قبل أيام قليلة من موعد تسلّم المدنيين السلطة في السودان، وفقاً لاتفاق 2019، انتفض قادة الجيش، وأطاحوا بالمكون المدني في شريكهم في السلطة.
حدث كل شيء بسرعة في السودان.
يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر 2021، اعتقل قادة الجيش عدداً من الوزراء والمسؤولين المدنيين، من بينهم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.
ثم أعلن رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان حالة الطوارئ، وحلّ مجلس السيادة العسكري – المدني ومجلس الوزراء.
شعر السودانيون أنه يريد إعادتهم إلى نقطة الصفر!
سارع الآلاف إلى الشوارع مجدداً، للتعبير عن اعتراضهم على انقلاب الجيش على السلطة المدنية.
وللدفاع عن أحلامهم بوطن أفضل.. أحلامهم التي قالوها بصوت مرتفعٍ وواضح في ثورة 2019 الشعبية، والتي امتدّت بلا كلل أو ملل لستة شهور.
أزاح الانقلاب الستار عن حجم الخلاف بين شركاء الفترة الانتقالية، من المدنيين والعسكريين.
هذه الأزمة المكتومة بين المدنيين والعسكريين تتعلق بانتقال الرئاسة للمدنيين. يريد الجنرالات أن يطيلوا أمد جلوسهم على مقاعد القرار.
وإصرار الجانب المدني على تجريد الجيش من شركاته التي تعمل خارج قطاع الصناعات العسكرية.
هذه الأزمة التي كشفت ضعف وهشاشة المكون المدنيّ على الجانب الآخر.
وعن غياب السلطة المركزية للدولة، التي يتنازعها قادة الجيش والميليشيات القبلية والتوازنات المناطقية، ولا معارض سوى بعض الأحزاب الهشة.. والناشطين!
فهم البعض أن ما جرى ليس محاولة انقلاب حقيقية، بل رفع عصا من قبل العسكر.
لكن الانقلاب الحقيقي هو محاولة المكون العسكري التشبث بتمديد رئاسته للمجلس السيادي، لاعباً على خلافات قوى "الحرية والتغيير"، شريكه المدني.