في عالم صناعة السلاح تكثر التسميات العسكرية بين الصواريخ ومنصات إطلاقها وبين أنواعها وأي منها يمكن أن يحمل رؤوساً نووية وأي منها عابر للقارات، لكن رغم ذلك هناك حالة من التشابه الكبير بين الصواريخ الباليستية وصواريخ كروز، فما الفرق بين كل منها؟
في عام 2017، فاجأت كوريا الشمالية العالمَ بإطلاق تجريبي لما كان يُعرف آنذاك بالصاروخ الباليستي الجديد "بوكوكسونغ 2" Pukguksong-2. والأكثر إثارة للانتباه، أن الصاروخ أُطلق بالتزامن مع زيارة رسمية لرئيس الوزراء الياباني شينزو آبي للولايات المتحدة. ثم أجرت كوريا الشمالية عدداً من عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية منذ ذلك الحين. وبين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول 2019، أطلقت كوريا الشمالية ما يصل إلى 12 صاروخاً باليستياً ومقذوفات أخرى، لكنها كانت جميعها مجرد تجارب إطلاق.
في المقابل، تطورت الأمور وتحولت التجارب إلى استخدامات عسكرية مباشرة، فقد أطلقت إيران في 7 يناير/كانون الثاني 2020 أكثر من 10 صواريخ باليستية على قاعدتين عسكريتين عراقيتين تتمركز بهما قوات أمريكية. ولم يكن هذا اختبار إطلاق، بل كان انتقام إيران من الضربة الجوية الأمريكية التي قتلت اللواء قاسم سليماني في 3 يناير/كانون الثاني 2020. ولم توقع الضربات الصاروخية إصابات في الأرواح، ودافع عنها وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، بوصفها كانت عملاً من أعمال "الدفاع عن النفس".
ما هو الصاروخ الباليستي؟
لكن لغير العسكريين، فإن عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية هذه قد تثير سؤالاً وجيهاً: ما هو بالضبط الصاروخ الباليستي؟ وهل في خصائصه الباليستية تلك ما يجعل هذا الصاروخ أشد خطورة وفتكاً من غيره؟
وفقاً لمنظمة "اتحاد العلماء الأمريكيين" (FAS)، فإن الصاروخ الباليستي هو صاروخ يتَّخذ مساراً منحنياً (شبه مداري) لا يتأثر في تحليقه إلا باحتكاك الهواء وتأثير الجاذبية. وما يعنيه ذلك أنه بمجرد أن يحرق الصاروخ وقوده الدافع، فإنه يستمر في التحليق، بنفس الطريقة التي تحلق بها الرصاصة النارية بعد إطلاقها من السلاح.
أي بمجرد نفاد الوقود، لا يمكن تغيير اتجاه الصاروخ، فهو يتبع مساراً تحدده سرعة إطلاقه وقوة الجاذبية التي تحاول سحبه نحو سطح الأرض. وفي النهاية، توجِّه الجاذبية الصاروخَ- وحمولته التي قد تكون حمولة تفجيرية عادية أو رؤوساً كيماوية أو بيولوجية، أو حتى نووية- نحو هدفه، بحسب تقرير لموقع HowStuffWorks الأمريكي.
ما الفرق بينها وبين كروز؟
تختلف الصواريخ الباليستية عن صواريخ كروز. فصواريخ كروز تكون ذاتية الدفع معظم وقتها في الجو، حيث تحلّق في مسار مستقيم نسبياً وعلى ارتفاعات منخفضة بفضل وقودها الصاروخي. ولكي تتصور الأمر، فكر في مسار الصاروخ الباليستي على أنه مسار قوسي كبير لأعلى ثم العودة إلى الأسفل، أما مسار صاروخ كروز- الذي يطلق من سفينة حربية، على سبيل المثال- فهو أقرب إلى خط مستقيم بسرعةٍ ثابتة نسبياً، كما أنه يصبح متحركاً ليصيب الأهداف التي تغير من مسارها.
بدأ استخدام الصواريخ الباليستية لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، عندما استخدم الألمان صاروخاً باليستياً يُسمى V-2 لمهاجمة لندن. وقتها، لم تتمكن الدفاعات الجوية البريطانية المصممة بغرض التصدي للطائرات من إيقاف صواريخ V-2، لأن الصواريخ كانت تحلق على ارتفاعات عالية في الغلاف الجوي العلوي وتحرّكت بسرعة كبيرة.
بعد الحرب، أنشأت الولايات المتحدة، بمساعدة ما استولت عليه من تكنولوجيا ألمانية ومَن استقطبتهم إليها من علماء ألمان، ترسانتها الخاصة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات (ICBMs) القادرة على حمل رؤوس نووية وإسقاطها على أهداف في الجانب الآخر من العالم. كما عمل كل من الاتحاد السوفييتي والصين على بناء ترسانة من الصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ ما أدى إلى تفاهم العالم على نوعٍ من الردع النووي بسبب ما ينطوي عليه استخدام هذه الصواريخ من تدمير متبادل يقيني.