"مصر قد تبيع طائرات سوخوي 35 الروسية التي تعاقدت عليها، لإيران سراً"، يفترض أن هذا الاحتمال يكاد يكون مستحيلاً بالنظر إلى القطيعة بين القاهرة وطهران منذ عقود، ولكن أصبح هذا السيناريو مطروحاً في ظل الحديث عن احتمال إلغاء مصر صفقة السوخوي 35، بسبب الضغوط والتهديدات الأمريكية.
فرغم أن روسيا صنّعت لمصر عدة طائرات من طراز سوخوي 35، لتصبح القاهرة أول عميل في الشرق الأوسط لهذه الطائرة وثاني عميل في العالم بعد الصين، فإن التهديد بفرض عقوبات أمريكية على مصر بموجب قانون مكافحة خصوم أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) قد يعرّض هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 2 مليار دولار للخط، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
وتعد المقاتلة سوخوي 35 أسطورة روسية تعود بجذورها إلى الحرب الباردة فهي تطوير للطائرة الشهيرة سوخوي 27، ومع أنها لم تخض أي قتال جدي، فإن كثيراً من الدول تتهافت عليها من بينها مصر التي خاطرت بإغضاب واشنطن بسببها، وتزعم روسيا أن السوخوي 35 تستطيع التفوق على الطائرة الأمريكية إف 35 الأحدث والمزودة بقدرات شبحية.
ومصر ليست الدولة الوحيدة التي قد تتراجع عن شراء السوخوي 35 حتى لا تواجه عقوبات أمريكية.
فمؤخراً، أعلن وزير الدفاع الإندونيسي رسمياً، أن بلاده لم تعد مهتمة بشراء 11 طائرة مقاتلة من طراز Sukhoi-35SE كانت تتفاوض حولها مع روسيا، وتتجه البلاد للمفاضلة بين الرافال الفرنسية والـ"إف 15″ الأمريكية، وهو قرار يُعتقد أنه مرتبط بتهديد أمريكا بفرض عقوبات على جاكرتا، خاصةً أن العلاقات الأمريكية-الإندونيسية زادت أهميتها مع قلق البلدين المشترك من الصين.
لماذا تريد مصر شراء السوخوي 35 بشدة؟
يشرح تقرير لمنتدى فكرة التابع لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، دوافع صفقة السوخوي المصرية، موضحاً أن أسبابها الأولى تعود للمواقف الأمريكية السلبية بشأن تسليح الجيش المصري.
في أكتوبر/تشرين الأوّل 2013، وبعد الإطاحة بالرئيس المصري المنتخب محمد مرسي، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية وقف عمليات نقل الأسلحة المعلَّقة إلى مصر، وضمن ذلك 10 مروحيات من نوع "إيه إتش-64 أباتشي"، وأربع طائرات مقاتلة من نوع "إف-16 سي بلوك 52″، ومكونات دبابة "أم 1 آي 1″، وصواريخ "هاربون" المضادة للسفن. وكان الهدف من القرار التعبير عن استياء الولايات المتحدة من حملة القمع التي شنتها مصر ضدّ جماعة الإخوان المسلمين والقوى المطالبة بحماية الديمقراطية.
وعلى الرغم من تسليم بعض مروحيات "إيه إتش-64 أباتشي" في عام 2014، فإن الولايات المتحدة لم تستأنف النقل العادي للمعدات العسكرية إلى مصر حتى عام 2015.
وكردِّ فعل على هذا التوقف، اتخذ الجيش المصري تدابير جذرية لموازنة اعتماد بلاده على المعدات العسكرية الأمريكية، عبر التوجه لمصادر تسليح أخرى، منها فرنسا وألمانيا، وأيضاً روسيا التي كانت مصر قد توقفت تقريباً عن شراء السلاح منها منذ نهاية حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
وبسبب السياسات الأمريكية تجاه احتياجات مصر الدفاعية، قد يكون أسطول القوات الجوية المصرية من طائرات الـ"إف-16″، الذي يعد رابع أسطول من حيث العدد في العالم بعد أمريكا وإسرائيل وتركيا، هو في الوقت ذاته الأقلّ فاعلية من نوعه على مستوى العالم، حسب المعهد الأمريكي.
وعلى الرغم من ترقية الأسطول إلى معايير "بلوك 40 و52″، فقد حرمت الولايات المتحدة مصر منذ فترة طويلة، من صواريخ جوّ-جوّ التي يزيد مداها على 85 كيلومتراً، وقيّدت ترسانة الصواريخ الجوية المصرية الطويلة/المتوسطة المدى بحيث تكون مقتصرة على صواريخ من طراز "إيه آي إم-7 سبارو" وصواريخ "إيه آي إم-9 سايدويندر" التي تتمتَّع بمدىً أقلّ بمسافة 35 كيلومتراً.
علاوةً على ذلك، حرمت الولايات المتحدة مصر من مقاتلات التفوق الجوي الثقيل فترة طويلة، ما قيّد مدى عمليات القوات الجوية المصرية وقدراتها.
وسعت مصر مرارًا وتكرارًا لتعويض هذه العيوب منذ منتصف السبعينيات، من خلال الضغط لإبرام صفقة لاقتناء مقاتلات من طراز "إف-15" الأمريكية، ولكن وبينما وافقت الولايات المتحدة على بيع هذه الطائرات للمملكة العربية السعودية وقطر، رُفضت كلّ طلبات مصر.
وبالنسبة إلى مصر، هذه نقطة حساسة، خاصة مع النظر إلى أنّ أيًّا من البلدَين لم يعترف رسميًا بحق إسرائيل في الوجود. وفي عام 2018، تعهّد دونالد ترامب شفهيًّا ببيع 20 طائرة مقاتلة من طراز "إف-35" للدولة المصرية، ولكن مرّة أخرى، لم تتبلور أي صفقة، بسبب معارضة وزارة الدفاع الأمريكية والضغوط التي مارستها إسرائيل، بحسب الشائعات. وشجّعت هذه المخاوف المستمرّة مصر على البحث عن مقاتلات متقدمة من مورّدين آخرين.
ولكن منذ ذيوع أنباء صفقة السوخوي، أعربت الولايات المتحدة مراراً عن مخاوفها بشأن هذه الصفقة.
ورغم العلاقة الوثيقة بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فلقد سبق أن لوَّح وزير الخارجية الأمريكي في عهد ترامب، مايكل بومبيو، في جلسة استماع بالكونغرس، بإمكانية فرض عقوبات على مصر بموجب "قانون مكافحة أعداء أمريكا" في حال استمرار صفقة السوخوي مع القاهرة.
ورداً على ذلك، قام العديد من أعضاء البرلمان المصري، ومن ضمنهم قادة عسكريون سابقون، بتحذير الولايات المتحدة الأمريكية من أن هذه العقوبات ستُعتبر تدخّلًا غير مقبول في قرار مصر السيادي شراء الأسلحة. وجرى تبرير الصفقة بأنها جزء من جهود الدولة لتنويع مصادر التسلح، بالنسبة إلى الجيش المصري.
وتمثّل صفقة مقاتلات "سو-35" أكثر من مجرّد محاولة للتنويع، فإن القوات المسلحة المصرية ترى في الصفقة فرصة لإبطال آثار الرفض الأمريكي المتكرّر لمحاولاتها شراء معدّات عسكرية أمريكية متطورة.
وحسب تقرير لموقع المجلس الأطلنطي Atlantic council نُشر في نوفمبر/تشرين الأول 2021، حول الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي، فإن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أثار القضية في محادثات سابقة مع نظيره المصري، وربما كرَّر هذا التحذير الأمريكي في الحوار الاستراتيجي بين الجانبين.
هل تسلمت مصر السوخوي 35؟
كان من المقرر أن تصبح مصر أول عميل لطائرة Su-35 في منطقة الشرق الأوسط، بعد توقيع العقد خلال عام 2018 (لم يتم تأكيده حتى مايو/أيار 2020)، والذي يتضمن تسليم من 24 إلى 26 طائرة من طراز سوخوي 35 الروسية الشهيرة التي تعد نسخة مطورة من السوخوي 30.
يُعتقد أنه تم تصنيع 15 أو 16 طائرة بالفعل وجاهزة للتسليم.
ولا يُعرف بالضبط هل بدأت مصر تسلم أولى دفعات الطائرات أم لا، فلقد كانت هناك تقارير تفيد بأن مصر تسلمت خمس أو ست طائرات، في حين تأكد أن هذه الطائرات قد طُليت في روسيا بألوان القوات الجوية المصرية.
وحسب تقرير لموقع المجلس الأطلنطي Atlantic council الذي نُشر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فإن الطائرات لم يتم تسليمها بعد، مشيراً إلى أنه قد تُفرض عقوبات أمريكية على مصر بموجب قانون مكافحة أعداء أمريكا، إذا أتمت الصفقة.
احتمالات إلغاء مصر صفقة السوخوي 35
فرض أي عقوبات أمريكية على الجيش المصري سيكون مشكلة كبيرة، لأنه مازال يعتمد بشكل كبير على المعدات العسكرية الأمريكية، في مقدمتها أسطول ضخم مكوَّن من أكثر من 200 طائرة من طراز F-16 والعشرات من طائرات الهليكوبتر AH-64 Apache ومئات دبابات M-1 Abrams، وإذا منعت واشنطن قطع الغيار عن القاهرة فسوف يصبح الجيش المصري أمام مأزق حقيقي رغم تنويعه لمصادر تسلحه في السنوات الماضية.
تعرضت تركيا لعقوبات مماثلة بسبب شرائها لأنظمة صواريخ إس 400، ولكنها لم تكن حادة، حيث أوقفت إدارة ترامب التعاون الأمريكي مع رئاسة المشتريات الدفاعية التركية، ولكن ما يُعرف عن العقوبات هو أنها لم توقف إمداد أنقرة بقطع الغيار، كما أن تركيا أكثر اعتماداً على الذات في الصناعات الدفاعية وإنتاج قطع الغيار والصيانة من مصر بكثير، حيث إن أسطول طائراتها الضخم من الـ"إف 16″ الذي يعد الثالثَ عالمياً مجمَّعٌ أغلبه محلياً، بل إن بعض أحدث الطائرات الـ"إف 16″ المصرية خرجت من المصانع التركية.
واللافت أن الأطراف الثلاثة، روسيا وأمريكا ومصر، توقفت عن الحديث عن صفقة السوخوي، مما يؤكد أن هناك أمراً ما يجرى بشأنها، كما كان من المفترض أن يتم تسليم بعض الطائرات من الصفقة، على الأقل بعد أن مضى على إبرامها فترة طويلة.
علاوة على ذلك فإن الروس تحديداً عادةً تتباهى وسائل إعلامهم بمثل هذه الصفقات، ولكنها صامتة منذ أشهر عن الأمر.
وقد يعني ذلك إما أن مصر وروسيا تجريان ترتيبات سرية لإتمام الصفقة، وهو ما يثير تساؤل مفاده: هل يجرى ذلك بعيداً عن أعين واشنطن، وهو سيناريو غير مرجح، لأنه يصعب إخفاء مثل هذه الصفقات، حتى لو بعد حين؟
ولكن السيناريو الأرجح رغم عدم توافر أي تصريحات رسمية بشأنه، هو إلغاء مصر لصفقة السوخوي 35 بالفعل أو أنها تتجه لذلك.
هل هناك بديل للسوخوي بالنسبة لمصر؟
ويعزز احتمال إلغاء مصر لصفقة السوخوي 35 أو تفكيرها في ذلك، إبرام القاهرة مؤخراً صفقة ضخمة لشراء 55 نسخة من الطائرة الفرنسية الرافال، وهي طائرة رغم أنها أصغر حجماً من السوخوي بشكل كبير وكذلك أقل في قوة المحرك والوزن، ولكنها تضاهي السوخوي 35 في القدرات كمقاتلة ثقيلة خاصة في المدى وحمولة الأسلحة.
كما تتفوق الرافال في التقنيات خاصة نظام سبكتراً للحرب الإلكترونية، أما الرادار فرادار السوخوي 35 أطول مدى ولكنه يظل راداراً قديم الطراز من طراز "بيسا"، مقابل رادار "أيسا" في الرافال الذي قد يكون أقل مدى ولكنه أكثر دقة وكفاءة وعدد الأهداف التي يرصدها أعلى بكثير.
وفيما يتعلق بالمناورة فيعتقد أن الطائرتين متقاربتان مع إمكانية تفوق السوخوي قليلاً، أما القدرات الشبحية فهي محدودة في الطائرتين مع تفوق ملحوظ على الأرجح للرافال لأنها أصغر حجماً، وأكثر استخداماً للمواد المركبة.
واللافت أن الإعلام الروسي نشر خبراً منذ فترة، ينفي فيه ما أشيع عن أن مناورات القوات الجوية المصرية أظهرت تفوق الرافال على السوخوي.
هل تكون إيران هي المشتري البديل لمصر؟
في مقابل الحديث عن احتمال إلغاء مصر لصفقة السوخوي 35، فإن تقارير متعددة تتحدث عن احتمال أن تشتري إيران هذه الطائرات، بعدما طلبت القاهرة من الشركة الروسية المصنعة أن تبيع لها هذه الطائرات التي قد دفعت ثمنها، وأن أحد المشترين المحتملين هو إيران، وفي هذه الحالة قد يكون الروس هم الوسيط في الصفقة التي لا يشترط أن تتم بشكل مباشر بين القاهرة وطهران.
وحسب هذه التقارير مما يزيد من احتمال أن تقبل الحكومة الروسية في النهاية عرض إيران شراء مقاتلات سوخوي 35 هو إلغاء إندونيسيا صفقة السوخوي 35 أيضاً.
وأفيد بأن هذه الصفقة ستناقش ذلك خلال الأيام المقبلة خلال زيارة الرئيس الحالي لجمهورية إيران الإسلامية إبراهيم رئيسي ومجموعة من مسؤولي الدفاع والحكومة إلى موسكو.
والتكهنات بشأن الصفقة الإيرانية تشمل شراء طهران من روسيا بطاريات صواريخ إس 400 المتطور لحماية منشآتها النووية، والحيوية الأخرى، علماً بأن إيران تمتلك النظام إس 300 الأقدم.
وفي هذا الإطار، ذكر باباك تاغفي، وهو محلل دفاعي من أصول إيرانية يعيش في الغرب، أن إيران وروسيا ستوقعان اتفاقية تعاون أمني ودفاعي لمدة 20 عاماً بقيمة 10 مليارات دولار في يناير/كانون الثاني 2022، والتي ستشمل شراء مقاتلات Su-35 وصواريخ S-400 وقمر صناعي، حسبما ورد في موقع Aviacionline.
وكررت وكالة مهر الإيرانية نفس التقارير نقلاً عن المواقع الغربية.
وفقاً للمعلومات التي ذكرها هذا المحلل الدفاعي، ستشمل الاتفاقية شراء 24 مقاتلة ثقيلة من طراز Sukhoi Su-35SE على الأقل، وتم تصنيع العديد من هذه الطائرات بالفعل، لأنها كانت جزءاً من طلب غير مكتمل من قبل مصر.
وذكر موقع Aviacionline أن إيران ستدفع 3 مليارات دولار تكلفة 24 Su-35s عبر مقايضتها ببراميل من النفط الخام.
وفي الوقت الحالي، لا يزال عدد من طائرات Su-35SE المخصصة للتسليم إلى مصر متوقفة في كومسومولسك أون أمور في الشرق الأقصى الروسي، موطن مصنع طائرات كومسومولسك أون آمور (KnAAZ). وقد عزز ذلك تالكهنات بأن روسيا ستبيعها لإيران أو الجزائر (عميل رئيسي للأسلحة الروسية) بدلاً من ذلك، حسبما ورد تقرير مجلة Forbes.
تقدر إحدى المقالات أنه يمكن نقل 15 طائرة Su-35SE إلى إيران في أوائل عام 2022 إذا تم توقيع العقد.
لماذا تحتفظ إيران بسلاح جو عتيق ولا تحاول اقتناء طائرات روسية وصينية حديثة؟
سلاح الجو الإيراني عتيق الطراز، حيث يتكون معظم أسطولها من طائرات F-14A و F-4 و F-5 الأمريكية والتي تم تسليمها في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي في عهد شاه إيران.
ولم تعقد طهران أي صفقات كبرى في مجال المقاتلات إلا عدد محدود من طائرات MiG-29 من روسيا في تسعينيات القرن العشرين واقتنت بعض طائرات Dassault Mirage F-1 التابعة للقوات الجوية العراقية السابقة التي نقلها صدام حسين إلى البلاد خلال حرب تحرير الكويت عام 1991 لحمياتها من القصف الأمريكي، ثم استولت عليها طهران واعتبرتها تعويضاً لها عن خسائر الحرب العراقية الإيرانية.
وبالتالي، فإن الحصول على عشرين مقاتلة من الجيل الرابع من طراز Su-35SEs من الجيل 4.5 – يمكن أن تعزز القوة الجوية الإيرانية وتكون بمثابة حل مؤقت للبلاد في إطار عملية ترقية تدريجياً أسطولها المقاتل على مدى العقد المقبل.
ولطالما نظر الخبراء إلى المقاتلات الروسية أو الصينية (أو مزيج من الاثنتين) على أنها الطائرات التي من المرجح أن تشتريها إيران في العشرينيات أو أوائل العقد الثالث من القرن الحالي.
ولكن اللافت لم تنتهز طهران الفرص السابقة لشراء طائرات روسية حديثة لأسباب داخلية تتعلق بهيكل القوة الحالي في إيران، حسب المجلة الأمريكية.
فبعد فترة وجيزة من الاتفاق النووي لعام 2015، كانت هناك تكهنات بأن إيران ستنتهز الفرصة للحصول على 30 طائرة روسية من طراز Su-30 و300 دبابة قتال رئيسية من طراز T-90. هذا لم يحدث. بدلاً من شراء 300 طائرة من طراز T-90 للجيش الإيراني، حصل الحرس الثوري الإيراني على 24 من هذه الدبابات فقط ونقلهم جميعاً إلى سوريا للقتال إلى جانب الرئيس السوري بشار الأسد.
بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، فقد انتهي حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران في أكتوبر/تشرين الأول 2020. في الأشهر التي سبقت تاريخ انتهاء الصلاحية، تكهنت وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية (DIA) بأن إيران قد تشتري من روسيا أنظمة S-400s الصاروخية وطائرات سوخوي 30 وطائرات التدريب Yak-130 ودبابات T-90.
الحرس الثوري لا يريد السوخوي
انتهى الحظر على شراء إيران للمعدات العسكرية منذ أكثر من عام، وليس هناك دليل يذكر على أن إيران تسعى بنشاط للحصول على أي مشتريات أسلحة كبيرة.
وأوضح خبير الطيران العسكري توم كوبر (الذي كتب على نطاق واسع عن القوات الجوية الإيرانية) في عام 2016 كيف أن نظام الحكم في إيران والعلاقات بين الحرس الثوري الإيراني والقوات المسلحة النظامية،
وقد يكون السبب رغبة الحرس الثوري عدم زيادة وزن القوات الجوية التي تتسم بطابع قومي وليس إسلامي في منظومة القوة الإيرانية.
ستجعل هذه المنافسات مثل هذه الاستحواذات الكبرى أمراً مستبعداً للغاية، بما في شراء احتمال إيران لطائرات سوخوي التي صُنعت في الأصل لمصر، وفقاً لما نقلته مجلة Forbes عن الخبير الأمريكي.
المقاتلة الشهيرة ليست مفيدة لاستراتيجية الحرب الإيرانية
كما أن هناك سبباً آخر يقلل من احتمالات شراء إيران لطائرات سوخوي 35 وهو أن العقيدة العسكرية الإيرانية تركز على ما يمكن تسميته الحرب غير المتماثلة.
ففي مواجهة أعداء وجيران مسلحين بشكل أفضل كثيراً في مجال الطائرات والدبابات تحديداً، مثل دول الخليج وإسرائيل تركيا، لا تدخل إيران في منافسة في نفس مجالات التسليح، بل تركز على أسلحة ردع مختلفة مثل الصواريخ الباليستية واستخدام الميليشيات الشيعية والهجمات البحرية الخاطفة، ومؤخراً الطائرات المسيرة.
وتزداد الحاجة لنمط الحرب غير المتماثلة في مواجهة أمريكا، فمهما اشترت طهران من طائرات ودبابات لن تصمد أمام الطائرات والدبابات الأمريكية، وقد يكون مصيرها مذبحة مروعة كما حدث للطائرات والدبابات العراقية في حرب تحرير الكويت عام 1991.
في المقابل، فإن تحصين المنشآت العسكرية، بشكل يصعب استهدافها أمريكياً، وإخفاء القوات وسط الأهداف المدنية ونشر الصواريخ بطرق مموهة واستخدام الزوارق الصغيرة والميليشيات الشيعية والحرس الثوري في هجمات حرب عصابات، براً وبحراً كلها أساليب قد تكون أكثر فاعلية في مواجهة التفوق العسكري الأمريكي الساحق، وحتى التفوق الإسرائيلي.
نجحت حزب الله في توظيف هذه الاستراتيجية في حرب لبنان 2006 أمام إسرائيل، رغم خسائرها البشرية الضخمة، وإيران تراهن عليها مع تفضيلها لأن يكون ذلك في حرب منخفضة الكثافة أو مناوشات؛ لأن النتيجة قد تكون مختلفة في أي مواجهة مفتوحة مع أمريكا.
ولذا يظل احتمال إلغاء مصر لصفقة السوخوي 35 أكبر من احتمال اقتناء إيران لها في المقابل، قد يكون لدى طهران دافع أكبر لشراء إس 400 لحماية برنامجها النووي.
ولكن هذا لا يمنع، أنه إذا ثبت إلغاء مصر لصفقة السوخوي 35 بعد أن تم الانتهاء من تصنيع بعض الطائرات، فقد يدفع ذلك روسيا لإغراء إيران لشراء الطائرات التي كانت مخصصة للقاهرة من خلال مبادلة الطائرات بالنفط الإيراني الذي لا تستطيع طهران بيعه في الأسواق الدولية، قد يشجع طهران على إتمام الصفقة، لأنها في كل الأحوال تجد صعوبة في التخلص من نفطها الغزير.