تستضيف الصين قمة البريكس الرابعة عشرة، يوم الخميس 23 يونيو/حزيران 2022، فيما يرى المحللون أنها فرصة لبكين لتعزيز "نموذج الحوكمة والتنمية" الخاص بها، في وقت يشهد عدم استقرار عالمي بسبب الصراع الدائر بين روسيا والغرب بسبب الحرب الأوكرانية. فما هي مجموعة بريكس؟ وكيف تسعى لإنهاء نظام القطب الأوحد في العالم؟
ما هي مجموعة بريكس؟
يعتبر مصطلح بريكس (BRICS) اختصاراً يشير إلى الأحرف الأولى من أسماء البلدان هذه على التوالي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، الدول التي تعتبر صاحبة أسرع نمو اقتصادي في العالم، وهي دول في مرحلة مماثلة من التنمية الاقتصادية المتقدمة حديثاً، وفي طريقها إلى أن تصبح دولاً متقدمة.
في حزيران/يونيو 2009 عقدت أول قمة بين رؤساء الدول الأربع المؤسسة لهذه المجموعة (البرازيل وروسيا والهند والصين) في مدينة يكاترينبورغ في روسيا، حيث تضمنت الإعلان عن تأسيس "نظام عالمي ثنائي القطبية"، يدعو إلى تمثيل أكبر للاقتصادات الناشئة الرئيسية على المسرح العالمي، ويقف ضد "هيمنة غير متكافئة للقوى الغربية على العالم".
واتفق رؤساء الدول الأربع على مواصلة التنسيق في أكثر القضايا الاقتصادية العالمية آنية، بما فيها التعاون في المجال المالي وحل المسألة الغذائية. انضمت دولة جنوب إفريقيا إلى المجموعة عام 2010، فأصبحت تسمى "بريكس" بدلاً من "بريك" سابقاً.
تشكل مساحة هذه الدول ربع مساحة اليابسة، وعدد سكانها يقارب 40% من سكان الأرض، وتمتلك 25% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ومن المتوقع بحلول عام 2050 أن تنافس اقتصادات هذه الدول، اقتصاد أغنى الدول في العالم حالياً، حسب مجموعة غولدمان ساكس البنكية العالمية، كما تسعى هذه الدول لتشكيل حلف أو نادٍ سياسي فيما بينها مستقبلاً.
وهناك عدد من المكونات التركيبات المالية والاقتصادية في البنية المالية لبريكس، أهمها بنك التنمية الجديد (NDB) ومقره شنغهاي، ليكون إطاراً للدول الأعضاء لتوفير الحماية ضد ضغوط السيولة العالمية.
ما أهمية عقد قمة مجموعة البريكس الرابعة عشرة؟
سينضم الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى زعماء البرازيل والهند وروسيا وجنوب إفريقيا عبر رابط فيديو؛ لمناقشة القضايا ذات الاهتمام المشترك، كجزء من القمة، تحت عنوان افتتاح "حقبة جديدة للتنمية العالمية".
قبل القمة في بكين، أشادت وسائل الإعلام الحكومية الصينية بدول بريكس، لتعزيزها "التعاون متعدد الأطراف، واستخدامها للأساليب والأشكال والمبادئ غير الغربية"، مشددة على أهمية هذا التكتل في وقت تجذب فيه الولايات المتحدة حلفاءها الغربيين إلى "التمرد" على العولمة.
وفي مايو/أيار الماضي، دعا الرئيس الصيني المجموعة إلى "رفض عقلية الحرب الباردة، والعمل معاً لبناء مجتمع عالمي آمن للجميع".
وعلى الرغم من اختلافاتهم الجوهرية، يحافظ قادة الدول الخمس على مسافة معينة من النظام الليبرالي الذي تقوده الولايات المتحدة.
في حين، تأتي القمة وسط تصاعد التوتر ولغة التهديد بين روسيا والغرب الذي تقوده أمريكا، بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. ولم يُدِن أي من قادة البرازيل أو الصين أو الهند أو جنوب إفريقيا علانية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب الغزو الذي بدأ في 24 فبراير/شباط 2022.
ما أهداف الصين من هذه القمة؟
على خلفية جيوسياسية معقدة، تشمل الحرب في أوروبا والفصل الاقتصادي المتزايد بين الصين والولايات المتحدة، يقول محللون إن قمة بريكس 2022 توفر للصين منصة مناسبة لتعزيز رؤيتها الخاصة لكيفية إدارة العلاقات الدولية.
وتقول وسائل إعلام غربية إن قمة بريكس ستكون نوعاً من الهجوم الدبلوماسي المضاد من قبل الصين في وجه الناتو، ولزيادة النفوذ في المحيطين الهندي والهادئ. كما ستستغل بكين القمة لتسليط الضوء وانتقاد العقوبات الأمريكية المفروضة على آلاف الأفراد والكيانات في جميع أنحاء العالم.
بخلاف انتقاد الولايات المتحدة، من المتوقع أيضاً أن تسلط الصين الضوء على دورها في الاقتصاد العالمي. يغطي جدول أعمال هذا العام مجموعة من الموضوعات، ولكن سيتم التركيز بشكل خاص على تجديد التعددية من أجل الانتعاش الاقتصادي العالمي، وتعميق التنسيق بشأن العمل المناخي، وتعزيز التنسيق بشأن الأوبئة والصحة العامة.
ويعتمد اقتصاد الصين على التجارة الدولية من أجل ازدهارها، وبالتالي تسعى بكين لمواجهة المحاولات الأمريكية لنبذها، وصنع نوع من الزخم نحو عكس عزلة الصين عن الاقتصاد العالمي، بالتعاون مع شركائها، وخصيصاً روسيا.
كيف ستستفيد روسيا من قمة بريكس؟
بالنسبة لروسيا؛ فإن حضور بوتين لهذه القمة هو بمثابة عودة قوية للمسرح العالمي؛ إذ ستكون هذه هي المرة الأولى التي يحضر فيها الرئيس الروسي منتدى مع رؤساء الاقتصادات الكبرى منذ شن غزو أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام.
كما ستكون القمة تأكيداً على أن العالم ليس كله أمريكا أو أوروبا التي فرضت عقوبات قاسية على الاقتصاد الروسي، خصيصاً أن كلاً من قادة البريكس تجنبوا إدانة روسيا صراحة. فيما اتخذت بكين موقفاً قوياً تجاه روسيا، وقبل أسابيع من الغزو الروسي لأوكرانيا، قال الرئيس الصيني إن علاقات بلاده مع موسكو "لا حدود لها"، وهو ما أثار الغرب الذي اتهم بكين بالانحياز لموسكو في "عدوانها" على كييف.
هل يمكن أن تتوسع مجموعة بريكس؟
اقترحت الصين بالفعل توسيع مجموعة البريكس خلال اجتماع لوزراء خارجية الكتلة في مايو/أيار الماضي. وعلى الرغم من الترحيب بالاقتراح من قبل الدول الأعضاء الأخرى، لم تكن هناك إعلانات رسمية عن الأعضاء الجدد أو دعوات لها.
ويرى محللون أن العديد من الدول الناشئة قد تكون مهتمة بالانضمام إلى هذا النادي، خصيصاً تلك التي كان لها موقف مغاير للموقف الأمريكي من غزو روسيا لأوكرانيا.
وهناك الكثير مما تروج له الصين من خلال مجموعة بريكس يعتبر جذاباً للبلدان الناشئة، مثل الكثير من المشاريع والمبادرات المختلفة، كمبادرة الحزام والطريق، التي يمكن أن تسمح للدول الناشئة بدفع عجلة التنمية لديها بعيداً عن القروض الغربية، بحسب رؤية بكين.
وفي عام 2017، وخلال عقد قمة بريكس في مدينة شيامين الصينية، تم الحديث عن خطة "بريكس بلس BRICS plus" التوسعية، بحيث يتم إضافة دول جديدة لمجموعة بريكس بطريقة معينة، مثل إضافة دول كضيوف بشكل دائم أو مشاركين بالحوار.
أبدت الكثير من الدول الرغبة بانضمامها إلى المجموعة؛ مثل: الأرجنتين، وإندونيسيا، والمكسيك، وتركيا، وإيران، وغيرها من الدول. وشارك رئيس تركيا رجب طيب أردوغان في القمة العاشرة في جنوب إفريقيا، والتي يرى فيها بعض المحللين رغبة من تركيا في الانضمام للمجموعة.
وفي حال انضمام أنقرة لبريكس مستقبلاً، قد يدفعها ذلك بعيداً عن حلف الناتو نحو القوتين الأوراسيتين، روسيا والصين. كما أن تركيا عضو في منظمة بديلة لبريكس في مجموعة العشرين تسمى "ميتكا MITKA"، التي تأسست في 2013، والتي تتألف من المكسيك وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وتركيا وأستراليا، هي مجموعة من الدول المتوسطة تهدف إلى تحقيق التوازن بين هيمنة مجموعة السبع وبريكس في مجموعة العشرين، لمصلحة أعضائها.