جيش عربي قدَّم الإجابة قبل نصف قرن.. هل تنهي الطائرات المسيَّرة عصر الدبابات؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/01/17 الساعة 21:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/01/24 الساعة 21:42 بتوقيت غرينتش
دبابة روسيةمن طراز T-14 Armata /ويكيبديا

بعد أكثر من 100 عام منذ أن دخلت الدبابات التاريخ خلال معركة السوم في الحرب العالمية الأولى، تتعرض الدبابات لتحدٍّ غير مسبوق هو الطائرات المسيرة التي يبدو أنها قادرة على اصطياد الدبابات بسهولة مثلما حدث في حرب القوقاز، فهل يعني ذلك نهاية عصر الدبابات؟

نشأت دبابة القتال الرئيسية، التي كانت الدعامة الأساسية للجيوش في جميع أنحاء العالم، بشكل أساسي من الدبابة المتوسطة في الستينيات.

ومع ذلك في السنوات الأخيرة مع التركيز على الحرب العالمية على الإرهاب وعمليات مكافحة المتمردين غير المتكافئة، رأى الكثيرون أن الدبابة من بقايا الحرب الباردة، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest  الأمريكية.

ولكن بسبب التغييرات في الجغرافيا السياسية، يُنظر إلى الدبابة مرة أخرى على أنها سلاح ضروري- كرادع ومنصة هجومية محتملة- ولهذا السبب تقوم العديد من الجيوش إما بتطوير جيل جديد من MBT أو ترقية قوات الدبابات الحالية. كما لاحظت شركة Army Technology، هناك جهد فرنسي ألماني لتطوير بديل للدبابات الفرنسية Leclerc  وLeopard على التوالي، بينما تخطط المملكة المتحدة لإطالة عمر خدمة Challenger II.

غير أن الدبابة تواجه تحدياً خطيراً طرأ في عام 2020 وهو الطائرات المسيرة التي هزمت الدبابات في حربي القوقاز وإدلب، فهل يعني ذلك نهاية عصر الدبابات؟

الدبابات أمام الطائرات المسيرة

في الصراع بين الجيش التركي وجيش النظام السوري في إدلب في مطلع عام 2020 فقد النظام السوري قبل نهاية المعركة ثماني مروحيات، و135 دبابة، و77 مركبة مدرعة أخرى، ونحو 2500 قتيل، بحسب وزارة الدفاع التركية. لقد ترك الجيش السوري غير قادر على حماية دروعه ووحدات المدفعية في الخطوط الأمامية، والتي استهدفت بشكل منهجي بصواريخ رخيصة ولكنها عالية الدقة تطلق من الطائرات المسيرة التركية.

وفي حرب أرمينيا وأذربيجان.. تشير تقديرات إلى مقتل حوالي 5000 جندي من كلا الجانبين، لكن المحللين في مدونة أوريكس، بالاعتماد على الصور ومقاطع الفيديو المتاحة للجمهور، قدروا أن أرمينيا فقدت 224 دبابة، مقارنة بـ36 دبابة من أذربيجان.

فبمجرد تعطيل الدفاعات الجوية، تصبح الدبابات هدفاً تالياً واضحاً للطائرات القتالية بدون طيار.

إذا تُركت الطائرات المسيرة بدون مضايقات، يمكنهم اختراق الخطوط الدفاعية وتحويل الاختراقات بسرعة إلى مسارات.

طرق الحرب المدرعة منذ عام 1940، تجعل دروع الدبابات الأمامية والجانبية من الصعب إتلافهما، ولكن لا يمكن تطبيق نفس المستوى من حماية الدروع بشكل كامل على كل الدبابات خشية أن تصبح بطيئة للغاية وثقيلة.

وهذا يخلق نقاط ضعف معينة للدبابة من أعلى، والتي تفاقمت بسبب صعوبة رصد الطاقم للطائرات المسيرة. كما أن أسلحة الدبابات مصممة عموماً للاشتباكات بالنيران المباشرة للأهداف الأرضية، مما يعني أنه ما لم تكن مصحوبة بمركبات متحركة مضادة للطائرات، فإن دفاعها الوحيد ضد التهديدات الجوية هو الاختباء، الذي هو صعب أمام سرعة الطائرات المسيرة، حسبما ورد في تقرير لموقع The Diplomat

وحتى قبل ظهور تهديد الطائرات المسيرة، كان اعتماد  الجيش الأمريكي يتراجع على الدبابات مفضلاً في غزوه لأفغانستان والعراق على خليط الطائرات الحربية والعربات المدرعة الخفيفة والمسلحة جيداً.

ففي التجربة الأمريكية في العراق وأفغانستان، أثبتت القوات المتنقلة المدعومة بالقوات الجوية والمدفعية أنها قادرة تماماً على المناورة وتدمير الأعداء المحصنين أو المدرعة، ولكن بمجرد انتهاء الغزو وبدء المقاومة العراقية، كشفت المركبات المدرعة الخفيفة عن نقاط ضعفها ضد القذائف الصاروخية والقنابل المزروعة على جوانب الطرق.

ولذا استفاد الأمريكيون من الدبابات في بعض مهام مكافحة حرب العصابات، ولكن في عام 2020 تعرضت الدبابات لنكسات كبيرة أمام الطائرات المسيرة.

محنة الدبابات المماثلة التي تسبب بها الجيش المصري

لقد تجاوزت الدبابة محنة مماثلة في الحرب العربية مع إسرائيل، التي أدت إلى ظهور توقعات بنهاية عمرها الافتراضي من قبل.

كان ظهور الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات من الخمسينيات معناه التبشير نظرياً باستبدال الدبابة التقليدية بمركبات مسلحة بالقذائف أخف وزناً وأكثر رشاقة، بسبب المخاوف من هذه الصواريخ.

وأثبتت الجيوش العربية صحة هذه النظريات.

الدبابات
الدبابات واجهت تحدياً سابقاً من الصواريخ المحمولة على الكتف

فهذه الصواريخ تسببت في خسائر مروعة للدروع في الحروب التقليدية بين إسرائيل وجيرانها (لا سيما الخسائر التي كبدها مشاة الجيش المصري المزودون بهذه الصواريخ والذين دمروا أعداداً كبيرة من الدبابات الإسرائيلية قبل عبور الدبابات المصرية لقناة السويس في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973).

إلا أن صناع الدبابات وواضعي استراتيجيتها تكيفوا مع هذا الأمر عبر تكلفة باهظة من خلال تدريع الدبابات بشكل كبير وتوفيرأطقم مدربة جيداً.

وفي الوقت نفسه أثبتت المركبات المدرعة الخفيفة أنها معرضة بشدة للأسلحة الأرخص والأكثر غباء: القذائف الصاروخية والمدفع الآلي والألغام الأرضية.

هل يعني ذلك نهاية عصر الدبابات؟

واليوم تواجه الدبابات أمام الطائرات المسيرة نفس المحنة.

إن البساطة والإمكانات الواسعة- التنقل والدروع والقوة النارية- هو ما يمنح الدبابات أهميتها.

 ولا يكفي أن يكون هناك سلاح قادر على هزيمة دبابة لجعلها بالية. يجب أن تكون هناك أيضاً وسيلة لإنجاز نفس المهام.

بحلول بداية القرن العشرين، كانت الألغام البحرية قادرة تماماً على إغراق البوارج، لكنها لم تتمكن من تقديم الدعم لإطلاق النار لقوات الغزو، أو العمل كسفن رئيسية أو نشرها لإثبات النية الوطنية.

حتى تتمكن المركبات التي يتم تشغيلها عن بُعد (وهي بديل الدبابات المحتمل) من حماية فرقة مشاة في قتال قريب وكذلك القتال في أرض مفتوحة، فمن غير المرجح أن تحل محل الدبابات تماماً.

لا يعني أي من ذلك أن صناع الدبابات يمكنهم تجاهل هذا التغيير التكنولوجي العميق المتمثل في الطائرات المسيرة دون تغيير.

ولكن على الأرجح بدلاً من تقديم دبابات جديدة لديها تسليح مكثف مضاد للطائرات المسيرة، فمن المرجح أن تكون الاستجابة عقائدية – أي تطوير التكتيكات وربما منصات أخرى يمكنها على الأقل حماية الدبابات من التهديدات القادمة من السماء.

من غير المرجح أن تختفي الدبابات في أي وقت قريب، فمع تحسن أنظمة الأسلحة وظهور المزيد من الوظائف المستقلة، تثبت دبابة القتال الرئيسية (MBT) أنه سيكون من الصعب استبدالها.

ببساطة يمكن للدبابة القيام بأشياء لا شئ يستطيع القيام بها إلا الدبابة.

على الرغم من التكلفة المرتفعة بشكل متزايد، تشير الأبحاث إلى أن الدبابات استثمار مجدٍ، إذ أظهر استطلاع جديد أجرته شركة Army Technology ومقرها المملكة المتحدة أن 74% من المستطلعين وهم من المعنيين بالشئون العسكرية يعتقدون أن دبابة قتال رئيسية تستحق التكلفة، في حين عارض 26% فقط.

تحميل المزيد