ستتحول غواصات البحرية الأمريكية إلى بطاريات عملاقة تُزوّد أسلحة الليزر، أو منصات الإطلاق تحت الماء، أو المعدات التي تستخدمها قوات العمليات الخاصة بالطاقة. لكن يجب على البحرية أولاً أن تُطوّر موصلاً كهربائياً مدمجاً في جسم الغواصة. فهل ستكون غواصات البحرية الأمريكية مزوّدةً بأسلحة الليزر؟
كيف يمكن تزويد الغواصات بأسلحة الليزر؟
كان هذا هو مضمون مشروعٍ بحثي جديد للبحرية الأمريكية، فللوهلة الأولى يبدو المشروع هدنسياً تقليدياً بعض الشيء: تطوير مُوصّلات تسمح بنقل مئات الكيلو واط الكهربائي عبر جسم الغواصة.
لكن الأهم هو كيفية استخدام كل هذه الكمية من طاقة الكهرباء؛ إذ قال البحث الذي نشرت مجلة The National Interest الأمريكية تقريراً عنه: "تبحث البحرية عن تقنيات لنقل الطاقة الكهربائية العالية المطلوبة لتشغيل أنظمة أسلحة الطاقة الموجهة من داخل الغواصة إلى الأنظمة المثبتة على جسم الغواصة من الخارج، أو المنصات الغاطسة، أو غيرها".
وبعبارةٍ أخرى يُمكن القول إنّ غواصات البحرية ستتحول إلى بطاريات عملاقة تُزوّد أسلحة الليزر، أو منصات الإطلاق تحت الماء، أو المعدات التي تستخدمها قوات العمليات الخاصة بالطاقة. لكن يجب على البحرية أولاً أن تُطوّر موصلاً كهربائياً مدمجاً في جسم الغواصة. "وفي الوقت الحالي، تحتاج البحرية إلى جر مُولّد يدعم الأنظمة المماثلة"، بحسب مقترح البحث.
سلاح طاقة ليزري خارجي موجّه
ومع ذلك، فإنّ حقيقة ذكر المقترح لسلاح الطاقة الموجه الخارجي هي أمرٌ يُثير الاهتمام، كما تقول "ناشونال إنترست"، حيث قال بريان كلارك، ضابط الغواصة السابق في البحرية الأمريكية: "باستخدام وصف (الخارجي)، قد يقصد المقترح نظاماً موصولاً من الخارج بالغواصة، لكنه متصلٌ فقط بداخل الغواصة عن طريق ثواقب داخل جسدها الخارجي. وهذه الثواقب هي موصلات كهربائية تُوفّر دائرةً كهربية بين داخل الغواصة وخارجها، لكنّها مبنيةٌ في جسم الغواصة حتى لا تمر الكابلات عبر هيكل الغواصة".
وهذا سيسمح بتركيب سلاح ليزر خارجي على جسد الغواصة؛ إذ أوضح كلارك: "يمكن تثبيت سلاح الليزر خارج هيكل الغواصة. مثل المثبت على صاري الغواصة، حيث تغمره المياه عند غوصها. وهذا يعني أنّه سيكون بالإمكان استخدام الليزر فوق الماء لإتلاف المستشعرات الضوئية أو الطائرات المأهولة والمسيرة".
وبالطبع، صمّمت شركة Optical Physics Company الأمريكية جهازاً لإدارة الشعاع وتوجيهه إلى الهدف عبر سلاح ليزر مثبّت على البرج. وقال الوصف الوارد على موقع الشركة: "صممت الشركة جهاز إدارة الشعاع بالشكل المناسب لتثبيته على برج الغواصة. ويستطيع الجهاز رصد الهدف والتصويب عليه بشعاعٍ قطره 12 بوصة تقريباً. ويمكن للجهاز أيضاً أن يحتوي على مكونات بصرية تكيفية لتحديد واجهة الموجة في أشعة الليزر عالية الطاقة، وتعويض العوامل الجوية التي تقلل فاعليته في البيئة البحرية".
كيف سيقلب هذا الأمر الموازين في المعارك البحرية؟
وإذا استطاعت البحرية تطوير موصلات كهربية في جسم الغواصة، إلى جانب أجهزة توليد الطاقة وغيرها من الأنظمة المطلوبة لسلاح الليزر المثبت على الغواصة، فستكون النتيجة هائلة؛ لأنّ الغواصة الخفية التي تخرج من الأعماق لإطلاق ضربة ليزر مفاجئة ستكون فتاكة.
وأردف كلارك: "فوق الماء، تكون ضربة ليزر بقوة 100-300 كيلوواط قويةً بما يكفي لتدمير طائرةٍ مسيرة، أو إتلاف طائرةٍ كبيرة، أو تدمير مستشعرات بصرية، أو هزيمة الصواريخ البطيئة المضادة للسفن. وتحت الماء، يمكن استخدام الليزر للاتصالات عبر موجات تردد بعينها تتطلب مستويات أقل من الطاقة".
وكانت البحرية الأمريكية قد نشرت، في مايو/أيار 2020، أول مشاهد لاستخدام أسلحة الليزر في عملية تدمير هدف معادٍ افتراضي في المحيط الهادئ؛ حيث قامت سفينة تابعة للبحرية الأمريكية بتوجيه شعاع ليزر عالي الطاقة إلى طائرة بدون طيار وتدميرها عن بعد بسرعة فائقة. وحينها قال النقيب في البحرية الأمريكية، كاري ساندر، إن "هذه الأسلحة تمثل أنظمة الأسلحة المستقبلية للجيش الأمريكي".
حروب المستقبل وأسلحة الليزر
وحقّق الجيش الأمريكي منذ سنوات عديدة تقدماً في مجال تطوير أسلحة الليزر الثابتة، مثل تلك التي يتم نشرها للحماية أو إطلاق النار من قاعدة عمليات أمامية أو موقع ثابت آخر، حيث يمكن تشغيلها واستدامتها دون مشاكل.
وبغض النظر عن التحديات والقيود، لا تزال تطبيقات أسلحة الليزر تظهر وعوداً هائلة للجيش الأمريكي، لاسيما عندما يتعلق الأمر بعمليات مكافحة الطائرات بدون طيار، حيث يسافر الليزر بسرعة الضوء، وهو قابل للتطوير، ما يعني أنه لا يصل فقط إلى الأهداف ويدمرها بسرعات غير مسبوقة، ولكن يمكن أيضاً تصميمه أو تحجيمه لتحقيق التأثير المطلوب مثل تعطيل الهدف أو تدميره بالكامل.
وبات من الممكن استخدام أسلحة الليزر بالفعل لنسف طائرات الخصم المسيّرة أو الطائرات بدون الطيار، واعتراض الصواريخ، وربما حتى الاستعانة بها لتدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات.
والآن يبدو أن تكنولوجيا ناشئة أبدت بوادر تشير إلى أن الليزر يمكن استخدامه أيضاً لنقل تحديثات الفيديو المباشرة والبيانات الحساسة للوقت على نحو آمن وفعّال عبر الغلاف الجوي بسرعة الضوء، حيث بات من الممكن إرسال تحديثات الفيديو المباشرة الخاصة بالطائرات المسيَّرة، على سبيل المثال، إلى الطائرات المقاتلة وطائرات المراقبة أو مراكز التحكم الأرضية القريبة عن طريق تقنيات الاتصالات الليزرية.