رسالة عسكرية خطيرة تقف وراء الهجوم الروسي على مركز يفوريف العسكري الأوكراني الواقع على بعد أقل من 15 ميلاً (24 كيلومتراً) من الحدود مع بولندا، وأثار الهجوم تساؤلات حول هل يكون تمهيداً لاستهداف روسيا لدول الناتو التي تدعم كييف عسكرياً أم يؤدي لعرقلة نقل الأسلحة لكييف؟
الهجوم الروسي على مركز يفوريف أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 35 شخصاً ووقع بالقرب من المكان الذي ستعبر فيه الأسلحة الغربية إلى البلاد.
وقبل الهجوم بيوم، قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، إنَّ جيش بلاده سيعامل شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا من دول الناتو على أنها "أهداف مشروعة".
ومن الواضح أن الكرملين لا يهتم إذا كان المقاتلون الأمريكيون أو غيرهم من المتطوعين يتدربون في المكان أم لا، وأنه أراد بعث رسالة بأنه قد يستهدفهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
الروس يقولون إنهم قتلوا مرتزقة أجانب، فماذا قال الناتو؟
وقال الجيش الروسي إنه قتل ما يصل إلى 180 "مرتزقاً أجنبياً" في الهجوم الروسي على مركز يافوريف الذي وقع أمس الأحد، وهو رقم لم يتسنَّ التأكد من مصدر مستقل.
فيما قالت أوكرانيا إن مدربين عسكريين أجانب عملوا في السابق في المنشأة، لكن مسؤولاً في حلف شمال الأطلسي قال إنه لا يوجد أفراد من الحلف هناك.
ونُقل الجنود الأوكرانيون المصابون من الهجوم على مركز يافوريف الدولي لحفظ السلام والأمن إلى المستشفى في سيارات الإسعاف.
وأطلقت القوات الروسية في الهجوم الذي يعتقد أنه نفذ من الجو أكثر من 30 صاروخاً على المركز الذي يقع على بُعد 30 كيلومتراً من مدينة لفيف في غرب أوكرانيا، في مؤشر على توسيع روسيا نطاق هجومها ليشمل المنطقة الواقعة بالقرب من الحدود مع بولندا، وهي التي المنطقة التي لم تتعرض لهجمات روسية تُذكر قبل هذا الهجوم.
وقالت بريطانيا إن الهجوم الروسي على مركز يفوريف يمثل "تصعيداً كبيراً" للصراع. قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إن الناتو سيدافع عن كل شبر من أراضيه إذا امتد الغزو الروسي إلى الدول الأعضاء في تحالف الدفاع الغربي.
هل يمهد الهجوم الروسي على مركز يفوريف العسكري للتحرش بدول الناتو؟
وتقع المنشأة، المعروفة بأنها موقع دربت فيه قوات الناتو الأوكرانيين منذ سنوات، بالقرب من الطريق المباشر بين مطار رزيسزو، الذي يستقبل الطائرات المحملة الأسلحة الغربية، ومدينة لفيف الواقعة بغرب أوكرانيا.
ويقال إنَّ المتطوعين الأجانب قد تجمعوا في هذا المكان عند بدء تدريبهم مع القوات المسلحة الأوكرانية، لكن حتى إذا لم تُستخدَم القاعدة أو استُخدِمَت بكثافة لأي من الغرضين، فهي موقع طالما نظرت إليه روسيا بارتياب.
ومع ذلك، هناك حدود مهمة للهجوم الروسي، حسب صحيفة The Guardian.
ففي حين أنَّ قرب الضربات الصاروخية الفتاكة من حدود الناتو قد يبدو مقلقاً، اتخذت الولايات المتحدة وحلفاء آخرون خطوات لتعزيز وحماية الدفاعات الجوية البولندية.
وفي هذا السياق، أعلنت نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، نهاية الأسبوع الماضي، نقل بطاريتَي صواريخ باتريوت الأمريكية إلى بولندا، وتمركزهما في رزيسزو. وتقول مصادر عسكرية بريطانية إنَّ نظام سكاي سابر متوسط المدى، المرافق لها، الموجود بالفعل في البلاد بعد التدريبات الأخيرة، قد وُضِع إلى جانب البطاريتين.
على الرغم من خطاب ريباكوف، فإنَّ هجوماً روسياً مباشراً على إحدى دول الناتو، مع تعزيز دفاعاتها مؤخراً، لن يكون مرجحاً تحت أي ظرف من الظروف، وبالأخص نظراً إلى الكيفية التي تكافح بها قوات موسكو، فهي تفقد رجالاً وعتاداً في هجومها على أوكرانيا.
ومع ذلك، فإنَّ وجود بطاريات باتريوت يهدف إلى التأكيد على إمكانية اعتراض أية صواريخ شاردة تدخل المجال الجوي البولندي مع اقتراب الهجوم الروسي ضد أوكرانيا من غرب البلاد.
وتمتلك رومانيا، وهي دولة أخرى في الناتو على الحدود مع أوكرانيا، بالفعل نظام باتريوت خاصاً بها، بينما قالت ألمانيا وهولندا قبل أيام قليلة إنهما ستعيدان وضع إحدى بطاريات باتريوت في دولة حدودية أخرى مع أوكرانيا، وهي سلوفاكيا.
هل يؤدي الهجوم لوقف نقل السلاح والمتطوعين لأوكرانيا؟
بالنسبة لتزويد أوكرانيا بالأسلحة الغربية، يستبعد الخبراء الغربيون تقييد هذه العملية بسبب هجوم واحد، حتى لو كان مميتاً مثل هجوم صباح الأحد 13 مارس/آذار.
إذ يبلغ طول الحدود البولندية- الأوكرانية أكثر من 300 ميل (483 كيلومتراً تقريباً)، وتُتَخذ خطوات لإخفاء الإمدادات الحيوية أثناء عبورها إلى البلاد وخارجها.
وليس من الممكن من الناحية الواقعية قطع حركة الأسلحة أو اعتراضها بضربات جوية دورية؛ لأنَّ المنطقة شاسعة للغاية. ولن يكون فعل ذلك عملياً إلا عندما تهيمن قوات موسكو على منطقة غرب أوكرانيا وهي المنطقة الأكثر عداءً لموسكو تاريخياً. لكن في الوقت الحالي، فإنَّ القوات البرية الروسية، التي تركز على كييف ومدن الشرق، بعيدة جداً عن لفيف والحدود الغربية.
وقال نيك رينولدز، المتخصص في الحرب البرية في مركز أبحاث روسي: "سيكافح فلاديمير بوتين لاعتراض الإمدادات إلى غرب أوكرانيا، لكنه يتمتع بفرصة أفضل بكثير إذا طوَّق كييف في النهاية، وبالتالي حصارها، فضلاً عن احتمال قطع المعابر على طول نهر دنيبر. لكن هذا سيستغرق بعض الوقت".
إنَّ هيمنة روسيا على الأجواء، خاصة في الليل، يزيد من فرص انخراطها في المزيد من الهجمات الصاروخية لتُظهِر مرة أخرى أنها يمكن أن تضرب الغرب. لكن هذه في حد ذاتها لا تغير ميزان العملية العسكرية تغييراً كبيراً، التي هي بالفعل مميتة بما فيه الكفاية.