وصلت الأوضاع في إثيوبيا إلى مستوى خطير؛ ففي وقت الذي يتقدم مقاتلو التيغراي نحو الأقاليم الأخرى، يتعرض سكان إقليم تيغراي إلى خطر مجاعة بسبب سياسات الحصار التي تفرضها حكومة آبي أحمد على الإقليم.
وقالت الولايات المتحدة إنّها ستُرسل مبعوثها الخاص إلى إثيوبيا بالتزامن مع اتساع رقعة الصراع المتسارع في إقليم تيغراي وامتداده إلى المناطق المجاورة، بينما دعت الحكومة الإثيوبية الأسبوع الجاري جميع المواطنين القادرين إلى التصدي لقوات تيغراي "بوقفةٍ واحدة للأبد".
وتُعتبر الحرب المتسعة في ثاني أكثر الدول الإفريقية اكتظاظاً بالسكان (110 ملايين نسمة) نذير خطرٍ بأزمةٍ إنسانية متنامية؛ إذ لا يزال الملايين في تيغراي بمنأى عن الطعام والمساعدات، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Washington Post الأمريكية.
الأوضاع في إثيوبيا تدهور حتى خارج التيغراي
تقول الأمم المتحدة والولايات المتحدة إنّ الحكومة الإثيوبية لا تسمح سوى بمرور أقل القليل من المساعدات إليهم. كما نزح مئات الآلاف من أقاليم أمهرة وعفر مع تقدم قوات تيغراي وتعهدها بالتوجه نحو العاصمة أديس أبابا إن دعت الحاجة- وذلك لوقف القتال ورفع الحصار عن إقليمهم الذي يضم ستة ملايين شخص.
بينما قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك للمراسلين الأسبوع الجاري: "إنّها واحدةٌ من تلك المواقف التي لن تجد فيها كلمات كافية للتعبير عن مدى فظاعة ما يُواجهه المدنيون. وطول أمد الصراع سيعني مع الأسف زيادة معاناة المدنيين".
إثيوبيا تتهم أمريكا بدعم التيغراي
أعربت حكومة إثيوبيا مراراً عن خيبة أملها، وزعمت دون دليل أنّ الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرهما يقفون إلى جانب قوات تيغراي أو يدعمون مقاتليها بالمساعدات. وأكّدت كذلك أنّ شعب تيغراي يحظى باهتمامٍ غير متناسب، وأنّه لم يتم اتّخاذ ما يكفي من الإجراءات لمواجهة الانتهاكات المزعومة على يد قوات تيغراي داخل أقاليم أمهرة وعفر.
وجاءت أحدث الاتهامات من جانب وكالة الأطفال التابعة للأمم المتحدة، والتي استشهدت بـ"معلومات من مصادر موثوقة" عن هجمات دموية وقعت الأسبوع الماضي داخل مخيم للنازحين الجدد في عفر. ويُخطط فريقٌ من الأمم المتحدة لزيارة الموقع وتقييم الوضع بمجرد أن يسمح الوضع الأمن بذلك، وفقاً لما أفادت به الوكالة يوم الخميس 12 أغسطس/آب. وقد حمّلت الحكومة الإثيوبية المسؤولية لقوات تيغراي، لكن المتحدث الرسمي لقوات التيغراي غيتاشيو رضا أنكر الاتهامات بشدة قائلاً إنّهم على استعدادٍ للتعاون في تحقيقٍ مستقل.
وفي إقليم أمهرة، يُعاني أفراد الجماعات الإنسانية من أجل الوصول إلى زملائهم ببلدة ولديا- إحدى جبهات القتال- في ظل انقطاع الاتصالات. والآن، شكّلت قوات تيغراي تحالفاً عسكرياً مع جيش تحرير أورومو، الذي صنّفته الحكومة أيضاً جماعةً إرهابية.
وفي يوم الخميس، قالت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإثيوبي بيلين سيوم للمراسلين إنّ دعوة الحكومة لحمل السلاح الأسبوع الجاري تعني أنّه على الإثيوبيين التصدي لقوات تيغراي "بكل السبل الممكنة". وأردفت أنّ هذه الدعوة ليست نتيجة عجز الجيش عن التصدي لقوات تيغراي، ثم أكّدت أنّ "الشعب يُلبي النداء بالملايين".
الحكومة الإثيوبية تمنع المساعدات عن المدنيين في إقليم تيغراي
يقف المواطنون العاديون محاصرين في المنتصف، وباتت جهود إيصال المساعدات إليهم تُمثّل تحدياً نتيجة خشية الحكومة الإثيوبية من وصول بعض تلك المساعدات إلى قوات تيغراي في النهاية.
ولم تصل سوى 10% فقط من المساعدات التي يحتاجها شعب تيغراي إلى الإقليم خلال الأسابيع الأخيرة، وذلك بحسب تصريحات مديرة وكالة التنمية الدولية الأمريكية سامانثا باور للمراسلين عقب زيارةٍ قصيرة لإثيوبيا الأسبوع الماضي- لكنها لم تلتق رئيس الوزراء خلال تلك الزيارة. وقدّرت الوكالة الأمريكية أنّ هناك نحو 900 ألف شخص في تيغراي يواجهون خطر مجاعةٍ "من صنع البشر"، بينما لا تزال الاتصالات الهاتفية وخدمات الإنترنت والخدمات المصرفية مقطوعةً عنهم.
بينما قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إنّ الإقليم بحاجةٍ إلى دخول 30 شاحنة على الأقل يومياً لتلبية الاحتياجات الأساسية، لكن حجم المساعدات التي وصلت الإقليم حتى الآن هو أقرب إلى قطرةٍ من المحيط.
..وتضايق المنظمات الإنسانية
وفي الوقت ذاته، علّقت الحكومة الإثيوبية عمل اثنتين من أكبر جماعات الإغاثة الدولية، وهي القسم الهولندي من منظمة أطباء بلا حدود والمجلس النرويجي للاجئين، متهمةً إياهما بنشر "معلومات كاذبة"؛ مما أدى إلى ردع العاملين في الإغاثة عن الحديث بحرية خشية التعرض للانتقام. وهذا يعني أيضاً أنّ جهود الاستجابة للأزمة في أقاليم أمهرة وعفر قد تتأثّر كذلك.
حيث كتبت مؤسسة Center for Strategic and International Studies الفكرية يوم الخميس: "قد تحاول بعض المنظمات الإنسانية الآن تعديل رسائل حملاتها العامة أو فرض رقابةٍ ذاتية على نفسها لتجنّب إيقافها. مما سيسهم في زيادة خنق الفضاء المدني الإثيوبي".
وبالتالي سيعني هذا قلة المعلومات المتوافرة عن الأوضاع على الأرض، بينما يواجه العديد من الصحفيين القيود المفروضة من الحكومة؛ "لتزيد بالتبعية معاناة المدنيين".