قدمت إسرائيل نفسها خلال عام 2021 كدولة متقدمة ورائدة في محاربة الوباء وأسرع الدول تلقيحاً لمواطنيها حول العالم، فبحلول أواخر فبراير/شباط، كانت السلطات قد أعطت جرعة واحدة على الأقل لـ50% من السكان، مع استخدام كثير من برامج التطعيم الإسرائيلية لقاحات فايزر. وبحلول يونيو/تموز، ألغيت جميع القيود بعد تطعيم الجرعة الثانية والتوجه إلى الثالثة والرابعة لكبار السن مع نهاية 2021.
لكن إسرائيل دفعت ثمن ذلك الانفتاح في نهاية الصيف، وبدأت الإصابات في العودة للارتفاع، ومع حلول الشتاء وظهور متحور أوميكرون، تضاعف عدد الإصابات بشكل كبير حتى وصلت إلى نحو 12 ألف إصابة خلال 24 ساعة فقط، يوم 5 يناير/كانون الثاني 2022. فما سبب هذا الارتفاع بالإصابات لدى الدولة التي كانت أسرع البلدان في تطعيم مواطنيها، وأول من يعطيهم جرعة رابعة أيضاً؟
إسرائيل.. الأسرع بتطعيم السكان وارتفاع الإصابات معاً، كيف ذلك؟
عندما انطلقت برامج التحصين ضد كوفيد-19 مع نهاية 2020، كانت إسرائيل في طليعة الدول التي سارعت في توزيع اللقاح، وإطلاق حملات التطعيم في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2020، بعد إبرام اتفاق مع شركة فايزر لشراء ملايين الجرعات من اللقاح الذي طوَّرته مقابل مشاركة البيانات حول فعاليته مع الشركة.
1- مقاطعة اللقاحات
لكن على الرغم من ذلك، لا تزيد نسبة الحاصلين على جرعتين من اللقاح في إسرائيل على 63% (حتى شهر ديسمبر/كانون الأول 2021) من عدد السكان البالغ 9.3 مليون نسمة، وذلك مع رفض العديد من السكان أخذ اللقاحات وخصيصاً أولئك أتباع الطوائف المتشددة كـ الحريديم (10% من السكان)، الذين يرفضون الالتزام بالإجراءات الوقائية ضد فيروس كورونا؛ لتشكيكهم بوجوده من الأساس.
2- انخفاض المناعة أمام متحوّرات كورونا
الأمر الآخر الذي قد يفسر فشل إسرائيل في مواجهة الجائحة رغم امتلاكها كمية لقاحات أكثر من حاجتها، ورغم بدئها بإعطاء الجرعة الرابعة، هو أن المناعة لدى مواطنيها تنخفض بمرور الوقت.
ويقول تقرير لموقع شبكة NPR الأمريكية، إن بيانات لشركة فايزر أظهرت أن هناك تراجعاً في الحماية التي يوفرها اللقاح بعد ستة أشهر من الجرعة الثانية. وبحسب التقرير، يبدو أن اللقاح يوفر حماية متضائلة أمام المتحورات الجديدة التي باتت تنتشر في إسرائيل، إذ باتت سبباً لأغلب الإصابات في البلاد.
3- معظم سكانها من الشباب الذين لم يحصلوا على اللقاح
الأمر الآخر، هو أنه على الرغم من أن نسبة التطعيم قد تبدو مرتفعة قليلاً، فإنها ليست كذلك في الواقع، فرغم أن إسرائيل طعمت نحو ثلثي الأشخاص المؤهلين للتلقيح لديها، فإن أغلب سكان البلاد من الشباب غير المؤهلين للتطعيم. فيما نحو 1.1 مليون إسرائيلي مؤهل، تتراوح أعمارهم إلى حد كبير بين 12 و20 عاماً، رفضوا تلقي جرعة واحدة من اللقاح، وساعد الأشخاص غير الملقحين في الانتشار السريع للفيروس.
وتعتبر إسرائيل من الدول الشابّة نسبياً من حيث أعمار المواطنين؛ حيث إن نحو ثلث سكانها تحت سن 14 عاماً. وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أعلنت السلطات في إسرائيل أن الأطفال من سن خمس سنوات يمكن تطعيمهم باللقاح المضاد لكورونا.
فيما وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي بضرورة تطعيم كل الأطفال المؤهلين باللقاح، في غضون الأسبوعين المقبلين، وذلك تحسُّباً لموجة أخرى من العدوى. ومنذ بداية وباء كورونا، أكّدت إسرائيل إصابة أكثر من 1.36 مليون شخص بكوفيد، ووفاة نحو 8.200 شخص، وفقاً لبيانات من جامعة جونز هوبكنز الأمريكية.
4- رفض اللجوء لإغلاق جديد
ورغم أن اللقاحات تساعد في مواجهة الجائحة، فإنها ليست كافية، في وقت تحاول فيه إسرائيل إبطاء موجة الإصابات الجديدة دون اللجوء إلى إغلاق جديد، وهو ما قد يفسر استمرار تضاعف الإصابات، بسبب متحور أوميكرون الأسرع انتشاراً حول العالم.
وبدأت إسرائيل، مطلع العام الجديد، تلقيح عدد من مواطنيها بالجرعة الرابعة، لاسيما المعرضين للخطر وأصحاب المناعة الهشة، وارتفعت الإصابات في هذا البلد بشكل حاد، من جراء انتشار متحور أوميكرون، إذ بلغت 1.381.684 إصابة منذ بداية الوباء، أدت إلى 8243 وفاة.
وسيسمح إعطاء جرعة رابعة بتقييم الارتفاع المحتمل في الأجسام المضادة وظهور آثار جانبية، وسيُظهر ما إذا كانت تخفض من خطر الإصابة بالوباء، بحسب ما تقوله وزارة الصحة الإسرائيلية.
الإصابات قد تصل إلى 20 ألف يومياً في إسرائيل
وقدّر باحثون بالجامعة العبرية في القدس، هذا الأسبوع، أن عدد الحالات قد يرتفع إلى 15 ألف إصابة يومية أو حتى 20 ألفاً في غضون عشرة أيام، وأن عدد المرضى المصابين بشكل حاد من الوباء والذين يبلغ عددهم حالياً نحو مئة، قد يتضاعف في غضون شهر.
وفي بلد يبلغ عدد سكانه 9.2 مليون شخص وحيث تلقى أكثر من نصف السكان جرعة معززة، تتركز الحالات الشديدة حالياً بين الأشخاص غير المحصنين، وفقاً للبيانات الصادرة عن السلطات.
وشهدت مراكز فحص كورونا في الأيام الأخيرة، طوابير طويلة من المواطنين، مع الارتفاع الكبير في أعداد المصابين، وبسبب ذلك أعلنت وزارة الصحة الإسرائيلية، الأربعاء 5 يناير/كانون الثاني 2022، عن تغيير في آلية فحوصات الإصابة بفيروس كورونا، لتفادي الطوابير الطويلة في مراكز الفحص.
وقالت الوزارة إن التعليمات الجديدة تتعلق "بالفحوصات والحجر الصحي لأشخاص خالطوا مريضاً مؤكّداً، وإن هذه الإجراءات ستدخل حيّز التنفيذ اعتباراً من يوم الجمعة القادم".
وأضافت: "استناداً إلى التعليمات الجديدة، فإن على كل متطعّم أو متعافٍ أبناء 60 عاماً وما فوق، والأشخاص المعرّضين للخطر، إجراء فحص كورونا (PCR)، فإذا كانت نتيجة الفحص سلبية، يعفى من الحجر الصّحي، أما إذا كانت نتيجة الفحص إيجابية، يلزم بالحجر الصحي لمدة 10 أيام، والخروج منه فقط بعد الحصول على تصديق من طبيب".
أما ما يتعلق بباقي المواطنين المتطعمين فإنهم "ملزمون بإجراء فحص أنتيجين (فحص الأجسام المضادة Antigen-Tests) منزلي، أو فحص أنتيجين في مؤسسة معتمدة، فإذا كانت نتيجة الفحص سلبية، يتم الإعفاء من الحجر الصحي، أما إذا كانت نتيجة الفحص إيجابية فيتم الخضوع للحجر الصحي لمدة 10 أيام، والخروج منه فقط بعد الحصول على تصديق من طبيب".
وذكرت وزارة الصحة الإسرائيلية أن غير المتطعمين أو المتعافين فوق سن 60 عاماً ملزمون بإجراء فحص PCR، أما من هم دون هذه السن من غير المتطعمين أو المتعافين فإنهم ملزمون بإجراء فحص أنتيجين في مؤسسة معتمدة.