في خطوة نادرة الحدوث، أعلن مسؤول أمني إسرائيلي الأربعاء 11 آب/أغسطس 2021 أن إسرائيل بصدد الموافقة على إنشاء وحدات سكنية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية، وفي نفس الوقت ستمنح أيضاً تصاريح لبناء مساكن للفلسطينيين، في المناطق "ج" الخاضعة لسيطرتها بالكامل في الضفة الغربية. فلماذا تفعل إسرائيل ذلك؟ وماذا ستستفيد من بناء منازل للفلسطينيين بالقرب من المستوطنات؟
إسرائيل ستصدر موافقة على بناء 1000 منزل للفلسطينيين بالضفة، كيف ذلك؟
يقول المسؤول الأمني الإسرائيلي لوكالة رويترز إنه من المتوقع الموافقة على نحو 2000 وحدة استيطانية الأسبوع المقبل. وأضاف أنه ستتم الموافقة على بناء نحو 1000 منزل للفلسطينيين في مناطق خاضعة للسيطرة العسكرية الإسرائيلية الكاملة، التي تسميها المناطق "ج" أو "C".
حيث سيكون نحو 650 من المنازل الفلسطينية بالقرب من مدينة جنين في شمال الضفة الغربية ونحو 150 في بيت لحم بوسط الضفة و150 أخرى إلى الجنوب.
ما هي المناطق "C" بالضفة الغربية؟
تشكل المنطقة C حوالي 60% من الضفة الغربية وهي خاضعة بالكامل للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية. ونادراً ما توافق إسرائيل على البناء الفلسطيني في المنطقة C، حيث ترفض الغالبية العظمى من طلبات الحصول على تصاريح بناء، وقد أدى ذلك إلى انتشار ظاهرة البناء غير القانوني، والذي تقوم إسرائيل بدورها بهدمه.
فبين عامي 2016-2018، وافقت وزارة الدفاع الإسرائيلية على 21 طلباً فقط من أصل 1485 طلباً فلسطينياً للحصول على تصاريح بناء في المنطقة C، أي نسبة 0.81%.
وفي عام 2019، وافق المجلس الوزاري الأمني المصغر (الكابينت) -من حيث المبدأ- على 700 تصريح بناء للفلسطينيين في ما كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه محاولة لمنع محكمة العدل العليا من منع المزيد من عمليات هدم الممتلكات الفلسطينية على أساس أنه من المستحيل على الفلسطينيين البناء بشكل قانوني، ودرء الانتقادات الدولية ضد إسرائيل لمنعها المستمر للفلسطينيين من بناء مساكنهم.
ومع ذلك، وجد تحقيق أجرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" العبرية العام الماضي أن عدداً قليلاً جداً من تصاريح البناء هذه قد صدر بالفعل، وهو ما يفنّد الإعلانات الرسمية الإسرائيلية.
ماذا وراء الخطوة الإسرائيلية؟ ولماذا الآن؟
تهدف الخطوة الإسرائيلية بإصدار التصاريح لبناء مساكن للفلسطينيين في الضفة الغربية التي تم احتلالها في حرب 1967 إلى تخفيف الانتقادات الأمريكية والدولية على ما يبدو للأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية التي ندد بها الفلسطينيون وتعتبرها معظم دول العالم غير شرعية أو قانونية.
وكانت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قد حذرت مراراً من أي أفعال من جانب إسرائيل أو الفلسطينيين، بما في ذلك الأنشطة الاستيطانية، التي يمكن، بحسب واشنطن، أن تقوض إمكانية تحقيق "حل الدولتين".
وفي أول رد على الإعلان الإسرائيلي، كشفت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، الخميس 13 آب/أغسطس، أن إسرائيل تحاول تضليل الرأي العام والمجتمع الدولي بإعلانها الموافقة على بناء منازل للفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
وقالت الوزارة في بيان: "في محاولة لتبييض وشرعنة الاستيطان وتجميل قرارات إسرائيل الاستيطانية الاستعمارية، ورغبة في تضليل المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، ربطت حكومة نفتالي بينيت هذه الخطوة بقرار ما سمته الموافقة على بناء ما يقارب 1000 منزل للفلسطينيين في المناطق المصنفة (ج)".
وأضافت: "تقوم إسرائيل بالترويج للأمر كأنه (مِنّة) وكرم كبير تقدمه للجانب الفلسطيني، علماً أن تلك المنازل تم بناؤها سابقاً ومأهولة بأصحابها الفلسطينيين أو أنها قيد الإنشاء على أرض فلسطينية تعود ملكيتها لأصحابها".
وفي الوقت نفسه، أدانت وزارة الخارجية والمغتربين قرار بناء وحدات استيطانية جديدة للإسرائيليين. وقالت في بيانها إن ذلك "يعني مصادرة وسرقة مزيد من الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصال الضفة الغربية المحتلة، وعزل مناطقها بعضها عن بعض، وتكريس الاحتلال والاستيطان في أرض دولة فلسطين، واستكمال حلقات ضم وإسرلة جميع المناطق المصنفة (ج) التي تشكل ما يزيد عن 60% من مساحة الضفة الغربية".
إسرائيل مستمرة في سياساتها الاستيطانية
وتتجاهل حكومة بينيت كسابقتها حكومة نتنياهو التحذيرات الدولية من استمرار الاستيطان، وتشير تقديرات إسرائيلية وفلسطينية إلى وجود نحو 650 ألف مستوطن في مستوطنات غير شرعية بالضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، يسكنون في 164 مستوطنة، و116 بؤرة استيطانية، في عمليات توسع مستمرة على حساب أراضي الفلسطينيين في الضفة.
كما يشار إلى أن المستوطنين يتعمدون باستمرار إتلاف المحاصيل الزراعية، وإحراق الأشجار المثمرة والمعمرة في الأراضي والقرى الفلسطينية المحاذية للمستوطنات، إضافة إلى منع أصحابها من الوصول إليها لجني محاصيلهم والاعتداء عليهم بالضرب.
ومنذ سنوات، ينظّم الفلسطينيون يوم الجمعة من كل أسبوع مسيرات مناهضة للاستيطان والجدار الفاصل، في عدد من القرى والبلدات بالضفة الغربية، حيث يواجه جنود الاحتلال حراك الفلسطينيين العزّل بالحديد والنار، ويسجل في كل مرة عدد من الشهداء والمصابين، كان آخرها الأسبوع الماضي حيث استشهد فتى فلسطيني يدعى محمد التميمي (17 عاماً) وأصيب مئات آخرون برصاص الاحتلال.