"سلاح مضاد للطائرات المسيَّرة"، أصبح هذا هو الهدف العاجل لكثير من الدول الكبرى، بعدما أصبحت الطائرات المسيَّرة تمثل خطراً داهماً على جيوشها، وهو خطر يأتي في كثير من الأحيان من دول متوسطة؛ بل أحياناً من قوى عسكرية غير نظامية.
فلقد تكبدت الأسلحة الروسية خسائر فادحة أمام الطائرات المسيَّرة التركية، في سوريا والقوقاز وليبيا، فيما اخترقت الطائرات المسيرة الإيرانية والحوثية الدفاعات الأمريكية الصنع مراراً التي تحمى سماء السعودية، كما تخشى إسرائيل من خطر مماثل يتصاعد على قبَّتها الحديدية من طائرات المقاومة الفلسطينية المسيَّرة، حتى إنها تفكر في إنشاء قبة حديدية للطائرات المسيرة.
ويبدو أن البحرية الأمريكية تجري أبحاثاً في أطوار متقدمة، حول سلاح مضاد للطائرات المسيرة.
سلاح مضاد للطائرات المسيَّرة يعتمد على الليزر، ولكنه غير مدمر
وفي هذا الإطار من المُقرَّر أن تبدأ البحرية الأمريكية اختباراً على الأرض لـ"سلاح ليزر عالي الطاقة"، في وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري، في مواصلةٍ منها للاتجاه نحو استخدام الليزر، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
ووفقاً لموقع USNI News الأمريكي، تعمل البحرية الأمريكية على أنظمتها الرابعة والخامسة، بينما تشرع أيضاً في اختبار سلاح الليزر عالي الطاقة. وعلى جدول الأعمال أيضاً، هناك برنامج ODIN، الذي وصفته USNI News بأنه "سلاحٌ قاتلٌ يسبِّب الإرباك بدلاً من إسقاط الطائرات المُسيَّرة".
وبحسب الموقع، ثُبِّتَ سلاح ODIN على ثلاث مدمِّرات صاروخية مُوجَّهة، من فئة Arleigh Burke، وهناك المزيد في المستقبل.
وسوف يُثبَّت هذا الليزر الأقوى، فيما يُعرَف بنظام الليزر عالي الطاقة والمراقبة البصرية المبهِرة المتكاملة، على مدمِّرة USS Preble هذا العام، ومع ذلك، يهدف النظام إلى إحداث مزيد من الضرر، وربما يكون قادراً على التفوُّق على صواريخ كروز، حسب مجلة National Interest الأمريكية.
قال الأدميرال سايكو أوكانو للموقع الأمريكي، إن "سلاح ODIN فريدٌ من نوعه، لأنه نظامٌ مُصمَّم من قِبَلِ الحكومة، ومبنيٌّ ومُختَبَر ومُثبَّت، وأعتقد أنه سمح لنا بالسير بسرعةٍ إلى حدٍّ ما وتلبية الحاجة المُلِحة للأسطول".
كيف يقوم هذا السلاح بإرباك الطائرات المسيَّرة؟
ووصفت شركة Popular Mechanics العلمية والتقنية نظام ODIN بأنه غير قاتل يهدف إلى الإرباك.
وقالت الشركة: "يهدف الليزر إلى تشغيل أجهزة الاستشعار الكهروضوئية، مثل كاميرات الفيديو الرقمية وكاميرات الأشعة تحت الحمراء، على متن الطائرات المُسيَّرة، ومنع المُشغِّلين عن بُعد من توجيهها واستخدام الكاميرات بغرض جمع المعلومات".
وقال أوكانو: "أعتقد أن الأمر يتعلَّق بمحاولة اكتشاف مدى فتك النظام. نحن في الحقيقة لا نعرف حتى الآن، إلى أن نختبره، لكننا نسعى إلى فهمٍ حقيقي لمدى فتك النظام، بالتوازي مع تحديد الخطوة التالية".
وأضاف: "أنظمة الطاقة المُوجَّهة التي لدينا، والتي نقوم بنشرها هذا العام لديها بالفعل ثلاث مهام: الأولى هي مكافحة الاستخبارات الجوية المعادية، والثانية هي القدرة على إسقاط الطائرات المسيَّرة، والثالثة تعطيل القوارب الصغيرة، وهذا بالفعل ما نحن عليه الآن. نحن نتطلَّع إلى معرفة الشكل الذي يبدو عليه هذا الطيف المميت، وأعتقد أن ما نتجه إليه حقاً هو قدرة صواريخ كروز المضادة للسفن".
الجيش الأمريكي يحاول أيضاً التصدي للطائرات المسيرة
ليست هذه هي المرة الأولى التي يُستخدَم فيها الليزر لأغراضٍ عسكرية. فمن المعروف أن الصين تستخدم أجهزة الليزر، بينما اختبر الجيش الأمريكي أيضاً الليزر المضاد للطائرات المسيَّرة والصواريخ.
ويأمل الجيش الأمريكي تطوير مدفع ليزر يُوضع على عرباته العسكرية يكون قادراً على تدمير كل الأهداف، وضمنها الطائرات المسيرة والصواريخ.
ويقوم الجيش الأمريكي بدمج واختبار أسلحة الليزر على مركبات Strykers، وقد قام بالفعل في السنوات الأخيرة بتسليح المركبات التكتيكية ببعض القوة. أسباب ذلك واضحة ومتعددة.
في غضون ذلك، نجح مختبر أبحاث القوات الجوية الأمريكية في اختبار ليزر الألياف الضوئية بنجاحٍ، في ميدان اختبار الرمال البيضاء في نيومكسيكو، في مايو/أيار من عام 2019.
وقال اللواء ويليام كولي، قائد القوات الجوية الأمريكية، في بيانٍ للقوات الجوية، بعد الاختبار: "يمثِّل هذا الاختبار الناجح خطوةً كبيرةً للأمام لأنظمة الطاقة المُوجَّهة والحماية من تهديدات الأعداء".
روسيا تختبر أنظمة مشابهة
روسيا التي عانت أسلحتها من هجمات الطائرات المسيرة التركية في القوقاز وسوريا وليبيا، تقوم بتطوير أنظمة ليزر مصممة كـ"سلاح مضاد للطائرات المسيَّرة"، حسبما قال نائب وزير الدفاع الروسي، أليكسي كريفوروتشكو.
وأضاف: "يجري العمل حالياً لإنشاء مجمعات ليزر أخرى، إلى جانب نظام (Peresvet) لمواجهة المركبات الجوية غير المأهولة، فضلاً عن الوسائل البصرية والإلكترونية الضوئية للعدو".
وقال كريفوروشكو في مقابلة مع صحيفة كراسنايا زفيزدا: "يتم دمجها مع أسلحة نارية للمدرعات لمواجهة الطائرات المسيرة.
وفي عام 2018، أعلن معهد Polyus للأبحاث، وهو مركز علمي روسي رائد بمجال تقنيات الليزر، عن مناقصة لجزء من العمل البحثي الذي يهدف إلى إنشاء مجمع ليزر متنقل لمكافحة الطائرات بدون طيار صغيرة الحجم.
ويُفترض أن يتكون المجمع من نظام تتبُّع، ويجب أن يحدد أهدافاً لنظام توجيه إشعاعي قوي، يكون مصدره ليزر سائل أيضاً.
وستكون نسخة العرض قادرة على اكتشاف ما يصل إلى 20 جسماً جوياً على مسافة 200- 1500 متر، والحصول على صور مفصلة لها، لتمييز طائرة بدون طيار عن طائر أو سحابة، لحساب المسار وضرب الأهداف.
وإلى جانب الروبوتات والذكاء الاصطناعي، يُنظَر إلى الليزر باعتباره جزءاً من الطريقة التي يخوض بها الجيش الحروب في الأربعينيات من القرن الحالي، باستخدام ما يُعتَبَر الآن أسلحةً مستقبلية.