تستعد الولايات المتحدة لإرسال طائرات مسيرة تسمى "سويتش بليد" (Switchblades) الانتحارية إلى أوكرانيا، من أجل مساعدة الأخيرة في صد الهجوم الروسي. إذ وافق المسؤولون الأمريكيون على إرسال شحنة من طائرات "الشفرات" أو "سويتش بليد" القادرة على حمل صواريخ موجهة متطورة يمكن أن تستهدف بدقة الدبابات الروسية، ومواقع المدفعية من على بعد أميال، وإليكم كل ما نعرفه عنا في هذا التقرير.
ما هي طائرات سويتش بليد المسيرة الانتحارية؟
تعد طائرات "الشفرات" أو "Switchblades" في الأساس قنابل ذكية آلية مجهزة بكاميرات وأنظمة توجيه ومتفجرات، وهي طائرات مسيرة صغيرة وخفيفة يمكن إطلاقها من أنبوب، بحيث تكون قادرة على الطيران لفترات معينة والبقاء في الجو قبل الاصطدام بهدفها.
وعند إطلاقها مثل قذيفة هاون، يمكن للطائرة المسيرة سويتش بليد البقاء في الهواء لما يقرب من 30 دقيقة، وأثبتت هذه المسيرات كفاءتها في القتال مع ميزة وجود موجة استشعار حاصلة على براءة اختراع، وتعتبر السلاح المثالي للاستخدام في حروب العصابات.
وتوفر سويتش بليد، القابلة للحمل على الظهر والنشر بسرعة سواء من منصات جوية أو بحرية أو أرضية، زيادة في معدل استهداف الأعداء من خلال وجود إحداثيات نظام الموقع الجغرافي المتطور في الوقت الحقيقي، كما تعطي تسجيل فيديو من أجل استهداف دقيق ولتجنب الأضرار الجانبية.
ويمكن برمجتها لضرب الأهداف تلقائياً من على بعد أميال، كما يمكن توجيهها حول الأهداف حتى يحين وقت الضربة. وتقول الشركة المصنعة لها "نورثروب غرومان" إن الطراز المخصص لتدمير الدبابات يمكنه الطيران لمدة 40 دقيقة وما يصل إلى 50 ميلاً.
يصف المسؤولون العسكريون هذه الطائرات المسيرة بـ"الكاميكازي أي الانتحارية"، لأنه يمكن التحليق بها في اتجاه الهدف حتى تصطدم به مباشرةً، قبل أن تنفجر بعدها، إذ كان مصطلح كاميكازي يستخدم لوصف التكتيك العسكري المستخدم بواسطة الطيارين اليابانيين في الحرب العالمية الثانية، حين اعتادوا تعبئة الطائرات الصغيرة بالمتفجرات والتحليق بها مباشرةً في اتجاه سفن الحلفاء الحربية.
بحسب تقرير لصحيفة The Independent البريطانية، هناك نوعان من طائرات سويتش بليد المسيرة، نسخة 300 ونسخة 600. وتُستخدم نسخة 300 ضد الجنود، في حين تُخصص نسخة 600 للاستخدام ضد الدبابات والمركبات المدرعة. ولم تتضح بعد نسخة الطائرات التي سيجري إرسالها من الولايات المتحدة إلى أوكرانيا، أو ما إذا كان سيجري إرسال طائرات من النسختين.
وتعتبر النسختان من الطائرات بدون طيار التي تبحث عن أهدافها باستخدام أجهزة الاستشعار وتقنية نظام التموضع العالمي GPS المحمولة على متنها. إذ قال ميك مولروي، النائب السابق لمساعد وزير الدفاع الأمريكي: "صُمِّمَت هذه الطائرات من أجل قيادة العمليات الخاصة الأمريكية، وتُعَدُّ من أنظمة الأسلحة التي يكون لها تأثيرٌ فوري على ساحة المعركة".
"تطير بشكل أسرع من بيرقدار التركية"
تكمن سهولة استخدام هذه الطائرات المسيرة في أنها يمكن أن تُحمل في حقيبة ظهرٍ، ويمكن نشرها بواسطة الجنود الأفراد، ولا تحتاج إلى تدريبات طويلة أو معقدة. ويمكن تهيئة هذا النوع من السلاح خلال دقائق قليلة، حيث تطير بسرعة أكبر بكثير من طائرات بيرقدار التركية، التي استخدمتها أوكرانيا بكثرة خلال حربها ضد روسيا، كما يقول تقرير لشبكة NBC الأمريكية.
وتضيف الشبكة أن طائرات سويتش بليد ستكون قادرة على اختراق الدفاعات الجوية الروسية بسهولة.
وتحولت طائرات بيرقدار المسيرة التركية في الحرب الأوكرانية إلى بطل شعبي بالنسبة للأوكرانيين في حرب العصابات الجوية التي يخوضها الجيش الأوكراني ضد الجيش الروسي المشهور بعنفوانه، حتى إن الأوكرانيين ألّفوا لها أغنية، حسبما وصف تقرير لموقع Popular Mechanics.
قبل الحرب الروسية على أوكرانيا تحدثت وسائل إعلام روسية عن أن طائرات بيرقدار تركية الصنع، التي تمتلكها كييف، لن تكرر ما حدث في القوقاز، لأن جغرافيا أوكرانيا سهلية لا يوجد بها جبال وعرة مثل إقليم ناغورني قره باغ الأذربيجاني، الذي كانت تحتله أرمينيا واستعادته أذربيجان بواسطة هذه الطائرات، حيث كانت المسيّرات تركية الصنع تختبئ في هذه التضاريس من الصواريخ المضادة للطائرات الروسية الصنع، حسب المواقع الروسية.
ولكن بعد نحو شهر من المعارك في أوكرانيا تبيّن أن طائرات بيرقدار تي بي 2 واحدة من الأسلحة التي مكنت الجيش الأوكراني من الصمود أمام الجيش الروسي الأكبر والأقوى بشكل هائل.
ويمنح الأسطول الأوكراني الصغير من طائرات بيرقدار، أداة مرنة في مواجهة تفوّق الدب الروسي الهائل، حيث يدمر بطاريات صواريخ أرض-جو، وقوافل الوقود، وأهدافاً أخرى حيوية للجهود الحربية الروسية.
ليست طائرات مسيرة فحسب.. حزمة ضخمة من السلاح الأمريكي ستحصل عليها أوكرانيا
من جهتها، تقول صحيفة New York Times الأمريكية إن الطائرات المسيرة الانتحارية هي جزءٌ من حزمة المساعدات العسكرية الأخيرة التي أعلن عنها البيت الأبيض لأوكرانيا بقيمة 800 مليون دولار. إذ شملت الحزمة 800 صاروخ ستينغر مضاد للطائرات، و9000 سلاح مضاد للدبابات، و100 طائرة مسيرة تكتيكية، إلى جانب أسلحةٍ صغيرة مثل المدافع الرشاشة وقاذفات القنابل اليدوية.
ويأتي آخر تخصيص للمساعدات العسكرية في أعقاب مناشدة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للكونغرس، بتقديم المزيد من المساعدة والدعم الأمريكيين.
وقد شهدت الأسلحة الأمريكية، مثل سلاح جافلن المضاد للدبابات، استخداماً واسع النطاق من جانب الأوكرانيين المدافعين عن بلادهم ضد الدبابات الروسية في أيام الهجوم الأولى.
ويُذكر أن الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا قد ركز حتى الآن على إرسال المعدات والأسلحة الصغيرة إلى أوكرانيا، بدلاً من الأسلحة الهجومية الكبيرة مثل الدبابات والمقاتلات والمروحيات، لأن النوع الثاني يتطلب تدريباً أفضل ودعماً لوجستياً أقوى من أجل تسليمه.
بينما طلب زيلينسكي من الدول إرسال مقاتلات ميغ إضافية إلى أوكرانيا، لكنه تراجع عن طلبه بعدها. وطالب كذلك بفرض منطقة حظر طيران، لكن جو بايدن عارض بشدةٍ أي موقفٍ قد يضع القوات الأمريكية في مواجهةٍ مباشرة مع روسيا.
ولهذا طلبت أوكرانيا أنظمة دفاعٍ جوي متنقلة بدلاً من المقاتلات الإضافية، لاستخدامها في الدفاع عن البلاد من الطائرات الروسية التي تحلق على ارتفاعات عالية، مثل قاذفات القنابل.