للمرة الرابعة منذ عامين تواجه الساسة في إسرائيل معضلة كبيرة بشأن تشكيل الحكومة بسبب عدم قدرة تكتل سياسي على حسم الانتخابات دون مشاركة أحزاب أخرى مما صعب الأمر بسبب رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.
تنقسم الأحزاب الإسرائيلية إلى فريقين، الأول يريد استمرار بنيامين نتنياهو مجدداً في رئاسة الحكومة، والثاني يسعى جاهداً إلى استبداله.
وبانتهاء الانتخابات الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، دون أغلبية لأي من المعسكرين، فإن الاحتمالات تبدو مفتوحة على سيناريوهات عديدة لتشكيل الحكومة القادمة.
السيناريوهات المتوقعة
وفعلياً، فإن ثمّة ثلاثة احتمالات واقعية للمشهد الإسرائيلي، الأول تشكيل بنيامين نتنياهو للحكومة، والثاني تشكيل المعارضة للحكومة، أما الأخير فهو العودة إلى صناديق الاقتراع مجدداً.
ولكن عملياً، فإن هناك العديد من السيناريوهات التي قد يلجأ إليها نتنياهو أو المعارضة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية.
وسيبدأ الرئيس الإسرائيلي رؤوبين ريفلين، الإثنين المقبل، المشاورات مع الأحزاب الفائزة بالانتخابات الإسرائيلية وعددها 13.
وبحلول يوم الأربعاء، فإن ريفلين سيحدد شخصية النائب الذي سيكلفه بتشكيل الحكومة، ضمن مهلة تستمر 28 يوماً يمكن تمديدها إلى 14 يوماً إضافية بموافقة الرئيس الإسرائيلي.
غير أن فشل هذا المكلَّف، لن يكون نهاية المطاف، إذ من الممكن أن يكلف ريفلين شخصية أخرى بتشكيل الحكومة ضمن مهلة تستمر 28 يوماً.
وفقط، في حال فشل المكلف الثاني بتشكيل الحكومة، يمكن للرئيس الإسرائيلي أن يعيد الأمور إلى الكنيست الذي سيقرر إما تكليف شخصية مدعومة من 61 من أعضاء الكنيست الـ120 بتشكيل الحكومة، أو الإعلان عن حلّ الكنيست والعودة لصناديق الاقتراع.
خيارات نتنياهو
وتشير نتائج الانتخابات إلى أن معسكر نتنياهو حصل على 52 مقعداً، يمكنه رفعها الى 59 حال التوصل الى اتفاق مع حزب "يمينا" اليميني برئاسة نفتالي بينيت.
ويبدو هذا هو المسار الأمثل لنتنياهو، زعيم حزب "الليكود" اليميني، ولكنه يبقى بحاجة الى مقعدين للوصول الى 61 صوتاً المطلوبة للحصول على حكومة تنال ثقة الكنيست.
وفي سبيل الحصول على مقعدين، فإن ثمة عدة خيارات يمكن أن يلجأ لها:
أولا، إقناع حزب "أمل جديد" اليميني برئاسة جدعون ساعر الذي لديه 6 مقاعد بالكنيست.
ولكن ساعر، الذي انشق عن "الليكود" بسبب خلافات شخصية عميقة مع نتنياهو، أعلن مباشرة بعد الانتخابات أنه لن ينضم إلى حكومة برئاسة الأخير.
ويبدو هذا الخيار صعباً، ما لم يتراجع ساعر عن مواقفه.
الثاني، إقناع أعضاء من "أمل جديد" بالانضمام إلى حزب "الليكود".
وينتمي أعضاء الكنيست في حزب "أمل جديد" بغالبيتهم أصلاً إلى حزب "الليكود" ما يفتح الباب أمام إمكانية محاولة الحزب الأم استقطابهم للعودة إليه.
وفي حال نجح "الليكود" باستقطاب عضوين من "أمل جديد" فإن ذلك يفتح الطريق أمام تشكيل نتنياهو للحكومة.
أما الخيار الثالث أمام نتنياهو للحصول على المقعدين لنيل الثقة، فهو الحصول على دعم القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس، سواء من داخل الحكومة أو الكنيست.
وفي هذا الصدد، يقول عباس "ما لم تقتنع الأطراف بأن هناك دوراً للقائمة العربية الموحدة في ترتيبات المرحلة القادمة، فمن الصعب رؤية تشكيل حكومة".
وأضاف عباس في تصريح خاص لوكالة الأناضول "وارد أن تُرسم سياسات، وتكون هناك حكومة بدوننا، ولكن الخلافات الموجودة كبيرة جداً، وحتى لو تم تشكيل حكومة (بدون دعم حزبه)، فلن تصمد".
ويرى عباس، أن إمكانية العودة لانتخابات "واردة جداً"، لأن نتيجة الانتخابات لم تحسم "لا بالضربة القاضية ولا بالنقاط لصالح أي طرف من الأطراف".
وكان أعضاء من "الليكود" (يمتلك 30 مقعداً) قد عارضوا تشكيل حكومة تعتمد على أصوات نواب عرب، وهو الموقف الذي يطرحه أيضاً حزب "الصهيونية الدينية" الذي حصل على 6 مقاعد ويعتبر شريكاً أساسياً لنتنياهو بتشكيل الحكومة.
وإضافة إلى "الصهيونية الدينية" فإن معسكر نتنياهو يضم حزب "شاس" اليميني، الذي حصل على 9 مقاعد، وحزب "يهودوت هتوراه" اليميني، الذي حصل على 7 مقاعد.
خيارات المعسكر المعارض
فعلياً، فإن لدى معسكر المعارضة 57 مقعداً، ولكنه خليط من الأحزاب غير المتجانسة سياسياً وعرقياً، حيث يضم أحزاباً من اليمين والوسط واليسار والعرب.
وبالإمكان، رفع عدد مقاعد هذا المعسكر إلى 61 مقعداً في حال الحصول على دعم القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس.
ويتكون هذا المعسكر من "هناك مستقبل" الوسطي الذي حصل على 17 مقعداً، و"أزرق أبيض" 8 مقاعد، و"إسرائيل بيتنا" اليميني 7 مقاعد، وحزب "العمل" الوسطي 7 مقاعد، وحزب "أمل جديد" اليميني 6 مقاعد، وحزب "ميرتس" اليساري 6 مقاعد، إضافة إلى القائمة المشتركة، وهي تحالف 3 أحزاب عربية وحصلت على 6 مقاعد.
ويُرجّح أن يقود هذا المعسكر زعيم حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد.
وأمام هذا المعسكر خياران لتشكيل الحكومة:
الأول، وهو الحصول على دعم "القائمة العربية الموحدة" برئاسة عباس للوصول الى 61 مقعداً.
ولكنّ عباس لم يحسم الموقف حتى الآن بدعم هذا المعسكر، بانتظار ما سيقدمه لتلبية مطالب المواطنين العرب في إسرائيل، وهي المطالب التي يتفق فيها مع باقي الأحزاب العربية.
الخيار الثاني أمام معسكر المعارضة، هو الحصول على دعم حزب "يمينا" اليميني برئاسة بينيت.
ولكن بينيت أعلن رفضه الانضمام إلى حكومة برئاسة لابيد، فضلاً عن موقفه الرافض للانضمام إلى أي حكومة، تحظى بدعم العرب.
الثالث: تشكيل بينيت للحكومة
وتسود تقديرات حول إمكانية أن يطلب نفتالي بينيت أن يُشكّل الحكومة.
ولكن سياسات زعيم "يمينا" اليمينية المتشددة، تتعارض مع الكثير من مكونات المعسكر المعارض لنتنياهو، وخاصة أحزاب الوسط واليسار والنواب العرب.
الانتخابات
وتجعل تعقيدات فرص تشكيل الحكومة القادمة، فرص العودة للانتخابات واردة جداً.
ويقول عباس للأناضول "الموقف مُركّب، فرص العودة الى انتخابات واردة أيضاً، لأن الحالة السياسية الإسرائيلية تمكن السياسيين من الذهاب إلى انتخابات خامسة، وربما سادسة أيضاً".
وأضاف موضحاً مقصده "بمعنى، أننا لا نلمس غضباً شعبياً إسرائيلياً ضد أداء وسلوك السياسيين في إسرائيل، سواء نتنياهو أو غير نتنياهو فالشعب نفسه منقسم انقسام السياسيين ولا يحسم الانتخابات".