يبدو أن الطائرة الروسية سوخوي 25 ما زالت تؤكد أحقيتها بلقب الدبابة الطائرة، فلقد تمكنت طائرة روسية من طراز سوخوي 25 من العودة إلى قاعدتها على الرغم من الأضرار التي لحقت بها جراء إصابتها بواسطة منظومات الدفاع الجوي المحمولة في أوكرانيا.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية مؤخراً مقطع فيديو يوضح مدى الضرر الذي لحق بالطائرة Su-25SM المعروفة لدى حلف الناتو باسم (Frogfoot).
ويعتقد أن الطائرة كانت تعمل وفقاً لبعض المصادر من مطار في بيلاروسيا، حسبما ورد في تقرير لموقع the Aviationist.
وأبلغ الطيار الروسي الذي كان يقود الطائرة التالفة عن عطل في إلكترونيات الطيران وأنظمة التحكم أثناء اقتراب الهبوط.
لقطات تثبت صلابة الطائرة الروسية سوخوي 25
تُثبت اللقطات التي نشرتها وزارة الدفاع الروسية في يوم 14 مارس/آذار 2022 مرة أخرى مدى متانة الطائرة سوخوي 25 وهي طائرة مصفحة سرعتها أقل من الصوت ومتخصصة في الهجوم الأرضي لدعم القوات البرية عبر إمكانية الطيران المنخفض.
ويُظهر المقطع الطائرة وهي تتأرجح مع أضرار جسيمة قيل إن سببها هو نظام الدفاع الجوي المحمول (MANPADS) الذي أصاب الطائرة على الجانب الأيمن الخلفي من جسم الطائرة.
في الواقع عادةً ما تضرب صواريخ التتبع الحراري منطقة المحرك في الجزء الخلفي من جسم الطائرة، حيث تكون درجة حرارة العادم أعلى.
وحسب التقارير الروسية، فأثناء قيامها بمهمة قتالية في منطقة عملية عسكرية خاصة، تعرضت الطائرة الهجومية سوخوي 25 لصاروخ من نظام دفاع جوي محمول على الكتف أُطلِق من الأرض بواسطة جندي من القوات المسلحة الأوكرانية.
قام قائد الطائرة المتضررة بإيقاف المحرك التالف وعدم مغادرة الطائرة. فيما تجنب قائد طائرة من نفس الطراز مصاحبة لها صاروخاً ثانياً عبر إطلاق قنابل مضيئة لتشتيت الصاروخ الذي يتجه للحرارة، وتمكّن من تحويل مسار الصاروخ إلى جانبه، وتم ترشيح الطيارين لجوائز عسكرية من قبل قيادتهما.
ومنذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا، تم تأكيد فقدان ما لا يقل عن ست طائرات Su-25 في أوكرانيا.
سبق أن نجت من هجمات مماثلة
ولكن الطائرة سوخوي 25 ليست جديدة على مثل هذه الحوادث، فهناك الكثير من الصور والقصص التي يمكن العثور عليها عبر الإنترنت لطائرات Frogfoot التي نجت من الضربات المباشرة لصواريخ K38 Igla الروسية الصنع وصواريخ ستينغر الأمريكية وغيرها من أنظمة الدفاع الجوي المحمولة الأخرى أثناء النزاعات في جميع أنحاء العالم.
كما تثبت هذه الواقعة مقدار الخطر الذي تتعرض له الطائرات الروسية في أوكرانيا وخاصة التي تطير على ارتفاع متوسط ومنخفض بواسطة منظومات الدفاع الجوي المحمولة التي تديرها القوات الأوكرانية، والتي قدم الغرب أعداداً كبيرة منها لكييف، ولكن السوخوي 25 لديها فرصة للنجاة أكثر من غيرها بفضل تدريعها.
فالطائرة سوخوي 25 والقاذفة المقاتلة سوخوي 34 الروسية الصنع أيضاً هما الطائرتان المدرعتان الوحيدتان ذواتا الأجنحة الثابتة التي ما زال يتم إنتاجها حتى الآن.
مخصصة للمهام الصعبة.. تاريخ الدبابة الروسية
تم إطلاق النموذج الأولي الأولي من سوخوي 25 من قبل الاتحاد السوفيتي لأول مرة في فبراير/شباط 1975، ودخلت الخدمة عام 1981، واستخدمت بكثافة في مسارح العمليات في أفغانستان وأوسيتيا في الصراع الروسي الجورجي في عام 2008 وكذلك في سوريا حيث تم نشرها لأول مرة في عام 2015.
كما استخدمها سلاح الجو العراقي ضد إيران خلال الحرب العراقية الإيرانية 1980 – 1988، واستخدمت من قبل العديد من الدول الإفريقية، بما في ذلك ساحل العاج وتشاد والسودان في محاربة حركات مكافحة التمرد المحلية وفي الحروب الأهلية.
ولكن ذروة كفاح هذه الطائرة كانت في الحرب السوفييتية في أفغانستان.
فعلى مدار سنوات الحرب السوفييتية الأفغانية العشر، أطلقت طائرات سوخوي 25 ما مجموعه 139 صاروخاً موجهاً من جميع الأنواع ضد مواقع المجاهدين الأفغان، وفي المتوسط، نفذت كل طائرة 360 طلعة جوية في السنة، وهو مجموع أعلى بكثير من أي طائرة سوفينية أخرى في أفغانستان.
ومنذ الانتشار الأول لها في أفغانستان عام 1981، وحتى نهاية الحرب في عام 1989، فقدت القوات الجوية السوفييتية بين 21 إلى 23 طائرة سوخوي 25 في العمليات القتالية، مع ما يصل إلى تسع طائرات دُمِّرت على الأرض أثناء وقوفها.
مقارنة بين سوخوي 25 ونظيرتها الأمريكية إيه 10
تم تصميم سوخوي 25 للدعم الجوي القريب للقوات البرية، مثل الطائرة "A-10 Warthog" الأمريكية التي اشتُهِرت بإيقاع خسائر هائلة في الدبابات والمدرعات العراقية في حرب تحرير الكويت عام 1991.
ولكن السوخوي 25 مدرعة بشكل أكبر من نظيرتها الأمريكية.
وفي كلتا الطائرتين، يجلس الطيارون في درع من التيتانيوم داخل الطائرة، يطلق عليه اسم "حوض الاستحمام"، وهو يحمي قمرة القيادة من الطلقات التي يتم إطلاقها من الأسفل.
تم تصميم الطائرتين مع مراعاة قابلية البقاء على قيد الحياة، وتتشابه الطائرتان في نقاط التصميم التي تهدف لجعلهما متينتين قدر الإمكان.
وتماماً مثل الطائرة الروسية Su-25، أثبتت الطائرة الأمريكية A-10 أنها طائرة صلبة جداً أيضاً ولها قدرتها الخاصة على إعادة طياريها على قيد الحياة، رغم الأضرار الجسيمة الناجمة عن النيران الأرضية.
وكلتاهما يطلق عليهما اسم "الدبابات الطائرة" لأنهما مجهزتان بدروع متطورة، وقدرات وهجوم منخفض الارتفاع، وقدرات قصف، ودعم المشاة عبر مهاجمة القوات البرية للعدو.
تجربتا فيتنام وأفغانستان القاسيتان أثبتتا أهمية هاتين الطائرتين
قبل السوخوي 25 كان لدى الروس قاذفات مثل Su-17 و Su-22 و MiG-23BN و MiG-27 بمحرك واحد فقط وبدون دروع.
أظهرت التجربة القتالية في أفغانستان أنه من السهل جداً إسقاط هذه الطائرات بالنيران الأرضية، لذلك هناك حاجة لطائرة ذات درع حماية ومحركين لتحسين القدرة على البقاء حتى لو تعرضت للإصابة، وهي تجربة اكتشفها الأمريكيون أيضاً خلال حرب فيتنام.
تم تجهيز سوخوي 25 بمدفع مزدوج الماسورة عيار 30 ملم، ولديها 11 نقطة صلبة لتعليق الأسلحة بحمولة إجمالية تبلغ حوالي 4 أطنان، بينما الوزن الإجمالي للأسلحة لمنافستها الأمريكية يبلغ 7.2 طن، وهي ميزة كبيرة لها على Su-25.
وأثبتت حقيقة ساحة المعركة، أن كلاً من A-10 و Su-25 لهما قوتهما الخاصة. فهما أقوى طائرتي دعم أرضي في العالم اليوم.
الاختلافات بين سوخوي 25 وإيه 10
وعلى الرغم من أن هاتين "الدباباتين الطائرتين" متشابهتان نسبياً، إلا أنه لا يزال بإمكان المرء رؤية الاختلافات في نقاط القوة لكل منهما، فمن حيث التصميم، فإن سوخوي 25 أصغر حجماً وأقل وزناً.
وتتمتع طائرة A-10 بميزة نيران المدافع الأوتوماتيكية القوية جداً والصواريخ ذاتية التوجيه وصواريخ أطلق وانسَ، حيث تم تصميم الطائرة A-10 تحديداً لتكون قاتلة للدبابات بشكل خاص عبر استخدامها لمدفع جاتلينج الفتاك والفريد ذي عيار 30 ملم الذي يوجد في بطن الطائرة ويدور بسرعة مطلقاً أعداداً هائلة من الطلقات الضخمة التي تخترق الدبابات من أعلى؛ أي من نقطة ضعفها.
بينما أدوار سوخوي 25 أكثر عمومية، وقادرة على القضاء على مجموعة متنوعة من الأهداف بسهولة.
كما أن سوخوي 25 قوية في القصف الدقيق والصواريخ الموجهة بالليزر، وتتميز بالسرعة والقدرة على المناورة، بينما تتفوق A-10 في حمولة الأسلحة.