مع اقتراب انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني (البرلمان) المزمع عقدها في 22 مايو/أيار القادم، تُطرح تساؤلات فيما إذا كانت العملية ستنجح في إحداث انفراجة سياسية، أم أنها ستشكّل مساراً لتعميق الانقسام الوطني المستمر منذ 2007، إضافة إلى الحديث عن احتمالية تأجيل الانتخابات.
ويتفق عدد من المحللين، في حوارات منفصلة مع وكالة الأناضول، على أن تحديد مواعيد الانتخابات قبل المصالحة والاتفاق على برنامج وطني تحرري يعد "قفزة" غير محسوبة، لن تساعد في لمّ الشمل الفلسطيني.
وشكك المحللون في إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها المُقرر، حيث قالوا إن "المؤشرات على أرض الواقع تشي بتأجيلها".
قفزة غير محسوبة
الكاتب الصحفي نواف العامر يشكك في إمكانية إجراء الانتخابات التشريعية، رغم الاستعدادات الجارية لعقدها في 22 مايو/أيار، عازياً ذلك لعدة أسباب.
ويرجع العامر تقديره إلى حالة "التشظي داخل حركة فتح التي تقود السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير".
ويشير إلى مقترح قدمه أسرى حركة فتح، الجمعة، للرئيس محمود عباس يطالبونه فيه بتأجيل الانتخابات لحين توحيد صفوف الحركة.
ويقول إن الذهاب إلى الانتخابات قبل المصالحة "قفزة غير محسوبة إلى الأمام، فالأَولى أن تجرى المصالحة أولاً".
ويضيف الكاتب الفلسطيني أنه "في ضوء عدم تحمس الإقليم لهذه الانتخابات، فإن فوز القائمة المحسوبة على حركة حماس يعني عدم إجراء المرحلة التالية، وهي انتخابات الرئاسة، وتلقائياً المجلس الوطني".
وفي المقابل، يقول العامر: "إذ جرت الانتخابات وتوحدت كتل فتح داخل البرلمان، فإن الرسالة للإسلاميين عبّر عنها القيادي (المفصول من فتح مؤخراً) ناصر القدوة بتخوفه من الإسلام السياسي، وبالتالي عدم السماح لهم بأن يأخذوا مكاناً في الوضع السياسي والأمني القادم".
ويضيف: "هنا ستقع المشكلة، لأن الإسلاميين لن يسلّموا بالأمر الواقع فيما يتعلق بالبنى الأمنية والعسكرية في غزة، ونعود لمربع المطالبة بالتمكين في القطاع كما في الضفة" في الإشارة لحركة "حماس" التي تحكم غزة.
حقل ألغام
من جهته، يرى الدكتور أسعد العويوي، المحاضر بجامعة القدس المفتوحة ببيت لحم (وسط الضفة)، أنه "كان الأجدر بالفصائل التوافق على برنامج وطني تحرري قبل الذهاب للعملية الانتخابية"، معتبراً الذهاب للانتخابات أولاً "كمن يسير في حقل ألغام".
ويشير إلى أن "فريقاً داخل السلطة الفلسطينية (لم يحدده) ليس من مصلحته وجود برنامج وطني للانعتاق من الاحتلال ويريد أن تستمر مصالحه (..) وهو لن يسلم بنتائج الانتخابات إذا كانت في غير صالحه"، على حد قوله.
ويتابع العويوي: "نحن نسير في حقل ألغام، ولا أحد يستطيع أن يستقرئ ما يحدث غداً، لأن الاحتلال يتدخل تدخلاً سافراً في تفاصيل حياتنا اليومية والانتخابات".
غموض ومؤشرات للتأجيل
بدوره، يقول مصطفى إبراهيم، الكاتب والمحلل السياسي، إن إجراء الانتخابات بهذا الشكل، ودون حل القضايا الداخلية والجوهرية، "سيؤدي إلى تعميق الانقسام الموجود".
ويعرب إبراهيم عن تشاؤمه إزاء إمكانية الذهاب للانتخابات، لافتاً إلى وجود مؤشرات تشي بإمكانية تأجيلها، منها العرقلة الإسرائيلية لإجرائها خاصة بالقدس، فضلاً عن الانقسام في حركة فتح وتفرع قوائمها المرشحة.
وأوضح أن تأجيل الانتخابات بشكل فردي (أي من جانب حركة فتح أو السلطة)، من شأنه أن يفاقم سوء الأوضاع السياسية الداخلية، وعليه ستُبنى حالة من عدم الثقة بالنظام السياسي والأحزاب، كما سيكون له تداعيات سلبية على القضية بمجملها.
من جانبه، يقول طلال عوكل، الكاتب والمحلل السياسي، إن ملف الانتخابات يشوبه "الكثير من الغموض، حيث لا يوجد اتفاق على خارطة طريق بين الأطراف الفلسطينية تقدّم للمواطن إجابات عن أسئلة المستقبل حول إجراء العملية الديمقراطية".
لكن في ذات الوقت، يبقى هذا المسار، وفق عوكل "خطوة في الاتجاه الذي يقرّب الفلسطينيين من إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية".
واستكمل قائلاً: "المصالحة ليست من القضايا الإدارية، فالمجلس التشريعي (البرلمان) سيشكل إطاراً وطنياً للحوار".
وحول إمكانية إجراء الانتخابات في موعدها، قال عوكل إن مؤشرات تأجيلها (لم يحددها) في الوقت الحالي تتعزز بشكل كبير، لكن هذا يبقى ضمن المتغيرات المرتهنة بالوقت.
ونهاية مارس/ آذار الماضي، أقرّ أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح"، جبريل الرجوب، بوجود ضغوط إسرائيلية وإقليمية وعربية، لإلغاء الانتخابات، لكنّه قال إن الرئيس محمود عباس رفضها.
وقالت صحف إسرائيلية إن تلك الضغوط تأتي بسبب الخوف من فوز حركة "حماس" في الانتخابات بعد الانقسامات التي شهدتها حركة "فتح".
ووفق مرسوم رئاسي، ستجرى الانتخابات الفلسطينية على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية (برلمانية) في 22 مايو/أيار، ورئاسية في 31 يوليو/تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/آب.