أعلنت إسرائيل الحرب ضد شركة بن آند جيري الأمريكية؛ لدرجة أنها شكلت قوة عمل خاصة لإجبارها على التراجع عن قرارها بوقف بيع منتجاتها في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، والقدس الشرقية، الأمر الذي يثير تساؤلات حول سر القلق الإسرائيلي من هذه الشركة.
وكانت شركة بن آند جيري "Ben & Jerry's" أعلنت في 19 يوليو/تموز 2021، أنها ستتوقف عن بيع الآيس كريم في القدس الشرقية أو مستوطنات الضفة الغربية بدءاً من يناير/كانون الثاني 2023.
وغضب القادة الإسرائيليون بشدة من القرار، ووصفوه بأنه خطوة معادية للسامية وشكل من أشكال الإرهاب، بل أطلقوا على آيس بن آند جيري "آيس كريم الإرهاب".
شركة بن آند جيري تحظى بشعبية في إسرائيل ورئيس الوزراء يحذر الشركة الأم
تتمتع شركة بن آند جيري، التي أسَّسها اثنان من اليهود الأمريكيين من ذوي الميول اليسارية، بتاريخ طويل من النشاط في مجال العدالة الاجتماعية، ويشمل ذلك دعمها البارز أخيراً لاحتجاجات "حياة السود مهمة" بالولايات المتحدة، العام الماضي.
وتحظى شركة بن آند جيري بشعبية في إسرائيل، حيث يأتي الآيس كريم الخاص بها بنكهات خاصة للاحتفال بالأعياد اليهودية أو الأحداث الوطنية، حسبما ورد في تقرير لموقع شبكة BBC البريطانية.
ويتم بيع آيس كريم الشركة في المستوطنات الإسرائيلية، وهو الأمر الذي أدى لقيام نشطاء في الولايات المتحدة بالضغط على الشركة، المعروفة بآرائها التقدمية.
جاء هذا القرار من الشركة، التي اتخذت مواقف سياسية بشأن مجموعة من القضايا، بعد ما يقرب من عقد من الضغط من النشطاء المؤيدين للفلسطينيين.
في الماضي، تمكنت الحكومة الإسرائيلية من إقناع بن آند جيري بعدم اتخاذ مثل هذه الخطوات، لكن بعد الحرب الأخيرة في غزة، ازداد الضغط على الشركة في الأسبوعين الأخيرين.
وأعلنت الشركة، عند إعلانها عن قرارها إنهاء المبيعات "في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، أن شراكتها مع صاحب حق الامتياز الإسرائيلي ستنتهي العام المقبل، وأنها "ستبقى في إسرائيل من خلال ترتيب مختلف".
وقالت شركة بن آند جيري يوم الإثنين إن بيع منتجاتها في الضفة الغربية والقدس الشرقية "يتعارض مع قيمنا".
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت الشركة الأم للشركة الأمريكية، Unilever، من أنه ستكون هناك عواقب قانونية وعواقب أخرى جراء حظر شركة بن آند جيري لبيع منتجاتها في المستوطنات بالضفة الغربية.
وقال بينيت إنه تحدث إلى الرئيس التنفيذي لشركة Unilever Alan Jope بشأن ما وصفه بـ"الخطوة المناهضة لإسرائيل بشكل واضح" التي اتخذتها الشركة العملاقة ومقرها المملكة المتحدة.
واعتبر أن هذا عمل له عواقب وخيمة، بما في ذلك قانوني، وقال إن "إسرائيل ستتخذ إجراءات قوية ضد أي مقاطعة موجهة ضد مواطنيها".
وقالت شركة يونيليفر إن القرار اتخذ من قبل مجلس إدارة بن آند جيري المستقل، وإنها لا تزال "ملتزمة تماماً" بالحفاظ على وجودها في إسرائيل.
وقال صاحب حق الامتياز الإسرائيلي إنه لا يرغب في وقف بيع الآيس كريم للإسرائيليين في المستوطنات، وأنه يمنع وفق القانون الإسرائيلي من القيام بذلك.
إسرائيل تشكل قوة خاصة للضغط على الشركة بشأن مقاطعة المستوطنات
ولكن إسرائيل قررت على ما يبدو شن حملة ضغط قصوى على الشركة.
فلقد كشفت برقية سرية أرسلت إلى البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية خطة بشأن التحرك ضد قرار الشركة، حسبما ورد في موقع Axios الأمريكي.
وشكلت الحكومة الإسرائيلية فريق عمل خاصاً للضغط على آيس كريم بن آند جيري وشركتها الأم يونيليفر؛ للتراجع عن قرارهما بمقاطعة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، كما أخبر مسؤولون إسرائيليون موقع Axios.
وحاولت الحكومة الإسرائيلية الضغط على Unilever لمنع Ben & Jerry's من اتخاذ هذا القرار، لكن Unilever قالت إن الشركة لها الحق في اتخاذ مثل هذه الخطوات كجزء من مسؤولية الشركات وسياسة العدالة الاجتماعية.
تفاصيل الخطة الإسرائيلية
في 22 يوليو/تموز 2021، أرسلت وزارة الخارجية الإسرائيلية برقية سرية إلى جميع البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في أمريكا الشمالية وأوروبا تأمرها ببدء حملة ضغط على شركة بن آند جيري ويونيليفر لإقناعهما بالتفاوض.
وصدرت تعليمات للدبلوماسيين الإسرائيليين لتشجيع المنظمات اليهودية وجماعات المناصرة الموالية لإسرائيل والمجتمعات الإنجيلية على تنظيم مظاهرات أمام مكاتب بن آند جيري ويونيليفر والضغط على المستثمرين والموزعين لكلتا الشركتين.
كما طلبت وزارة الخارجية من الدبلوماسيين "الضغط من أجل إصدار بيانات عامة تدين الشركات وتشجع الاحتجاجات العامة في وسائل الإعلام والضغط بشكل مباشر مع المديرين التنفيذيين الرئيسيين في كلتا الشركتين". كما صدرت تعليمات للدبلوماسيين بترديد تلك الاحتجاجات على وسائل التواصل الاجتماعي لتحقيق أقصى قدر من الوضوح، حسب الموقع الأمريكي.
طُلب من السفارة الإسرائيلية في واشنطن والقنصليات الإسرائيلية في جميع أنحاء الولايات المتحدة الضغط من أجل تفعيل التشريعات المناهضة لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها في عدة ولايات أمريكية والتعامل مع حكام الولايات ورؤساء البلديات وأعضاء الكونغرس ومسؤولي الدولة.
ما يقوله المسؤولون الإسرائيليون: "نحن بحاجة إلى الاستفادة من الثمانية عشر شهراً المتبقية حتى يدخل القرار حيز التنفيذ ومحاولة تغييره. نريد ممارسة ضغوط طويلة الأمد على الشركتين من قبل المستهلكين والسياسيين وفي الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول إلى حوار مع الشركات".
وأضافت أن شركة بن آند جيري وUnilever "استسلمت وتعاونت مع حركة مقاطعة إسرائيل" التي زعمت أن الدافع منها جزئيًا "هو معاداة السامية".
وقالت البرقية أيضاً إن قرار الشركات كان "نفاقًا ويتعارض مع قيم مسؤولية الشركات وتنبعث منه رائحة مثل ثقافة الإلغاء المتطرفة".
تجدر الإشارة إلى أن بيان بن آند جيري لم يذكر حركة المقاطعة، لكنه قال إنه "يتعارض مع قيمنا" لبيع الآيس كريم في "الأراضي الفلسطينية المحتلة".
ولكن لماذا تبدو تل أبيب قلقة بشدة من شركة آيس كريم؟
السبب أن الحكومة الإسرائيلية تشعر بالقلق من أن الخطوة التي اتخذتها شركة بن آند جيري ستشجع الشركات الدولية الأخرى على اتخاذ خطوات مماثلة للتمييز بين إسرائيل ومستوطنات الضفة الغربية، حسبما توضح برقية سرية للخارجية الإسرائيلية، التي اطلع عليها موقع Axios.
وأصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية تعليمات للدبلوماسيين بالإبلاغ الفوري عن أي معلومات جديدة حول جهود نشطاء حركة مقاطعة إسرائيل للضغط على المزيد من الشركات لاتباع نهج شركة بن آند جيري.
ودعا ائتلاف من الجماعات اليهودية التقدمية حكّام الولايات الأمريكية لعرقلة الجهود الإسرائيلية الرامية لمعاقبة شركة بن آند جيري، وشركتها الأم Unilever، بسبب قرارها بوقف بيع المثلجات (آيس كريم) في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة، طبقاً لما أورده موقع Middle East Eye البريطاني، الإثنين 26 يوليو/تموز 2021.
حيث قال الائتلاف في خطاب موجّه لـ33 حاكماً لولايات أمريكية تفرض قوانين لمكافحة "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات" ضد إسرائيل، إن "مقاطعة المستوطنات الإسرائيلية ليست شكلاً من أشكال معاداة السامية، بل وسيلة لتشجيع حل الدولتين، وهي السياسة التي يشجعها الديمقراطيون والجمهوريون منذ زمن".
الخطاب حذّر من أن "التحركات لمعاقبة أولئك الذين يختارون الاحتجاج على المستوطنات أو الاحتلال أو السياسة الإسرائيلية عامةً، تنتهك الحقوق الدستورية الأساسية للأمريكيين وتخلق انقساماً زائفاً خطيراً بين حرية التعبير ودعم إسرائيل".
هذا الخطاب كتبته ووقعته منظمة Ameinu الأمريكية- اليهودية، ومنظمة "أمريكيون من أجل السلام الآن" غير الربحية، وحركة Habonim Dror North America، وجماعة مناصرة الليبرالية J Street، ومنظمة New Israel Fund، وشركاء من أجل إسرائيل التقدمية، ومنظمة T'ruah: The Rabbinic Call for Human Rights..
يُشار إلى أن هناك دولاً وشركات غربية تقاطع الأعمال والشركات التي لها علاقة بالمستوطنات الإسرائيلية أو منتجات هذه المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وفق تقديرات إسرائيلية وفلسطينية، يوجد نحو 650 ألف إسرائيلي في مستوطنات الضفة، بما فيها القدس المحتلة، يتواجدون في 164 مستوطنة و124 بؤرة استيطانية.
في حين يعتبر المجتمع الدولي، بأغلبية ساحقة، أن المستوطنات "غير شرعية"، ويستند هذا جزئياً إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع سلطة الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.