سياسات ماكرون الأوروبية تتسم بازدواجية واضحة ترفع شعارات سيادة الاتحاد الأوروبي واستقلاله الاستراتيجي والعسكري، بينما هي فعلياً تسعى لتحقيق مصالح فرنسا حتى لو عرّضت أمن بعض الدول الأوروبية للخطر.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقدم نفسه على أنه قائد الاتحاد الأوروبي الغيور على سيادته، رغم أن فرنسا فعلياً شبه صديق لروسيا أكبر خصم للاتحاد الأوروبي، ولكن الأغرب من سياسات ماكرون الأوروبية، أن بعض الكُتاب والساسة الغربيين يتساوقون معها أو يخشون انتقادها في أسوأ الأحوال.
يقدم مقال الكاتب البريطاني سيمون تيسدال الأخير، في صحيفة The Guardian البريطانية، نموذجاً لمواقف بعض المثقفين الأوروبيين التي تبرر للرئيس الفرنسي تصرفاته، التي وصلت إلى حد تهديد بريطانيا بقطع الكهرباء عنها بسبب خلاف تافه على الصيد.
يقول الكاتب إنه منذ أن كانت الحرب الباردة بين الدول الغربية والاتحاد السوفييتي في أوجها، لم يأتِ وقت على أوروبا بدت فيه أشد ضعفاً أمام القوى العالمية منها اليوم، ويتساءل: هل تدخل أوروبا حقبةً جديدة محفوفة بالتقلبات الخطرة وعدم الاستقرار؟
يقول تيسدال إنَّ تراكم التهديدات الخارجية والانقسامات الداخلية، إلى جانب الضعف الذي طرأ على التحالف الأمني الأوروبي مع أمريكا، والمشاغبات الروسية التي لا هوادة فيها، والحرب التي تشنها الصين المتعطشة للهيمنة على القيم الغربية، كلها عوامل اجتمعت لتكشف عن نقاط الضعف الاستراتيجية الأساسية في درع أوروبا.
يوماً بعد يوم، تزداد أوروبا شبهاً بجزيرة ديمقراطية محاصرة في عالم تهيمن عليه الفوضى، حيث يهدد المد المتصاعد من الاستبداد والإفلات من العقاب وانتهاك القواعد الدولية، بإغراقها. ويقول إنه رغم أن بعض القادة الأوروبيين يستوعبون هذا الأمر، لاسيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن الوصول إلى حلول سياسية طويلة الأمد لهذه المعضلات لايزال أمراً مستعصياً عليهم.
أولى غرائب سياسات ماكرون الأوروبية.. علاقة مريبة مع روسيا
يضرب المقال مثلاً بالأزمة الأخيرة التي استخدم فيها ديكتاتور بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو، المهاجرين استخداماً مفضوحاً للضغط على الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك، فقد نجح الأمر، بمعنى أن المستشارة الألمانية المؤقتة، أنجيلا ميركل، اتصلت به مُنهيةً العزلة التي كانت مفروضة عليه بعد انقلابه على نتائج الانتخابات. وعلى ما أثاره سلوكها الأحادي الجانب من غضب بين دول البلطيق الأوروبية، فإنه كان تنازلاً تحت التهديد، وليس حلاً دائماً.
وبالحديث عن التهديد والبلطجة، يحذّر تيسدال في مقاله من أن الإرهاب المستمر الذي يسلِّطه الرئيس الروسي فلاديمبر بوتين، على أوكرانيا يُضاعف التهديد القائم، بتوسيع نطاق الحرب. قد تكون التعزيزات الروسية الأخيرة على الحدود بنحو 90 ألف جندي استعراضاً استفزازياً للقوة، على غرار الاستفزازات في منطقة دونباس والبحر الأسود العام الماضي. أما إذا لم يكن الأمر مجرد تهديد، فليس لأوروبا أحد تلومه إلا نفسها، لأن استمرار الاستفزازات الروسية وافتعال بوتين للأزمات يرجعان بالأساس إلى الإقرار الفعلي على الأرض لضمّه غير القانوني لشبه جزيرة القرم في عام 2014.
ويتجاهل الكاتب حقيقة أن التجرؤ الروسي أحد أسبابه ضعف ردود فعل أكبر دولتين في الاتحاد الأوروبي وهما ألمانيا وفرنسا، والأخيرة تحديداً، تعتبر أكبر دولة متحفظة على اتخاذ موقف حاسم ضد روسيا رغم تحرشاتها بالاتحاد الأوروبي، بل إنها في كثير من الأحيان بدت شبه متحالفة مع روسيا، وذلك عندما كادت تبيع لها حاملتي مروحيات في أول صفقة غربية مع روسيا، والتي تقوضت بعد الاستيلاء الروسي على القرم.
ولقد وصلت هذه العلاقة المريبة بين فرنسا وروسيا إلى مساندة باريس خليفة حفتر أمير الحرب الليبي الذي جلب مرتزقة فاغنر الروس وسمح لموسكو بإرسال طائراتها والسيطرة على مناطق في ليبيا التي تعد خاصرة أوروبا الجنوبية، ليستكمل بوتين بفضل ماكرون حلقة الحصار على الاتحاد الأوروبي من الناحية الجنوبية.
ويلفت المقال إلى أن حالة عدم الاستقرار السائدة على حدود أوروبا امتدت إلى البلقان وسط المخاوف المبررة من انجراف البوسنة والهرسك مرة أخرى إلى الصراع العسكري بعد 26 عاماً من اتفاقات دايتون للسلام.
وتُعزى عودة نزعات التعصب القومية والعرقية، التي يُجسدها زعيم صرب البوسنة الانفصالي ميلوراد دوديك، إلى بلغراد وموسكو. ومع ذلك فإن المشكلة الاستراتيجية الأكبر تكمن في عجز الاتحاد الأوروبي عن الوفاء بوعوده بتكامل أوثق مع المنطقة بعيداً عن الهيمنة الروسية.
ويحاول حشد الأوروبيين ضد تركيا
بعد ذلك ينتقل الكاتب إلى الاضطراب الذي تشهده العلاقات الأوروبية مع تركيا، ويرى أن علاقة أوروبا بتركيا، التي تعدُّ حارساً لا غني عنه لحدود أوروبا، تعاني خللاً يحول دون أدائها لوظائفها.
ولكن اللافت أنه لم يشر إلى الفارق الكبير بين رد فعل ماكرون تجاه تركيا الدولة التي تتطلع إلى الانضمام للاتحاد وتريد علاقة متوازنة معه، وموقفه من روسيا.
ويتجاهل كثير من الأوروبيين ومنهم تيسدال، أن معظم مواقف تركيا تجاه اليونان وقبرص جاءت بسبب عدم التزام أثينا بوعودها تجاه أنقرة مثل التهدئة التي تم التوافق عليها في منتصف 2020 بين البلدين بوساطة من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعدما كاد يدخلان في اشتباك بحري.
ولكن عقب هذه التهدئة خالفت اليونان شروطها عبر توقيع اتفاق مثير للجدل لترسيم الحدود البحرية مع مصر تجاهل مطالبات تركيا؛ مما دفع الأخيرة للتصعيد إلى تأكيد ما تعتبره حقوقاً لها في شرق المتوسط.
كما يتجاهل الأوروبيون أن القبارصة الأتراك وافقوا على مقترح أممي لحل الأزمة القبرصية في استفتاء أجري عام 2004، فيما رفضه القبارصة اليونانيون في الاستفتاء المناظر، وبدلاً من أن يكافئ الاتحاد الأوروبي قبرص التركية، واصل حصارها وزاد الدعم لقبرص اليونانية التي أفسدت خطة الأمم المتحدة التي وُضعت على الأغلب بتوافق مع الأوروبيين.
ويشير الكاتب إلى أن ماكرون كان من أرسل قوات بحرية إلى شرق البحر المتوسط، في حين وقفت بقية أوروبا موقف المتفرج في مواجهة التحركات التركية، متجاهلاً حقيقة أن هذه التحركات جاءت بسبب الاستفزازات اليونانية التي خالفت التفاهمات التي أبرمت بوساطة ألمانية، كما تجاهل حقيقة أن ماكرون أرسل قطعه العسكرية للبحر المتوسط في مواجهة تركيا، بينما لم يقم بأي تحرك إزاء التهديدات الروسية لأوكرانيا وتحركات طيرانها العسكري ضد دول البلطيق، رغم ما تحمله التحركات الروسية من مخاطر حقيقية، خاصة في ظل فارق القوة بين موسكو وكييف ودول البلطيق وغيرها من الدول الأوروبية المجاورة لروسيا.
والأغرب حديث الكاتب عن أن الرئيس التركي يتدخل في قضايا يعتبرها بعض الأوروبيين ليست من شأنه، مثل النزاع الأوكراني الروسي والصراع الأذربيجاني الأرمني، متجاهلاً أن تركيا جار مباشر لمنطقة القوقاز، وصديق تاريخي بدفع من الغرب لأذربيجان باعتبارهما بلدان متقاربان ثقافياً وقومياً ودينياً.
أما بالنسبة لأوكرانيا، فمن المعروف أن كييف وأنقرة تتشاطآن البحر الأسود، كما أن تركيا معنية بالقرم في ظل وجود أقلية تترية بالإقليم حليفة تاريخية لتركيا وتتحدث إحدى اللغات التركية.
كما أن أوكرانيا نفسها على لسان رئيسها فولوديمير زيلينسكي، أشادت بدور تركيا وبدعمها لكييف، كما أن أنقرة قد تكون إحدى الدول القليلة التي قدمت مساعدة عسكرية واقعية لأوكرانيا عبر التعاون الواسع بين البلدين في الصناعات العسكرية، والذي تمثل أبرز مظاهره في تصدير الطائرات التركية المسيرة لأوكرانيا والاتفاق على تصنيعها، وهو سلاح استخدمته كييف بالفعل ضد المتمردين في إقليم الدونباس الموالين لموسكو، مما أقلق الأخيرة، التي اعتبرت حصول أوكرانيا على هذه الطائرات تطوراً مقلقاً بالنسبة لها.
ويتحدث الكاتب عن دفع الاتحاد الأوروبي أموالاً لتركيا لإبعاد اللاجئين القادمين من الشرق الأوسط عن الحدود الأوروبية، ويقول: من ثم فأوروبا بالكاد تجرؤ على مواجهتها، متناسياً أن تركيا تستضيف أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري على أراضيها واستقبلت كثيراً من المرحَّلين منهم من أوروبا وفقاً للاتفاق، بينما لم يلتزم الاتحاد الأوروبي بالاتفاق سواء في حجم الأموال المدفوعة لأنقرة، أو الأهم عدم تطبيق البنود الخاصة بالسماح لمواطني تركيا بالسفر والتنقل في منطقة الشنغن بالاتحاد الأوروبي بدون تأشيرة.
المشكلة أن باريس تحاول جر أوروبا بعيداً عن دواعي القلق الواقعية من روسيا إلى معارك فرنسا الانتخابية والأيديولوجية والاستعمارية مثل الخلاف مع بريطانيا وتركيا
الاتحاد الأوروبي بات يتسامح مع السياسات الوحشية تجاه المهاجرين
ينتقد المقال الانقسام الواقع بين دول أوروبا وعجزها عن بلورة موقف موحد حيال عديدٍ من القضايا، مشيراً إلى أن دائرة عدم الاستقرار التي لا تنفك تضيق حول أوروبا لا تنحصر أسبابها في نزاع مسلح حقيقي أو محتمل هنا أو هناك. فإضافة إلى ذلك تأتي قضية الهجرة، وهي واحدة من أعقد معضلات أوروبا، فعلى الرغم من الضرر الذي لحِق بأوروبا على أثر أزمة اللاجئين السوريين في عام 2015، فإن الاتحاد الأوروبي لايزال يفتقر إلى سياسة إنسانية متفق عليها للتعامل مع قضية اللاجئين. وللمفارقة، فإن أحد المعارضين البارزين للتوصل إلى سياسة كهذه هي بولندا، التي ترفض تقاسم دول أوروبا حصص استقبال المهاجرين. ومع ذلك، عندما حلَّت بها الفوضى على حدودها، تعالت الأصوات من زعماء الجناح اليميني المنافقين بالدعوة إلى تضامن الاتحاد الأوروبي مع بلادهم.
ومما يثير القلق أيضاً الواقعُ الذي يشير إلى أن الرأي العام الأوروبي بات متقبلاً لعمليات التصدي غير القانونية وسوء المعاملة المنهجية لطالبي اللجوء، سواء في معسكرات الاحتجاز في ليبيا أو على شواطئ اليونان، في انتهاك واضح لقوانين الاتحاد الأوروبي. ويشير هذا إلى جرح آخر ألحقته أوروبا بنفسها: التأثير المتزايد لكراهية الأجانب وصعود الشعبويين اليمينيين وإعادة تطبيع السياسات القومية المتطرفة في جميع أنحاء أوروبا على نحو مشابه لأجواء ما قبل الحرب العالمية الأولى في عام 2014.
ويستحث المقال الدول الأوروبية قائلاً: إذا لم يدافع الأوروبيون عن القيم الديمقراطية الغربية في عالم سيطر عليه أشخاص مثل دونالد ترامب بنسخه المختلفة ومقلِّديه، فمن سيفعل؟ ولم يعد بإمكانهم التطلع إلى بريطانيا، لأنها لم تعد صديقاً موثوقاً به، تحت قيادة بوريس جونسون، الذي يشمت في أوروبا وينتقدها خفيةً من الخطوط الجانبية، وهكذا أصبحت بريطانيا منطقة توتر هامشية بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي، غير أنها ليست حليفاً يُؤمَن جانبه.
والدليل على ذلك، أن وزير الدفاع البريطاني، "بن والاس"، استغل الأزمات في بيلاروسيا وأوكرانيا الأسبوع الماضي لمصلحة أجندة الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي وإبرام صفقات أسلحة مع وارسو وكييف. غير أن المملكة المتحدة أرسلت بالفعل دعماً، لكن قوات عسكرية، وليس مساعدات إنسانية، إلى حدود بولندا (حليفتها في الناتو).
ويقول: "بخلاف ذلك، ومع أن أوروبا هي الجديرة باللوم في كثير من أزماتها، فإن حالة عدم الاستقرار التي تشهدها، ترجع في كثير من أسبابها إلى أحداث خارجة عن سيطرتها، فقلَّةٌ من توقعوا أن يقْدم ترامب على محاولة الإطاحة بما سماه فرانكلين روزفلت يوماً "ترسانة الديمقراطية" والتحالف الغربي معها. والأدهى أنه قد يعود ويحاول مرة أخرى.
وقلةٌ ايضاً من توقعوا، كما تعترف أنجيلا ميركل الآن، أن الصين ستتحول إلى دولة تنافس على الهيمنة العالمية وتنتهج سياسات اقتصادية عدوانية وتُناهض الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
أما الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإنه بعد أن طمأن الأوروبيين إلى أن الناتو، حتى بعد الخروج من أفغانستان، لن تقل أهميته كما كان دائماً، جاءت القمة المثيرة التي عقدها عبر الفيديو مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الأسبوع الماضي، لتكشف بوضوح أين يكمن تركيزه الحقيقي.
يرى بوتين هذا، ويلمس هذا الضعف. وإمدادات الغاز في أوروبا هي إحدى نقاط الضعف هذه، علاوة على الهجمات الإلكترونية السرية. كما كان اختبار روسيا الصاروخي المتهور لصاروخ مضاد للأقمار الصناعية أول عمل مسجَّل من أعمال الشغب في الفضاء الخارجي، حسب تعببير الكاتب البريطاني.
ويزيد من الشعور بالتراجع الأوروبي، أن دول أوروبا لاتزال عاجزة عن جعل بوتين يدفع ثمناً باهظاً لعدوانه في جورجيا والقرم، وتدميره الديمقراطية الروسية، وتدخُّله في الانتخابات بدول أخرى خارج بلاده، وهجماته القاتلة على معارِضه الأبرز أليكسي نافالني، ومعارضين غيره على الأراضي الأوروبية.
أما الصين، فأوروبا أبعد ما تكون عن الاجتماع في جبهة واحدة على مواجهتها. وهذا الضعف يُجرِّئ القوى المفترسة المتربصة بها على مهاجمتها. إذاً، ما العمل؟
هل يوحد ماكرون أوروبا أم يستغلها لأجل مصالحه؟
أوروبا، كما كانت دائماً، منزل واحد وأهله منقسمون على أنفسهم. فالأوروبيون الشرقيون يضعون ثقتهم بواشنطن، وليس بروكسل، على الرغم من المؤشرات الواضحة على احتمال وقوع انقسام آخر بين الولايات المتحدة وأوروبا إذا فقد الديمقراطيون الرئاسة في عام 2024.
كما أن فرنسا لا تبدي اكتراثاً للخطر الروسي وتحاول جذب أوروبا نحو تحالف ماكرون مع المستبدين العرب وعدائه للإسلام السياسي وأردوغان.
يقول الكاتب إن هيكلية العمل في الاتحاد الأوروبي ضعيفة، وبرلمانه ضعيف. وألمانيا لا تزال في رحلة بحثها عن قائد يثبت قدرته على استكمال مسيرة ميركل. وفي فرنسا، ويحاول أن يقدم ماكرون باعتباره هذا الزعيم، متحدثاً عن أنه يواجه معركة شرسة في انتخابات الربيع المقبل ضد اليمين المتطرف المدعوم من روسيا، متناسياً دوره في تأجيج التطرف عبر مزايدته الانتخابية من خلال فرض قيود على حريات المسلمين بدعوى محاربة الإنفصالية.
ويقول، إن أفكار ماكرون حول "الاستقلال الاستراتيجي" السياسي والأمني والعسكري الأوروبي وتعزيزه، والعمل على أن يصبح الاتحاد الأوروبي أقوى وأكثر تكاملاً من الناحيتين المالية والاقتصادية، هي الأفكار التي تقدم الطريق الأكثر بعثاً للأمل في المستقبل.
ويشير إلى مناقشة وزراء دفاع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي خطةَ "البوصلة الاستراتيجية" لتعزيز القدرات المشتركة بين دول الاتحاد. لكن الاتفاق على المقترح الخاص بتشكيل "قوات انتشار سريعة" وما شابه لايزال أمراً بعيد المنال.
ويتناسى سيمون تيسدال مرة ثانيةً رفض ماكرون إدراج روسيا كتهديد للاتحاد الأوروبي في الوثيقة، رغم أن الكاتب نفسه يقر بذلك، كما يتناسى أن فرنسا مع ألمانيا هما في الأغلب اللتان اعترضتا على ضم أوكرانيا إلى الناتو عام 2008، وهو القرار الذي مهد لاستيلاء روسيا على القرم.
يبدو أن مشكلة ماكرون وكثير من مؤيديه الأوروبيين أنهم يخلطون بين خصم يجاهر برغبته في تفكيك الاتحاد الأوروبي مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي اتهمته تقارير أوروبية وبريطانية بتحريض الناخبين البريطانيين سراً للتصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، ودول أخرى مثل تركيا والمغرب، تريد علاقة وثيقة مع الاتحاد الأوروبي ولكنها علاقة متزنة وليست علاقة تقوم على إملاءات من طرف واحد.