خلال الأيام الماضية توترت العلاقة بشكل ملحوظ بين تركيا وعدد من الدول الأوروبية وأمريكا بعد تصريحات منسوبة إلى دبلوماسيين من هذه البلدان في تركيا حول السجين "عثمان كفالا" الذي تتهمه أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة في يوليو/تموز 2016.
تدخل مجموعة من السفراء الغربيين في مسار قضية اعتقال عثمان كافالا لدى السلطات التركية وعرضه على المحاكمة أمام القضاء العدلي في إسطنبول.
فقد قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السبت إنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية من أجل إعلان 10 سفراء لدى أنقرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت بعد إصدارهم بياناً أدان اعتقال كافالا ودعا للإفراج عنه.
وبعد تدخل مجموعة من السفراء الغربيين في مسار قضية اعتقال عثمان كافالا لدى السلطات التركية وعرضه على المحاكمة أمام القضاء العدلي في إسطنبول، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنه أصدر تعليمات إلى وزير الخارجية من أجل إعلان 10 سفراء لدى أنقرة أشخاصاً غير مرغوب فيهم بأسرع وقت، بعد إصدارهم بياناً أدان اعتقال كافالا ودعا للإفراج عنه.
السفارات ترد
لكن خلال اليومين الماضيين توالت ردود الأفعال من قبل الدول التي ينتمي لها الدبلوماسيون الذين أغضبوا أردوغان، فقد قالت وزارات خارجية بعضها إنها تحترم اتفاقية فيينا الخاصة بالحصانة الدبلوماسية.
وقالت السفارة الأمريكية وعدة سفارات أخرى في تركيا اليوم الاثنين إنها ملتزمة بالاتفاقية الدبلوماسية التي تقضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدولة المضيفة.
وقالت السفارة الأمريكية على تويتر: "الولايات المتحدة تشير إلى أنها ملتزمة بالمادة 41 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية".
ونشرت كل من كندا وهولندا ونيوزيلندا رسائل مشابهة في حين أعادت النرويج وفنلندا نشر الرسالة الأمريكية.
ما هي هذه المادة؟
تنص المادة 41 على "مع عدم المساس بالمزايا والحصانات على الأشخاص الذين يتمتعون بها احترام قوانين ولوائح الدولة المعتمدين لديها، وعليهم كذلك واجب عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدولة".
"كل المسائل الرسمية المعهود بحثها لبعثة الدولة المعتمدة مع الدولة المعتمد لديها يجب أن تبحث مع وزارة خارجية الدولة المعتمدة لديها عن طريقها أو مع أي وزارة متفق عليها".
"لا تستعمل مباني البعثة في أغراض تتنافى مع أعمال تلك البعثة التي ذكرت في هذه الاتفاقية أو مع قواعد القانون الدولي العام أو مع الاتفاقيات الخاصة القائمة بين الدولة المعتمدة والدولة المعتمد لديها".
رد فعل تركيا
بعد هذه البيانات رحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ببيان سفارة الولايات المتحدة بأنقرة وباقي السفارات، والذي اعتبر تراجعاً عن موقفها السابق الداعي للإفراج عن "رجل أعمال متهم بالتورط بمحاولة انقلاب"، وهو ما دفع أردوغان إلى إعلان سفراء هذه الدول أشخاصاً غير مرغوب بهم.
وكالة الأناضول نقلت عن السفارة الأمريكية في أنقرة بيانها الذي أكد مراعاة واشنطن للمادة 41 من اتفاقية فيينا، والتي تنص على عدم التدخل بالشؤون الداخلية للدول.
جاء ذلك تزامناً مع انطلاق اجتماع للحكومة التركية، برئاسة الرئيس رجب طيب أردوغان في العاصمة أنقرة، كان من المفترض أن ينظر في دعوة الرئيس لطرد سفراء الولايات المتحدة وكندا وفرنسا وفنلندا والدنمارك وألمانيا وهولندا ونيوزيلندا والنرويج والسويد، بعد أن أصدروا بياناً مشتركاً دعوا فيه للإفراج عن رجل الأعمال المتهم بالتورط في محاولة انقلاب عثمان كافالا.
يأتي ذلك بعد أن استدعت وزارة الخارجية السفراء الثلاثاء 19 أكتوبر/تشرين الأول، بسبب ما وصفته ببيان "غير مسؤول" يدعو إلى حل عادل وسريع لقضية عثمان كافالا المسجون منذ أواخر عام 2017 لاتهامه بتمويل احتجاجات والمشاركة في انقلاب فاشل، وهو ما ينفيه كافالا.
من هو كفالا؟
عثمان كفالا هو رجل الأعمال الذي عرف بمواقفه المناهضة للحكومة التركية، وبتقديمه دعماً لعدد من الجمعيات والمنظمات الناقدة لها خاصة في مجالات الحريات.
ولد كافالا في العاصمة الفرنسية باريس في 2 أكتوبر/تشرين الأول 1957 لأسرة تركية مسلمة تنحدر من بلدة كافالا في اليونان وقد انتقلت إلى تركيا بموجب اتفاقية تبادل السكان الموقعة في لوزان بسويسرا بين الدولة العثمانية واليونان في يناير/كانون الثاني عام 1923.
هاجرت أسرة كفالا التي كانت تعمل في تجارة التبغ إلى تركيا في عشرينيات القرن الماضي، ودرس كفالا المرحلة
الثانوية في أكاديمية روبرت بإسطنبول وهي مدرسة أمريكية تأسست عام 1863 للتعليم وفقاً للنظام الأمريكي في الدولة العثمانية.
حصل كفالا على شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة مانشستر البريطانية قبل أن يلتحق بالكلية الحديثة للدراسات الاجتماعية في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية لإتمام دراسة الدكتوراه التي قطعها عائداً إلى بلاده عقب وفاة والده المفاجئة عام 1982.
الاعتقال
اعتقلت السلطات التركية كافالا بموجب المادتين 309 و312 من قانون الجمهورية التركية بتهم تتعلق بعلاقته بكل من أحداث حديقة غيزي بارك في تقسيم عام 2013 ومحاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/تموز 2016.
في الـ11 من أكتوبر/تشرين الأول 2019، تمت تبرئة كافالا من تهمة المشاركة في أحداث غيزي بارك من قبل المدعي العام التركي وبقي معتقلاً على ذمة قضية الانقلاب، لكن في الـ 9 مارس/آذار 2020، وجهت له تهم تتعلق بخرق المادة 328 من قانون الجمهورية التركية بعد اتهامه بـ"الحصول على المعلومات التي بطبيعتها يجب أن تظل سرية لغرض التجسس السياسي أو العسكري فيما يتعلق بأمن الدولة أو المنافع السياسية المحلية أو الخارجية".
في 11 فبراير/شباط 2021: عادت قضية كافالا للظهور على السطح مع إعلان الإدارة الأميركية رفضها للقضايا المرفوعة ضده في القضاء التركي ودعوتها أنقرة للإفراج عنه دون شروط، قبل أن تتطور القضية إلى أزمة مع إعلان 10 سفراء غربيين بيانا مشتركا أدان استمرار اعتقاله ودعا لإطلاق سراحه.