قد ينجو منها! لماذا تعد احتمالات تبرئة ترامب من تهم “التحريض على التمرد” كبيرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/02/09 الساعة 11:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/02/09 الساعة 11:45 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب/ رويترز

أصبح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يتمتع "بميزة فريدة" لم يسبق أن حظي بها أي رئيس أمريكي سابق، وهي أنه تم عزله مرتين من قبل المشرعين الأمريكيين، وذلك مقارنة بمرة واحدة لكل من أندرو جاكسون وبيل كلينتون. لم تتم إدانة أي شخص في المحاكمة (ينص الدستور على أن يقوم مجلس النواب بإقالة رئيس ومجلس الشيوخ يحاكمه). تمت تبرئة ترامب قبل عام واحد تقريباً، لكن محاكمته الثانية ستبدأ الثلاثاء في 9 فبراير/شباط 2021 بتوقيت واشنطن. وربما تكون الأدلة ضده أكثر إدانة هذه المرة من الماضية، لكن قبضته على الحزب الجمهوري لا تزال قوية بنفس القدر، وليس هناك سبب كاف لتوقع نتيجة مختلفة، كما تقول مجلة الإيكونومست البريطانية.

ما الذي اختلف محاولة العزل الأولى والثانية؟

تركزت محاكمة ترامب السابقة لعزله على شهادة المبلغين عن المخالفات، وشبكة معقدة من الدبلوماسيين في بلدان متعددة وكمية من الأدلة، لكن هذه المرة تتوقف محاكمته على المدى الذي يتحمل فيه ترامب المسؤولية عن أعمال العنف التحريضية التي مارسها أنصاره، بعد غزوهم لمبنى الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021، بهدف منع المشرعين من التصديق على فوز جو بايدن في الانتخابات الرئاسية. حيث اقتحم أنصار الرئيس المهزوم الكابيتول، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص، بمن فيهم ضابط شرطة، وتم اعتقال أكثر من 100 شخص. 

ووافق مجلس النواب الأمريكي على مادة واحدة لعزل ترامب في 13 يناير/كانون الثاني، انضم عشرة جمهوريين إلى الديمقراطيين في الموافقة، ما يجعلها أكثر نسبة تصويت لعزل الرئيس من الحزبين في التاريخ الأمريكي. 

وأمضى ترامب شهوراً في ادعاء أنه هو الذي فاز في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وأنها "سُرقت" منه. لكن المحاكم المتعددة في جميع أنحاء أمريكا لم تجد أي دليل يدعم هذا الادعاء، ومع ذلك استمر ترامب في تقديمه، واعتمد على المسؤولين المنتخبين في الولايات المتصارعة لخرق قانون الولايات وإعلانه الفائز. وفي خضم ذلك، طلب ترامب من أنصاره حضور "الاحتجاج الكبير في العاصمة يوم 6 يناير/كانون الثاني. وقال لهم بشكل مباشر في خطابه الناري: "كونوا هناك، ستكون الاحتجاجات جامحة!". وتضمن التجمع الحاشد، بحسب ادعاءات الديمقراطيين "العديد من المسلحين والغاضبين والخطرين". 

ما الحجج التي يعتمد عليها محامو ترامب لمنع إدانته؟

بحسب مصادر مطلعة على مناقشات محاكمة ترامب لرويترز، فإن المحاكمة الثانية لترامب ستبدأ بمناقشة حول ما إذا كانت الإجراءات غير دستورية، لأنه لم يعد رئيساً. وأضافت المصادر أن محاكمة ترامب بتهمة التحريض على التمرد ستشمل بعد ذلك مداولات تستغرق زهاء 32 ساعة، ابتداءً من ظهر الأربعاء.

من ناحية أخرى، يأمل المشرعون التسعة الديمقراطيون في مجلس النواب الذين سيلعبون دور الادعاء، إقناع أعضاء مجلس الشيوخ، المؤلف من 100 عضو، بإدانة ترامب ومنعه في نهاية المطاف من تولي منصب عام مرة أخرى.

ويقدم محامو ترامب حجتين مضادتين رئيسيتين لمنع إدانته، الأولى هي أن الإجراء غير دستوري لأن ترامب لم يعد في منصبه. وتستند هذه الحجة إلى قراءة حرفية شديدة لأقسام المساءلة في الدستور، والتي تنص جزئياً على أن "الحكم في حالات الإقالة لا يمتد إلى أبعد من العزل من المنصب وإلغاء الأهلية لتولي منصب شرفي والتمتع به". 

والحجة المضادة الثانية هي أن خطاب ترامب أمام حشد 6 يناير/كانون الثاني، وادعاءاته بأن الانتخابات "سُرقت منه"، كلاهما محمي بموجب بند حرية التعبير في التعديل الأول. ويقول فريق الدفاع القانوني عن ترامب، في مذكرة قُدمت الإثنين، إن أنصار الرئيس السابق الذين اقتحموا مبنى الكابيتول لمنع التصديق على فوز جو بايدن "فعلوا ذلك من تلقاء أنفسهم". وإن الخطاب الذي ألقاه ترامب في الساعات التي سبقت أعمال الشغب "لم يكن عملاً يشجع حركة منظَّمة لقلب حكومة الولايات المتحدة".

وفي موجز ما صدر الإثنين عن محامي ترامب، فإن "وثائق مكتب التحقيقات الفيدرالي أظهرت أن أعمال الشغب كانت مخططة قبل أيام من المحاكمة، ما يعني أنه لا يمكن أن يكون ترامب قد شجّع على العنف".

ووصف المحامون المحاكمة بـ"المسرح السياسي" و"العمل السياسي الوقح" من قبل الديمقراطيين الذي كان يهدف إلى "إسكات الخصم السياسي وحزب الأقلية". وكتبوا في بيانهم: "لم تكن إجراءات العزل هذه تتعلق بالسعي إلى العدالة".

وأضافوا: "بدلاً من ذلك، كانت هذه مجرد محاولة أنانية من قبل القيادة الديمقراطية في مجلس النواب لاستغلال مشاعر الرعب والارتباك التي وقعت على جميع الأمريكيين عبر المجموعات السياسية بأكملها، عند رؤية الدمار في مبنى الكابيتول، بواسطة بضع مئات من الأشخاص".

ما احتمالات تبرئة ترامب مجدداً؟

توقف محامو ترامب عن تأييد ادعائه بفوزه في الانتخابات، لكنهم يجادلون بأنه "لا توجد أدلة كافية يمكن على أساسها استنتاج أن أقواله كانت إما صحيحة أو خاطئة". بالطبع، يمكن حماية الكثير من البيانات الرئاسية بموجب التعديل الأول وربما تكون قابلة للمساءلة. 

ومن المحتمل أن تكون محاكمة ترامب سريعة، لكن بحسب الإيكونوميست، النتيجة ليست في موضع شك، رغم أن الأدلة ليست معقدة. في أواخر الشهر الماضي، أيد جميع أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، باستثناء خمسة، اقتراحاً قدمه راند بول من ولاية كنتاكي، يؤكد أن إجراء العزل غير دستوري. ورفض محامو ترامب دعوة موكلهم للإدلاء بشهادته دفاعاً عن نفسه، إذ إنه لن يكسب سوى القليل من ظهوره، ومن المحتمل أن تزود حجج محاميه الجمهوريين بما يكفي من المبررات لتبرئته.

لإدانة ترامب، يتعين على 17 جمهورياً أن ينضموا إلى الديمقراطيين الخمسين بمجلس الشيوخ في التصويت. ومن شأن الطعن في القضية على أساس أن مجلس الشيوخ ليست له سلطة دستورية لمحاكمة ترامب بعد أن ترك منصبه، أن يتيح لزملاء ترامب الجمهوريين في مجلس الشيوخ التصويت برفض الإدانة دون الحاجة للدفاع مباشرة عن خطابه التحريضي أمام مؤيديه، قبل وقت قصير من أعمال الشغب.

تحميل المزيد