسرائيلية هي لحزب الله، ولكنها في نفس الوقت رسالة للحكومة اللبنانية بأنه آن الأوان للتوصل إلى اتفاق حول الحدود البحرية".

وتابع أن لابيد أراد القول إن هذا الاتفاق "سيعود بالنفع الاقتصادي على إسرائيل وعلى لبنان، ولكن حزب الله يواصل امتحان إسرائيل سواء من خلال التصريحات أو من خلال الطائرات بدون طيار".

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي / gettyimages

وتابع شاكيد: "نعلم أن المبعوث الأمريكي للوساطة بين إسرائيل ولبنان، سيعود في الأسبوع المقبل، وعندها سنرى ما إذا كان هناك اتفاق؛ إسرائيل تريد الاتفاق وتريده سريعاً، ونعلم أن الحكومة اللبنانية تريد اتفاقاً، ولكن حزب الله يواصل التحرك بتعليمات إيرانية".

ومع ذلك، فقد استدرك شاكيد: "لا إسرائيل ولا الحكومة اللبنانية ولا حزب الله، يريدون التصعيد العسكري".

وقال: "إذا ما اندلعت حرب فإن الكل في لبنان سيوجّه أصابع الاتهام إلى حزب الله، وهو لا يريد ذلك".

ولكن شاكيد أضاف: "لا أعتقد أنه ستقع حرب بين إسرائيل ولبنان، قريباً".

وقالت القناة العبرية 12، الأسبوع الماضي، إن إسرائيل وجّهت رسالة إلى المبعوث الأمريكي آموس هوكستين، المسؤول عن المفاوضات، مفادها أن عليه الضغط على اللبنانيين "لإنهاء الحدث في أقرب وقت ممكن، لأنه يمكن أن يكون شديد الانفجار ويمكن أن يتطور إلى تصعيد لا يريده أحد".

وكشفت النقاب أنه جرت "مناقشات مغلقة لفحص إمكانية نقل منصة كاريش من مكانها".

وقالت: "تدرك المؤسسة الأمنية أن حزب الله قد يرسل طائرات بدون طيار إضافية في اتجاه منصة كاريش، وربما أيضاً حفارات غاز إضافية في المياه الاقتصادية لإسرائيل".

تهديدات لبنانية

ومع اقتراب موعد بدء ضخ الغاز في سبتمبر/أيلول، تزداد التصريحات من جانب  حزب الله. 

وفي 13 يوليو/تموز الجاري، حذّر زعيم "حزب الله" حسن نصر الله، من "اندلاع حرب" حال لم يحصل لبنان على حقه بالغاز والنفط من البحر المتوسط.

وقال نصر الله، في كلمة متلفزة بثتها وسائل إعلام محلية، إن "المقاومة (حزب الله) هي قوة للبنان في مفاوضات ترسيم الحدود، ولديها القدرة على منع العدو الإسرائيلي من استخراج الغاز والنفط".

ويتنازع لبنان وإسرائيل على منطقة بحرية غنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، وفق خرائط مودعة من الطرفين لدى الأمم المتحدة، وتتوسط واشنطن لتسوية النزاع بينهما.

مسيرات حزب الله /رويترز
مسيرات حزب الله /رويترز

وفي يونيو/حزيران الماضي، استعانت إسرائيل بسفينة يونانية مخصصة لإنتاج الغاز وتصنيعه وتخزينه، حيث بدأت التحضيرات لاستخراج الغاز من حقل "كاريش" الذي يقع عند الحدود بين لبنان وإسرائيل.

وقال نصر الله: "إذا كان الهدف منع لبنان من استخراج النفط والغاز، فلن يستطيع أحد أن يستخرج غازاً ونفطاً ولا أن يبيعه، أياً كانت العواقب"، معتبراً أن "الحرب أشرف بكثير من استمرار الانهيار الاقتصادي".

ولفت إلى أن "استخراج النفط والغاز يؤمّن مليارات الدولارات للدولة اللبنانية وهذا هو طريق الإنقاذ (الاقتصادي والمالي) الوحيد للبلد".

وأشار نصر الله إلى أن "الفرصة الذهبية المتاحة لبلاده هي خلال هذين الشهرين"، موضحاً أن لبنان "يمكنه منع العدو الإسرائيلي من استخراج الغاز وبيعه لأوروبا التي تحتاجه بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا".

كانت مفاوضات "غير مباشرة" انطلقت بين بيروت وتل أبيب في أكتوبر/تشرين الأول 2020، برعاية الأمم المتحدة، بهدف ترسيم الحدود بينهما، حيث عُقدت 5 جولات من التفاوض كان آخرها في مايو/أيار 2021.

وخلال إحدى جولات التفاوض قدّم الوفد اللبناني خريطة جديدة تدفع بحق لبنان في 1430 كيلومتراً إضافياً وأن المساحة المتنازع عليها هي 2290 كيلومتراً، وهو ما رفضته إسرائيل وأدى إلى توقف المفاوضات.

تحميل المزيد