انطلقت محادثات دولية حول أفغانستان، الأربعاء 20 أكتوبر/تشرين الأول 2021، في العاصمة الروسية موسكو، بحضور وزراء خارجية 10 دول معينة، ووزراء بالحكومة الأفغانية لتصريف الأعمال التي شكلتها حركة طالبان بعد صعودها قبل نحو شهرين. فما قصة هذا المؤتمر، وماذا تريد روسيا وطالبان منه؟
ما هو مؤتمر "صيغة موسكو" الذي يعقد لأجل أفغانستان؟
يعتبر هذا المؤتمر هو الأول من نوعه بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة بأفغانستان في أغسطس/آب الماضي. وتقول روسيا إنها تعقد هذا المؤتمر بحضور وزراء خارجية عدد من الدول؛ سعياً لتأكيد نفوذها في آسيا الوسطى والدفع باتجاه التحرك ضد مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين يحتشدون في هذا البلد الهش، بحسب قولها.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية، الثلاثاء، أن أحد أهداف لقاء موسكو هو تعزيز "جهود المجموعة الدولية لمنع أزمة إنسانية".
ويأتي المؤتمر بعدما حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأسبوع الماضي، من أن "مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية يحتشدون في أفغانستان لنشر اضطرابات في الجمهوريات السوفييتية السابقة الواقعة على حدود روسيا".
ما هي الدول المشاركة في المؤتمر الروسي؟
إلى جانب روسيا، يشارك في المؤتمر الذي سيستمر 4 أيام، وزراء خارجية كازاخستان وطاجيكستان وإيران وباكستان والصين وتركمانستان والهند وقرغيزستان وأوزبكستان.
وتقول وكالة فرانس برس إن هذا المؤتمر يعد أحد أهم اللقاءات الدولية التي تحضرها حركة طالبان منذ وصولها الى السلطة في منتصف أغسطس/آب.
هل تحشد روسيا لتقديم دعم لحكومة طالبان، عدوتها السابقة؟
في كلمته الافتتاحية، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن حركة طالبان "تبذل جهوداً" من أجل تحقيق الاستقرار في أفغانستان. وأضاف: "نعترف بالجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في الوضع السياسي العسكري بأفغانستان".
غير أنه استدرك محذراً من "وجود خطر حقيقي من امتداد النشاطات الإرهابية وتهريب المخدرات إلى أراضي البلدان المجاورة"، حسب تعبيره.
وتابع: "مهمة إحلال سلام مستدام في أفغانستان لا تزال مُلحة، وموسكو ترى أن الشرط الأساسي لتحقيق ذلك هو تشكيل حكومة شاملة تعكس مصالح كافة القوى العرقية والسياسية في البلاد".
ولفت لافروف إلى أن مستوى الدعم الذي ستحظى به "طالبان" مرتبط بشكل وثيق بسياساتها الاجتماعية ومدى احترامها للحقوق والحريات الأساسية، مؤكداً أن الجانب الروسي بحث هذه المسألة بالتفصيل مع وفد الحركة المشارك في محادثات اليوم.
وفي السياق، أعرب لافروف عن ارتياح بلاده إزاء مستوى "التعاون الحالي" مع السلطات الأفغانية الجديدة، مشيراً إلى أنه يتيح تحقيق الأهداف الأولية المرتبطة بضمان أمن المواطنين الروس المقيمين في أفغانستان، ومواصلة سفارة موسكو في كابول أداء مهامها دون عوائق.
وقالت موسكو إن تشكيل "حكومة أفغانية جامعة" سيكون على جدول أعمال اللقاء، وإن المشاركين سيصدرون بياناً مشتركاً في ختام المحادثات.
ورغم استضافة طالبان، أوضح مسؤولون روس أن موسكو لا تمضي في اتجاه اعتراف رسمي بالنظام الإسلامي الجديد. وقال لافروف الأربعاء، إن "الاعتراف الرسمي لا يجري بحثه، وقد تم إعلان ذلك"، لكنه لفت إلى أن روسيا، وعلى غرار دول أخرى في المنطقة، تبقي على اتصالات مع الحركة.
ماذا قالت حركة طالبان بمؤتمر "صيغة موسكو"، ومن هم المشاركون منها؟
من جهته، قال أمير خان متقي وزير الخارجية في الحكومة الأفغانية لتصريف الأعمال، إن حركة طالبان "أوفت بجميع شروط المجتمع الدولي للاعتراف بها سلطة شرعية في أفغانستان".
كما وصف عبد السلام حنفي، نائب رئيس وزراء حكومة تصريف الأعمال، أفغانستان بأنها "دولة مستقرة". وقال خلال مشاركته في المباحثات: "أفغانستان مستقرةٌ الآن، ولن تتعرض أي دولة للتهديد من الأراضي الأفغانية ". وجدد حنفي دعوة المجتمع الدولي إلى الاعتراف بالحكومة الحالية في بلاده، قائلاً إنّ عزل أفغانستان "لا يفيد أحداً".
ويترأس حنفي وفد "طالبان" في محادثات موسكو، وهو شخصية بارزة في القيادة الأفغانية الجديدة، سبق أن أجرى محادثات مع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأسبوع الماضي.
وذكرت قناة "آر تي عربية" الروسية أن الوفد الأفغاني المشارك في مباحثات موسكو يضمّ وزير الاقتصاد قاري دين محمد حنيف، ووزير الإعلام خير الله خيرخواه، ووزير الخارجية أمير خان متقي، وغيرهم.
ما الذي تسعى له طالبان من مشاركتها بهذا المؤتمر؟
كانت وزارة الخارجية الروسية قالت الثلاثاء 19 أكتوبر/تشرين الأول، إن موسكو وبكين وإسلام آباد تعتزم توفير مساعدات لأفغانستان.
كما دعا مبعوث الرئيس الروسي إلى أفغانستان، زامير كابولوف، إلى عقد مؤتمر دولي؛ لبحث تقديم مساعدات إنسانية لأفغانستان، في حين قالت حركة طالبان إن أفغانستان لا تحتاج إلى دعم عسكري خارجي، ولكنها بحاجة إلى دعم دولي لتحقيق الاستقرار، وإعادة الإعمار.
وأضاف وكيل وزارة الإعلام في الحكومة الأفغانية المؤقتة ذبيح الله مجاهد، أن الجانب الروسي أكد للوفد الأفغاني رغبة روسيا في إقامة تعاون بين الجانبين، مشيراً إلى أن المشاورات بين الطرفين تناولت بالتفصيل العلاقات الثنائية، والاستقرار في المنطقة ومستقبل أفغانستان.
يأتي ذلك بينما تسعى طالبان إلى نيل اعتراف دولي بشرعية سلطتها في أفغانستان، والحصول على مساعدات لتجنيب البلاد كارثة إنسانية، وتخفيف الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعاني منها، فيما لم يعترف أي بلد بشرعية حكم طالبان في أفغانستان.
كان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد دعا يوم الإثنين الفائت العالم إلى ضخّ السيولة في البلاد لتجنّب انهيارها اقتصادياً.
من جانبه، أعلن وزير الخارجية في حكومة طالبان أمير خان متقي، أن الحركة "تريد علاقات إيجابية مع كل العالم"، مضيفاً: "نؤمن بعلاقات دولية متوازنة. نعتقد أن العلاقات المتوازنة من الممكن أن تنقذ أفغانستان من انعدام الاستقرار".