انتقال العدوى بين الملقحين بـ3 جرعات ليس مقلقاً.. ولهذه الأسباب يصاب المطعّمون بكورونا بكثرة مؤخراً

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/11 الساعة 13:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/11 الساعة 14:53 بتوقيت غرينتش
لقاحات فيروس كورونا، تعبيرية/ istock

يمر العالم بموجة جديدة وقوية من انتشار عدوى كوفيد-19 في مناطق عدة كالولايات المتحدة وأوروبا وأمريكا الجنوبية ومناطق متفرقة من آسيا وإفريقيا، وذلك منذ وقت ظهور متحور "أوميكرون" في جنوب القارة السمراء قبل نحو شهرين.

ومع ذلك، يواصل العلماء والأطباء ومؤسسات الرعاية الصحية الاعتماد على اللقاحات المختلفة التي تم اختبارها واعتمادها بالفعل، في جميع أنحاء العالم للحماية من العدوى.

ورغم ما رأيناه حول فعالية اللقاحات المختلفة في الحد من انتشار الوباء خلال العام الماضي، إلا أن المتحورات الأخيرة من كورونا تجاوزت هذه اللقاحات وأصيب العديد ممن حصلوا على جرعتين أو ثلاث جرعات من اللقاح، بفيروس كورونا مؤخراً، فيما تتصاعد موجة من الرفض لأخذ اللقاح في أمريكا وأوروبا ومناطق أخرى، بدعوى فشلها بمواجهة الفيروس ومتحوراته، وكذلك أعراضها الجانبية.

لماذا لا ينبغي أن يكون انتقال العدوى بين من تم تطعيمهم 3 مرات مدعاة للقلق؟

عندما ظهر متغير omicron لأول مرة في جنوب إفريقيا في نوفمبر 2021، كان هناك قلق كبير من الانتشار السريع للعدوى، حيث كانت هذه السرعة الهائلة للانتشار تفوق ما لاحظناه في المتغيرات السابقة بحسب تقرير لوكالة Associated Press الأمريكية.

ومع انتشار متحور أوميكرون في بريطانيا والولايات المتحدة ومناطق أخرى، بدأت أعداد الإصابات بالتضاعف في هذه المناطق والدول التي كانت نسبة التطعيم فيها عالية، ما زاد القلق لدى البعض حول فاعلية اللقاحات، فيما بدأ الجدل الزائف يغزو العالم.

أمريكا
1.4 مليون إصابة بكورونا في أمريكا خلال يوم واحد بسبب متحور أوميكرون – رويترز

في السياق، يقول تقرير لموقع BBC Mundo الإسباني إنه للوهلة الأولى، بدا أن اللقاحات بمختلف أنواعها لا تعمل، لكن هذا يعتمد على كيفية تعريف حماية اللقاح. فكيف يقي اللقاح من العدوى؟

يوجد حالياً دليل كبير على أن اللقاحات ليست فعالة بنسبة كبيرة في منع إصابة الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالعدوى أو من نشر العدوى. تم توضيح ذلك بيانياً من خلال دراسات عدة، إحداها أجريت مؤخراً في الدنمارك، حيث أصيب 21 من أصل 33 من العاملين الصحيين الذين تم تطعيمهم ثلاث مرات على فيروس أوميكرون، حدث ذلك على الرغم من أنهم قد خضعوا لاختبار PCR قبل 36 ساعة من الحدث، كما يقول الموقع الإسباني.

قد يعتبر البعض أن هذا دليل على أن اللقاحات لا تعمل. ومع ذلك، كان هذا متوقعاً قبل أوميكرون مع متحورات أخرى، مثل دلتا، فمن المعروف أن اللقاحات لا تقدم وقاية كاملة من العدوى، وهذا ما أكدته شركات اللقاحات منذ أن أعلنت عن نتائجها نهاية عام 2020 ومطلع عام 2021.

لم يزعم أحد أن لقاحات كوفيد توفر مناعة كاملة، أو أن ذلك قد يكون هدفاً قابلاً للتحقيق. في أحسن الأحوال، توفر هذه اللقاحات حماية جزئية تقلل نسب الإصابة بالفيروس وتبطئ انتشار العدوى.

يقول تقرير لشبكة NBC الأمريكية، إن ما تفعله اللقاحات هو توفير حماية ممتازة من نوع آخر. حتى الآن، أثبتت اللقاحات أنها جيدة جداً في الوقاية من المرض الشديد. هذه الحماية لا تقل أهمية، لأنها تمنع معظم المصابين من الوصول للمستشفيات أو الموت.

ويقول التقرير إن الحماية التي كانت توفرها اللقاحات ضد المتحورات القوية أو الوفاة أكثر من 90٪ على مدار 6 أشهر على الأقل بعد أخذ جرعتين.

وعندما تم اكتشاف أوميكرون لأول مرة، كانت هناك مخاوف من أن الطفرات التي قد ينتجها قد تسمح له بتجاوز حماية اللقاحات. في الواقع، تشير البيانات إلى أن جرعتين من لقاح فايزر أو أسترازينيكا توفران حماية محدودة ضد متحور أوميكرون.

لحسن الحظ، تمت استعادة هذه الحماية إلى حد كبير من خلال الجرعة المعززة، ولهذا السبب هناك حاجة مُلحة إلى زيادة التطعيم بالجرعات المعززة لا تقليلها أو رفض أخذها.

وهذا مهم بشكل خاص لأولئك الأكثر ضعفاً، مثل كبار السن أو أصحاب الأمراض المزمنية، إذ أثبتت الدراسات أن الشخص البالغ من العمر 80 عاماً يتعرض لخطر أكبر 300 مرة للإصابة بفيروس كوفيد -19 مقارنة بالبالغ الذي يقل عمره عن 40 عاماً.

ومع ذلك، كما أظهر متحور أوميكرون، يمكن أن تحدث العدوى مرة أخرى حتى بين السكان الذين تم تلقيحهم بشكل كبير مثل بريطانيا وإسرائيل والولايات المتحدة، حيث تم الإبلاغ عن أن متحور أوميكرون لديه معدل إعادة إصابة أعلى من المتغيرات الأخرى.

لماذا يصاب بعض من تلقوا اللقاحات بفيروس كورونا هذه الفترة بكثرة؟ 

يقول تقرير لموقع "بي بي سي" إنه لا يمكن إنكار أن تكرار حالات العدوى أو التشخيص الإيجابي بالإصابة بين الأشخاص الملقحين قد ازداد في الآونة الأخيرة، ويمكن تفسير ذلك بثلاثة عوامل:

العامل الأول، هو أنه عادة ما يجتمع الناس وخصوصاً في الولايات المتحدة وأوروبا، ويحتفلون بعيد رأس السنة الجديدة وعيد الميلاد، هذا في حد ذاته يزيد من خطر انتقال فيروس كورونا.

أما العامل الثاني، فبعد عام تقريباً من توفر اللقاحات في بعض أنحاء العالم، تعلم الخبراء أن المناعة ضد كوفيد بعد اللقاح لا تدوم إلى الأبد، وبمرور الوقت لاحظنا أن مستوى الحماية ينخفض، ويكون هذا الانخفاض أكبر أو أقل اعتماداً على نوع اللقاح وعمر كل فرد. وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى إعطاء جرعة ثالثة، أولا لكبار السن والذين يعانون من نقص المناعة، ثم لجميع البالغين، كما يقول الخبراء.

وبالنسبة العامل الثالث، فهو يتعلق بظهور المتحور أوميكرون، الأكثر قابلية للانتقال والانتشار، كما أن المناعة المكتسبة من اللقاحات أو جراء الإصابة بالأشكال السابقة من الفيروس، تبدو أقل فعالية معه.

متحور أوميكرون ينتشر بسرعة كبيرة خلال التجمعات الكبيرة وفترة الأعياد/ رويترز

ومع أخذ ذلك بعين الاعتبار، يجب أن يُنظر إلى الأشخاص الملقحين الذين أصيبوا بالفيروس على أنه شيء شائع حقاً، وسيتعين علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع هذا الوضع.

ويقول خبراء للموقع البريطاني إنه لحسن الحظ ترافقت هذه الزيادة الأخيرة في حالات كوفيد مع انخفاض معدل دخول المستشفى والوفيات، خاصة بين الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بالفعل، وأن اللقاح مستمر في الحماية من أخطر الأشكال كما هو متوقع.

الجدل حول عدم فاعلية اللقاحات ورفض أخذها يتصاعد مجدداً

بالنظر إلى السجلات اليومية للحالات الجديدة لكوفيد-19 في دول مثل الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة التي كانت متقدمة في إعطاء مواطنيها لقاحات أولى وثانية وربما ثالثة، أصبحت فاعلية اللقاحات مرة أخرى موضوع نقاش على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المنصات الإعلامية.

وبينما ينتقد بعض المستخدمين الإجراءات التي تفرضها السلطات لتشجيع التلقيح، يستنكر آخرون الآثار الجانبية المحتملة للقاحات. لكن الآثار الجانبية الرئيسية التي لوحظت حتى الآن، خفيفة وتتلاشى بشكل طبيعي بعد بضعة أيام. من بين الآثار الجانبية الرئيسية: ألم واحمرار في مكان الحقن، وارتفاع في الحرارة، وصداع، وإرهاق، وآلام في العضلات، وقشعريرة وغثيان.

ماكرون
إلزامية لقاح كورونا تثير احتجاجات في بعض الدول، تعبيرية، فرنسا/ رويترز

وتعتبر السلطات الصحية أن الآثار الجانبية الأكثر خطورة، مثل الحساسية المفرطة والتخثر والتهاب التامور (الغشاء المحيط بالقلب) والتهاب عضلة القلب، نادرة للغاية، كما أن فوائد اللقاحات تفوق بكثير المخاطر المحتملة.

ويقول الخبراء إن الموجة الأولى من اللقاحات ضد الفيروس، والتي تضم منتجات طورتها شركات فايزر وأسترازينيكا وغيرها، تهدف إلى الحد من مخاطر الإصابة بأخطر أشكال المرض، أي تلك التي ترتبط بدخول المستشفى لتلقي العلاج أو التي تؤدي إلى الوفاة.

لذلك لم يكن الهدف الرئيسي لهذه اللقاحات هو وقف العدوى بحد ذاتها، ولكن جعل الإصابة بفيروس كورونا أقل ضرراً ووطأة على الجسم. ينطبق نفس المنطق على لقاح الإنفلونزا، المتاح منذ عقود طويلة.

إن الجرعة التي يتم تقديمها كل عام لا تمنع بالضرورة الإصابة بفيروس الأنفلونزا، ولكنها تُجنب المضاعفات والإصابات المتكررة لدى الفئات الأكثر عرضة للإصابة، مثل الأطفال والحوامل وكبار السن.

بالنظر إلى السيناريو الأوسع، فإن هذه الحماية من أكثر الأشكال خطورة، ولها تأثير مباشر على النظام الصحي بأكمله، وبالتالي فإن الحد من شدة التهابات الجهاز التنفسي يسير جنباً إلى جنب مع ضمان أن تكون غرف الطوارئ أقل ازدحاماً، وبالتالي زيادة توافر الأسرَّة في أجنحة الطوارئ ومزيد من الوقت لفرق الرعاية الصحية لعلاج المرضى بشكل مناسب.

وتظهر البيانات أن اللقاحات تلعب هذا الدور بشكل جيد للغاية: فوفقاً لصندوق الكومنولث، منعت اللقاحات ضد فيروس كورونا، اعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ما مجموعه 1.1 مليون حالة وفاة و10.3 مليون حالة دخول إلى المستشفى في الولايات المتحدة وحدها.

ويقدر المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (ECDC) ومنظمة الصحة العالمية (WHO) أنه تم إنقاذ حياة 470 ألف شخص ممن هم فوق 60 عاماً في 33 دولة في جميع أنحاء أوروبا منذ بدء التطعيم ضد المرض.

تحميل المزيد