المواجهة بين الطائرات الصينية والهندية، ليست أمراً مستبعداً بعد أن تواجه البلدان بالأسلحة البيضاء والأيدي في أعلى جبهة في العالم، وتعوِّل الهند بشكل كبير على الرافال الفرنسية لتكون أداتها في مواجهة الجيل الجديد من الطائرات الشبحية الصينية خاصة الـJ-20، فمن يتفوق في المواجهة بين الطائرة الصينية J-20 والرافال؟
وتمثل الرافال الفرنسية أهمية كبيرة للهند بالنظر إلى أنها أول طائرة غربية متقدمة تمتلكها البلاد منذ عقود، كما أن الطائرات الأخرى التي تمتلكها نيودلهي لا تمثل شيئاً مختلفاً عما تمتلكه الصين.
إذ إن العمود الفقري لسلاح الجو الهندي هو نحو 270 من الطائرات الروسية من طراز سوخوي 30 إم كيه آي، وهي نسخ متطورة ولكن لا تختلف جذرياً عن الطائرات التي تمتلكها الصين.
ومن هنا فإنه، رغم امتلاك الهند لأعداد كبيرة من الطائرات المتطورة، فإنها تعول بشكل أساسي على الرافال الفرنسية التي تعتبرها نقلة نوعية لديها، وأصبح هناك جدل كبير بين نقاد البلدين حول من يتفوق في المواجهة بين الطائرة الصينية J-20 والرافال الفرنسية.
وتمتلك الصين نسخاً من طائرات سوخوي 30 التي صنعت من أجلها في روسيا، ورغم أنه يعتقد أنها أقل من النسخ الهندية، إلا أن أصلهما واحد.
والأهم يعتقد أن الصين طورت نسخها الخاصة من طائرات سوخوي الروسية باسم J-11 وJ-16 وJ-15، والتي يعتقد أن بعضها قد تغلب على عيوب السوخوي التقليدية وخاصة ما قيل عن تزويدها برادارات "أيسا" التي تفتقدها طائرات سوخوي التي تمتلكها الهند.
وبصفة عامة عامة تمتلك الصين نحو 575 نسخة أصلية أو مقلدة من طائرات سوخوي 27/30 فولكروم من بينها 25 طائرة سوخوي 35 التي تعد أكثر طائرات العائلة تقدماً في المقابل وهو ما يزيد عن ضعف ما تمتلكه الهند من هذه الطائرات.
وإضافة لذلك تملك الصين أعداداً غير معروفة من طائرتها الشبحية J-20، وتتراوح التقديرات بين 20 إلى 150 نسخة عاملة.
ومع الحديث عن وجود بعض القصور الذي قيل إنه ظهر في أداء سوخوي 30 أمام باكستان عام 2019، ومع امتلاك الصين لطائرات J-20 الشبحية يعول الهنود على الرافال الفرنسية لتكون نقطة فارقة في توازن القوى مع الصين، بينما يقلل الصينيون من ذلك مؤكدين أن J-20 طائرة شبحية من الجيل الخامس بينما الرافال طائرة غير شبحية من الجيل الرابع والنصف.
من يتفوق في المواجهة بين الطائرة الصينية J-20 والرافال الفرنسية؟
توصف الطائرة الصينية J-20 بأنها أكثر الطائرات المقاتلة تطوراً في ترسانة الصين مع إمكانيات هجومية بعيدة المدى مع قدرة ذكاء اصطناعي متطورة.
وJ-20 هي طائرة مقاتلة من الجيل الخامس ذات مقعد واحد، ثنائية المحرك مخصصة لجميع الأحوال الجوية، ويفترض أن لها قدرات شبحية، وقد طورتها شركة تشنغدو للفضاء الصينية.
ويطلق الناتو على طائرة J-20 اسم "النسر الأسود"، وتقول التقارير إن الجزء الأمامي يشبه الطائرة F-22 Raptor الأمريكية والقسم الخلفي Sukhoi T-50 الروسية.
وسبق أن نفت شركة روسية تقارير تفيد بأنها قدمت تكنولوجيا التخفي لطائرة مقاتلة من طراز Chengdu J-20، حسبما ورد في موقع wionews.
يمكن للطائرة J-20 التسلق بمعدل 304 م/ث بسرعة قصوى تبلغ 2100 كم/ساعة.
ومحركات الطائرات J-20 أقوى من الرافال، وكذلك حجم الطائرة أكبر وسرعتها أعلى، علماً بأنها كانت تعتمد على محركات روسية وبدأت الصين مؤخراً تدمج بها محركات محلية، رغم الشكوك في عمرها وصيانتها.
ومع ذلك، فإن السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت طائرات J-20 التي لم يتم اختبارها إلى حد كبير في ظروف المعركة يمكن أن تعمل في المناطق المرتفعة في جبال الهيمالايا العليا وهضبة التبت المسماة بسقف العالم؛ حيث توجد منطقة لاداخ التي يتصارع عليها البلدان؟
على الرغم من أن سلاح الجو الصيني يحب مقارنة طائرات J-20 بمقاتلات الشبح الأمريكية من طراز F-22 و F-35، إلا أن الخبراء الغربيين يشعرون أن الطائرات الصينية لا يزال أمامها طريق طويل لتقطعه لأن الصين لم تختبرها بعد في "الحرب- مثل "المواقف الحية.
وعادة كان الخبراء الغربيون يقللون من تقييم إنتاج الصين من الطائرات لا سيما الشبحية مثل J-20، لكن بدأوا يأخذون الإنتاج الصيني العسكري عامة بمزيد من الجدية، وعلى الأقل ينظرون له أنه قد يكون مماثلاً في القدرات للأسلحة الروسية أو أكثر تقدماً.
أما داسو رافال فهي طائرة فرنسية ذات محركين، وجناح دلتا كانارد، وهي طائرة مقاتلة متعددة الأدوار وتعتبر من فئة 4.5 جيل.
أيهما لديه رادار أفضل؟
لم تقدم الصين أي معلومات رسمية عن الرادار المستخدم في J-20.
ومع ذلك، وفقاً للتقارير، تستخدم هذه الطائرة المقاتلة مجموعة ممسوحة ضوئياً إلكترونياً نشطة (AESA). يتم استخدام نفس نظام الرادار بواسطة رافال أيضاً. تعتبر تقنية AESA واحدة من أكثر تقنيات الرادار تقدماً في العالم.
ورادار الرافال متقدم للغاية ويستطيع مسح نحو 40 هدفاً، بدقة عالية ولكن يعاني من مدى قصير نسبياً بسبب حجمه الصغير نتيجة قصر أنف الطائرة.
ولدى الرافال نظام SPECTRA للحرب الإلكترونية الذي يحمي الطائرة من التهديدات الجوية والأرضية مع طرق مختلفة للكشف والتشويش والخداع ونظام قابل لإعادة البرمجة بدرجة قدرة عالية على تحليل التهديدات بشكل يجعل من الصعب للغاية اكتشاف وإسقاط رافال.
ويقال إن رادار Rafale ونظام SPECTRA يشكلان حوالي 30% من تكلفة الطائرة، حسبما ورد في تقرير لموقع the Quint الهندي.
من ناحية أخرى، يأتي رادار AESA في طراز J-20 مزوداً بجهاز استشعار للبحث بالأشعة تحت الحمراء/الكهروضوئية ومثبت بالذقن.
ويزعم الصينيون أيضاً أن نظام الكشف الكهروضوئي السلبي في J-20 يمنح طيارها تغطية 360 درجة لساحة المعركة. قيل إن الطائرة قادرة أيضاً على الوصول إلى البيانات في الوقت الفعلي من الأقمار الصناعية العسكرية الصينية.
نظراً لأن كلتا الطائرتين ذات تفوق جوي، ومقاتلات متعددة الأدوار، فهما قادرتان على القيام بمهام قتالية جو-جو، ودعم أرضي، وضربات متعمقة، وضربات مضادة للسفن، ومهام ردع نووي. وهم يأتون مع مجموعة من الأسلحة لمساعدتهم على أداء كل من هذه المهام.
وكل من الطائرة الصينية J-20 والرافاال الفرنسية مقاتلتان طويلتا المدى، ولكن الطائرة الصينية أسرع من الفرنسية، غير أن الفرنسية قد تكون أكثر رشاقة مع ملاحظة قلة المعلومات عن الطائرة الصينية.
والمصادر الغربية والروسية، تنظر لـJ-20 على أنها منصة أسلحة طويلة المدى أكثر من كونها مقاتلة رشيقة، ويُعتقد أنها مكلفة بإسقاط طائرات التزود بالوقود وطائرات الاستطلاع التي تمثل أهمية بالغة للقوات الجوية الأمريكية العاملة في ساحات المعارك الشاسعة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
أسلحة الطائرتين
صاروخا SCALP و Meteor هما نظاما الأسلحة الرئيسيان اللذان سيكتسبهما سلاح الجو الهندي بشرائه لرافال.
وصاروخ SCALP هو سلاح دقيق للهجوم الأرضي، بينما Meteor هو صاروخ جو-جو يتجاوز مدى الرؤية البشري (BVR).
وما يعادل Meteor في الطائرة هو الصاروخ الصيني PL-15، والذي وفقاً لتقرير نشره المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في أوائل عام 2018 سيكون أعلى صاروخ جو-جو قدرة في مخزون القوات الجوية الصينية.
ومع ذلك، هناك فرق رئيسي بين هذين الصاروخين. تم تطوير صاروخ PL-15 لإسقاط الطائرات الكبيرة مثل طائرات التزود بالوقود في الجو أو نظام الإنذار والتحكم المحمول جواً (أواكس). لكن ميتيور قادرة على استهداف أهداف أصغر مثل الطائرات المسيرة أو صواريخ كروز.
أيهما أعلى في الشبحية؟
يُزعم أن J-20 هي طائرة من الجيل الخامس من قبل الصينيين، مما يعني أن لديها القدرة على التخفي.
ويتشكك المحللون الغربيون في قدرات إنتاج طائرات شبحية لدى الروس والصينيين على السواء، خاصة المحركات، وما زالت الصين لم تستطع إنتاج محركات مطابقة لحاجات طائرات الجيل الخامس الشبحية.
في المقابل، تزعم الولايات المتحدة أن طائراتها المقاتلة من طراز F-22 رابتور لها ميزة على طائرات أخرى بسبب تقنية التخفي. ومع ذلك، هناك تقارير أنه خلال مناورة وهمية في الإمارات العربية المتحدة، في عام 2009، نجحت رافال في تعقب واستهداف طائرة F-22 رابتور.
في الوقت نفسه، لا تمتلك رافال تكنولوجيا التخفي. لكنها صُممت لتخفيض المقطع العرضي للرادار وبصمة الأشعة تحت الحمراء.
لذلك عند استخدام تقنية SPECTRA الخاصة بالرافال، من غير المرجح أن تتمتع J-20 بميزة على الطائرة الفرنسية في هذا المجال، حسب موقع the Quint الهندي.
ترى المصادر الهندية أن قدرات J-20 موجودة حالياً على الورق فقط؛ لأن هذه المقاتلة الصينية لم تشهد أي قتال بعد. لكن الرافال، من ناحية أخرى، تم نشرها في أفغانستان وليبيا ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى والعراق وسوريا.
من ينتصر في المعركة بين الطائرة الصينية J-20 والرافال؟
عندما يتعين على الطائرة الصينية J-20 والرافال الالتقاء في السماء، فلن تكون هذه المعايير التقنية فقط هي التي ستقرر النتيجة.
فتدريب الطيارين، ومستوى التخطيط التكتيكي الخاص بهم حول كيفية التعامل مع الطائرات المعادية، واستجابتهم الفورية والفعلية في ضغوط القتال الفعلي، كل هذه العوامل ستلعب دوراً مهماً بنفس القدر في تحديد نتيجة الاشتباك.
ويحب النقاد الغربيون والهنود الإشارة دوماً إلى الخبرة العسكرية المتراكمة للقوات الجوية الهندية، ولكن تجدر الإشارة إلى أن نفس الكلام كان يتكرر عن الجيش الهندي، ولكن تطورات المعارك بالأسلحة وبالأيدي في جبهة القتال بين البلدين في لاداخ، تشير إلى أن الصينيين أفضل تدريباً، فهل ينطبق ذلك على الصراع الجوي بين البلدين؟
يقول المشير الجوي الهندي المتقاعد ديراج كوكريجا، إنه يجب التشكك في القدرات التي يدعيها الصينيون بشأن J-20.
ويضيف: "إنها ليست خفية فائقة كما يدعي الصينيون منذ أن تمكنت الرادارات الهندية من التقاطها. ثم حاولوا تطوير محرك لكنهم لم يستطيعوا. كان عليهم استخدام المحركات الروسية، لذا فإن نسبة الدفع إلى الوزن ليست مواتية".
تجدر الإشارة إلى أن التقارير الهندية الرسمية والإعلامية بشأن المواجهة التي تمت مع باكستان العام قبل الماضي، قد شككت فيها المصادر الأمريكية؛ الأمر الذي قد يعني أنه يجب أخذ الكلام الهنود بحذر أيضاً.
الجغرافيا في صالح الهند
ويرى العسكري الهندي المتقاعد أن إحدى أكبر المزايا التي تتمتع بها الهند هي موقع قواعدها الجوية. يجب أن تقلع الطائرات الصينية من القواعد في التبت، والتي تقع على ارتفاع 4000 متر وما فوق؛ نظراً لأن الهواء هناك أقل كثافة، لا يمكنهم حمل الوقود الكامل وحمل السلاح الكامل.
في حين أن المقاتلات الهندية يمكن أن تحلق في الجو من المطارات الواقعة على ارتفاعات منخفضة وسيكونون قادرين على الإقلاع بحمولة كاملة من الأسلحة، مقارنة بنظرائهم الصينيين.
وفقاً للتقارير، نشرت الصين طائرات J-20 على بعد 200 ميل من قاعدة لداخ الجوية. أظهرت صور الأقمار الصناعية في منتصف أغسطس/آب الماضي طائرتين نفاثتين في خوتان وسط المواجهة بين الهند والصين في شرق لاداخ.
وتقول المصادر الهندية إن الصين تبدي اهتماماً كبيراً للدور الذي تلعبه مقاتلات الرافال التي نشرتها الهند في الجبهة الشرقية.
كان لدى القيادة الشرقية الهندية، قبل إدخال الرافال للخدمة، 101 طائرة مقاتلة. على عكس القيادة الغربية والمركزية، التي تتعامل أيضاً مع الحدود مع باكستان، يُعتقد أن القيادة الشرقية موجهة بشكل أساسي ضد التهديدات الصينية.
ويقال إن الرافال زادت من قوة القيادة الشرقية الهندية.
والاقتصاد يلعب مع الصين
ومع ذلك، فإن المشير الجوي السابق الهندي أرجون سوبرامانيام، وهو طيار مقاتل ومؤرخ عسكري، ليس متأكداً تماماً من قدرة الرافال على تغيير موازين القوى مع الصين.
وقال: "نظراً للوتيرة السريعة التي تعمل بها القوات الجوية الصينية على زيادة عدد الأسراب وإخراج منصات جديدة مثل طائرات الجيل الخامس J-20 و J-31، فإنها ستتغلب على التفوق الحالي لسلاح الجو الهندي حتى لو تمكن الأخير من الحصول على 114 طائرة رافال المخطط له من الجيل الرابع ذي القدرة العالية وطائرات هيل تيجاس محلية الصنع".
ويضيف: "لا يمكن للهند أن تضاهي الوتيرة الصينية بسبب قيود ميزانيتها".
وقال: "أفضل ما يمكن أن تفعله هو تسريع إنتاج طائرة مقاتلة متوسطة من الجيل الخامس من قبل شركة Hindustan Aeronautical Ltd لتحييد J-20 و J-31". مضيفاً: "يجب على سلاح الجو الهندي بناء قدرة هجومية في كل من قدرات جو-جو وجو-أرض، مدعومة بأحدث جيل من منصات المراقبة- حتى لو كان ذلك فقط لدعم الاستراتيجية الدفاعية لمنع الجيش الصيني من نقل خط السيطرة الفعلي LAC تدريجياً نحو الهند".
بالطبع، من المتفق عليه على نطاق واسع أن شيئاً واحداً قامت به الهند بشكل أفضل بكثير من الصين على مدار السنوات السبع الماضية في ظل حكومة ناريندا مودي هو تسريع تطويرات البنية التحتية حول خط السيطرة الفعلي في منطقة لاداخ.
ورغم تفوق القدرات العسكرية الصينية ومنها الجوية واعتمادها على الذات، لكن الاستفادة الفورية من ذلك ستستغرق وقتاً أطول قليلاً، نظراً لأوجه القصور في البنية التحتية في الجبهة الصينية مع الهند.
بالنسبة للصين منطقة لاداخ المتنازع عليها مع الهند بعيدة جداً عن قلب الصين وبنية جيشها التحتية الموجهة بالأساس للتهديد الأمريكي القادم من شرق آسيا، كما أن هضبة التبت تفصل بين قلب الصين وهذه المنطقة، عكس الهند التي قلبها ليس بعيداً عن الجبهة.