يمثل عقد لقاء علني مع الأمير محمد بن سلمان هدفاً قيماً بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فصورة نتنياهو وبن سلمان كانت يمكن أن تغير نتائج الانتخابات الإسرائيلية.
ولم يتمكن نتنياهو من تحقيق هذا الهدف قبل الانتخابات، ولكن تتحدث تقارير إسرائيلية عن استمرار مساعيه لعقد لقاء مع الأمير محمد بن سلمان.
وكانت السعودية هي الهدف المنشود لحملة التطبيع (التي كان عرابها جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب)، لكن "مع وجود الملك سلمان، وهو مؤمن حقيقي بالقضية الفلسطينية، فمن غير المرجح أن يحدث ذلك في أي وقت قريب"، حسبما قال بروس ريدل، الضابط السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية والمتخصص في الشؤون الخليجية، لصحيفة Financial Times البريطانية.
لقاء سري
وكانت هناك تقارير تفيد بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، كان يستعد للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لكن الاجتماع لم ينعقد في مارس/آذار، كما كان يجري الحديث عنه، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية اليمينية.
ومع أنه قد ورد أن اجتماعاً سرياً بين نتنياهو وبن سلمان عُقد في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، فإن الاجتماع العلني لم يقع، فيما تسببت التسريبات الإسرائيلية عن هذا الاجتماع السري في إغضاب السعودية.
ويُعتقد أن لقاء نتنياهو وبن سلمان الذي عقد بحضور وزير خارجية ترامب مايك بومبيو كان الهدف منه وضع العراقيل أمام رغبة الإدارة الديمقراطية في البيت الأبيض العودة لطاولة المفاوضات بشأن الاتفاق النووي الإيراني، بحسب تقرير لموقع OilPrice .
ومع استمرار الغموض حول نتيجة الانتخابات الإسرائيلية عاد الحديث عن لقاء محتمل بين نتنياهو وبن سلمان، حيث تحدثت صحيفة The Jerusalem Post عن فرص عقد هذا اللقاء إذا تمكن نتنياهو من تشكيل حكومة.
دعوات إسرائيلية لدعم دفاعات السعودية ضد التهديدات المختلفة
تتشارك إسرائيل والسعودية في المخاوف بشأن وكلاء إيران وتهديداتهم، علاوة على صواريخهم طويلة المدى وطائراتهم المسيّرة.
وهذا الأسبوع، اقترح مقال كتبه الخبير في معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS) وجامعة تل أبيب، يول جوزانسكي، ونشرته صحيفة Globes العبرية، أن إسرائيل ينبغي أن تدعم دفاع السعودية ضد التهديدات المختلفة. وهذا مؤشر رئيسي للكيفية التي يجري بها حديث إسرائيل علانية عن المملكة، ومدى أهمية الرياض لإسرائيل.
ويمكن أن يكون اللقاء المقرر بين نتنياهو ومحمد بن سلمان رمزاً يشير إلى هذه الأهمية، حسب The Jerusalem Post.
قبل الانتخابات الإسرائيلية، كان من الممكن تفسير مثل هذا الاجتماع المفترض بين نتنياهو وبن سلمان على أنه نوع من اللقاءات التي تقام لالتقاط صور العلاقات العامة. لكن بعد الانتخابات، فإن عقد هذا الاجتماع يظل أمراً مرتبطاً برؤية السعودية للوضع في المنطقة.
كيف بدأت العلاقة بين نتنياهو وبن سلمان؟
مع تزايد القلق السعودي بشأن صفقة واشنطن مع إيران في عام 2015، لجأت السعودية إلى التحرك جنباً إلى جنب مع إسرائيل التي كانت قلقة أيضاً من صعود إيران في المنطقة.
المعارضة الإسرائيلية والسعودية لتوقيع إدارة الرئيس باراك أوباما -وكان جو بايدن نائبه- على الاتفاق النووي مع إيران كانت حادة ومعلنة، فكل من تل أبيب والرياض لديهما أسباب أغلبها مشترك للتخوف من امتلاك إيران سلاحاً نووياً في نهاية المطاف، وهو الأمر الذي تنفيه طهران باستمرار وتصر على أن برنامجها النووي لأغراض سلمية فقط.
كما تحركت السعودية لقمع من اعتبرتهم متطرفين، وتبني خطوات الإصلاح الاقتصادي. وتتوافق هذه التحركات السعودية من نواحٍ عديدة مع السياسات الاقتصادية لحكومة إسرائيل نفسها، وأيضاً مع إدراك إسرائيل للتهديد الذي يمكن أن تشكله مجموعات مثل "حماس"، إذ يبدو أن أحد نقاط الاتفاق بين الطرفين هو العداء للإسلام السياسي.
السعودية عرضت على إسرائيل السلام مقابل دولة فلسطينية
لطالما عرضت السعودية على إسرائيل صفقةَ سلام مع المنطقة بأكملها، وكانت تلك الخطة مبنية على قيام دولة فلسطينية.
واليوم مع الحديث عن التقارب السعودي الإسرائيلي، ليس من الواضح ما إذا كان بإمكانها تغيير هذه المبادرة السعودية، وهل يمكن أن يحدث تطبيع سعودي مع إسرائيل وخاصة عقد لقاء بين نتنياهو وبن سلمان، دون أي نوع من التحرك بشأن القضية الفلسطينية.
وإجراء الانتخابات بالطبع يمنح نتنياهو فرصة لتغيير طريقته في التعامل مع الفلسطينيين، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
المشكلة أن نتنياهو هو سياسي نهجه هو الحفاظ على الوضع القائم. ففي حين أنه لا يريد المزيد من الصراعات مع حماس، فإنه لا يريد أيضاً قيام دولة فلسطينية.
كما أنه لا يمكنه مواجهة اليمين المتطرف في إسرائيل، وهذا يمنعه من تقديم أي تنازلات للفلسطينيين تهدف إلى تسهيل التطبيع السعودي وتمهيد الطريق لعقد لقاء معلن بين نتنياهو وبن سلمان.
فعقد قمة بين نتنياهو وبن سلمان، أمر أكبر شأناً بكثير من التطبيع الإماراتي مع إسرائيل، في ظل مكانة السعودية في المنطقة، والهالة الدينية التي أحاطت بالدولة السعودية منذ نشأتها، الأمر الذي قد يجعل بن سلمان قد يحتاج إلى تنازل إسرائيلي لصالح الفلسطينيين، لعقد مثل هذا اللقاء الذي يتمناه نتنياهو.
السعودية تواجه عزلة متزايدة
الأمير محمد بن سلمان صعد إلى السلطة وهو مستعد للتغلب على عديد من قواعد الوضع الراهن القائم في السعودية وتغيير المملكة على نحو جذري. وكان دعمه لاتفاقات إبراهام للسلام عاملاً رئيسياً في إبرامها.
ومع ذلك فإن الرياض واجهت انتقادات متزايدة من واشنطن بشأن سياساتها خاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وحرب اليمن، وجعلها هذا الملف أكثر عزلة في الغرب.
وبينما كانت إدارة ترامب محفزاً للتقارب السعودي الإسرائيلي بشكل كبير، فإن إدارة بايدن لم تعارضه بطبيعة الحال، ولكنها حتى الآن لم تبدِ حماساً له أو استعداداً لتقديم مقابل للرياض على هذا التقارب، وبالتالي فإن مكاسب عقد اجتماع بين نتنياهو وبن سلمان في عهد بايدن ليست كبيرة بالنسبة للسعودية، وهي لا تعادل الخسائر المعنوية على الصعيد الشعبي لمثل هذه اللقاءات المثيرة للجدل.
ولكن يظل التقارب السعودي الإسرائيلي ورقة مفيدة للرياض في أروقة واشنطن، حتى لو خرج ترامب وصهره من البيت الأبيض.
فالتقارب السعودي الإسرائيلي يعني على الأقل أن الرياض تتضمن تحييد أصدقاء إسرائيل في الملفات التي تواجه مشكلات في واشنطن، كما أن التقارب مع إسرائيل في حد ذاته يعزز أهمية السعودية السياسية لأمريكا في ظل توتر العلاقات بين الجانبين، وذيوع آراء في واشنطن تقلل من أهمية الرياض خاصة في تزايد إنتاج النفط الأمريكي، وتحول البلدين إلى متنافسين في عالم الطاقة.
هل تتجه السعودية شرقاً؟
من بعض النواحي، هناك أسباب تدفع المملكة للتقارب من إسرائيل أبرزها المخاوف المشتركة في العديد من الملفات، ولكن السؤال هل يصل هذا التقارب إلى عقد لقاء علني بين نتنياهو وبن سلمان؟
وبصرف النظر عن احتمالات عقد لقاء بين نتنياهو وبن سلمان، فإن التقارب السعودي الإسرائيلي على الأرجح سيمثل أمراً واقعاً قوياً يواجه عملية إدارة بايدن للأزمة مع إيران، وهو ما يجعل خطط بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن لتفكيك ما فعله ترامب في المنطقة، وإعادة ضبط الأمور على ما كانت عليه قبل 5 سنوات، مهمة أشبه بالمستحيل، وبحسب كثير من المحللين كلما زادت حدة إدارة بايدن في التعامل مع ولي العهد السعودي ازدادت فرص التقارب بين نتنياهو وبن سلمان، وعلى الأرجح سينضم لهما الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.
ولكن يظل المسار غير الواضح بعد بالنسبة لطريقة تكيف السعودية مع التغييرات في المنطقة وبالتالي علاقتها مع إسرائيل.
فالأمر يتوقف على العديد من القضايا، منها: هل ستكون الرياض قادرة على إعادة بناء صورتها في الغرب، أم أن سيزداد توجهها نحو الشرق؟ وهل ستسعى لعودة نفوذها في المنطقة، لا سيما في سوريا ولبنان والعراق، أم أنه قد فات أوان العمل من أجل ذلك؟
روسيا تهمش السعودية وإسرائيل في سوريا
وتخوض تركيا وقطر وروسيا مؤخراً محادثات عن مستقبل سوريا. ويبدو أن في هذا نوعاً من التهميش لدور المملكة. كما أن تلك المحادثات تركت إسرائيل خارج المناقشات حول المخاوف الرئيسية بشأن سوريا.
تقول الصحيفة الإسرائيلية "هذه كلها أسئلة أساسية للرياض إذا قررت المضي قدماً في عقد لقاء بين نتنياهو وبن سلمان بعد الانتخابات (إذا فاز نتنياهو بالانتخابات واستطاع حشد اللازم لتشكيل حكومة)".
يذكر أن وسائل الإعلام السعودية ظلت صامتة نسبياً حتى الآن بشأن الانتخابات الإسرائيلية، واتخذت نهج الانتظار والترقب.