مشكلة تواجه مشروع الدبابة التركية ألتاي التي توصف بأنها واحدة من أقوى الدبابات في العالم، وهي رفض ألمانيا تزويد تركيا بالمحركات اللازمة لتسيير الدبابة.
ويعد مشروع إنتاج الدبابة التركية ألتاي واحداً من أهم مشروعات صناعة الدفاع التركية التي ازدهرت خلال العقد الماضي بشكل كبير، حيث نمت قيمة مبيعات صناعة الأسلحة التركية من مليار دولار في عام 2002 إلى 11 مليار دولار في عام 2020، أكثر من 3 مليارات دولار منها كانت صادرات، ما جعل تركيا رابع أكبر مصدّر دفاعي عالمي.
تم تجهيز الدبابة ALTAY بأحدث التقنيات لتوفير جميع أنواع القدرات التكتيكية المطلوبة للجيوش الحديثة في القرن الحادي والعشرين، وتم تطويرها بالتعاون مع كوريا الجنوبية.
تتمثل إحدى أكبر مزايا ألتاي مقارنةً بدبابات الجيل الجديد الأخرى في أنها مصممة بهدف مراعاة ظروف المهمات والتهديدات الحالية والمستقبلية، ويفترض أن تكون أحد العناصر الأكثر أهمية في ساحة المعركة المستقبلية بفضل حركتها وقوة نيرانها المتفوقة وقدرتها على البقاء في المعارك.
ويعتقد أنها ستكون واحدة من أكثر دبابات القتال الرئيسية تقدماً في العالم من بين دبابات الجيل الجديد.
يتيح نظام التحكم في القيادة من الجيل الجديد عالي التقنية معلومات حول الحالة التكتيكية واللوجستية والأوامر والرسائل والإنذارات في ساحة المعركة؛ ما يجعل الدبابة ألتاي تؤدي وظائف إنتاج ومعالجة وتوزيع جميع العناصر القتالية بأكثر الطرق فاعلية.
يوجد بالدبابة نظام التعرف على ساحة المعركة وتحديد الهوية، ونظام الكشف عن التهديدات النووية والكيميائية، 360 درجة نظام الوعي بالأوضاع، إضافة إلى قدرتها على على المرور عبر المياه بعمق 4 أمتار.
ولكن تواجه الشركات التركية تحدياً كبيراً هو العقوبات والتضييقات الأوروبية والأمريكية، وهي التي تؤثر بشكل خاص في مجال المحركات، وهو أمر ينطبق على مشروع الطائرة التركية الشبحية إضافة إلى الطائرات المروحية.
وكانت تركيا تأمل بتشغيل الدبابة محرك من طراز MTU الألماني وعلبة تروس ألمانية من طراز COLOR.
كما توجد مشكلة مماثلة مع درع الدبابة، الذي يعتمد على فرنسا، ولكن بعد التوتر السياسي الأخير بشأن عمليات البحث عن المواد الهيدروكربونية قبالة قبرص عرض ذلك للخطر.
ولكن قرر المخططون الأتراك البحث عن بديل للمكونات الألمانية والفرنسية بعد حظر الأسلحة الذي فرضته عدد من الدول الأوروبية على تركيا بسبب تدخلها في مناطق الإدارة الكردية السورية التي تقودها أقلية كردية تسيطر على أغلبية عربية، وتقول أنقرة إن الحزب الكردي المسيطر على هذه المنطقة تابع لحزب العمال الكردستاني الذي يصنف إرهابياً في تركيا والدول الغربية.
خيارات تركيا لحل مشكلة محرك الدبابة ألتاي
المحرك المحلي
تطور شركة BMC التركية محركاً جديداً بقوة 1600 حصان بالتعاون مع الشركة الإيطالية Fiat / Iveco لاستخدامه لتشغيل الدبابة ألتاي، وسيحتوي هذا المحرك على شاحن توربيني.
إضافة إلى ذلك، يقول إسماعيل دمير، رئيس رئاسة الصناعات الدفاعية التركية، إن بلاده لديها عدد من المحركات الاحتياطية التي ستستخدم في الدبابة ألتاي إلى أن يتم تشغيل المحرك المحلي.
البدائل بالتعاون مع شركاء خارجيين
كوريا: لديها دبابة مشابهة
بالإضافة لتطوير محرك محلي تسعى تركيا إلى إيجاد محرك يتم تصنيعه مع شريك أجنبي.
وفي هذا الإطار، التقى مسؤولون وخبراء أتراك مع شركات كورية جنوبية لحل هذه المسألة.
وفقاً لمصدر مطلع على برنامج Altay، تجري شركة BMC التركية محادثات مع شركة Hyundai Rotem الكورية لحل مشاكل التكنولوجيا الأجنبية التي تحتاجها الدبابة ألتاي.
وقال المصدر: "نأمل أن تحل محادثاتنا في نهاية المطاف المشاكل مع [المحرك وناقل الحركة]، مضيفاً نحن نتحدث عن محادثات من المحتمل أن تستغرق بضعة أشهر قبل أن نعرف الاتجاه الذي نسير فيه".
وأضاف المسؤول أن BMC تجري مفاوضات غير مباشرة مع شركتين من مصنعي الدفاع الكوريين الجنوبيين من خلال Hyundai Rotem: شركة تصنيع المحرك Doosan و S&T Dynamics ، التي تنتج ناقل حركة أوتوماتيكياً"، مشيراً إلى مساعي لحل الخلافات ومشكلات الترخيص.
واجهت كوريا الجنوبية مشاكل مماثلة مع جدول الإنتاج التسلسلي لدباباتها K2 Black Panther، حيث واجه نشرها من قبل الجيش الكوري تأخيرات بسبب مشاكل في المحرك وناقل الحركة.
أوكرانيا.. شراكة استراتيجية
أحد خيارات تركيا هي أوكرانيا بعدما تعززت شراكة البلدين في المجالات العسكرية والاستراتيجية.
وفي اللقاء بين الرئيسين التركي رجب طيب أدروغان والأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020، ناقش الجانبان نقل التكنولوجيا الأوكرانية إلى مركز أبحاث الفضاء وتطويره في "روكيتسان"، وهي خطوة ملموسة تمكّن الشراكة في تقنيات المحركات والفضاء المهمة، وكيف يمكن أن تساعد أوكرانيا أيضاً تركيا في التغلب على مشكلة المحرك التي طال أمدها في الدبابة ألتاي التركية، وضمن ذلك احتمال قيام أوكرانيا بتزويد محرك الديزل ومكونات أخرى من الدفعة الأولى من هذه الدبابات.
وتنتج أوكرانيا محركات دبابات، وقد تكون زودت باكستان بمحرك لدباباتها الخالد.
محرك كهربائي
سبق أن أعلن المدير العام لشركة Otokar التركية أن الشركة تدرس تطوير محرك كهربائي للدبابة ألتالي.
وأوضح أن من مميزات المحرك الكهربائي أنه سيقلل من قدرة العدو على التعرف على الدبابة بواسطة كاميرات حرارية، حيث "المركبات ذات محركات الاحتراق الداخلي يكون فرص التقاطها بالكاميرات الحرارية أكبر بكثير".
ومما يساعد على جعل هذا المشروع واقعياً أن Otokar قامت بتطوير محرك كهربائي لحافلاتها وتعمل على تعديل تصميمها لتلائم الدبابة ألتاي.
انتقادات للمشروع
أثيرت انتقادات لمحاولة تركيا إنتاج دبابة محلية الصنع، خاصة مع تأخر التوقيتات عن الجدول الزمني، (علماً بأن معظم برامج الأسلحة بما في ذلك في الولايات المتحدة تعاني دوماً من عدم الالتزام بالجدول الزمني والمالي على السواء).
وتجدر الإشارة إلى انتقادات مشابهة واجهت طموح تركيا لصناعة طائرات بدون طيار والآن تركيا استطاعت عبر هذه الطائرات التي قوبلت بالاستهانة في البداية أن تكون إحدى أهم الدول في هذا المجال والوحيدة التي غيرت نتائج المعارك بهذه الطائرات، وباتت طائرتها بيرقدار لاعباً عسكرياً مهماً في سوريا وليبيا وأذربيجان.
وفي مجالات أخرى، بدأت تركيا تتغلب على التضييقات الغربية.
ففي مجال المروحيات على سبيل المثال، تتطلع تركيا إلى إنتاج أول طائرة مروحية بمحرك محلي الصنع قريباً، وهي خطوة مهمة جداً للبلاد بعدما رفضت أمريكا تزويد أنقرة بمحركات لطائرات مروحية تركية كانت ستصدر إلى باكستان.
وفي شهر سبتمبر/أيلول 2020 قال نائب المدير العام لشركة TAI المنتجة للطائرات المروحية ومنها الطائرة T129 المقرر تصديرها إلى باكستان إن أول طائرة هليكوبتر محلية متعددة المهام في تركيا، T625 Gökbey التي طورتها شركة صناعات الفضاء التركية (TAI)، من المقرر أن تطير بمحرك محلي بحلول نهاية العام.
وأشار يليكجي إلى أنه عندما تبدأ Gökbey في استخدام المحرك المنتج محلياً، ستكون تركيا من بين ست أو سبع دول فقط في العالم تصمم وتصنع بالفعل طائرة هليكوبتر بموارد محلية.