"الحرب مع إيران قد تكون أقرب من أي وقت مضى"، فلقد تزايدت نُذر هذا الاحتمال بالنسبة لإدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع استمرار تعثر المفاوضات النووية والتحريض الإسرائيلي على طهران.
وبات التساؤل الأكبر هو: هل تنهار المحادثات النووية، وهل يلجأ بايدن للحرب كبديل؟
الغرب يعتبر أن البرنامج النووي الإيراني يقترب من نقطة اللاعودة
على مدار أشهر، تكرّرت تحذيرات غربية من أن البرنامج النووي الإيراني قد اقترب من نقطة اللاعودة، واللافت أن مسؤولين غربيين يُفترض أنهم رصينون ما انفكّوا يقولون إن إيران قد تكون على بُعد خطوات من صنع قنبلة نووية، وبعضهم تحدثوا عن أشهر للوصول لهذه المرحلة.
مرت الأشهر التي يتحدثون عنها دون تخطي إيران للعتبة النووية، ولكن بصرف النظر عن صحة تقديراتهم أم لا، فإن هذه التحذيرات ازدادت وتيرتها بشكل يدفع للتساؤل: هل هذه عملية ضغط على إيران أم تمهيد لحرب كما حدث مع العراق عام 2003، أم أنه شكل من أشكال التهويل الرامي للضغط والذي قد يخرج عن السيطرة؟
فرنسا تُحذّر من انهيار الاتفاق، وألمانيا لا ترى بارقة أمل
وقال نيكولا دي ريفييه، سفير فرنسا لدى الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إن باب إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مفتوح الآن، "لكننا نقترب بسرعة من نهاية طريق" إحياء الاتفاق الذي يُفرغه من مضمونه ما تحرزه طهران من تقدم في برنامجها النووي.
وأضاف دي ريفييه للصحفيين: "نقترب من النقطة التي يكون فيها تصعيد إيران لبرنامجها النووي قد أفرغ تماماً خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) من مضمونها… الباب الدبلوماسي مفتوح قطعاً أمام إيران لإبرام اتفاق الآن. وعلى إيران أن تختار بين انهيار الاتفاق والتوصل إلى اتفاق عادل وشامل… إن استمرار إيران في التصعيد النووي يعني أننا نقترب بسرعة من نهاية الطريق"، بحسب ما نقلته وكالة رويترز للأنباء.
ولكن الموقف الأكثر تشاؤماً جاء من دولة غربية مشهورة بالرصانة، والعداء للحروب.
فلقد حذّرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، السبت الماضي، من أن الوقت ينفد أمام إيجاد سبيل لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، وذلك بعد اجتماعات مع نظرائها من دول مجموعة السبع.
وقالت بيربوك، إنه ما من بارقة تقدم في المحادثات النووية مع إيران، وإن "الوقت ينفد"، حسب ما نقلته وكالة "رويترز" للأنباء.
إيران تتوعد بالرد
في المقابل، نقل تلفزيون "برس تي في" الحكومي الإيراني عن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، قوله أمس الثلاثاء، إنه يتوقع التوصل إلى تفاهم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية قريباً.
ولكن قبل أيام، ورداً على التقارير بشأن تدريبات عسكرية أمريكية مشتركة لاستهداف إيران، ذكرت وسائل إعلام إيرانية رسمية، أن مسؤولاً عسكرياً إيرانياً كبيراً توعّد "المعتدين".
وكان مسؤول أمريكي كبير قد قال لوكالة "رويترز" للأنباء، يوم الخميس الماضي، إن من المتوقع أن يناقش قادة الدفاع الأمريكيون والإسرائيليون إجراء تدريبات عسكرية محتملة، استعداداً لسيناريو تدمير المنشآت النووية الإيرانية إذا أخفقت الدبلوماسية، وإذا طلب زعيما الدولتين ذلك.
لماذا تتعثر المفاوضات النووية بعدما كادت نصل لنهاية سعيدة؟
اقتربت المفاوضات النووية من الوصول لاتفاق قبل انتهاء ولاية الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني، لدرجة أنه قيل إن أحد الدبلوماسيين الأمريكيين ترك ملابسه في فيينا في نهاية جولة مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني، لأنه توقع أنه سيعود سريعاً للجولة النهائية التي ستحسم الاتفاق.
ولكن تم تعليق المفاوضات مع تسليم السلطة للرئيس المتشدد الجديد إبراهيم رئيسي.
ثم ظهرت مطالب أكثر صرامة للحكومة الإيرانية الجديدة المحافظة في المفاوضات، حيث طالبت في البداية بأن يكون كل شيء تم تناوله في المحادثات السابقة على الطاولة لإعادة التفاوض، قبل تراجعها عن هذا الموقف إلى حد ما يوم الأحد.
لا تعتبر القيادة الإيرانية المتشددة الجديدة محادثات اللحظات الأخيرة بشأن إحياء الاتفاق النووي المحتضر لعام 2015 بمثابة مجرد مفاوضات.
بالنسبة لهم، إنه منتدى لتصحيح مظالم الماضي، إنهم يصرّون على أن تعترف الولايات المتحدة بأن دونالد ترامب كان مخطئاً في التراجع عن الصفقة، ورفع جميع العقوبات على الفور، وتعهد أمريكا بعدم الإخلال بوعودها مرة أخرى.
إذ يطالبون بضمانات بأن الولايات المتحدة في المستقبل لن تنسحب مرة أخرى فجأة من الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة.
في حين يتفق معظم الناس على أن قرار ترامب كان غبياً بشكل لا يصدق، فإن مطالب إيران الأخرى تتجاوز قدرة الرئيس جو بايدن على الوفاء بها، حسبما ورد في تقرير لصحيفة the Guardian البريطانية.
وفي حين استمرت إيران في الالتزام بالحد الأدنى من شروط الصفقة من أجل الحفاظ على إمكانية إعادتها إلى الحياة، فإن عدم رغبة بايدن أو عدم قدرته على الوفاء بشروطها قد ترك المراقبين يحذرون الآن من سيناريو "أسوأ الحالات"، إلى تسليح برنامجها النووي، ويصل البلدان إلى صراع مسلح شامل، حسبما ورد في تقرير لموقع the Intercept الأمريكي.
لماذا تفرض إيران هذا الشرط الصعب؟
المشكلة أنه رغم صعوبة تنفيذ الطلب الإيراني فإنه يبدو منطقياً، فمن غير الواضح ما إذا كانت الصفقة الأصلية قابلة للإحياء، بعد أن أظهر ترامب أن الولايات المتحدة يمكن أن تنقلب ضدها دون إشعار مسبق.
بالنسبة لإيران، ليست هناك ميزة كبيرة في إحياء الاتفاق دون ضمانة باستمراره.
فالشركات الغربية التي أعربت عن اهتمامها بالاستثمار في السوق الإيراني عندما تم التفاوض على الصفقة لأول مرة ستظل خائفة، حتى لو تمت استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة.
فلن تجرؤ أي شركة غربية على استثمار سنت واحد في إيران، ولن يمول أي بنك غربي أي صفقة في إيران مع التهديد بالعودة إلى العقوبات الأمريكية في عام 2025، إذا جاء رئيس جمهوري أو حتى ترامب نفسه عبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة.
"الشركات الغربية والإيرانيون يعرفون ذلك"، حسبما قال الدبلوماسي الفرنسي السابق جيرار أرو في تغريدة على تويتر.
بالإضافة إلى عدم استعدادها لرفع العقوبات في عهد ترامب، وعدم قدرتها على تقديم وعود تنفيذية تُلزم الإدارات المستقبلية، ربما تفتقر إدارة بايدن إلى أصوات الأغلبية التي ستحتاجها في مجلس الشيوخ الأمريكي للتصديق على الصفقة كمعاهدة.
في ظل غياب القدرة على ضمان المطلب غير المعقول بالالتزام بصفقة موقعة، فإن الولايات المتحدة تواجه احتمال كونها غير قادرة من الناحية الهيكلية على تنفيذ نوع الدبلوماسية المعقدة اللازمة لتجنب الحرب أو امتلاك إيران قنبلةً نووية.
الحرب مع إيران خيار إسرائيل المفضل
في المقابل، ترسل إسرائيل بالفعل إشارات قوية بأنها تستعد لصراع كبير حول هذه القضية.
تغيرت القيادة في إسرائيل، ولكن خيارات هذا البلد لم تتغير كثيراً.
عندما جاء نفتالي بينيت لرئاسة الوزراء حاول تحسين العلاقة مع بايدن، وتعهد بعدم انتقاد جهوده لإحياء الاتفاق النووي علناً، مقابل أن ينفتح بايدن على فكرة وجود خطة "ب"، أو خطة بديلة عرضها بينيت على بايدن، وسُميت "الموت بألف طعنة"، والتي تضمنت مقترحات للعمل ضد إيران في حال فشل التفاوض، وتهدف بالأساس إلى تجنب خيار الحرب مع إيران، عبر خيارات أقل كثافة.
كانت الخطة التي قدمها بينيت لبايدن متعددة الجوانب عبر مواجهة إيران عسكرياً، واقتصادياً، ودبلوماسياً. وبدا أن بايدن تقبّل الفكرة.
وحصل بينيت على تصريحٍ علني من بايدن بأنّه جاهزٌ لاستكشاف "خيارات أخرى"، في حال فشلت الدبلوماسية أن تضمن عدم حيازة إيران أسلحةً نووية. وهذه هي "الخطة ب"، التي كان بينيت وحكومته يدعون لها علناً، وقد حصل على مراده فيها.
وقال المسؤولون الإسرائيليون إن الاستراتيجية التي قدمها بينيت إلى بايدن تتضمن مواجهة إيران من خلال مجموعة من الإجراءات الصغيرة، عبر عدة جبهات -عسكرية ودبلوماسية- بدلاً من توجيه ضربة واحدة دراماتيكية، وهي خطة تقارن بالاستراتيجية الأمريكية في الحرب الباردة، على أن تلعب إسرائيل دور الولايات المتحدة وإيران هي الاتحاد السوفييتي.
يقول الإسرائيليون إن الخطة ستُوفّر ميزة تجنّب الجميع وقوع حدثٍ دراماتيكي منفرد يُشعل صراعاً أكبر في منطقة الخليج.
هل وضع بينيت خطة بديلة؟
ولكن يبدو أن الإسرائيليين تجاوزا في خططهم هذه خطة الموت بألف طعنة، فلقد طلبوا من أمريكا تقديم موعد تزويدهم بطائرتين من طراز "بوينغ KC-46"، لإعادة التزود بالوقود جواً، بهدف الاستعداد للهجوم على إيران، لكن الرد الأمريكي كان سلبياً.
لدى إسرائيل طائرات تزود بالوقود، ولكن الطائرات الأمريكية الجديدة المشار إليها قد تمكن الطائرات الإسرائيلية من تكرار عملية التزود بالوقود، لأن الإسرائيليين يريدون ضمان الاستمرار وقتاً طويلاً في المجال الجوي الإيراني لتكرار القصف للأهداف النووية الإيرانية المحصنة.
في الأيام الأخيرة قام مسؤولون عسكريون إسرائيليون رفيعو المستوى بزيارة مقر القيادة المركزية للجيش الأمريكي، لعقد اجتماعات قيل إنها تتعلق بالوضع المتدهور مع إيران.
تنقسم مؤسسة الدفاع الإسرائيلية في وجهات نظرها بشأن الملف النووي الإيراني، حيث يتناقض بعض المسؤولين مع الموقف الذي كان يتبناه نتنياهو، بأن الصفقة تشكل تهديداً غير مقبول لأمن إسرائيل، لكن حتى المسؤولين الإسرائيليين الذين قالوا إن إيران ليست قريبة من صنع قنبلة بدأوا يشيرون إلى أن الضربات الجوية مطروحة الآن على الطاولة، لا سيما أنه يبدو أن البرنامج النووي قد يتم تحريره قريباً من الرقابة التي فرضتها الصفقة الأصلية.
إسرائيل تحاول إقناع بايدن بضرب أهداف إيرانية في الشرق الأوسط
ويضغط مسؤولون إسرائيليون كبار، يقومون بزيارة رسمية لواشنطن الآن، من أجل عمل عسكري أمريكي ضد إيران.
بالإضافة إلى مناقشة الضربات ضد أهداف نووية في إيران زعمت تقارير إخبارية إسرائيلية أن المسؤولين يضغطون حتى على نظرائهم الأمريكيين، لتنفيذ ضربات ضد أهداف إيرانية في أماكن أخرى من الشرق الأوسط.
ليس من المعروف تماماً الهدف من ضرب أهداف غير نووية خارج إيران، إلا دفع طهران للانسحاب من الملف النووي، وبالتالي تحريض أمريكا على قصفها.
ولفت تقرير لموقع مجلة Jacobinmag الأمريكية اليسارية إلى عدم وجود تغطية كبيرة ومتناسبة في وسائل الإعلام الأمريكية عن كبار المسؤولين الإسرائيليين الذين يزورون واشنطن للضغط من أجل شن ضربات عسكرية ضد إيران، وهو ما يزيد من خطر اندلاع الحرب.
وأفادت الصحافة الإسرائيلية بأن وزير الدفاع بيني غانتس ورئيس المخابرات العامة ديفيد بارنيا اجتمعا مع مسؤولي إدارة بايدن، الخميس الماضي، للضغط من أجل سياسة أمريكية أكثر عدوانية ضد إيران.
ضغط غانتس وبارنيا على المسؤولين الأمريكيين لدعم الدفع لإعادة الدخول في الصفقة، بإظهار القوة في شكل عقوبات أشد، وحتى ضرب أهداف إيرانية، وفقاً لهذه التقارير.
من المشكوك فيه أن تستطيع أن تخوض إسرائيل بمفردها صراعاً عسكرياً مع إيران، وقد تكتفي بشن ضربة داخل حدود إيران دون ضوء أخضر من الولايات المتحدة، وذلك بالنظر إلى أن توجيه ضربة لإيران ليس بالأمر السهل، حتى بالنسبة لدولة بقوة الولايات المتحدة.
ومن هنا جاءت حاجة المسؤولين الإسرائيليين إلى إقناع مسؤولي إدارة بايدن بخططهم العسكرية.
وفي محاولة واضحة لاسترضاء إسرائيل والضغط على إيران، أعلن البيت الأبيض أنه سيدرس بدائل، بما في ذلك العمل العسكري إذا فشلت مفاوضات فيينا.
يقال إن ما يسمى بالخطة "ب" التي تقترحها إسرائيل يتضمن خيارات لفرض عقوبات إضافية، بما في ذلك على مبيعات النفط الإيرانية المربحة إلى الصين، وعمليات استخباراتية سرية، والضربات الجوية والصاروخية، بشكل مشترك، أو لدعم القوات الإسرائيلية في مثل هذه الأعمال.
هل تؤدي هذه الأعمال إلى وقف البرنامج النووي الإيراني؟
يرى مستشارو بايدن أن اغتيالات إسرائيل للعلماء النوويين الإيرانيين وتخريب المنشآت النووية تأتي بنتائج عكسية، وبدلاً من ردع النظام يُقال إن مثل هذه الهجمات، التي لم يتم الاعتراف بها رسمياً، كان لها تأثير معاكس.
وحتى فكرة شن هجمات إسرائيلية ضد أهداف تابعة لطهران خارج حدود إيران قد تؤجج صراعاً أكثر خطورة، كما حدث عندما أدت ضربة، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على القوات المدعومة من إيران في سوريا، لأول مرة، إلى هجوم على قاعدة أمريكية في البلد الذي يمزقه الصراع على أيدي وكلاء إيران المشتبه بهم.
كما يحذر المسؤولون الأمريكيون بشكل خاص من أن نقل المنشآت النووية تحت الأرض وتحسين الدفاعات الإيرانية أرض-جو، والدفاعات الإلكترونية، يعني أن الضربات العسكرية قد تكون غير فعالة.
كل ذلك يشير بقوة إلى أن بايدن يتبنّى خياراً آخر أقل تصادمية للخطة "ب" وهو: اتفاق مؤقت من شأنه أن يبطئ الأنشطة النووية الإيرانية، ويسمح بإجراء المزيد من عمليات التفتيش المكثفة من قبل الأمم المتحدة، مقابل تخفيف محدود للعقوبات.
مثل هذا الاتفاق المؤقت سيكون مصدر ارتياح للحكومات الأوروبية القلقة والحلفاء العرب، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، الذين أعادوا مؤخراً فتح قنوات للتفاوض مع طهران.
بالنسبة لبايدن، فإن اتفاقاً مؤقتاً، مهما كان غير مرضٍ، يمكن أن ينزع فتيل أزمة إقليمية قد تربك أجنداته المحلية والأجنبية، وتزيد من تضخم أسعار الطاقة العالمية.
في المقابل، المتشددون في طهران الذين يعتقدون أن إيران قادرة على تحمل العقوبات المستمرة، يجادلون بأن اتفاقاً جديداً ليس ضرورياً، وسوف يقاومون التوصل إلى حل وسط.
كما أن الإسرائيليين يضغطون في اتجاه التصعيد، فالصقور الإسرائيليون يعتقدون أن الصراع مع إيران أمر حتمي وضروري لأمن البلاد في المستقبل.
يمكن أن يتصاعد القتال المحدود الحالي بين إسرائيل وإيران وحلفائها، الذي يتركز في سوريا حالياً بسرعة، إلى شيء أسوأ بكثير. مع اقتراب الدبلوماسية من صافرة النهاية قد يمثل تقييد إسرائيل تحدياً كبيراً لبايدن، تماماً مثل احتواء إيران.
كل من جو بايدن وإسرائيل الآن في مأزق إلى حد كبير، من صنعهما، كان الصقور الإسرائيليون يعارضون الاتفاق النووي بشدة منذ سنوات، ودفعوا ترامب للخروج منه، بينما كانت إيران ممتثلة للاتفاق.
مزق تصرف ترامب أي ثقة ممكنة بين أمريكا وإيران، وألقى بظلال من الشك على مصداقية واشنطن كشريك دبلوماسي. كما قوّضت ممارسات ترامب الحكومة الإصلاحية السابقة لحسن روحاني، ما أدى إلى وصول المتشددين الحاليين، الذين كانوا متشككين علناً بشأن الصفقة، إلى السلطة.
علاوة على ذلك، على الرغم من التعهد بالتراجع عن انسحاب ترامب واستعادة أحد إنجازات الرئيس السابق باراك أوباما في السياسة الخارجية، فإن إدارة بايدن قد تمسكت بموقف لا هوادة فيه، عبر إصرار بايدن على الإبقاء على العقوبات الأمريكية على إيران.
اليوم تكيّفت إيران أكثر من أي وقت مضى مع العقوبات، وهي لا ترى فائدة كبيرة للعودة للاتفاق، دون ضمانة بعدم الانسحاب الأمريكي منه، وهي تتقدم ببطء في برنامجها، ولكن بوتيرة مقلقة للغرب.
وبما أن العقوبات لم تعد سلاحاً يردع إيران، فإن التهديد بخيار الحرب بات هو الحل من وجهة نظر الكثيرين في الغرب، الخطير أن إيران يمكن أن تعتبر هذا مجرد تلويح وتُواصل التمسك بمواقفها، ولكن المشكلة أنه مع استمرار التصعيد ووجود المتطرفين على الجانبين، ورغبة كل طرف في إظهار صلابته، واتّباع تكتيك حافة الهاوية، فإن الخط الفاصل بين التلويح بالحرب أو الحرب نفسها قد يزول سريعاً.