يعتقد أن الطائرة الروسية سوخوي 57 ستزود بصواريخ للقصف الأرضي فائقة الصوتية (أسرع من الصوت عدة مرات)، وهو أمر إن تحقق سيمنح للطائرة قدرات هجومية هائلة لا نظير لها بين منافسيها حتى الآن.
وحلقت المقاتلة "سوخوي 57" في السماء لأول مرة في 29 يناير/كانون الثاني 2010، وبدأت تدخل الخدمة لدى القوات الجوية الروسية بشكل محدود مؤخراً.
وفي أواخر العام الماضي، أعلنت روسيا أن أول دفعة من مقاتلات "سوخوي سو- 57" Sukhoi Su-57 ستُستخدم في تجربة صواريخ تفوق سرعتها سرعة الصوت، وتُطلق من الجو، في مركز اختبارات الطيران الروسي في مدينة أختوبينسك، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وصُمِّمت المقاتلات "سوخوي سو 57" لمحاربة وتدمير مجموعة من الأهداف الجوية والبرية والبحرية، وهي طائرة متعددة المهام من الجيل الخامس، ذات مقعد واحد وثنائية المحرك، وتجمع بين وظائف طائرات الهجوم الأرضي والطائرات المقاتلة الجوية، ويفترض أنها ذات قدرات شبحية.
وقال مصدر في مجمع الصناعات العسكرية الروسي لوكالة TASS الروسية الأسبوع الماضي: "تم تسليم أول نسخة من مقاتلات سوخوي 57 إلى مركز أختوبينسك في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ومن المقرر أن تستخدم لاختبار أحدث الصواريخ الهجومية فائقة سرعة الصوت التي تُطلق من الجو" (صواريخ تستخدم للقصف الأرضي من الجو).
ما هو الصاروخ الفائق الصوتية الذي سيحمل على سوخوي 57؟
أفادت وسائل الإعلام الحكومية أيضاً أن عدداً من الذخائر الهجومية الجديدة التي تُطلق من الجو يجري تطويرها حالياً في "مؤسسة الصواريخ التكتيكية" الروسية. وفي حين أنه من غير الواضح حتى الآن متى ستجرى تلك الاختبارات، أو عدد طائرات "سوخوي 57" التي ستُستخدم في الاختبارات، فإنها تعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام للقوات الجوية الروسية في قطاع الأسلحة الأكثر تقدماً.
والمقاتلات الاعتراضية العملاقة MiG-31K الروسية هي فقط القادرة حالياً على حمل نوع من صواريخ القصف الأرضي فائقة الصوتية (أسرع من الصوت بكثير)، فهذه المقاتلة، حسب وكالة تاس الروسية قادرة على حمل صواريخ "كينجال" Kinzhal التي تفوق سرعتها سرعة الصوت 10 مرات.
و"كينجال" (Kinzhal) هو صاروخ باليستي روسي يطلق من الجو، لديه القدرة على حمل رؤوس نووية وتقليدية، ويبلغ مداه المزعوم أكثر من 2000 كم (1200 ميل)، وسرعة ماخ 10، ولديه القدرة أيضاً على أداء مناورات مراوغة في كل مرحلة من مراحل رحلته، حسبما يقول الروس.
ودخل الصاروخ الخدمة في ديسمبر/كانون الأول 2017، وهو واحد من 6 أسلحة استراتيجية روسية جديدة كشف عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 1 مارس/آذار 2018.
وتتمتع روسيا والاتحاد السوفييتي من قبلها بخبرة كبيرة في الأسلحة عالية السرعة التي يتم إطلاقها من الجو .
وإذا تمكن الروس من إدماج هذا الصاروخ في المقاتلة سوخوي 57 سيكون تطوراً كبيراً، بالنظر إلى أن هذا الصاروخ مخصص للقاذفات، بينما المقاتلة ميغ 31 التي تحمله تعتبر مقاتلة ضخمة، وهي رغم سرعتها العالية ليست لديها قدرات المناورة والشبحية المتوفرة للسوخوي 57، فالميغ 31 مخصصة بالأكثر للدفاع الجوي وليس الاختراق، ويفترض أنها مميزة في إسقاط القاذفات وطائرات الاستطلاع، وطائرات التزود بالوقود، بينما السوخوي 57 أعلى منها في القتال الجوي التلاحمي والقصف الأرضي، إضافة إلى تفوقها في ميزة الشبحية التي يجعل كشفها أصعب.
قد يكون صاروخاً هندياً روسياً مشتركاً
ولكن يظل هناك غموض حول قدرة الروس على دمج هذا الصاروخ في السوخوي 57، بالنظر إلى أنه على الأرجح سيكون كبير الحجم.
إذ يمكن أن توفر كل هذه الصواريخ فائقة الصوتية قدرات كبيرة للطائرة، ولكن مشكلتها أنها كبيرة جداً بالنسبة لأن توضع داخل حاويات الأسلحة الداخلية في Su-57، والتي يمكن أن تستوعب صواريخ يصل طولها إلى أقل من 14 قدماً، بحسب ما ورد في تقرير لموقع The Drive.
وهو الأمر الذي قد يؤشر إلى أن الصاروخ الذي دمجه الروس في السوخوي 57 يمثل إما تصميماً جديداً تماماً، أو ربما صاروخاً مرتبطاً بالصاروخ Brahmos II الفائق الصوتية الذي يتم تطويره بشكل مشترك بين الهند وروسيا.
وكانت هناك آراء بأن صاروخ Brahmos II قد يكون مرتبطاً بصاروخ Zircon البحري الغامض، الذي تفوق سرعته سرعة الصوت، والذي تم التخطيط له لتسليح مجموعة من السفن الحربية التابعة للبحرية الروسية.
ومن مواصفات Brahmos II، بخلاف كونه تكملة لصاروخ Brahmos الذي تنتجه روسيا والهند، أنه مخصص لضرب الأهداف البحرية، وبه نسخة يمكن إطلاقها من المقاتلة Su-30MKI Flanker، التابعة لسلاح الجو الهندي (القريبة في الحجم من السوخوي 57)، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المنصات الأخرى.
يمكن أن تصل سرعة الصاروخ Brahmos II إلى 8 ماخ، ومدى يصل إلى 620 ميلاً، بحسب ما ورد في عدة تقارير.
سيمنحها قدرات فائقة، لأن مجرد التحرك لإسقاطه سيكون صعباً
بغض النظر عن كون الصاروخ الذي سيدمج بالسوخوي 57 هو Brahmos II أو الصاروخ "كينجال"، فإن حملها صاروخاً فائق الصوتية سيجعل Su-57 خياراً أكثر جاذبية لعملاء التصدير المحتملين.
والمنافس الرئيسي للسوخوي 57 هي الطائرة الأمريكية الشهيرة F 35، التي هي أقصر من السوخوي بنحو 4.5 متر، ما يجعل من الصعب أن تحمل في حاوياتها الداخلية مثل هذه الصواريخ، إذا افترض أن الأمريكيين يسعون لإنتاج مثيل لها.
فمن الواضح أن أي صاروخ جو- أرض تفوق سرعته سرعة الصوت سيضيف قدرة جديدة قوية إلى Su-57، أو أي طائرة أخرى قد تكون مجهزة بها. ورغم أن تفاصيل سرعة ومدى السلاح الجديد غير معروفة فإنه يمكن أن يصيب أهدافاً في وقت قصير جداً، ما يتيح وقتاً محدوداً جداً للرد بالأسلحة أو الإجراءات المضادة الأخرى.
من ناحية أخرى، فإنه ليس من السهل تطوير صاروخ فائق الصوتية في هذه الفئة، خاصة مسألة تعديل حجمه ليلائم حاويات الأسلحة الداخلية للمقاتلات الشبحية (يفضل ألا تحمل الطائرات الشبحية أسلحة في الخارج، لأنها تكون أكثر قابليلة للكشف بالرادار).
في الماضي، قدمت روسيا ادعاءات جريئة حول تطوير أسلحة متقدمة، بما في ذلك حاملات نووية فائقة ومقاتلات جديدة، ولكنها فشلت في إحراز تقدم ملموس، حسب تقرير موقع The Drive.
مقاتلات "سوخوي 57" تتحسن باستمرار
وفقاً لتقارير وسائل الإعلام الحكومية، تم تسليم أول نسخة من سلسلة مقاتلات "سوخوي 57" إلى فوج جوي في المنطقة العسكرية الجنوبية الروسية هذا الشهر، ومن المقرر تسليم 4 مقاتلات أخرى من مقاتلات الجيل الخامس في عام 2021. وفي وقت سابق من هذا الشهر، ورد أن الجيش الروسي سيستقبل ما مجموعه 76 مقاتلة من طراز "سوخوي 57" بحلول عام 2028، على أن تصل 22 مقاتلة منها بحلول أواخر عام 2024.
وتعد المقاتلة "سوخوي 57" إحدى أكثر المقاتلات تطوراً في روسيا، إذ تتميز بتقنيات مبتكرة وقد صُممت بطريقة تسمح بتوظيف مواد جديدة في تركيبها، والتي إلى جانب تكوينها الديناميكي الهوائي يضمن لها بصمة رادارية منخفضة وانعكاساً منخفضاً للأشعة تحت الحمراء، كما أن المقاتلة قادرة على تطوير سرعة تحليقها الأسرع من الصوت لمدة طويلة.
تم تجهيز المقاتلة متعددة المهام أيضاً بأحدث المعدات الإلكترونية اللاسلكية، ومنها جهاز كمبيوتر قوي على متن المقاتلة، الذي يُوصف بأنه "طيار ثان إلكتروني"، كما ينتشر نظام الرادار على جميع أنحاء بدن الطائرة، إلى جانب بعض الابتكارات الأخرى، على وجه الخصوص، وضع حاوية الأسلحة الداخلية والخارجية.