"حماية كوكب الأرض من سيناريو خطير"، هذا هو الهدف الذي أعلنته وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" من إطلاقها مسبار اختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوج؛ وذلك لاختبار قدرتها على تغيير مسار كويكب ديمورفوس الذي يتحرك حالياً في الفضاء، على مسافة قريبة من الأرض.
والهدف من المسبار الذي أطلق في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويتكلف بقيمة 330 مليون دولار، هو اختبار قدرة الإنسان على الدفاع عن كوكب الأرض عبر استخدام تقنيات لمنع اصطدام كويكب خطير به.
يعد اختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوج (DART) أول تجريب لتقنية الاصطدام الحركي لتغيير حركة كويكب في الفضاء، حسبما ورد في موقع ناسا"NASA".
وكويكب "ديمورفوس" المستهدف، الذي يعادل حجمه ملعب كرة قدم، لا يمثل تهديداً للأرض، وحتى الآن لا يوجد كويكب معروف يزيد حجمه على 140 متراً لديه فرصة كبيرة لضرب الأرض خلال المائة عام القادمة، ولكن الأمر ليس مضموناً؛ لأن عملية اكتشاف الكويكبات اكتسبت تقدماً في السنوات الأخيرة فقط.
وDART هو مشروع مشترك بين وكالة ناسا ومختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقية (APL). يُدار من قبل مكتب تنسيق الدفاع الكوكبي التابع لناسا، ويقدم العديد من مختبرات ومكاتب ناسا الدعم الفني.
ويساهم الشركاء الدوليون للمشروع، مثل وكالات الفضاء التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية (ESA) ووكالة الفضاء الإيطالية (ASI) وجاكسا اليابان، في مشاريع ذات صلة أو لاحقة.
في أغسطس/آب 2018، وافقت وكالة ناسا على المشروع لبدء مرحلة التصميم والتجميع النهائية. تم إطلاق المركبة الفضائية DART بنجاح في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، مع تحديد موعد الاصطدام في 26 سبتمبر/أيلول 2022.
لماذا تم اختيار كويكب ديمورفوس ؟
في 24 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، انطلقت المركبة الفضائية الخاصة باختبار إعادة توجيه الكويكبات المزدوج، فوق صاروخ سبيس إكس فالكون 9.
سيستغرق قطع مسافة 6.8 مليون ميل إلى ديمورفوس مدة 10 أشهر، ولن يحدث الاصطدام حتى سبتمبر/أيلول أو أكتوبر/تشرين الأول 2022، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
ديمورفوس هو كويكب بحجم ملعب كرة قدم يدور عن قربٍ حول كويكبٍ أكبر يسمَّى ديديموس، ولا يشكِّل أيٌّ منهما أيَّ خطرٍ على الأرض. وتقوم ناسا ببساطة ببعض التدريبات على الهدف في نظام الكويكب ديديموس؛ لأن قربه النسبي من الأرض يجعله مثالياً لمراقبة نتائج التجربة.
وقبل الاصطدام، سيتجنَّب قمرٌ صناعي إيطالي يسمَّى LICIACube الاصطدام ويضع نفسه في مكانٍ قريبٍ لإرسال الصور والبيانات إلى الأرض.
ماذا سيحدث للقمر ديمورفوس المسكين؟
تتمثَّل الخطة في أن تصدم مركبة فضائية آلية القمر الصغير ديمورفوس بسرعة 1500 ميل في الساعة، وذلك لتغيير مسار القمر على نحوٍ بسيطٍ فقط.
وإذا نجحت المهمة، فسوف يعني ذلك أن وكالة الفضاء الأمريكية ووكالات الفضاء الأخرى يمكنها تحويل مسار كويكبٍ مُتَّجهٍ نحو الأرض وتجنُّب اصطدامٍ كارثي بالأرض.
من المُفتَرَض أن تقدِّم صور القمر الإيطالي LICIACube، إضافةً إلى ملاحظات التلسكوب من الأرض، بعض المؤشِّرات على ما إذا كان مدار ديمورفوس قد تغيَّر أم لا. والهدف هو فقط تحريكه لجزءٍ بسيطٍ من النقطة المئوية.
وستعمل الملاحظات من التلسكوبات الأرضية والرادار بعد ذلك على قياس مدى تغيُّر مدار القمر الصغير حول ديديموس.
لماذا لا يفجرونه فحسب؟
ما يبعث على الاطمئنان- أن ناسا لن تقوم في أيِّ وقتٍ قريب بإنزال الممثلين الأمريكيين الشهيرين بروس ويلز وبِن أفليك إلى سطح الكوكب ليحفرا حفرةً ويسقطا فيها قنبلةً نووية ثم يحاولان الفرار بعيداً بأسرع ما يمكن، حسب تعبير الصحيفة البريطانية.
الفكرة أنه إذا كان كويكبٌ يهدِّد الأرض بالفعل، فسوف يكون من الجيِّد التعرُّف عليه في وقتٍ مبكِّر وحرفه عن مساره، لأنه كلَّما أمكن إجراء هذا التغيير في مساره في وقتٍ أبكر، ينتهي به الأمر أبعد عن الأرض، حسبما نأمل.
قال ليندلي جونسون، ضابط الدفاع الكوكبي في ناسا، في إفادةٍ إعلامية هذا الشهر، إن مفتاح الحلِّ في تجنُّب كويكبٍ مدمِّر هو اكتشافه في وقتٍ مبكِّرٍ والاستعداد بوسائل تغيير مساره. وقال: "لا نريد أن نكون في موقفٍ يتَّجه فيه كويكبٌ نحو الأرض، ثم يتعيَّن علينا اختبار هذا النوع من القدرات".
هناك الكثير من الأفكار الأخرى، بما في ذلك تشغيل مركبة فضائية إلى جوار الكويكب واستخدام الليزر أو المحرِّك الأيوني النفَّاث أو أيِّ نوعٍ آخر من أجهزة الشعاع لإحداث تأثير طفيف في المسار، يكون ذا أهميةٍ مع مرور الوقت. أو يمكن لمركبة هبوط روبوتية البحث عن المعادن ثم استخراجها من السطح (تأثير المحرِّك الشامل)، باستخدام قانون نيوتن الثالث للفعل وردِّ الفعل، بغرض تغيير المسار. ويمكن رفع الأشرعة الشمسية في مكانٍ قريب لعكس ما يكفي من ضوء الشمس ليكون له تأثير على الكويكب.