يبدو أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ما زال قادراً على منع دخول اللاجئين إلى أمريكا حتى بعد خروجه من الحكم.
ورغم أن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن المُتوقع اليوم الخميس، 4 فبراير/شباط، عن نيته السماح لمزيدٍ من اللاجئين بالدخول إلى الولايات المتحدة هذا العام يعد واحدة من أكثر الخطوات رمزية في إزالة الإرث البغيض لترامب، ولكن الرئيس السابق خلّف وراءه عراقيل يبدو أنها ستؤخر فتح أبواب أمريكا للاجئين.
أبرز هذه العراقيل نظام مدمِّرٍ لإعادة توطين غير قادرٍ على التعامل السريع مع عشرات الآلاف من اللاجئين اليائسين الذين يود بايدن السماح بدخولهم، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
إذ قال مسؤولون وخبراء إن برنامج اللاجئين الحكومي الأمريكي، الذي جُرِّدَ من الموظفين في عهد ترامب وازداد ضعفاً بسبب جائحة كوفيد-19، غير مُجهَّز ببساطة لاستقبال تدفُّقٍ للأجانب الفارين من كوارث في بلادهم.
تقليص دخول اللاجئين إلى أمريكا
وخفض الرئيس السابق ترامب بشكلٍ مُطرَد الحد الأقصى السنوي للاجئين، من حدِّ الـ110 آلاف الذي قال الرئيس الأسبق أوباما إنهم يجب السماح لهم بدخول الولايات المتحدة، في عام 2016، إلى 15 ألفاً فقط للسنة المالية الحالية، وهو مستوى قياسيٌّ في انخفاضه. وعلاوةً على ذلك، أضافت إدارة ترامب المزيد من العقبات أمام الأشخاص الأكثر احتياجاً للجوء.
وألغيت بعض مناصب مسؤولي اللاجئين من مناصبهم من الأساس في الخارج. وجَعَلَ هذا بعض المتقدِّمين بطلباتٍ للجوء في انتظار المقابلات إلى أجلٍ غير مُسمَّى. ولم يتمكَّن آخرون من السفر أثناء الجائحة مع تزايد عدد المهاجرين المضطهدين الذي يسعون إلى الدخول القانوني إلى الولايات المتحدة.
وقال جيسون ماركس، وكيل رابطة مسؤولي اللجوء في واشنطن، إن بعض المسؤولين استقالوا في السنوات الأخيرة، رافضين الإذعان لقيود الهجرة الصارمة التي فرضها ترامب على الحدود الجنوبية الغربية، لعرقلة دخول اللاجئين إلى أمريكا.
ورغم أن الكونغرس قد حافَظَ على مستوى ثابت من التمويل لبرنامج اللاجئين التابع لوزارة الخارجية -أكثر من 3 مليارات دولار سنوياً منذ عام 2015- توقَّع جهدٌ حكومي للتعامل مع اللاجئين وإعادة توطينهم أن يكون لديه 814 مليون دولار فقط من الأموال المتاحة هذا العام، ما يشير إلى قلة عدد اللاجئين الذين ستستقبلهم الولايات المتحدة هذا العام.
وبحلول نهاية ديسمبر/كانون الأول 2020، تم التعامل مع ألف لاجئ بموجب قانون الحد الأقصى البالغ 15 ألفاً، وأُعيدَ توطينهم في المجتمع الأمريكي، وفقاً لبيانات وزارة الخارجية.
ومن المُتوقع أن يتطرَّق بايدن إلى قضية اللاجئين خلال خطابٍ في وزارة الخارجية مُقرَّر عقده اليوم الخميس. وقال مسؤولٌ كبير إن بايدن كان على وشك رفع الحد الأقصى للسماح بعشرات الآلاف من الأشخاص قبل نهاية السنة المالية 2021 في سبتمبر/أيلول، لكن لم يتضح متى ستعلن الإدارة الرقم المُحدَّد.
وعد بايدن الذي لن ينفذ
ووَعَدَ بايدن خلال حملته الرئاسية العام الماضي بالسماح لما يصل إلى 125 لاجئاً سنوياً بدخول البلاد.
وقال شخصان مُطَّلِعان على الخطة إنه ليس من المُتوقع أن يعلن بايدن عن عدد اللاجئين الذين يمكنهم دخول البلاد في العام الجاري 2021. وفي المقابل، قالوا إنه سيتم تقسيم الإجمالي النهائي بالتناسب على مدار الأشهر الثمانية المتبقية من السنة المالية لاستقبال عددٍ أكبر من اللاجئين ما سمح به ترامب من قبل، لكن العدد النهائي لن يصل إلى 125 ألفاً.
ورفض المتحدِّثون باسم البيت الأبيض ووزارة الداخلية ووزارة الأمن الداخلي التعليق على الأمر.
ومع ذلك، نظراً للحالة البائسة لبرنامج اللاجئين، توقَّع الخبراء أن نسبةً بسيطةً فقط من الأشخاص المُصرَّح لهم في عام 2021 سيكونون قادرين بالفعل على دخول الولايات المتحدة بحلول سبتمبر/أيلول.
وتلقت خدمات المواطنة والهجرة تمويلاً من أجل عمل 235 موظفاً فقط في قطاع اللاجئين في السنة المالية التي انتهت في 1 أكتوبر/تشرين الأول، مقارنةً بـ352 في عام 2017، وفقاً لوثائق الميزانية المُقدَّمة إلى الكونغرس. وكان 136 موظفاً فقط في قطاع اللاجئين في طاقم العمل بالفعل حتى 15 ديسمبر/كانون الأول. وحدَّت إدارة ترامب بشدة من الإحالات من مفوَّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهي الوكالة التي رفعت تاريخياً عدد المتقدِّمين بطلبات اللجوء إلى الولايات المتحدة.
وبحلول أبريل/نيسان 2019، أُغلِقَ في الولايات المتحدة 105 مكاتب من المكاتب التي يتوجَّه إليها اللاجئون لطلب المساعدة عند الانتقال إلى منازلهم الجديدة، أي حوالي ثلث مكاتب إعادة التوطين، وفقاً لتقرير صادر عن بِن بايدن في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت كريش أومارا فيجناراجاه، الرئيسة التنفيذية لخدمة الهجرة واللاجئين اللوثرية، وهي منظمة غير ربحية ترحب وتدعم اللاجئين والمهاجرين الذين يدخلون الولايات المتحدة، إن 17 من مكاتب إعادة التوطين الـ48 التابعة للمنظمة أُغلِقَت بسبب القيود المالية الناجمة عن التخفيضات في قبول اللاجئين.
إنهاء البرنامج الخاص بإلحاق الأطفال بأسرهم
وفي عام 2017، العام الأول لترامب في منصبه، أنهى الرئيس السابق أيضاً برنامجاً يعود إلى عهد أوباما يسمح لأطفال أمريكا الوسطى بالتقدُّم عن بُعدٍ للحصول على الحماية للمِّ شملهم بأقاربهم في الولايات المتحدة. وقال مسؤولون عن الإدارة إن بايدن يهدف إلى استعادة نسخة من البرنامج.
وبموجب قانونٍ صدر عام 1980، يمكن للرئيس تغيير سعة استيعاب اللاجئين المُحدَّدة للسنة المالية إذا كانت هناك حالة طوارئ غير مُتوقَّعة أو استجابة ضرورية لمخاوف إنسانية خطيرة، أو إذا كان ذلك في المصلحة الوطنية.
وقالت باربرا ستراك، الرئيس السابقة لقسم شؤون اللاجئين في خدمات المواطنة والهجرة خلال إدارتيّ بوش وأوباما، للكونغرس العام الماضي، إن نحو 40 ألف لاجئ فُحِصوا بالفعل من أجل دخول الولايات المتحدة، لكنهم عالقون.
الكوارث في العالم تدفع بمزيد من اللاجئين.. وهونغ كونغ تنضم للقائمة
وازداد الوضع سوءاً، حيث ارتفع عدد اللاجئين في جميع أنحاء العالم بشكلٍ مُطرَد إثر الحروب والقمع والكوارث الإنسانية التي أدَّت إلى نزوح الناس من أوطانهم. وقدَّرت الأمم المتحدة أنه اعتباراً من الصيف الماضي، كان هناك 26.3 مليون لاجئ في جميع أنحاء العالم، وأكثر من ثلثيهم من خمسة بلدان، هي: سوريا وفنزويلا وأفغانستان وجنوب السودان وميانمار.
وأثار وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن هذا الأسبوع إمكانية الانضمام إلى بريطانيا في قبول اللاجئين الفارين من القمع السياسي في هونغ كونغ.
وقال بلينكن لشبكة MSNBC: "نرى أشخاصاً مرةً أخرى في هونغ كونغ يدافعون عن حقوقهم الخاصة والحقوق التي شعروا بأنها مكفولةٌ لهم. إذا كانوا ضحايا لقمع السلطات الصينية، فعلينا أن نفعل شيئاً لمنحهم الملاذ".
وقالت ستراك إن من المُرجَّح أن يشير بايدن إلى الحاجة العالمية لإعادة توطين اللاجئين ويعلن أن "الولايات المتحدة ستستعيد القيادة في هذا المضمار". لكنها قالت إن هناك فرصةً ضئيلة للغاية أن تقبل الولايات المتحدة جميع اللاجئين البالغ عددهم 125 ألفاً، والذين من المُقرَّر أن يرحِّب بهم بايدن.